:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الأربعاء، مايو 25، 2016

عن الفنّ والإبداع/2


يبدو أننا عندما نتحدّث عن "رسّامين عظام"، فنحن في الغالب نقصد الرسّامين الذين نحبّهم أو الذين نعتبرهم نحن "عظماء".
وحتى الآن، لا توجد أداة محدّدة لقياس جدارة فنّان من عدمه، لأنه ليست هنالك معايير واضحة لذلك.
لماذا مثلا لا يُعتبر جون ووترهاوس أو لورانس الما تاديما أو جون سارجنت أو ويليام بوغرو أو جان اوغست آنغر من الرسّامين العظماء المعترف بهم، تماما مثل فان غوخ ومونيه وبيكاسو؟
بالمناسبة وعلى سيرة آنغر، بعض النقّاد اليوم يعتبرون لوحاته مصطنعة وباردة. ومن الملاحظ أن لا احد من شخوصه حرّ، فالجميع مكبّلون بقوانين الطبيعة وبالقدَر، وكأنهم لا يستطيعون الهرب. ومع ذلك ففي لوحاته تلك الجاذبية المتجمّدة.
كان آنغر يريد أن يصبح رسّام تاريخ، يرسم مثل تلك اللوحات الفخمة المليئة بالشخوص التي رسمها مثله الأعلى رافائيل. وبسبب كلّ الواقعية والإيهام في فنّه، تبدو لوحاته اصطناعية وتجريدية. ولذا لم يكن مدهشا أن يُعجَب به بيكاسو وديغا ودي كوننغ وغيرهم من الرسّامين الحداثيين. وبالرغم من هذا، لا نسمع باسمه هذه الأيّام إلا بالكاد.
النقّاد أيضا يتّفقون على انه من الأمور التي تؤثّر في كون رسّام ما عظيما هو مدى تأثيره على الفنّانين الذين أتوا بعده وعلى تاريخ الفنّ عموما. ولهذا السبب تضمّن الموضوع السابق إشارة إلى بيكاسو باعتباره رسّاما عظيما لأنه أرسى مدرسة ونهجا وترك أثرا كبيرا على أجيال من الرسّامين الذين جاؤا بعده.
وفي المقابل، بعض الرسّامين فشلوا في أن يكون لهم تأثير، ثمّ لم يكن لهم معجبون كثر بمثل ما كان لمونيه وديغا مثلا. وهذان الاثنان كانا بارعين في الرسم الأكاديمي، لكنهما تعلّما المزيد وشيّدا فوق ما شيّده أسلافهما.
إن جوهر أيّ عمل فنّي هو فكرة وصورة. والعمل الفنّي ليس فقط صورة جذّابة وجميلة، وإلا فإن تلك النساء الجميلات اللاتي تزيّن صورهنّ أغلفة مجلات الأزياء والموضة اليوم سيكنّ بمثل عظمة "فينوس" تيشيان مثلا وربّما أعظم.
ولو قال احد من الناس إن يوهان شتراوس هو موسيقاره المفضّل والعظيم لكان هذا من حقّه الذي لا ينازعه فيه احد. لكن لو قال إن شتراوس أعظم من موزارت، لكان من حقّّ أيّ احد أن يعترض عليه لأن ما يقوله ببساطة غير صحيح.
الظروف التي تحكم الفنّ والموسيقى والأدب تتغيّر مع مرور الزمن وباستمرار. وعندما تتغيّر فإن بعض الفنّانين ترتفع مكانتهم والبعض الآخر تنخفض. خذ مثلا يوهان سيباستيان باخ، هذا الموسيقيّ العبقريّ لم يُشتهر ولم يعرفه الناس إلا خلال المائتي عام الأخيرة، وكان قبل ذلك نسيا منسيّا ولا يكاد يتذكّره احد.
ومع انتشار المدارس الفنّية الحديثة، توارى تاديما و ووترهاوس وسارجنت وغيرهم وقلّت أهمّيتهم. ونفس الشيء يمكن قوله عن الرسّامين ما قبل الرافائيليين الذين لم نعد نرى صورهم سوى في بعض أفلام الفانتازيا والخيال العلمي.
وأخيرا، هناك رأي رائج في أوساط بعض النقّاد ومؤرّخي الفنّ يقول إن أيّ فنّان لا يمكن أن يدخل نادي المشاهير الدائم إلا إذا بقي مائتي سنة، على الأقلّ، في التداول. لكن هذا الرأي لا ينسجم مع الواقع، ومثال باخ المشار إليه آنفا يقدّم الدليل الواضح على عدم صحّته.
للحديث بقيّة ..

Credits
alma-tadema.org
jeanaugustedominiqueingres.org
johnsingersargent.org
bouguereau.org