قد يكون غاليليو تعرّض للتهديد من قبل محاكم التفتيش منذ ما يقرب من 400 سنة. ولكن ما حدث له لم يكن أمرا مرعبا كثيرا. وسواءً كانت الأرض تدور حول الشمس "كما كان يعتقد كوبرنيكوس وغاليليو ونيوتن"، أو العكس "كما في النموذج القديم لبطليموس أو أرسطو"، فإن الكون الذي تخيّله غاليليو ما يزال مكانا هادئا.
لكن في هذه الأيّام، يواجه علماء الفلك تهديدات تقشعرّ لها الأبدان. وفي ما يلي بعض الأشياء التي تدعو الفلكيين للقلق والتي قد تتسبّب أيضا في إثارة قلق القارئ.
معظمنا، نحن البشر، يعتقدون أننا ملوك الأرض وأننا نتصارع كي نمدّ ونوسّع هيمنتنا بفضل ما نملكه من أدمغة كبيرة. ولكنّ هذا هو بالضبط ما فعلته الديناصورات من قبل. ففي احد الأيّام، قبل ما يقرب من 65 مليون سنة، اعترض طريقها كويكب صغير واصطدم بالأرض مخلّفا وراءه سحابة من الغبار لم تلبث أن انتشرت في جميع أنحاء الكوكب. وبسبب الانخفاض الشديد في درجات الحرارة الذي أعقب ذلك، ماتت آلاف الأنواع والمخلوقات على الأرض. وانضمّت الديناصورات إلى عملية الانقراض الجماعي تلك. واليوم، وفي أيّ وقت، يمكن أن نتعرّض، نحن أيضا، لانقراض جماعيّ مماثل.
الأدلّة على احتمال حدوث اصطدام كويكب آخر بالأرض يمكن أن نجدها من خلال تحليل الاصطدامات التي حدثت في الماضي، مثل ذلك الذي أنهى عصر الديناصورات. لكن ما الذي نعرفه عن ذلك الاصطدام الذي وقع منذ زمن طويل؟ الأدلّة على الاصطدام بدأت تظهر تباعا عندما اكتشف عالم في جامعة كاليفورنيا يُدعى لويس ألفاريز عنصر الإيريديوم في طبقة تتوزّع على جميع أنحاء كوكبنا. وقد عرف أن الطبقة تحتوي على إشعاع يعود إلى 65 مليون سنة. ولأن الكويكبات تكون في بعض الأحيان غنيّة بالمعادن، فقد استنتج العالِم أن فكرة الاصطدام ممكنة ومعقولة.
التحقّق من هذه النظرية تأكّد عندما وُجدت الحفرة الفعلية التي أنشأها الكويكب لدى ارتطامه بالأرض، وذلك في المحيط قبالة شبه جزيرة يوكاتان في المكسيك. والحفرة مغطّاة الآن بالرواسب. لكن الجيولوجيين ورسّامي خرائط الفضاء تتبّعوا بُنيتها، واكتشفوا مئات الحلقات العملاقة التي تمتدّ مئات الأميال عبر سطح الأرض.
وبناءّ على هذه الأدلّة، يقدّر العلماء أن الكويكب الذي ضرب الأرض خلال عصر الديناصورات ربّما كان عرضه حوالي عشرة كيلومترات. وهذا خبر سيّئ، لأنه ثبت أن الكويكبات أو النيازك التي لها هذا الحجم تضرب الأرض مرّة كلّ 100 مليون سنة أو نحو ذلك. وبالتالي، قد لا نكون بعيدين زمنيّا عن حادث مماثل.
وهناك الآن عدّة مشاريع فضائية تقوم بمسح السماء للكشف عن أيّة كويكبات قد تكون في مسار تصادميّ مع الأرض. ويأمل العلماء أنه إن كانت هناك كويكبات عملاقة قادرة على التسبّب بنهاية العالم في طريقها إلينا، أن تكون تلك الكويكبات الآن في مدار حول الشمس، ما يوفّر لسكّان الأرض إنذارا مسبقا لبضع سنوات بأن عليهم أن يفعلوا شيئا لتجنّب كارثة ممكنة.
