:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الثلاثاء، سبتمبر 11، 2007

محطّات

سحر الصورة


تابعت جانبا من تعليقات القرّاء على صورة فوتوغرافية كانت وكالة الأنباء الإيرانية قد وضعتها على موقعها الاليكتروني ثم لم تلبث أن سحبتها منه دون إبداء الأسباب.
لكن الصورة كانت قد وجدت طريقها إلى العديد من المواقع الاليكترونية ومنتديات النقاش واستقطبت الكثير من التعليقات ووجهات النظر المتباينة، ما يثبت مرّة أخرى ما للصورة من سطوة وتأثير في إذكاء روح النقاش وصوغ الأفكار والقناعات.
الشخص الذي وضع الصورة، وهو إيرانيّ على ما يبدو، اختار لها عنوانا طريفا وموحيا هو "الجميلة والوحوش"، وفيها يظهر أحد أفراد الشرطة الدينية الإيرانية، وهي امرأة صارمة الملامح ترتدي التشادور والملابس السوداء، أثناء محاولتها اعتقال فتاة تبدو بهيئة أنيقة وعصرية وترتدي "جاكيت" أحمر اللون، في إطار حملة يقول المحافظون إنهم يريدون من ورائها فرض "زيّ إسلامي موحّد" على جميع النساء في البلاد.
وقد قرأت جزءا من تلك التعليقات وفهمت من بعض ما قيل أن لون الجاكيت الأحمر هو ما أثار غضب الشرطة الدينية على الفتاة. وجاءت التعليقات مثيرة للاهتمام وبعضها الآخر لا يخلو من منطق، مثل الشخص الذي كتب يقول إن الإسلام يحثّ على الحشمة، لكن طالما أن المرأة تغطّي جسدها في حدود ما أمر به الشرع، فأين المشكلة؟
ومتى كان ارتداء لباس من لون معيّن، أحمر أو غيره، يشكّل تحدّيا للدين أو العرف؟
ولأن الموضوع يتناول عنصرا يتعلّق بالمرأة، فقد كان طبيعيا أن يمتدّ النقاش ليشمل أمورا أخرى ذات صلة بالموضوع، مثل جرائم الشرف وما يُسمّى بحدّ الزنا، و"هما ممارستان مخزيتان ونتاج للعقلية البدائية التي كانت سائدة قبل ظهور الأديان"، كما قال احد المعلّقين.
وقد واستشهد بعض من علّقوا بكلام لطارق رمضان ومهاتير محمد وفاطمة المرنيسي، الذين يُنظر إلى مواقفهم وأفكارهم على أنها تمثّل روح الإسلام الحضاريّ والمعتدل.
وكانت هناك آراء أخرى تستحقّ التأمّل مثل الذي قال: إنه عندما ُينظر إلى الجمال باعتباره شيئا يتعيّن إخفاؤه أو منعه، عندها يجب أن ندرك أن المجتمع الذي نعيش فيه يعاني من مشكلة أو مرض".
وأضاف آخر: إن الجمال نعمة من الله، ورجال الدين والمتدّينون عموما يكرهون الجمال ومن ثمّ يكرهون كلّ امرأة جميلة. لقد فشلوا في فرض الحجاب على النساء طيلة 27 عاما بعد الثورة، وهم اليوم يريدون إعادتنا إلى ما كانت عليه النساء أيّام طالبان".
ومع ذلك وبرغم كل ما قيل وكُتب، تظلّ حال المرأة الإيرانية أفضل بكثير من حال النساء في بعض المجتمعات المجاورة، بل انه في بعض الحالات لا تجوز المقارنة على الإطلاق، لا من ناحية حرّية اللباس والمظهر الخارجي ولا من حيث مساحة الهامش الذي تتحرّك فيه المرأة لتعمل وتنتج وتبدع.
على هذا الرابط ضمن موقع Flickr نقاش متّصل لا يقف عند ظروف التقاط الصورة بل يتّسع ليشمل موضوع لباس المرأة عموما والعوامل السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية التي تؤثّر فيه وتحدّد طبيعته.

