تأثّر الفنّان الأمريكي فريدريك بريدجمان كثيرا بثقافات وطبيعة الجزائر التي زارها بشكل متكرّر في أواخر القرن التاسع عشر. وغالبا ما تعكس أعماله رؤية رومانسية لطبيعة شمال إفريقيا، بالتقاطها التفاعل الفريد بين الضوء والظلّ الذي يميّز المنطقة.
وقد اتّسمت الفترة التي قضاها بريدجمان في الجزائر بتحوّلات تاريخية وثقافية كبيرة. إذ كانت البلاد واقعة تحت الحكم الفرنسي منذ عام 1830، مع ما نتج عن ذلك من تغييرات ديموغرافية واجتماعية وسياسية كبيرة. وقد سّافر الرسّام على نطاق واسع في الجزائر وتوفّرت له تجارب مباشرة أثّرت على فنّه. وغالبا ما تصوّر لوحاته الحياة المحلية والهندسة المعمارية والبيئة الطبيعية وما الى ذلك.
كان وقت بريدجمان في الجزائر مزيجا من الاستكشاف الفنّي والتفاعل الثقافي وتأثيرات الاستعمار. وهو نفسه كان جزءا من الحركة الاستشراقية الأوسع، حيث صوّر الفنّانون الغربيون موضوعات ترتبط بثقافات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
أعمال بريدجمان الجزائرية ساعدت في ترسيخ مكانته كشخصية بارزة في الفنّ الأمريكي وكمفسّر مهم لبيئات شمال أفريقيا في الفنّ الغربي. وبشكل عام، أثّرت تجربته في الجزائر على ممارسته الفنيّة وشكّلت حياته المهنية، ما سمح له بإنشاء أعمال ثريّة بصريّا وذات صدى ثقافي واضح.
وقد ألّف بريدجمان كتابا لخّص فيه بعض جوانب تجربته في الجزائر وتناول بعض مشاهداته وانطباعاته أثناء زياراته لذلك البلد. هنا فقرات مترجمة من الكتاب..
مهما كان شكل البيت العربي، لابدّ أن يتضمّن فناءً مربّعا، وفي بعض الأحيان يكون هناك نافورة في الوسط وأعمدة تحيط بالفناء وتدعم الأعمدة الأصغر، عمود واحد في كلّ زاوية وبينها درابزين مزخرف. الطابق العلوي على شكل أقواس حدوة الحصان، ويتكرّر نفس العدد من الأعمدة والأقواس لدعم السقف، ثم تُبنى الغرف بكلّ الأشكال التي يمكن تصوّرها لتناسب راحة المالك وتضمن الاستفادة القصوى من كلّ شبر من الأرض.
عندما استأجرنا غرفنا في الفندق، لفت انتباهنا مجموعة من العرب في ساحة الأسلحة الواسعة المفتوحة والمزروعة بالأشجار والتي تقع قبالة نوافذنا. وأمام محلّ الجِزارة العربي، بجوار مقهى، كان قد سُلخ أسدان قُتلا مؤخّرا في الجوار ونُظّف وقُشّر جلداهما اللذان كانا ما يزالان ساخنين. ومن المؤسف أن جثّتيهما قُطّعتا، وإلا لكانت فرصة نادرة لدراسة علم تشريحيهما. ومنذ الاحتلال الفرنسي للجزائر، اختفت الأسود وغيرها من الوحوش الشرسة تقريبا. ولا تزال المنطقة محاطة بالغابات والتلال حيث يمكن رؤية معظم الأسود وصيدها.
يشكّل بنو مْزَاب، أو المْزابيون، مجموعة إثنية منفصلة تقيم شمال الصحراء الكبرى بولاية غرداية. وهم أمازيغ من عشيرة زناتة ومسلمون على المذهب الإباضي. وتواجدهم في تلك المنطقة يعود إلى العصر الحجري. والمزابيون من صنّاع المال ويمارسون التجارة على نطاق واسع في جميع أنحاء المستعمرة. والعرب الآخرون ينفرون منهم بقدر ما ينفرون من اليهود بسبب ادّخارهم واجتهادهم. وهم يرتدون زيّا مختلفا، عبارة عن ثوب واحد يسمى القندورة، وهو مربّع الشكل بلا أكمام ويصل إلى الركبتين، مع فتحتين كبيرتين للذراعين وفتحة واحدة للرأس.
وطموح المزابي هو أن يصبح ثريّاً وأن يعود إلى موطنه الأصلي الذي يقع على بعد أكثر من مائة ميل ويمثّل في حد ذاته نهاية كلّ شيء. ويتطلّب الوصول اليه رحلة شاقّة تستغرق أربعة أو خمسة أيّام في الصحراء. والبلد الذي يتوق المزابي إلى الوصول إليه ويأمل أن ينهي أيّامه فيه هو واحد من أغرب المناطق على وجه الأرض. فهو أكثر بقاع الصحراء جفافاً واحتراقاً، وتحيط به واحة تشبه شبكة هائلة من الصخور وقشور الكهوف السوداء. ويبدو المكان بعيداً للغاية وطموح المزابيين غير مبرّر إلى الحدّ الذي يجعل المرء يتذكّر حكايات ألف ليلة وليلة.
وقد اتّسمت الفترة التي قضاها بريدجمان في الجزائر بتحوّلات تاريخية وثقافية كبيرة. إذ كانت البلاد واقعة تحت الحكم الفرنسي منذ عام 1830، مع ما نتج عن ذلك من تغييرات ديموغرافية واجتماعية وسياسية كبيرة. وقد سّافر الرسّام على نطاق واسع في الجزائر وتوفّرت له تجارب مباشرة أثّرت على فنّه. وغالبا ما تصوّر لوحاته الحياة المحلية والهندسة المعمارية والبيئة الطبيعية وما الى ذلك.
كان وقت بريدجمان في الجزائر مزيجا من الاستكشاف الفنّي والتفاعل الثقافي وتأثيرات الاستعمار. وهو نفسه كان جزءا من الحركة الاستشراقية الأوسع، حيث صوّر الفنّانون الغربيون موضوعات ترتبط بثقافات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
أعمال بريدجمان الجزائرية ساعدت في ترسيخ مكانته كشخصية بارزة في الفنّ الأمريكي وكمفسّر مهم لبيئات شمال أفريقيا في الفنّ الغربي. وبشكل عام، أثّرت تجربته في الجزائر على ممارسته الفنيّة وشكّلت حياته المهنية، ما سمح له بإنشاء أعمال ثريّة بصريّا وذات صدى ثقافي واضح.
وقد ألّف بريدجمان كتابا لخّص فيه بعض جوانب تجربته في الجزائر وتناول بعض مشاهداته وانطباعاته أثناء زياراته لذلك البلد. هنا فقرات مترجمة من الكتاب..
والفوضى في غرف المعيشة لا يمكن وصفها. والتعويض عن هذا العنصر المثير للتعاطف هو استقبال الغرباء بأدب والسماح للفنّانين برسم اسكتشات في أيّ جزء من مساكنهم والتي تختلف قليلاً عن البيوت العربية. وقد جرت العادة أن تُترك الأبواب مفتوحة على مصاريعها وأن تعيش عدّة عائلات في غرف مختلفة تطلّ على الفناء.
Credits
frederickarthurbridgman.org
archive.org
frederickarthurbridgman.org
archive.org