فيكتور اوستروفسكي هو ضابط "موساد" سابق ألف كتابا أثار ضجة واسعة قبل سنوات اسماه عن طريق الخداع كشف فيه جانبا من أنشطة المخابرات الإسرائيلية وعملياتها القذرة في البلدان الغربية وفي منطقة الشرق الأوسط.
بعد أن تلقى اوستروفسكي المولود في كندا تدريبا لمدة سنتين في جهاز الموساد اصبح على اطلاع واسع بأنشطة بعض عناصر الجهاز واكتشف أن معظم أنشطتهم كانت ترمي إلى خدمة مصالحهم وطموحاتهم الشخصية ولذا قرر ترك وظيفته.
ولم يمر طويل وقت حتى ألف اوستروفسكي كتابه الذي هزّ دعائم جهاز المخابرات الإسرائيلي وسبب ضجة واسعة داخل أركان السلطة الإسرائيلية وفي العالم. وأهمية الكتاب تكمن في أن مؤلفه كشف الكثير من أسرار وعمليات جهاز الأمن الخارجي الإسرائيلي الأمر الذي دفع الحكومة الإسرائيلية في ذلك الحين إلى محاولة إقناع الأمريكيين عبثا بحظر نشر الكتاب في الولايات المتحدة وكندا. كما سلطت إسرائيل على اوستروفيسكي اذرعها القوية المتمثلة في منظماتها النشطة في أمريكا الشمالية للانتقام من الكاتب وإرهابه وتشويه سمعته.
اوستروفسكي كتب بعد ذلك كتابين آخرين: الأول اسماه "الجانب الآخر من الخداع" والثاني رواية جاسوسية اختار لها اسم أسد يهودا .
لكن هناك جانبا آخر في شخصية استروفسكي لا يعرفه الكثيرون وهو انه فنان تشكيلي بارز، و لوحاته - كما كتبه - تزخر بالمشاهد الغامضة والرؤى الخفية، وربما يعود السبب في ذلك إلى ماضيه المخابراتي الذي مكنه من الاطلاع عن كثب على أسرار المخابرات والولوج إلى عوالمها المثيرة والغامضة!
لوحات اوستروفيسكي تحتشد بأوراق اللعب ورقع الشطرنج وصور لتماثيل ولوحات غامضة، أما الخيط المشترك الذي ينتظم شخصياته فهو ارتداؤها للقبعات والقفازات والأوشحة الملونة، بالإضافة إلى المظلات التي تخفي الهويات والملامح في قالب يمتزج فيه الخيال بعنصري الإثارة والترقّب.
وهناك ملمح آخر نلمسه بوضوح في أعمال اوستروفسكي وهو أن عناوين لوحاته تعكس الأنشطة واللغات الشفرية التي يتقنها أفراد مجتمع المخابرات العالمية.
:تنويه
تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .
الخميس، أغسطس 25، 2005
فيكتور اوستروفسكي
السبت، أغسطس 20، 2005
تشاو يونغ
في عام 1962 أي في ذروة زمن المجاعة الكبرى في الصين، ولد في إحدى المقاطعات الريفية طفل موهوب لوالدين معدمين.
كانت أسرة تشاو يونغ ، وهذا هو اسم الصبي، تجاهد في تلك الظروف الصعبة من اجل أن تجد ما يسد رمقها، خاصة وقد اصبح ولاؤها مثارا لشكوك الحكم الجديد لان أحد أجدادها القدامى كان ينتمي لفئة الإقطاعيين وملاك الأراضي.
وبعد أن جاءت الثورة الثقافية إلى الصين تعاملت الحكومة مع العائلة بقسوة فاصبح أفرادها منبوذين ومنع عنهم الطعام وسحبت منهم أوراقهم الشخصية.
في ذلك الوقت، كان الطفل تشاو قد بلغ الخامسة من عمره، لكنه في تلك السن الغضّة كان يعمل في حمل الطوب في سلال ثقيلة كي يعين والديه ويجلب لهما بعض المال.
ومن خلال الرسم كان تشاو يجد بعض العزاء والسلوى، وما أن بلغ الحادية عشرة حتى أصبحت موهبته الفنية تحظى بالاعتراف والتقدير.
بعد تخرجه من الثانوية محققا أعلى الدرجات في خمس محافظات، رفضت الجامعة قبوله استنادا إلى خلفية عائلته الإقطاعية.
لكن تشاو لم ييأس. فبعد سنة توسط له أحد الأساتذة ودافع عنه وضغط على الجامعة لتقبله. وجاء قبوله مشروطا بان يتم فصله إذا ما بدر منه أي تصرف ولو بسيط قد يدل على إساءة السلوك.