❉ ❉ ❉

جماليات العمل الفنّي


الفنّ موجود في كلّ مكان حولنا. وبالإمكان رؤية الكثير من أشكاله ومظاهره في حياتنا اليومية. وهو موجود معنا منذ زمن طويل، حتى قبل أن يتعلّم الإنسان فلاحة الأرض وزراعتها. ويمكن رؤية الأعمال الفنّية في العديد من الكهوف التي تُظهِر صورا لبشر يصطادون الجواميس وغيرها من الحيوانات البرّية. هذه هي الأعمال الفنّية التي أبدعها أسلافنا الأوّلون. وكانت تلك هي طريقتهم في تسجيل التاريخ وإعلامنا بطريقة ما كيف كانت تبدو حياتهم وأسلوب عيشهم.
العمل الفنّي تاريخ لا ينتهي. وعلى الأرجح سيظلّ بلا نهاية طالما أن بوسع الإنسان استخدام عقله كي يخلق ويبدع.
لكن، ابتداءً، ما هو العمل الفنّي؟ العمل الفنّي يمكن أن يكون أيّ شيء قادر على أن يثير انفعال الشخص الذي يراه. يمكن، مثلا، أن يكون لوحة أو تمثالا مصنوعا من الجبس أو الطين. ويمكن أن يكون أيّ شيء طالما انه يصوّر مشاعر الفنان أو ما يريد الفنّان من المتلقّي أن يفهمه من خلال عمله.
كما أن لأيّ عمل فنّي أغراضا متعدّدة، أهمّها انه يمكن أن يكون بمثابة سجلّ للتاريخ. وأبسط مثال على هذا رسومات الكهوف التي ما تزال تخبرنا عن شكل الحياة في الماضي.
العمل الفنّي يمكن أيضا أن يوفّر متنفّسا لمشاعرنا. هناك لوحات كثيرة عندما ننظر إليها نجد فيها انعكاسا لما نشعر به من حالات فرح أو حزن. عندما تبدع عملا فنّيا فإنك إنما تعبّر من خلاله عن نفسك كشخص وعن طبيعة أفكارك وانفعالاتك. والتعبير عن الذات هو طريقة صحّية في التنفيس عن المشاعر.
أيضا قد يسهم العمل الفنّي في أن يُظهر لنا جوانب قد نجهلها عن العالم الذي نعيش فيه. فنّ التصوير الفوتوغرافي هو مثال واضح على هذا. فمن خلال الصورة بإمكاننا أن نعرف المزيد عن هذا العالم وعن معاناة الإنسان فيه والتي قد نغمض أعيننا أحيانا عن رؤيتها.
التصوير أداة قويّة جدّا في إثارة العواطف، كما انه يكشف لنا عن الكثير من الحقائق العارية عن حياتنا وعن أنفسنا. لكن هذا النوع من الفنّ يمكنه أيضا أن يثير فينا مشاعر طيّبة مثل التعاطف والسعادة والأمل بالمستقبل. والأمر في النهاية يعتمد على الأفكار التي يوظّفها المصوّر في عمله.
الأعمال الفنّية موجودة حولنا في كلّ مكان: في المنازل والمكاتب وكذلك في المتاحف والمعارض الفنّية.
والأعمال الفنّية البسيطة التي يقوم بها الإنسان في حياته اليومية من تزيين وزخرفة ما هي إلا محاولة لتجميل بيئته الصغيرة ومن ثم إضفاء شيء من البهجة والمتعة على حياته.

❉ ❉ ❉

استراحة موسيقية

❉ ❉ ❉

عريشة البرتقال


كان توماس فيرنلي (1802 - 1842) رسّاما نرويجيا من أصول انجليزية. وقد اشتُهر برسم الحدائق. لوحته هنا اسمها عريشة البرتقال، وهي تُعتبر إحدى تحف هذا النوع من الرسم.
كان فيرنلي عضوا في جماعة من الفنّانين الاسكندينافيين كان من بينهم كريستيان دال ويوهان ايكرسبيرغ. وقد أسهم هؤلاء في تدشين العصر الذهبيّ للرسم في شمال أوربّا خلال القرن التاسع عشر.
كان توماس فيرنلي يرى أن دراسة الجوّ لا يمكن أن تتحقّق بالكامل في الأضواء الصافية للمتوسّط. لذا سافر عام 1832 وهو في سنّ الثلاثين إلى الجنوب الأوربّي قاصدا روما. ويُرجّح انه رسم هذه اللوحة عندما كان هو وعدد من زملائه في زيارة لـ نابولي بجنوب ايطاليا.
وتصوّر اللوحة عريشة ضخمة اصطفّت على جانبيها أشجار البرتقال. وقد استخدم الرسّام أسلوب المنظور الواحد كي يخلق ممرّا مركزيا في عمق المنظر. كما أجاد في تصوير الضوء الذي يخترق الفراغات بين الأعمدة.
تأثيرات الضوء والظلال توحي بأن اللوحة رُسمت في فترة ما بعد الظهيرة. وهناك شخص وحيد يجلس في نهاية الممرّ وهو يمسك بكتاب أو لعلّه يرسم. وقرب الواجهة هناك آنية خزفية ضخمة تضمّ بعض الأزهار.
الأعمدة القائمة على طرفي الممرّ تبدو قديمة ومتهالكة نوعا ما، وهو ملمح شائع في الحدائق بشكل عام.
اهتمام الرسّام بالتفاصيل لافت، وبوسع المرء أن يرى أوراقا ونباتات في كلّ مكان. والإحساس العامّ الذي تثيره اللوحة هو مزيج من الهدوء والسكينة.
ورغم أن اللوحة صغيرة، إلا انه من الواضح أنها شُيّدت بعناية. كما يمكن اعتبارها أكثر من مجرّد دراسة لحالة الضوء والظلال في منتصف النهار.
من الأشياء المثيرة للانتباه أيضا الضوء الرقيق الذي يتخلّل الأسطح والطوب والأوراق. وواضح أن الرسّام استخدم فرشاة صغيرة وألوانا مرهفة وذات وهج خفيف.
عريشة البرتقال لوحة رُسمت بطريقة متوازنة وحسّاسة، ما يجعلها واحدة من أفضل الأعمال التشكيلية في هذا النوع من الرسم.