:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الثلاثاء، أكتوبر 09، 2012

سارجنت وفنّ البورتريه

حتى لو كنت رسّاما متميّزا ومشهورا في نوعية معيّنة من الرسم وتكسب من وراء ذلك المال الوفير، قد يأتي يوم تشعر فيه بالملل على الرغم من أن شعبيتك كرسّام متخصّص في ذلك النوع تتطلّب منك الاستمرار في العمل.
هذا هو المأزق الذي وجد جون سينغر سارجنت نفسه فيه بعد وقت قصير من بداية القرن الماضي، عندما كانت الأرامل الأوربّيات الثريّات مع بناتهنّ يتقاطرن على منزله كي يرسمهنّ هذا الفنّان الذي يعتبره الكثيرون الرسّام الأكثر نجاحا في التاريخ.
لكن سارجنت كان قد بدأ يحتقر البورتريهات التي كان يرسمها ويجني من ورائها مبالغ طائلة من المال. ولم تكن هذه هي الصعوبة الوحيدة التي كانت تواجهه. فبالإضافة إلى حقيقة أنه لم يعد يرى في البورتريه فنّا عظيما، كانت قد بدأت تلوح في الأفق نذر العاصفة الكاسحة والقويّة التي اصطُلح على تسميتها في ما بعد بـ "الفنّ الحديث".
أسلوب سارجنت وموضوعاته أصبحت تبدو قديمة الطراز مقارنة بأعمال بيكاسو وماتيس، بل وحتى مقارنة برسّام من جيله هو، أي كلود مونيه.
بعض النقّاد كانوا يلمّحون إلى أن أعماله أصبحت عتيقة الطراز. وقال آخرون إنها تبدو كما لو أنها تنتمي إلى زمن آخر. ووجد سارجنت ملاذا له في الجداريات الضخمة. وعلى الرغم من أنه رسم معظمها في انغلترا، إلا انه يمكن العثور على أعماله الجدارية اليوم في عدد من المباني العامّة في الولايات المتحدة.
كان سارجنت في الكثير من الأحيان يسافر إلى بوسطن للإشراف على تركيب جدارياته بنفسه. وكانت شهرته كبيرة في هذا المجال. كما كان معروفا باشتراطه إجراء تغييرات في أسلوب المعمار يتناسب مع طبيعة رسوماته.
سارجنت توفّي فجأة عام 1925 وهو يستعدّ مرّة أخرى لمغادرة لندن إلى أمريكا، للإشراف على تركيب سلسلة من الجداريات في متحف بوسطن للفنون الجميلة. وأضيفت هذه السلسلة إلى 113 من لوحاته، من بينها صورته المشهورة لسيّدة المجتمع الباريسي الأمريكية المولد فيرجيني غوترو. وكانت هذه الصورة الجريئة لامرأة ترتدي ثوبا اسود أنيقا ورباطي كتف منسدلين هي التي دفعت سارجنت لمغادرة باريس نهائيا إلى لندن عام 1884م.
وقد باع سارجنت اللوحة في النهاية إلى متحف الفنّ الحديث في نيويورك، وأصرّ على أن يكون اسمها مدام إكس. ووُصفت السيّدة بأن لها بشرة من اللافندر أو الخزامى، وقيل إنها كانت تتناول بانتظام كمّيات صغيرة من الزرنيخ لكي تحافظ على ذلك المظهر.
وقد تردّد أن والدة المرأة قالت للرسّام بعد أن راجت اللوحة وانتشرت على نطاق واسع: لقد أصبحت ابنتي تائهة. الجميع في باريس يسخرون منها. وزوجها عازم على منازلتك في مبارزة". وقيل إن سارجنت ضحك ممّا سمعه وقال عبارة أصبحت أشبه ما تكون بالنكتة: في كلّ مرّة ارسم فيها بورتريها أصنع لنفسي عدوّا واحدا على الأقلّ". "مترجم".