ورغم انه ظل منبوذا فقد سجل تفوقا في دراسته واستطاع أن ينال درجة جامعية في الفنون وبامتياز. وفي سن الحادية والعشرين عزم تشاو على أن يهرب من أجواء القمع والتمييز فتطوّع أن يذهب إلى التيبت ليعمل مدرسا للفنون بجامعتها.
خلال السنوات السبع التي قضاها تشاو في التيبت تشبعت نفسه بأجواء الطبيعة الجميلة التي تتمتع بها تلك الأرض المنعزلة وتشرّب بأجواء الثقافة التيبتية المتميزة.
كان تشاو يقطع مئات الأميال على سفوح جبال الهمالايا المحاذية للتيبت لكي يستمتع ببعض نسمات الحرية في نيبال المجاورة، قبل أن يعود إلى التيبت من جديد.
وفي تلك الأثناء عكف تشاو يونغ على دراسة رسومات الكهوف والمعابد التيبتية القديمة لمدة عام كامل بصحبة حصان وكلب وبندقية صيد.
وفي ربيع 1989 أقام تشاو يونغ أول معرض فني لرسوماته في بيكين. وكانت لوحاته الأربعون بما تضمنته من مشاهد انفعالية عميقة بمثابة الصدمة لدوائر بكين الثقافية التي استيقظت فجأة على موهبة الشاب الذي لم يكن يعرفه أحد.
وحظي ذلك المعرض بتغطية صحفية مكثفة في الصين واليابان وفرنسا وكندا وغيرها. وتلقى الفنان الشاب دعوات من سفراء فرنسا واسبانيا والمكسيك وبوليفيا في بيكين يدعونه فيها لزيارة بلدانهم وعرض أعماله فيها.
لكن نجاح تشاو أزعج السلطات الصينية فقام رجال الأمن بالقبض عليه واقفل معرضه وصودرت بعض لوحاته فيما احرق البعض الآخر.
غير ان تشاو تمكن من الفرار مع خطيبته اليابانية وبدأ الاثنان رحلة هروب كبير محفوفة بالمخاطر دامت ثمانية أشهر. لكن بمساعدة السفارة اليابانية تمكن الاثنان من السفر إلى اليابان.
في اليابان واجه تشاو تحديا جديدا، وهو العيش في بلد ذي اقتصاد حر ومفتوح. ولكي يستمر في الرسم اضطر هناك إلى العمل كحفار للقبور! لكن سرعان ما بدأت موهبته في الذيوع فجذبت أعماله انتباه الأوساط الفنية في طوكيو.
وفي عام 1994 هاجر تشاو يونغ إلى الولايات المتحدة مدفوعا بالبحث عن التحدي والنجاح.
هناك أدرك أن لغته الفنية التي برع فيها في الماضي لم يعد بمقدورها أن توصل إلى الناس خبراته وانفعالاته الجديدة.
ورغم أن مجموعته التيبتية حظيت باحترام واعجاب كبيرين وبيع بعضها بمبالغ كبيرة في مزاد كريستي وغيره فقد رفض تشاو الاعتماد على نجاحاته السابقة أو تكرارها.
كان ذلك يعني بالنسبة له البدء من الصفر. هنا اندمج تشاو يونغ في تفاصيل الحياة الأمريكية يستلهم منها مواضيع جديدة للوحاته. وكانت مشاهد الطبيعة والشوارع والمطاعم والمنتزهات والمدن الصغيرة مادة لأعماله الجديدة.
وبعد ثلاث سنوات اصبح تشاو يونغ مثار اهتمام نقاد الفن في الولايات المتحدة والعالم من خلال أسلوبه الفني المتفرد، واصبحت لوحاته تجذب انتباه جمهور الفن الواسع بمواضيعها الأربعة: فينيسيا، والساحل الذهبي، والحدائق الرومانسية، وهاواي.
نقاد الفن التشكيلي الذين بهرهم أسلوب تشاو يونغ المتفرد وألوانه المترفة أطلقوا عليه لقب سيّد الرومانسية، ربما بسبب عناصر الجمال والمتعة والعاطفة التي يحرص يونغ على تمثـّلها وتجسيدها في أعماله الفنية البديعة.
السبت، أغسطس 13، 2005
في الترويج لثقافة السلام والتسامح
أعلنت الأمم المتحدة واليونسكو اعتبار السنوات العشر الأولى من الألفية الجديدة عقدا لثقافة السلام ونبذ العنف من اجل أطفال العالم.
كيم مارتن ميتزغر تفاعل مع المناسبة وأنشأ موقعا على الإنترنت ضمّنه مجموعة من القصص القصيرة والمعبّرة التي تصلح للصغار والكبار معا.
هنا ترجمة لبعضها..
