الخميس، ديسمبر 14، 2023

محطّات


  • "غاتسبي العظيم" هي رواية سكوت فيتزجيرالد المشهورة والمنشورة عام 1925. وأحداث الرواية تتمحور حول حياة المليونير الغامض جاي غاتسبي وسعيه لتحقيق ما يُسمّى بالحلم الأمريكي.
    بشكل عام، تقدّم الرواية نقدا لاذعا للحلم الأمريكي والانحلال الأخلاقي للمجتمع والطبيعة الموقّتة للسعادة. وتثير الرواية تساؤلات حول قيم وتطلّعات المجتمع الأمريكي في عشرينيات القرن الماضي. ولا يزال يتردّد صدى هذه الرواية كقصّة تحذيرية من مخاطر الماديّة والسعي وراء الأوهام.
    لم أقرأ الرواية، لكن شاهدت الفيلم الرائع المستوحى من أجوائها. وفيتزجيرالد يحاول من خلال كتابه معالجة مواضيع مختلفة ونقل العديد من الرسائل.
    ومن أهمّها أن الحلم الأمريكي ذو طبيعة مراوغة، كما أنه هدف ضحل وبعيد المنال ومبنيّ على المادّية والثروة والبحث عن المتعة. وسعي البطل غاتسبي الدؤوب لتحقيق الثروة والمكانة الاجتماعية يؤدّي في النهاية إلى سقوطه.
    أيضا تتعمّق الرواية في موضوع الفساد والانحلال الأخلاقي الذي كثيرا ما يصاحب محاولات تحقيق الحلم الأمريكي. فالشخصيات تنخرط في خيانة الأمانة والخداع والسلوك غير الأخلاقي في سعيها للحصول على الثروة والمكانة الاجتماعية.
    كما تستكشف الرواية موضوع الوهم وقوّة الإدراك، إذ تقوم الشخصيات بإنشاء واجهات وأقنعة متقنة لإخفاء ذواتهم الحقيقية. وتتناول الرواية الفراغ المتأصّل في هذه الأوهام والعواقب المدمّرة للعيش في عالم من المظاهر الزائفة والخادعة.
    تصوير فيتزجيرالد للشخصيات والأحداث في الرواية يعكس خيبة الأمل الناتجة عن تراجع الحلم الأمريكي في العشرينيات. وهو يصوّر التجاوزات والانحطاط الأخلاقي والسطحية على أنها أعراض لمجتمع ينهار. والرواية تنقد قيم وتطلّعات ذلك العصر وتشير إلى أن السعي وراء الثروة المادّية يمكن أن يؤدّي إلى الإفلاس الروحي والأخلاقي.
    رواية غاتسبي العظيم تستكشف أيضا موضوع الحنين والشوق إلى الماضي "المثالي". وافتتان غاتسبي بالبطلة ديزي بيوكانان تغذّيه رغبته في استعادة الذكريات الرومانسية لعلاقتهما السابقة. والرواية تؤكّد على استحالة إعادة خلق الماضي وعلى النتائج المدمّرة للتشبّث بنسخة مثالية منه.
    حبّ غاتسبي لديزي حبّ مهووس واستهلاكي للغاية، ما يدفعه إلى بذل جهود غير عاديّة لاستعادتها. والرواية تتناول الخطوط غير الواضحة بين الحبّ الحقيقي وهوس التملّك، فضلاً عن العواقب الوخيمة للحبّ بلا مقابل.
    كما يتناول فيتزجيرالد موضوع الطبقات الاجتماعية وعدم المساواة المتجذّرة في المجتمع الأمريكي. والشخصيات في الرواية مصنّفة بحسب حالتهم الاجتماعية التي تكشف عن الاختلافات الصارخة بين النخبة الثريّة والطبقة العاملة.
    الشخصيات، وخاصّة غاتسبي، تكون مدفوعة في البداية بأحلام وتطلّعات مثالية. ومع ذلك، ومع تطوّر الاحداث، تتحطّم أحلامهم ويواجهون الحقائق القاسية لظروفهم. وتتأمّل الرواية فقدان البراءة وتفكّك الرؤى المثالية في مواجهة عالم معيب وفاسد.
    أيضا تستكشف الرواية موضوع الإدراك وتأثير الحكم الاجتماعي على الأفراد. فغالبا ما يُحكم على شخصيات الكتاب بناءً على المظهر والحالة الاجتماعية، ما يقود إلى افتراضات ومفاهيم خاطئة. وتثير الرواية تساؤلات حول سطحية أحكام المجتمع والطرق التي يمكن للتصوّرات السريعة تشكيل وتحديد حياة الأفراد.
    الرواية تنتقد أيضا أسلوب حياة المتعة، حيث تنغمس الشخصيات في الحفلات الباهظة والكحول وغيرها من أشكال الهروب لملء الفراغ في حياتهم. ومع ذلك، فإن هذا الانهماك يجعلهم يشعرون في النهاية بالفراغ وعدم الرضا عن الذات. والكاتب يرى أن السعادة الحقيقية والإشباع لا يمكن العثور عليهما في الملذّات المادّية الزائدة والسطحية.
    الراوي الذي اختاره فيتزجيرالد كي يسرد احداث القصّة يقدّم وجهة نظر ذاتيّة وغير موثوقة للأحداث في الكثير من الأحيان. ومن خلال استخدام راوٍ غير موثوق، يثير المؤلّف تساؤلات حول طبيعة الحقيقة والإدراك وتشويه الواقع. والكاتب بهذا يشجّع القارئ على التشكيك في دقّة السرد وتحيّزاته، ما يؤدّي إلى استكشاف أعمق لموضوعات الرواية.
    "غاتسبي العظيم" رواية مقنعة ومثيرة للتفكير وما يزال يُحتفى بها باعتبارها عملا كلاسيكيا من الأدب الأمريكي، حيث تقدّم رؤى عميقة حول الحالة الإنسانية والسعي وراء السعادة والديناميكيات المعقّدة التي يعمل بها المجتمع.


