كان القدماء ينظرون إلى الضوء كشيء مقدّس. بل إن كثيرا من الثقافات القديمة كانت تنظر إلى الشمس، مصدر الضوء الأساسيّ في الكون، على أنها إله. في مصر الفرعونية مثلا، كان يسود اعتقاد بأن إله الشمس "رع" يسافر عبر السماء على قارب كبير فيصبح الوقت نهارا. وعندما يسافر عبر العالم السفليّ يصير الوقت ليلا.
والحقيقة انه لا توجد عبارة أكثر بلاغة ولا دقّة في وصف الضوء من انه آلة الزمن. فالضوء يأخذنا في رحلة عبر الزمن، ولكن في اتجاه واحد فقط، أي إلى الماضي.
ومن الناحية النظرية، لا شيء يمكنه أن يسافر أسرع من الضوء. أن تسافر بسرعة الضوء معناه أن بإمكانك أن تدور حول الأرض 7 مرّات في ثانية واحدة فقط! والمسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة تُسمّى بالسنة الضوئية، وتقدّر بحوالي 6 تريليونات ميل.
والسنة الضوئية هي مقياس الوقت والمسافة معا. والمسألة ليست صعبة الفهم تماما. بإمكانك أن تفكّر فيها على هذا النحو: الضوء يسافر من القمر، القريب نسبيّا من الأرض، ليصل إلينا في حوالي ثانية واحدة، وهذا يعني أن القمر يبعد عنّا حوالي ثانية ضوئية واحدة. بينما الشمس، الأكثر بعدا، يستغرق ضوئها حوالي 8 دقائق كي يصل إلينا على الأرض، وهذا يعني أن الشمس تبعد عنّا حوالي 8 دقائق ضوئية.
لكن كيف نعرف، مثلا، أن ضوء الشمس يستغرق 8 دقائق ليصل إلى الأرض؟ هناك معادلة معروفة تقول إننا ندور حول الشمس على مسافة حوالي 150 مليون كيلومتر، وأن الضوء يسافر بسرعة 300.000 كيلومتر في الثانية. وبقسمة الرقم الأوّل على الثاني نحصل على 500 ثانية، أي 8 دقائق و30 ثانية.
وهذا طبعا رقم تقريبيّ، إذ يجب أن نتذكّر أن الأرض تتبع مدارا بيضاويّ الشكل حول الشمس يتراوح بين 147 و152 مليون كيلومتر. وعند أقرب نقطة، فإن ضوء الشمس يستغرق 490 ثانية فقط ليصل إلى الأرض. أما عند أبعد نقطة، فإن ضوءها يستغرق 507 ثوانٍ كي يكمل الرحلة.
وعندما تنظر إلى أضواء بعض النجوم في السماء، فأنت إنّما تنظر إلى الوراء عبر الزمن. وأقرب منظومة نجمية إلينا، أي ألفا سنتوري ، يلزمها ما يقرب من 5 سنوات لكي يصل ضوئها إلى هنا، ما يعني أن تلك المنظومة من النجوم تبعد عنّا حوالي 5 سنوات ضوئية.
سيريوس ، أو الشُعرى اليمانية كما تُسمّى بالعربية، هي أسطع نجمة في السماء الليلية ورابع ألمع جرم بعد الشمس والقمر وكوكب الزهرة. وتقع في كوكبة الكلب الأكبر على بعد حوالي 50 تريليون ميل من الأرض. ويستغرق الضوء من هذه النجمة كي يصل إلى الأرض حوالي 8 سنوات ونصف. والآن فكّر ما الذي كنت تفعله قبل 8 سنوات من الآن، أي عندما بدأ الضوء الذي تراه الليلة من تلك النجمة رحلته إلينا.
وغير بعيد عن الشُعرى، يوجد نجم ساطع آخر في السماء يُدعى منكب الجوزاء . وهو بعيد جدّا لدرجة أن ضوءه يستغرق 430 سنة للوصول إلينا. أي أن الضوء الذي نراه هذه الليلة من ذلك النجم غادره في بدايات القرن السادس عشر الميلادي، أي حوالي عام 1500م.
وبعيدا جدّا عن منكب الجوزاء، يقع سديم اوريون أو الجبّار، وهو سحابة متوهّجة من الغاز والغبار ومكان تتشكّل فيه النجوم الوليدة. وهذا السديم يبعد عنّا 1500 سنة ضوئية، ما يعني أن ضوءه الذي نراه في السماء الآن غادره قبل اختراع التلسكوب بأكثر من 1000 عام.
والحقيقة انه لا توجد عبارة أكثر بلاغة ولا دقّة في وصف الضوء من انه آلة الزمن. فالضوء يأخذنا في رحلة عبر الزمن، ولكن في اتجاه واحد فقط، أي إلى الماضي.