(1) العبــد
كان عند رجل عبد. وكان على العبد أن يقوم على خدمة سيّده، فكان يغسل جسمه ويمشّط شعره ويضع له الطعام في فمه. وكان يكتب لسيّده الرسائل ويلمّع أحذيته ويلبسه جواربه ويقطع عنه الأخشاب ويشعل النار في المدفأة. وعندما كان السيّد يرى بعض ثمار التوت كان على العبد أن يقطفها له ويضعها في فمه. ولكي يمنع العبد من الهرب كان الرجل يربطه دائما بسلسلة! وكان يراقبه آناء الليل والنهار مخافة أن يهرب. وقد اعتاد أن يحمل سوطا في يده، وعندما يرى العبد وهو يحاول سحب السلسلة محاولا خلعها كان ينهال عليه بالضرب. وعندما تؤلمه يداه ويتعب من ضرب العبد يستشيط غضبا ويغلظ له في السباب والشتم.
وكان الرجل يتذكّر أحيانا أياّم كان ما يزال شابّا عندما لم يكن عنده عبد. في تلك الأيّام كان يتجوّل في الغابة بحرّية كطائر طليق وكان يلتقط ثمار التوت دون أن يبالي بعبد أو سلسلة. أما الآن فهو لا يستطيع حتى أن يتناول كأس الماء بنفسه: أولا لان العبد سيهرب، وثانيا من سيغسل له مؤخّرته إن هرب؟! فهو نفسه لا يستطيع أن يحرّر إحدى يديه ليفعل ذلك.
وفي أحد الأيام حدّث نفسه قائلا: إذا كان الأمر بهذه الفظاعة لماذا لا أحرّر العبد وأدعه يمضي لحال سبيله.
غير انه ما لبث أن قال لنفسه: ولكن إذا أطلقت سراحه فربّما يقتلني.
كان السيّد يحلم بالحرّية! ولكن ماذا عن العبد؟ هل كان يحلم بالحرّية هو الآخر؟
لا! لقد كفّ عن حلمه بالحرّية منذ زمن بعيد. وحلمه الوحيد الآن هو أن يصبح، هو نفسه، سيّدا وأن يقود الرجل وراءه موثوقا بالسلسلة وأن يضربه بالسوط ويجعله يغسل مؤخّرته.
أصبح هذا حلمه الوحيد...
(2) المتحـاربـان
تقاتل شخصان كأشدّ ما يكون القتال، كان أحدهما قويّا والآخر سمينا.
قام القويّ بكسر انف السمين، ثم قال لنفسه: إن له أنفا مثل انفي.
ثم قام السمين بكسر ضلوع القويّ، ثم قال لنفسه: تلك الضلوع تشبه في هشاشتها ولينها ضلوعي.
ثم قام القويّ باقتلاع إحدى عيني السمين، ثم قال لنفسه: تلك العين طريّة وسريعة العطب كعيني.
ثم قام السمين بركل القويّ على معدته ثم قال لنفسه: تلك المعدة تشبه في ضعفها معدتي.
ثم أطبق القوي بيديه على رقبة السمين ثم قال لنفسه: انه يحتاج الهواء لكي يتنفّس مثلي تماما.
ثم وجّه السمين ضربة قويّة إلى قلب القويّ ثم قال لنفسه: إن قلبه ينبض.. تماما مثل قلبي.
وعندما سقط الرجلان أرضا قال كلّ منهما لنفسه: هذا الرجل يشبهني تماما.
لكن ذلك لم يعد يفيدهما في شيء...
(3) الخــوف
لماذا ينظر إليّ ذلك الشخص بتلك الطريقة؟
هل هو خائف مني؟
ولماذا هو خائف مني؟
هل يظنّ أنني سأؤذيه؟
لكنّي لم أؤذِ أحدا
ولا أؤذي أيّ إنسان ما لم يحاول إيذائي
لذا إذا كان ذلك الشخص يظنّ أنني سأؤذيه فلأنه فقط يعرف أنني أؤذي كلّ شخص يؤذيني.
وعليه فلا بدّ وأنه يفكّر في إيذائي.
لذا عليّ أن اذهب إليه فورا وألكمه على فمه لكي لا يؤذيني.
كانت قبضته أسرع من قبضتي
وأنا الآن مطروح أرضا
لكن، ألم اقل لكم من قبل
إنه كان يريد إيذائي؟!
(4) الخــوف .. مـرّة أخـرى
نحن بلد مسالم
ولن نهاجم أحدا مطلقا ما لم يهاجمنا
وإذا كان هناك من لا ينوي مهاجمتنا
فلا يجب أن يخاف منّا مطلقا
وكلّ من يحاول أن يحمي نفسه منّا
فلا بدّ وانه خائف منّا
وكلّ من هو خائف منّا
لا بدّ وانه ينوي مهاجمتنا
لذا فالمسألة واضحة جدّا
وهي أن علينا أن نهاجم أيّ شخص
يكون مستعدّا للدفاع عن نفسه...