  • الأصفر هو اللون الأقرب إلى الشمس. وهو لون ذو شخصية مبهجة ومحفّزة. ولا غرابة في أن الصينيين كانوا يقدّسونه. وكان هو اللون المفضّل لملوكهم. وأحدهم كان يلقّب بالإمبراطور الأصفر الذي يُعتقَد انه مؤسّس الصين. ويقال أن هذا الإمبراطور ولد ببشرة صفراء أو أنه كان يرتدي ثيابا صفراء كرمز لمكانته الإلهية. ومع مرور الوقت، أصبح اللون الأصفر مرتبطا بالإمبراطور والبلاط. وكان يُعتبر دائما رمزا للقوّة والازدهار والحظّ السعيد.
    وقد ظلّ هذا اللون مميّزا في الصين لآلاف السنين. ويُعتبر لون الأرض ومركز كلّ شيء لأنه يولّد "الين واليانغ"، كما يقول الصينيون. وتفوّق الأصفر على الألوان الأخرى عندما أصبح شعار الإمبراطور، واستُخدم بكثرة في تزيين القصور الملكية والمعابد والمذابح والملوك أنفسهم.
    ومنذ القرن السابع عشر تقرّر أن الإمبراطور وحده هو الذي يمكنه ارتداء اللون الأصفر المحمر لأنه لون الشمس. وكان كونفوشيوس قد قال قبل ذلك بقرنين: لا يمكن أن يكون هناك شمسان في السماء، ولا إمبراطوران على الأرض". وهذا اللون الأصفر المحمر هو ما يشار إليه اليوم بالأصفر الإمبراطوري.
    ومن أجل الحصول على اللون بدقّة، يجب حصد أزهار نبات قفّاز الثعلب الصيني وطحنها وتحويلها الى عجينة ناعمة. ثم يُخلط المعجون بمادّة لاذعة مصنوعة من رماد السنديان والتوت أو أشجار الشيح الشاطئية.
    وكان استخدام اللون الأصفر الإمبراطوري خاضعا للحراسة. وقد صدر قانون في بداية عهد أسرة التانغ عام ١٦١٨م، ينصّ على أنه يُحظر على عامّة الناس والمسؤولين ارتداء الملابس أو الاكسسوارات ذات اللون الأصفر المحمر.
    واستمر تبنّي اللون الأصفر الإمبراطوري حتى عام 1912 عندما سقطت تسيشي آخر إمبراطورة امرأة للصين ومعها حكم أسرة تشينغ خلال ثورة شينهاي. ومنذ ذلك الحين فقد هذا اللون الأيقوني أهميّته.

  • ذات مرّة وصل شخص إلى قرية قادما من قرية أخرى. وكان يتساءل عمّا إذا كان سيحبّ القرية الجديدة. فذهب إلى حكيمها وسأله: هل تعتقد أنني سأحبّ هذه القرية؟ لقد لاحظت أن أناسها لطفاء ويحبّون الغريب. فسأله الحكيم: كيف كان الناس في البلدة التي أتيت منها؟ فقال: كانوا سيّئين وجشعين وغضوبين ويعيشون على الغشّ والسرقة. قال الحكيم: هؤلاء هم بالضبط نوعية الناس الموجودين في هذه القرية.
    وبعد يوم أتى شخص اخر إلى القرية، وزار الحكيم وسأله نفس السؤال الذي سأله صاحبنا الاوّل. فسأله الحكيم: كيف كان الناس في البلدة التي أتيت منها؟ فقال: كانوا لطفاء ويعيشون في وئام ويهتمّون ببعضهم البعض. فقال الحكيم: حسنا، هؤلاء هم بالضبط نوعية الأشخاص الذين يعيشون في هذه القرية.
    والدرس المستفاد هو أن ما تراه في العالم سيراه العالم فيك، إذا كنت ترى فقط الجانب السيّئ والجشِع من البشر، فهذا ما سيرونه فيك. لذا كن طيّبا مع العالم يكن العالم طيّبا معك.

  • Credits
    chinaonlinemuseum.com