:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الجمعة، أبريل 13، 2012

موسيقى بهويّات متعدّدة

في هذا الكونشيرتو بعنوان "عائلة بورجيا: الكنيسة والدولة في عصر النهضة"، يختار المؤلّف الموسيقي الاسباني جوردي سافال مجموعة رائعة من الأشعار والمقطوعات الموسيقية التي تعود إلى بدايات عصر النهضة، وبالتحديد إلى زمن أسرة بورجيا ذات الأصول الاسبانية والايطالية.
بعض الموسيقى جميلة ومحزنة. وقد حافظت على سحرها الخاص لمئات السنين. والكونشيرتو يتضمّن أساليب موسيقية إسلامية ومسيحية ويهودية ووثنية تعكس ثقافة اسبانيا آنذاك التي كانت تتسم بالتنوّع والتعدّدية.
سافال وظّف في عمله عددا من الآلات الموسيقية التي كانت شائعة في ذلك الوقت. كما استعان بعدد من أشهر العازفين والمؤدّين، منهم زوجة سافال السوبرانو والعازفة الاسبانية مونتسيرات فيغيراس، وعازف العود المغربي ادريس المالومي، وعازف الناي الروسي نيديالكوف، بالإضافة إلى سافال نفسه وآخرين.
كان صعود أسرة بورجيا إلى السلطة ومن ثمّ هيمنتها لاحقا على الفاتيكان نقطة تحوّل مهمّة في تاريخ أوربّا. كان ذلك العصر عصر دافنشي وميكيل أنجيلو والإنجازات الفكرية والفنّية الكثيرة. ولكنّه كان أيضا عصر مكيافيللي والحروب المستمرّة والفساد الذي لا يوصف.
رودريغو بورجيا كان الرجل الذي سعى وراء السلطة ونال في نهاية المطاف الجائزة الكبرى، وهي الجلوس على الكرسيّ الرسولي في روما. وقد أصبح اسمه مرادفا للقسوة، وعهده كـ بابا يمثّل احد أسوأ الفصول سوءا في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية. كان لـ رودريغو أربعة أبناء: خوان الكسول والمغترّ بنفسه والمتهتّك. وسيزار "أو تشيزاري"، الشابّ الممزّق بين إيمانه المدّعى وطبيعته العنيفة والمظلمة. ولوكريتسيا، الابنة التي تكتشف القوّة السرّية لجنسانية المرأة. وغوفريدو، الطفل الذي ينشأ وسط عائلة تعصف بها المؤامرات والصراعات.
رودريغو، على الرغم من تديّنه، كان عبدا لملذّات الجسد. ولم يكن يتعيّن عليه فقط أن يتعامل مع المؤامرات التي كان يحيكها ضدّه زملاؤه الكرادلة وممثّلو القوى العظمى في ذلك الحين، بل أن يعمل أيضا على احتواء المنافسات المريرة بين أبنائه والتي كانت تهدّد بتمزيق عائلته. كان عصر أسرة بورجيا الذي استمرّ لحوالي المائة عام مليئا بالدسائس والعنف والقتل والشهوة والسياسة والإيمان وزنا المحارم والخيانة.
لكن في خضمّ كلّ ذلك الفساد والاضطراب، كان ما يزال هناك العديد من الأشياء الجميلة. وسافال في هذا الكونشيرتو يجلب أفضل وأشهر ما أنتجه ذلك العصر من شعر وموسيقى وغناء.

❉ ❉ ❉

سمعت صوتا هاتفا في السحر، نادى من الغيب غُفاة البشر. هبّوا املئوا كأس المنى، قبل أن تملأ كأس العمر كفّ القدر.
كان من عادة الشاعر عمر الخيّام أن يودِع أشعاره التي يتحدّث فيها عن القدر والخمر والحبّ والموت عند بعض أقاربه وأصدقائه خوفا من أن يطّلع عليها بعض معاصريه الذين كانوا يعتبرونها ضربا من الزندقة.
ولزمن طويل، ظلّ الموسيقيّون يتجنّبون غناء شعر الخيّام لأنهم كانوا يعتبرونه شعرا مقدّسا.
لكن كان هناك سبب آخر. فعلى عكس شعراء الفارسية الآخرين، مثل جلال الدين الرومي وحافظ الشيرازي، فإن شعر الخيّام يفتقر إلى الموسيقى ويتطلّب قدرا من الإبداع لترجمته موسيقيّا.
في هذا الحوار الفريد بين الموسيقى العربية والفارسية، يؤدّي المغنّي الإيراني علي رضا قرباني والمغنّية التونسية دُرصاف الحمداني مقاطع مختارة من شعر الخيّام بمصاحبة عدد من الموسيقيين والعازفين.