ومن الناحية النظرية، لا شيء يمكنه أن يسافر أسرع من الضوء. أن تسافر بسرعة الضوء معناه أن بإمكانك أن تدور حول الأرض 7 مرّات في ثانية واحدة فقط! والمسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة تُسمّى بالسنة الضوئية، وتقدّر بحوالي 6 تريليونات ميل.
والسنة الضوئية هي مقياس الوقت والمسافة معا. والمسألة ليست صعبة الفهم تماما. بإمكانك أن تفكّر فيها على هذا النحو: الضوء يسافر من القمر، القريب نسبيّا من الأرض، ليصل إلينا في حوالي ثانية واحدة، وهذا يعني أن القمر يبعد عنّا حوالي ثانية ضوئية واحدة. بينما الشمس، الأكثر بعدا، يستغرق ضوئها حوالي 8 دقائق كي يصل إلينا على الأرض، وهذا يعني أن الشمس تبعد عنّا حوالي 8 دقائق ضوئية.
لكن كيف نعرف، مثلا، أن ضوء الشمس يستغرق 8 دقائق ليصل إلى الأرض؟ هناك معادلة معروفة تقول إننا ندور حول الشمس على مسافة حوالي 150 مليون كيلومتر، وأن الضوء يسافر بسرعة 300.000 كيلومتر في الثانية. وبقسمة الرقم الأوّل على الثاني نحصل على 500 ثانية، أي 8 دقائق و30 ثانية.
وهذا طبعا رقم تقريبيّ، إذ يجب أن نتذكّر أن الأرض تتبع مدارا بيضاويّ الشكل حول الشمس يتراوح بين 147 و152 مليون كيلومتر. وعند أقرب نقطة، فإن ضوء الشمس يستغرق 490 ثانية فقط ليصل إلى الأرض. أما عند أبعد نقطة، فإن ضوءها يستغرق 507 ثوانٍ كي يكمل الرحلة.
وعندما تنظر إلى أضواء بعض النجوم في السماء، فأنت إنّما تنظر إلى الوراء عبر الزمن. وأقرب منظومة نجمية إلينا، أي ألفا سنتوري ، يلزمها ما يقرب من 5 سنوات لكي يصل ضوئها إلى هنا، ما يعني أن تلك المنظومة من النجوم تبعد عنّا حوالي 5 سنوات ضوئية.
سيريوس ، أو الشُعرى اليمانية كما تُسمّى بالعربية، هي أسطع نجمة في السماء الليلية ورابع ألمع جرم بعد الشمس والقمر وكوكب الزهرة. وتقع في كوكبة الكلب الأكبر على بعد حوالي 50 تريليون ميل من الأرض. ويستغرق الضوء من هذه النجمة كي يصل إلى الأرض حوالي 8 سنوات ونصف. والآن فكّر ما الذي كنت تفعله قبل 8 سنوات من الآن، أي عندما بدأ الضوء الذي تراه الليلة من تلك النجمة رحلته إلينا.
وغير بعيد عن الشُعرى، يوجد نجم ساطع آخر في السماء يُدعى منكب الجوزاء . وهو بعيد جدّا لدرجة أن ضوءه يستغرق 430 سنة للوصول إلينا. أي أن الضوء الذي نراه هذه الليلة من ذلك النجم غادره في بدايات القرن السادس عشر الميلادي، أي حوالي عام 1500م.
وبعيدا جدّا عن منكب الجوزاء، يقع سديم اوريون أو الجبّار، وهو سحابة متوهّجة من الغاز والغبار ومكان تتشكّل فيه النجوم الوليدة. وهذا السديم يبعد عنّا 1500 سنة ضوئية، ما يعني أن ضوءه الذي نراه في السماء الآن غادره قبل اختراع التلسكوب بأكثر من 1000 عام.
وكلّما كان الجرم ابعد في الفضاء، كلّما استغرق الضوء منه وقتا أطول ليصل إلى الأرض. وعندما ننظر أعمق وأعمق في مجرّة درب التبّانة، وهي جزيرة النجوم التي نعيش عليها، فإننا ننظر أعمق إلى الماضي البعيد. والضوء القادم من مناطق بعيدة في مجرّتنا التي يبلغ اتّساعها 100 ألف سنة ضوئية يمكن أن يستغرق عشرات آلاف السنين أو أكثر كي يصل إلينا.
غير أن هناك مجرّات ونجوما تبعد عنّا ملايين السنين الضوئية، ما يعني أن الضوء الذي نراه الآن في السماء غادر تلك النجوم قبل ملايين السنين. وعلى سبيل المثال، فإن المجرّة المسمّاة M109 تقع على بعد حوالي 84 مليون سنة ضوئية، وبالتالي يحتاج ضوئها إلى نفس هذا العدد من السنين كي يصل إلينا.