وتشير التقديرات إلى أن هناك حوالي 1000 كويكب قريب من الأرض، يبلغ قطر الواحد منها أكثر من كيلومتر "أي انه ما يزال يشكّل تهديدا لكوكبنا". ويذهب علماء الفلك إلى أن هناك فرصة 1% لأن يصطدم احدها بالأرض مرّة كلّ ألف عام. لذلك قد لا يكون الوقت قد حان لبناء مأوى ضخم مثل ذلك الذي صُمّم في أربعينات القرن الماضي. لكن ليس من الحكمة أيضا الركون إلى الهدوء وتصوّر أن لا شيء يدعو للقلق وأن كلّ شيء على ما يُرام.
مصدر الخطر الثاني على الأرض قد يأتي من الشمس. في ذروة أيّام الصيف، قد تظنّ أن أشعّة الشمس ساخنة للغاية. ولكنك في الواقع لم ترَ شيئا بعد حتى الآن. فالشمس ستصبح أكثر حرارة في المستقبل. سطح الشمس اليوم تبلغ حرارته حوالي 6000 درجة مئوية "أي حوالي 10000 درجة فهرنهايت". المشكلة هي أن الشمس ليست سوى نجم في منتصف العمر الآن. والنجوم، على عكس البشر، تصبح أكثر سخونة كلّما تقدّم بها العمر.
العلماء يحدّدون شدّة حرارة الشمس من خلال قياس ضوئها بطريقتين مختلفتين: الأولى هي أن ننظر إلى لون الشمس، والثانية هي أن نجزّيء ضوءها نسبة إلى طيفها اللونيّ.
الشمس الآن هي في منتصف عمرها الذي يُقدّر بـ 10 بلايين سنة. وفي غضون بضعة بلايين أخرى من السنين، ستبدأ الأجزاء الخارجية من الشمس بالانتفاخ، ما يجعل الأرض أكثر سخونة. وفي نهاية المطاف ستغلي المحيطات والبحار والأنهار وتتبخّر مياهها، ما يجعل بقاء البشر على قيد الحياة احتمالا مستحيلا. في ذلك الوقت، ربّما يكون البشر قد تمكّنوا من صنع صواريخ قادرة على حملهم إلى أماكن أبعد داخل النظام الشمسي، أو حتى إلى أماكن أخرى بالقرب منه.
لكن في هذه الأيّام، يواجه علماء الفلك تهديدات تقشعرّ لها الأبدان. وفي ما يلي بعض الأشياء التي تدعو الفلكيين للقلق والتي قد تتسبّب أيضا في إثارة قلق القارئ.
معظمنا، نحن البشر، يعتقدون أننا ملوك الأرض وأننا نتصارع كي نمدّ ونوسّع هيمنتنا بفضل ما نملكه من أدمغة كبيرة. ولكنّ هذا هو بالضبط ما فعلته الديناصورات من قبل. ففي احد الأيّام، قبل ما يقرب من 65 مليون سنة، اعترض طريقها كويكب صغير واصطدم بالأرض مخلّفا وراءه سحابة من الغبار لم تلبث أن انتشرت في جميع أنحاء الكوكب. وبسبب الانخفاض الشديد في درجات الحرارة الذي أعقب ذلك، ماتت آلاف الأنواع والمخلوقات على الأرض. وانضمّت الديناصورات إلى عملية الانقراض الجماعي تلك. واليوم، وفي أيّ وقت، يمكن أن نتعرّض، نحن أيضا، لانقراض جماعيّ مماثل.
التحقّق من هذه النظرية تأكّد عندما وُجدت الحفرة الفعلية التي أنشأها الكويكب لدى ارتطامه بالأرض، وذلك في المحيط قبالة شبه جزيرة يوكاتان في المكسيك. والحفرة مغطّاة الآن بالرواسب. لكن الجيولوجيين ورسّامي خرائط الفضاء تتبّعوا بُنيتها، واكتشفوا مئات الحلقات العملاقة التي تمتدّ مئات الأميال عبر سطح الأرض.
