أحيانا قد تنظر إلى لوحة أو صورة ما فيساورك إحساس بأنها تحكي عن قصّة أو أنها يمكن أن توفّر أساسا لكتابة قصّة أو رواية. والصورة، أيّة صورة، حتى إن كانت ساكنة ظاهريا، ليست في النهاية سوى تعبير عن حركة وسيرورة الزمن.
والمعنى أو الطابع السردي الذي نضفيه على صورة ما ليس سوى انعكاس لمخيّلتنا. كما أن الفنّ في نهاية الأمر ليس سوى رمز أو استعادة لشيء ما اكبر.
وفي السنوات الأخيرة، راجت ظاهرة الروايات الأدبية التي تعتمد على أعمال تشكيلية. وأقرب مثال على ذلك يرد إلى الذهن هو رواية الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للكاتبة تريسي شيفالييه. هذه الرواية تعتمد على لوحة بنفس الاسم للرسّام الهولنديّ يوهانس فيرمير.
وكانت شيفالييه قد رأت اللوحة لأوّل مرّة في نيويورك وكان عمرها آنذاك لا يتجاوز التاسعة عشرة. وقد فُتنت بملامح الفتاة في اللوحة وبابتسامتها الغامضة. ثم اشترت نسخة من اللوحة وعلّقتها في بيتها، قبل أن تبدأ في كتابة روايتها. وقد حقّقت الرواية نجاحا كبيرا ثم تحوّلت إلى فيلم سينمائي حقّق هو الآخر نجاحا واسعا.
وبالتأكيد عندما تنظر إلى لوحة فيرمير هذه لا بدّ وأن تحبّها. والحقيقة أن الملمح السردي، أي قابلية اللوحة لأن تتحوّل إلى قصّة أو رواية، لا يقتصر على هذه اللوحة فحسب، بل يمكن ملاحظته بوضوح في العديد من اللوحات الهولندية الأخرى التي تعود إلى القرن السابع عشر، أي إلى العصر الذهبي للرسم الهولندي.
الكثير من اللوحات الهولندية من ذلك العصر، أي عصر رمبراندت وفيرمير ودي هوك وهولس وفان اوستيد، توفّر لحظات سلام وتستحضر تأمّلا وجدانيّا وروحيّا. ولا يمكن للإنسان إلا أن يُعجَب بها لجمالها وإلهامها وأصالتها وأسلوبها وألوانها والبراعة التي نُفّذت بها.
أنظر مثلا إلى هذه اللوحة أو هذه . كلّ من هاتين اللوحتين يمكن أن تنبني عليها قصّة أو رواية متخيّلة.
وكلّ أولئك الرسّامين كانوا من العباقرة. لكن فيرمير، على وجه الخصوص، ظلّ لغزا عصيّا على الفهم. وما كُتب عنه وعن حياته قليل. لكن مناظره، بنسائها المثيرات وأماكنها المتقشّفة وما تستدعيه من هدوء وسكينة، تسمح ببعض الشروحات عن سياقاتها الاجتماعية والتاريخية.
والنقّاد والروائيون ما يزالون إلى اليوم يبحثون عن قصص ورموز ورسائل خفيّة قد تكون اُودعَت في تلك الصور التي رسمها فيرمير والتي تشبه الأفلام الصامتة أو اللحظات الدرامية في الحياة. وفي هذه الأيّام ترك فيرمير بصمته على كلّ شيء ووجدت لوحاته تعبيرا لها في كلّ اتجاه تقريبا، من الأوبرا إلى الطوابع البريدية والموسيقى والإعلانات.
اللوحات الروسية هي الأخرى غنيّة بالخصائص السردية. تأمّل مثلا هذه اللوحة لايليا ريبين أو هذه لفالانتين سيروف. كلّ من هاتين اللوحتين تصلح موضوعا لقصّة أو رواية. ولوحتي المفضّلة من هذا النوع من الرسم السردي أو الذي يمكن تكييفه وتحويله إلى عمل أدبيّ هي هذه . أمّا الأسباب فقد أتحدّث عنها في ما بعد.
بالإضافة إلى رواية تريسي شيفالييه المعتمدة على لوحة فيرمير، ألّف دان براون رواية بعنوان شيفرة دافنشي تبدأ أحداثها بمشهد العثور على شخص مقتول داخل متحف اللوفر بينما يشير وضع الجثة إلى لوحة إنسان فيتروفيوس لليوناردو دافنشي.
كما كتبت جين كالوغريديس رواية بعنوان موناليزا تجري أحداثها في فلورنسا القرن الخامس عشر وتحكي عن حياة المرأة التي تظهر في اللوحة المشهورة وعن مشاكلها وخيباتها العاطفية.
وكتبت اليزابيث هيكي رواية بعنوان القبلة المرسومة تحكي من خلالها قصّة الحبّ التي ربطت الرسّام النمساوي غوستاف كليمت بالعارضة ايميلي فلوغي التي ستصبح في ما بعد موديله المفضّلة والتي ستظهر في لوحته المشهورة القبلة.
سوزان فريلاند الّفت، هي الأخرى، رواية بعنوان فتاة بفستان ازرق نيلي . الكاتبة تنطلق في روايتها من حقيقة معروفة وهي أن فيرمير لم يترك وراءه سوى 35 لوحة فقط. غير أنها تفترض وجود لوحة مفقودة للرسّام، ثم تبدأ بتعقّب اللوحة المزعومة أثناء انتقالها من مالك لآخر.
