:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الجمعة، ديسمبر 10، 2010

أحزان ماثيو



بداية، لا يُفترض بك أن تعرف الألمانية.
لذا لا تهتمّ بالكلمات. فقط استمع واستمتع بما تسمعه.
الموسيقى وحدها تكفي لأن تحرّك المشاعر وتنفذ إلى أعماق الروح وتنقل السامع إلى عالم آخر.
الصوت أيضا جميل ومعبّر جدّا. كأن يوهان سيباستيان باخ لم يكتب "أحزان ماثيو" إلا كي تغنّيها هذه السوبرانو الهنغارية.
وأنت تستمع إلى جوليا هاماري، يُخيّل إليك أنها تغنّي خارج هذا العالم من خلال تجليّات صوتها الذي يبرق ويلمع ويشعّ كأنه النور المصفّى.
هذا المقطع بالذات من "أحزان ماثيو" تحدّث عنه النقاد كثيرا. بعضهم وصفه بأنه أروع وأعذب ما كُتب في الموسيقى الغربية قديما وحديثا.
"أحزان ماثيو" هو أطول عمل كتبه باخ. ويبدو انه كان يعرف انه سيأتي بشيء مختلف يتجاوز كلّ ما أبدعه من جاءوا قبله في مجال الغناء الديني.
الغريب انه عندما كان يعكف على تأليفه لم يكن ينوي أن يُغنّى في الكنائس ولا في المناسبات الدينية. وقد قُدّم العمل لأوّل مرّة في شهر ابريل من عام 1727م. لكن باخ قام بعد ذلك بوقت قصير بمراجعة الموسيقى وأجرى عليها الكثير من التعديلات التي يقال إنها استمرّت حتى نهاية حياته.
كان باخ يعرف مسبقا أهمّية "أحزان ماثيو" والمكانة الخاصّة والمتميّزة التي سيحتلّها من بين كافّة أعماله الموسيقية.
في العصور الوسطى راجت عملية ترجمة النصوص الدينية التي تتحدّث عن المسيح وتحويلها إلى أنغام وأناشيد دينية. وعندما أكمل باخ أحزان ماثيو سرعان ما تحوّل إلى أكثر الأعمال الدينية طموحا في جميع الأوقات.
وأثناء اشتغاله عليه، نما العمل وتطوّر بالتدريج كشكل موسيقي بحيث سمح للاوركسترا والكورس ومجموعات الإنشاد بأن تكون جزءا لا يتجزأ منه.
النصّ الذي استخدمه باخ في الغناء وضعه الشاعر الألماني بيكاندر الذي كان مثل باخ يعيش في ليبزيغ. ويُعتقد أن الاثنين عملا معا وبشكل وثيق على كتابة النصّ. "أحزان ماثيو" ليس فقط عملا موسيقيا استثنائيا يتميّز بثرائه وفخامة أنغامه، وإنما يمكن القول أيضا أن إحدى خصائصه الأخرى المهمّة هي انه يصلح لأيّ نوع من المعالجة الموسيقية، من الأوبرا إلى المسرح والباليه وغيرها.