وبناءّ على هذه الأدلّة، يقدّر العلماء أن الكويكب الذي ضرب الأرض خلال عصر الديناصورات ربّما كان عرضه حوالي عشرة كيلومترات. وهذا خبر سيّئ، لأنه ثبت أن الكويكبات أو النيازك التي لها هذا الحجم تضرب الأرض مرّة كلّ 100 مليون سنة أو نحو ذلك. وبالتالي، قد لا نكون بعيدين زمنيّا عن حادث مماثل.
وهناك الآن عدّة مشاريع فضائية تقوم بمسح السماء للكشف عن أيّة كويكبات قد تكون في مسار تصادميّ مع الأرض. ويأمل العلماء أنه إن كانت هناك كويكبات عملاقة قادرة على التسبّب بنهاية العالم في طريقها إلينا، أن تكون تلك الكويكبات الآن في مدار حول الشمس، ما يوفّر لسكّان الأرض إنذارا مسبقا لبضع سنوات بأن عليهم أن يفعلوا شيئا لتجنّب كارثة ممكنة.
وتشير التقديرات إلى أن هناك حوالي 1000 كويكب قريب من الأرض، يبلغ قطر الواحد منها أكثر من كيلومتر "أي انه ما يزال يشكّل تهديدا لكوكبنا". ويذهب علماء الفلك إلى أن هناك فرصة 1% لأن يصطدم احدها بالأرض مرّة كلّ ألف عام. لذلك قد لا يكون الوقت قد حان لبناء مأوى ضخم مثل ذلك الذي صُمّم في أربعينات القرن الماضي. لكن ليس من الحكمة أيضا الركون إلى الهدوء وتصوّر أن لا شيء يدعو للقلق وأن كلّ شيء على ما يُرام.
العلماء يحدّدون شدّة حرارة الشمس من خلال قياس ضوئها بطريقتين مختلفتين: الأولى هي أن ننظر إلى لون الشمس، والثانية هي أن نجزّيء ضوءها نسبة إلى طيفها اللونيّ.
الشمس الآن هي في منتصف عمرها الذي يُقدّر بـ 10 بلايين سنة. وفي غضون بضعة بلايين أخرى من السنين، ستبدأ الأجزاء الخارجية من الشمس بالانتفاخ، ما يجعل الأرض أكثر سخونة. وفي نهاية المطاف ستغلي المحيطات والبحار والأنهار وتتبخّر مياهها، ما يجعل بقاء البشر على قيد الحياة احتمالا مستحيلا. في ذلك الوقت، ربّما يكون البشر قد تمكّنوا من صنع صواريخ قادرة على حملهم إلى أماكن أبعد داخل النظام الشمسي، أو حتى إلى أماكن أخرى بالقرب منه.
وبعد حوالي 5 بلايين سنة، ستتضخّم الشمس للغاية بحيث تصبح "عملاقا أحمر"، بينما يتمدّد سطحها إلى ما وراء مدار عطارد اليوم. وبحلول ذلك الوقت، ستتفحّم الأرض، ولن يكون أحد موجودا وقتها ليرى الشمس وهي تتخلّى عن طبقاتها الخارجية. صحيح أن هذا الحدث مرعب، لكنّه يوفّر منظرا فلكيّا جميلا. إذ ستنتفخ الطبقات الخارجية للشمس وتتطاير بعيدا في الفضاء لتشكّل سديما ملوّنا مثل سديم الحلَقة المشهور. كما لن يكون احد موجودا على الأرض عندما ينكمش ما تبقّى من نواة الشمس لتصبح قزما ابيض شديد الحرارة جدّا.
وقد يدهشك أن تعرف أن بعض أجزاء الشمس هي الآن أكثر سخونة بكثير من 6000 درجة مئوية. مركز الشمس نفسه تبلغ حرارته حوالي 15 مليون درجة. والطبقة الخارجية للشمس، أي الهالة الشمسية "أو الإكليل" التي نراها في الكسوف الكلّي، تبلغ حرارتها حوالي مليوني درجة مئوية "أي 4 ملايين درجة فهرنهايت". ولكن تلك الحرارة العالية لا تبيّن لنا سوى أن الجسيمات "أي الإلكترونات والبروتونات وغيرها" في الهالة تدور بسرعة كبيرة جدّا. لكن لحسن الحظ، ليس هناك ما يكفي من تلك الجسيمات لتمسك بكمّية خطيرة من الطاقة.