وللحديث بقيّة غدا..
والمعنى أو الطابع السردي الذي نضفيه على صورة ما ليس سوى انعكاس لمخيّلتنا. كما أن الفنّ في نهاية الأمر ليس سوى رمز أو استعادة لشيء ما اكبر.
وفي السنوات الأخيرة، راجت ظاهرة الروايات الأدبية التي تعتمد على أعمال تشكيلية. وأقرب مثال على ذلك يرد إلى الذهن هو رواية الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للكاتبة تريسي شيفالييه. هذه الرواية تعتمد على لوحة بنفس الاسم للرسّام الهولنديّ يوهانس فيرمير.
وكانت شيفالييه قد رأت اللوحة لأوّل مرّة في نيويورك وكان عمرها آنذاك لا يتجاوز التاسعة عشرة. وقد فُتنت بملامح الفتاة في اللوحة وبابتسامتها الغامضة. ثم اشترت نسخة من اللوحة وعلّقتها في بيتها، قبل أن تبدأ في كتابة روايتها. وقد حقّقت الرواية نجاحا كبيرا ثم تحوّلت إلى فيلم سينمائي حقّق هو الآخر نجاحا واسعا.
وبالتأكيد عندما تنظر إلى لوحة فيرمير هذه لا بدّ وأن تحبّها. والحقيقة أن الملمح السردي، أي قابلية اللوحة لأن تتحوّل إلى قصّة أو رواية، لا يقتصر على هذه اللوحة فحسب، بل يمكن ملاحظته بوضوح في العديد من اللوحات الهولندية الأخرى التي تعود إلى القرن السابع عشر، أي إلى العصر الذهبي للرسم الهولندي.
الكثير من اللوحات الهولندية من ذلك العصر، أي عصر رمبراندت وفيرمير ودي هوك وهولس وفان اوستيد، توفّر لحظات سلام وتستحضر تأمّلا وجدانيّا وروحيّا. ولا يمكن للإنسان إلا أن يُعجَب بها لجمالها وإلهامها وأصالتها وأسلوبها وألوانها والبراعة التي نُفّذت بها.
أنظر مثلا إلى هذه اللوحة أو هذه . كلّ من هاتين اللوحتين يمكن أن تنبني عليها قصّة أو رواية متخيّلة.
وكلّ أولئك الرسّامين كانوا من العباقرة. لكن فيرمير، على وجه الخصوص، ظلّ لغزا عصيّا على الفهم. وما كُتب عنه وعن حياته قليل. لكن مناظره، بنسائها المثيرات وأماكنها المتقشّفة وما تستدعيه من هدوء وسكينة، تسمح ببعض الشروحات عن سياقاتها الاجتماعية والتاريخية.
والنقّاد والروائيون ما يزالون إلى اليوم يبحثون عن قصص ورموز ورسائل خفيّة قد تكون اُودعَت في تلك الصور التي رسمها فيرمير والتي تشبه الأفلام الصامتة أو اللحظات الدرامية في الحياة. وفي هذه الأيّام ترك فيرمير بصمته على كلّ شيء ووجدت لوحاته تعبيرا لها في كلّ اتجاه تقريبا، من الأوبرا إلى الطوابع البريدية والموسيقى والإعلانات.
اللوحات الروسية هي الأخرى غنيّة بالخصائص السردية. تأمّل مثلا هذه اللوحة لايليا ريبين أو هذه لفالانتين سيروف. كلّ من هاتين اللوحتين تصلح موضوعا لقصّة أو رواية. ولوحتي المفضّلة من هذا النوع من الرسم السردي أو الذي يمكن تكييفه وتحويله إلى عمل أدبيّ هي هذه . أمّا الأسباب فقد أتحدّث عنها في ما بعد.
بالإضافة إلى رواية تريسي شيفالييه المعتمدة على لوحة فيرمير، ألّف دان براون رواية بعنوان شيفرة دافنشي تبدأ أحداثها بمشهد العثور على شخص مقتول داخل متحف اللوفر بينما يشير وضع الجثة إلى لوحة إنسان فيتروفيوس لليوناردو دافنشي.
كما كتبت جين كالوغريديس رواية بعنوان موناليزا تجري أحداثها في فلورنسا القرن الخامس عشر وتحكي عن حياة المرأة التي تظهر في اللوحة المشهورة وعن مشاكلها وخيباتها العاطفية.
وكتبت اليزابيث هيكي رواية بعنوان القبلة المرسومة تحكي من خلالها قصّة الحبّ التي ربطت الرسّام النمساوي غوستاف كليمت بالعارضة ايميلي فلوغي التي ستصبح في ما بعد موديله المفضّلة والتي ستظهر في لوحته المشهورة القبلة.
سوزان فريلاند الّفت، هي الأخرى، رواية بعنوان فتاة بفستان ازرق نيلي . الكاتبة تنطلق في روايتها من حقيقة معروفة وهي أن فيرمير لم يترك وراءه سوى 35 لوحة فقط. غير أنها تفترض وجود لوحة مفقودة للرسّام، ثم تبدأ بتعقّب اللوحة المزعومة أثناء انتقالها من مالك لآخر.
وللحديث بقيّة غدا..