:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الخميس، يونيو 09، 2011

تصميم المواقع وسيكولوجيا الألوان

منذ أيّام، سألني قارئ كريم عن مغزى اختياري لونا زهريا كخلفيّة للمدوّنة، على الرغم من أن الزهري لون أنثوي في الأساس، كما قال. والحقيقة أن ملاحظته صحيحة، ولكن جزئيا. فاللون الزهري يظلّ لونا مفضّلا عند الكثيرين، سواءً كانوا رجالا أو نساءً، لأنه يتميّز بهدوئه ورقّته كما انه يبعث على الراحة والاسترخاء.
والملاحظ أن هذا اللون هو عبارة عن مزيج من الأبيض والأحمر. وكلّما زدت من كمّية الأحمر فيه كلّما ازداد توهّجا وحيوية.
وقد قرأت أن السجون تستخدم طبقة من هذا اللون لتخفيف نزعة السجناء إلى العنف. والمواقع الإليكترونية الخاصّة بالمؤسّسات الأكاديمية تستخدم عادة ظلالا وسيطة من الزهري بسبب خصائصه المتعلّقة بالتفكير العقلي والانجاز.
وكنت قد لاحظت قبل ذلك أن الناس يركّزون على لون معيّن باعتباره موضة غالبة. لكن عندما انظر إلى بعض الألوان الرائجة، يساورني إحساس أنها لا تثير أيّ إعجاب أو حماس، بل كثيرا ما أرى فيها اختيارا شاذّا.
بعض علماء النفس يفسّرون هذه الظاهرة بالقول إن هناك بعض الألوان التي يصحّ اعتبارها مضادّة لمعايير الجمال السائدة. لكنها قد تأسر اهتمام الناس أكثر من تلك المعروفة بجاذبيّتها وشيوعها. إذن، المسألة سيكولوجية في الأساس. ولعلّ البعض منّا يتذكّر شغف الناس بالأخضر الليموني رغم انه قد لا يعجب الكثيرين. الشاهد هنا هو أن الناس عادة ما يختارون أشياء غير مألوفة على سبيل الرغبة في التغيير ومخالفة السائد. وتلك نزعة ظلّت سائدة في الفنّ منذ قرون.
في الأيّام الأخيرة، أصبحت اهتمّ بتعلّم أبجديات تصميم المواقع الاليكترونية وأسرار الألوان. واكتشفت أنني ادخل عالما مشوّقا ومثيرا.
وقد قرأت عن هذا الجانب الكثير، لا لكي أصبح مصمّما، بل على سبيل اكتساب بعض الفائدة والمعرفة وعلى أساس أن العلم بالشيء أفضل من الجهل به. واكتشفت أن تصميم المواقع مهمّة تتطلّب قدرا من الخبرة والذوق الرفيع، وأن اختيار لون لموقع اليكتروني هو من أصعب الأمور وأعقدها.
اللون له تأثير كبير على الموقع ككلّ، رغم انه في النهاية ليس سوى عنصر واحد من عناصر أخرى متعدّدة تحكم عملية تصميم المواقع. واختيار اللون لا يخضع للمزاج أو الذوق الشخصي، بل تحدّده طبيعة الموقع واهتماماته والفئة التي يستهدفها. كما أن هناك عوامل سيكولوجية تحكم عملية اختيار الألوان التي توصل الرسالة الصحيحة عن الموقع.
الألوان والمواقع الالكترونية موضوع واسع جدّا. وهناك قاعدة تقول إن التصميم الجميل لا يمكن أن يعوّض عن المضمون السطحي. كما أن المضمون الثريّ لا يليق به تصميم ضعيف.
واختيار ألوان الخطوط والخلفيات أمر لا يقلّ أهمية. وهناك نصيحة ذهبية تقول: في كلّ الأحوال، تجنّب النصّ الأبيض على خلفية سوداء، إلا إذا كنت تريد إبعاد الزوّار عن موقعك.
وعلى ذكر اللون الأسود، لاحظت انه أصبح منتشرا بكثرة هذه الأيّام.
لعلّ السبب يكمن في خصائص هذا اللون الذي يعكس انفعالات متعدّدة ومتباينة. فهو مثلا يرمز إلى السلطة والحماية والغموض والموت والثروة والموضة والمكانة العالية. شركات السيّارات تستخدمه غالبا في مواقعها على الانترنت لأنه يوصل إحساسا بالتطوّر والرفاهية والأناقة.
شخصيا، أميل إلى اللون الأزرق. هو لون السماء والبحر. كما انه يرمز إلى الاستقرار والثقة والوفاء والحكمة والهدوء. وهو لون تفضّله الشركات الكبرى، خاصّة تلك التي تتعامل مع منتجات التكنولوجيا. شركات الطيران أيضا تميل إلى استخدامه في مواقعها لأنه يتماهى مع لون السماء. كما أن المواقع التي تُعنى بالقانون والسفر البحري تستخدم تدرّجات خفيفة منه. وفي الحقيقة يندر أن تجد شخصا لا يحبّ هذا اللون. لكن المشكلة انه انتشر كثيرا في السنوات الأخيرة لدرجة انه أصبح مملا بعض الشيء.
غير أن أهمّ ما تعلّمته في هذه التجربة هو أن أجمل الألوان، سواءً تعلّق الأمر بالملابس أو الديكور أو حتّى بتصميم المواقع الاليكترونية، هي تلك الألوان الموجودة في الطبيعة. بعض صور الطبيعة هي أبلغ من أيّ كلام يمكن أن يقال لوصفها. الغريب أننا لا نفطن إلى هذه الحقيقة بحكم أننا ألفنا النظر العابر والسريع إلى الأشياء. الآن صرت اقضي وقتا أطول في ملاحظة هذه الصور ومحاولة اكتشاف الجماليات المتعلّقة بمزج وتناغم الألوان فيها.
بعض مناظر الطبيعة هي بلا مبالغة عبارة عن تحف فنّية إذا ما تأمّلت ألوانها وتفاصيلها عن قرب. وهي تملأ الروح والعين معاً.