مصدر الخطر الثالث على الأرض هو السوبرنوفا أو النجوم المتفجّرة. صحيح أن شمسنا قد تتسبّب في "شوي" كوكبنا خلال بضع بلايين من السنين. ولكن هناك بعض النجوم الأخرى التي يمكن أن تنفجر، أو تتفجّر إلى الداخل على وجه الدقّة، في أيّ يوم. المعروف انه في نواة أيّ نجم، يحوّل الانصهار الهيدروجين إلى هيليوم والقليل من الهيليوم إلى كربون. يبدو الأمر مؤذيا بما فيه الكفاية، أليس كذلك؟
لكن في نجم أكثر ضخامة، أي أكثر من كتلة الشمس بخمسة أضعاف أو أكثر، فإن داخل النجم يصبح حارّا جدّا لدرجة أن الكربون في النواة ينصهر ليتحوّل إلى عناصر أثقل كالأكسجين والمغنيسيوم. وتَشكُّل هذه العناصر الأثقل يولّد قدرا كبيرا من الطاقة. وفي نهاية المطاف تتحوّل العناصر إلى حديد، عندما تنفتح كلّ أبواب الجحيم. وعندما يستمرّ الاندماج في نواة النجم، فإن الحديد يأخذ طاقة بدلا من أن يعطيها. لذا عندما يتراكم الحديد في النواة، يتمّ امتصاص الطاقة من مركز النجم، ما يؤدّي إلى انهيار النجم إلى الداخل. وفي غضون ثوان، فإن الطبقات الخارجية تسقط إلى الداخل من ملايين الأميال ويصبح النجم سوبرنوفا أو نجما متفجّرا أو "مستعراً أعظم" كما يُسمّى بالعربية.
علماء الفلك يعتقدون أن سوبرنوفا أو مستعراً أعظم يتفجّر في مجرّتنا كلّ 100 سنة أو قريبا من ذلك. ولكن لم نرَ أيّ شيء مثل هذا منذ أن رأى الفلكيّون الأوائل مثل تايكو برايي (عام 1572) ويوهانز كيبلر (في 1604) مثل هذا وكتبوا عنه. السبب قد يكون أن معظم النجوم المتفجّرة يُعتقد أنها تكون على الجانب الآخر من المجرّة، وهي مخبّأة عنّا بسبب الغبار في مركز مجرّتنا. وأقرب سوبرنوفا نعرفه اليوم تشكّل مؤخّرا في سحابة ماجلان ، وهي واحدة من المجرّات التابعة لدرب التبّانة، كما أنها اقرب إلينا على الأرض من بعض أجزاء مجرّتنا. وقد انفجرت السوبرنوفا في عام 1987 ووصلت إلى درجة سطوع يكفي لأن يُرى بالعين المجرّدة.
لقد ظللنا حتى الآن بمأمن من هذه النجوم المتفجّرة بعيدا. ولكن تفجّر أيّ منها بالقرب من منطقتنا على المجرّة يمكن أن يمسحنا عن الخارطة تماما بالأشعّة السينية وبأشعّة غاما وجزيئات أخرى. ومثل هذا الاحتمال واقعيّ جدّا. وكان بعض العلماء قد صوّبوا تلسكوباتهم على جرم محدّد بدا كما لو انه نجم كبير. وعلى مدى السنوات المائة الماضية، أو نحو ذلك، سطع النجم وتغيّر إلى حدّ كبير. ربّما كان سوبرنوفا على وشك الانفجار. أو قد يكون نجما انفجر بالفعل. وربّما يكون الإشعاع الصادر عنه في طريقه إلينا الآن ويُنتظر وصوله في أيّ يوم!
مصدر الخطر الرابع على الأرض هو تسارع الكون.
الفلكيّ ادوين هابل اكتشف في عشرينات القرن الماضي أن الكون يتوسّع باستمرار. وفي ذلك الوقت، قاس هابل التغيّرات في السماء من خلال جلوسه في العراء والبرد كلّ ليلة وباستخدام تلسكوبه الضخم. ولاحظ أن الطيف الضوئي في السماء أظهر جميع أنماط الألوان وكذلك تحوّلاتها. كما لاحظ من خلال الصور التي التقطها أن المجرّات الأبعد تتغيّر أطيافها أكثر. وفي قفزة عبقرية، استنتج هابل أن الكون آخذ في التوسّع بشكل مستمرّ.
وفي السنوات القليلة الماضية، أي بعد أن أصبحت التلسكوبات أضخم وأكثر قوّة، تمّ اكتشاف ظاهرة ذات صلة وفاجأت الجميع. فقد تبيّن أن معظم المجرّات الأكثر بعدا كانت تتراجع إلى الخلف بوتيرة أسرع، ما جعلها تبدو أكثر خفوتا ممّا كان متوقّعا. وهذه هي الظاهرة التي أصبحت تُسمّى الآن بالكون المتسارع.
ويبدو أن هذه النظرية تقول لنا إن مستقبل الكون سيكون باردا ومظلما. وكان بعض العلماء يظنّون أن الكون سيوقف تمدّده في نهاية المطاف ويبدأ في الانكماش. لكن يبدو الآن كما لو أن الكون سيتمدّد إلى الأبد وستبتعد المجرّات وتتباعد عن بعضها البعض وتختفي عن الأنظار. وفي نهاية المطاف، فإن نجوما ستموت وتصل إلى مراحلها النهائية كأقزام بيضاء أو نجوم نيوترونية أو ثقوب سوداء.
وبعد 50 بليون سنة أو نحو ذلك، سيكون الكون مجرّد بقايا ميّتة لجلال وعظمة الكون كما نعرفه اليوم. ومن المثير للاهتمام أن نعرف أن كلّ التاريخ المدوّن، أي حوالي 5000 سنة، يمثّل فقط واحدا من عشرة في المليون من ذلك الرقم، أي من الـ 50 بليون سنة. ويتطلّب الوصول إلى تلك المرحلة البعيدة من عمر الكون تريليون دورة حياة، طول الدورة الواحدة 50 عاما. لذلك علينا في النهاية أن لا نقلق كثيرا.
- مترجم بتصرّف عن مقال لـ جي باساتشوف، أستاذ علم الفلك في وليامز كوليج.
Source
mentalfloss.com
وقد يدهشك أن تعرف أن بعض أجزاء الشمس هي الآن أكثر سخونة بكثير من 6000 درجة مئوية. مركز الشمس نفسه تبلغ حرارته حوالي 15 مليون درجة. والطبقة الخارجية للشمس، أي الهالة الشمسية "أو الإكليل" التي نراها في الكسوف الكلّي، تبلغ حرارتها حوالي مليوني درجة مئوية "أي 4 ملايين درجة فهرنهايت". ولكن تلك الحرارة العالية لا تبيّن لنا سوى أن الجسيمات "أي الإلكترونات والبروتونات وغيرها" في الهالة تدور بسرعة كبيرة جدّا. لكن لحسن الحظ، ليس هناك ما يكفي من تلك الجسيمات لتمسك بكمّية خطيرة من الطاقة.
لكن في نجم أكثر ضخامة، أي أكثر من كتلة الشمس بخمسة أضعاف أو أكثر، فإن داخل النجم يصبح حارّا جدّا لدرجة أن الكربون في النواة ينصهر ليتحوّل إلى عناصر أثقل كالأكسجين والمغنيسيوم. وتَشكُّل هذه العناصر الأثقل يولّد قدرا كبيرا من الطاقة. وفي نهاية المطاف تتحوّل العناصر إلى حديد، عندما تنفتح كلّ أبواب الجحيم. وعندما يستمرّ الاندماج في نواة النجم، فإن الحديد يأخذ طاقة بدلا من أن يعطيها. لذا عندما يتراكم الحديد في النواة، يتمّ امتصاص الطاقة من مركز النجم، ما يؤدّي إلى انهيار النجم إلى الداخل. وفي غضون ثوان، فإن الطبقات الخارجية تسقط إلى الداخل من ملايين الأميال ويصبح النجم سوبرنوفا أو نجما متفجّرا أو "مستعراً أعظم" كما يُسمّى بالعربية.
علماء الفلك يعتقدون أن سوبرنوفا أو مستعراً أعظم يتفجّر في مجرّتنا كلّ 100 سنة أو قريبا من ذلك. ولكن لم نرَ أيّ شيء مثل هذا منذ أن رأى الفلكيّون الأوائل مثل تايكو برايي (عام 1572) ويوهانز كيبلر (في 1604) مثل هذا وكتبوا عنه. السبب قد يكون أن معظم النجوم المتفجّرة يُعتقد أنها تكون على الجانب الآخر من المجرّة، وهي مخبّأة عنّا بسبب الغبار في مركز مجرّتنا. وأقرب سوبرنوفا نعرفه اليوم تشكّل مؤخّرا في سحابة ماجلان ، وهي واحدة من المجرّات التابعة لدرب التبّانة، كما أنها اقرب إلينا على الأرض من بعض أجزاء مجرّتنا. وقد انفجرت السوبرنوفا في عام 1987 ووصلت إلى درجة سطوع يكفي لأن يُرى بالعين المجرّدة.
لقد ظللنا حتى الآن بمأمن من هذه النجوم المتفجّرة بعيدا. ولكن تفجّر أيّ منها بالقرب من منطقتنا على المجرّة يمكن أن يمسحنا عن الخارطة تماما بالأشعّة السينية وبأشعّة غاما وجزيئات أخرى. ومثل هذا الاحتمال واقعيّ جدّا. وكان بعض العلماء قد صوّبوا تلسكوباتهم على جرم محدّد بدا كما لو انه نجم كبير. وعلى مدى السنوات المائة الماضية، أو نحو ذلك، سطع النجم وتغيّر إلى حدّ كبير. ربّما كان سوبرنوفا على وشك الانفجار. أو قد يكون نجما انفجر بالفعل. وربّما يكون الإشعاع الصادر عنه في طريقه إلينا الآن ويُنتظر وصوله في أيّ يوم!
وفي السنوات القليلة الماضية، أي بعد أن أصبحت التلسكوبات أضخم وأكثر قوّة، تمّ اكتشاف ظاهرة ذات صلة وفاجأت الجميع. فقد تبيّن أن معظم المجرّات الأكثر بعدا كانت تتراجع إلى الخلف بوتيرة أسرع، ما جعلها تبدو أكثر خفوتا ممّا كان متوقّعا. وهذه هي الظاهرة التي أصبحت تُسمّى الآن بالكون المتسارع.
ويبدو أن هذه النظرية تقول لنا إن مستقبل الكون سيكون باردا ومظلما. وكان بعض العلماء يظنّون أن الكون سيوقف تمدّده في نهاية المطاف ويبدأ في الانكماش. لكن يبدو الآن كما لو أن الكون سيتمدّد إلى الأبد وستبتعد المجرّات وتتباعد عن بعضها البعض وتختفي عن الأنظار. وفي نهاية المطاف، فإن نجوما ستموت وتصل إلى مراحلها النهائية كأقزام بيضاء أو نجوم نيوترونية أو ثقوب سوداء.
وبعد 50 بليون سنة أو نحو ذلك، سيكون الكون مجرّد بقايا ميّتة لجلال وعظمة الكون كما نعرفه اليوم. ومن المثير للاهتمام أن نعرف أن كلّ التاريخ المدوّن، أي حوالي 5000 سنة، يمثّل فقط واحدا من عشرة في المليون من ذلك الرقم، أي من الـ 50 بليون سنة. ويتطلّب الوصول إلى تلك المرحلة البعيدة من عمر الكون تريليون دورة حياة، طول الدورة الواحدة 50 عاما. لذلك علينا في النهاية أن لا نقلق كثيرا.
- مترجم بتصرّف عن مقال لـ جي باساتشوف، أستاذ علم الفلك في وليامز كوليج.
Source
mentalfloss.com