ولو افترضنا أن هناك مخلوقات غريبة تعيش على هذه المجرّة وأنها تملك تلسكوبات متطوّرة، فإنها ترى الأرض الآن كما كانت تبدو في الماضي السحيق، أي عندما كانت الديناصورات وغيرها من المخلوقات البدائية تمشي على سطح كوكبنا.
إذن الضوء يستغرق وقتا كي يسافر، وعندما ننظر إلى أضواء بعض النجوم في السماء، فإننا إنّما ننظر إلى الماضي عبر خلجان ومحيطات هائلة من الزمن. وعندما يقيس الفلكيّون الضوء الكوني، فإنهم في الواقع إنّما يحدّقون إلى الوراء؛ أي إلى عصر الكون البدائيّ كما كان يبدو بعد الانفجار الكبير الذي وقع قبل أكثر من 13 بليون سنة.
وبناءً عليه، فنحن لا يمكن أن نرى الكون كما هو الآن، بل كما كان في مراحل مختلفة من تطوّره. ولكي نتفاعل مع الأجزاء النائية من الكون، أي أن نراها كما هي عليه الآن، فإن هذا يتطلّب بعض وسائل السفر الغريبة، كالسفر أسرع من الضوء والذي يُعتبر، وفقا لنظرية النسبية الخاصّة لآينشتاين، مستحيلا لأنه يحتاج إلى كمّية لانهائية من الطاقة.
وإحدى الأفكار العلمية الكبرى في علم فلك القرن العشرين كانت اكتشاف أن هناك مجرّات أخرى في الكون تمتدّ بقدر ما يمكن لتلسكوباتنا أن ترى. كما تنتشر بلايين الجزر الأخرى من النجوم عبر محيط مظلم وهائل من الفضاء.
والناس الذين يعيشون في هذا العصر ويتابعون قنوات الأخبار المباشرة والانترنت وتكنولوجيا الرسائل النصّية الفورية قد لا يستوعبون أن احدث المعلومات التي نستطيع أن نحصل عليها من مجرّة مجاورة لمجرّتنا قد يكون عمرها مليوني عام.
لكن بالنسبة لعلماء الفلك، فإن هذا التأخير في وصول الضوء هو واحد من أعظم الهدايا التي يمنحنا إيّاها الكون. وفي النهاية، فإن إحدى المهامّ الأساسية لعلم الفلك هي ملء تاريخ الكون، من الانفجار الكبير إلى اللحظة التي تقرأ فيها هذه السطور.
والعلماء قد لا يستطيعون فهم وإنجاز هذه المهمّة لو أن المعلومات التي يتلقّونها عن الكون مقتصرة على الأحداث الآنية. ومن خلال النظر إلى أجرام أكثر بعدا، فإننا نتعلّم المزيد عن العصور والظواهر الأكثر قدما. والتلسكوبات الكبيرة تسمح لنا اليوم بأن ننظر بلايين السنين في الماضي ونعيد بناء قصّة الكون من دهر إلى دهر.
ولتوضيح هذه الفكرة، حاول أن تتأمّل الصورة الثانية "فوق" والتي التقطها تلسكوب هابل الفضائي منذ بعض الوقت. هذه الصورة هي عبارة عن تعرّض زمني يغطّي عشرة أيّام. وكلّ جسم فيها هو مجرّة بعيدة نراها كما كانت في الماضي، أي إلى ما قبل حوالي 10 بلايين سنة فأقلّ. ومن خلال هذه النوعية من الصور، يمكن للعلماء أن يكشفوا عن تاريخ الكون وأن يحدّدوا عمره.
للحديث بقيّة في الأسبوع القادم.
غير أن هناك مجرّات ونجوما تبعد عنّا ملايين السنين الضوئية، ما يعني أن الضوء الذي نراه الآن في السماء غادر تلك النجوم قبل ملايين السنين. وعلى سبيل المثال، فإن المجرّة المسمّاة M109 تقع على بعد حوالي 84 مليون سنة ضوئية، وبالتالي يحتاج ضوئها إلى نفس هذا العدد من السنين كي يصل إلينا.
ولو افترضنا أن هناك مخلوقات غريبة تعيش على هذه المجرّة وأنها تملك تلسكوبات متطوّرة، فإنها ترى الأرض الآن كما كانت تبدو في الماضي السحيق، أي عندما كانت الديناصورات وغيرها من المخلوقات البدائية تمشي على سطح كوكبنا.
إذن الضوء يستغرق وقتا كي يسافر، وعندما ننظر إلى أضواء بعض النجوم في السماء، فإننا إنّما ننظر إلى الماضي عبر خلجان ومحيطات هائلة من الزمن. وعندما يقيس الفلكيّون الضوء الكوني، فإنهم في الواقع إنّما يحدّقون إلى الوراء؛ أي إلى عصر الكون البدائيّ كما كان يبدو بعد الانفجار الكبير الذي وقع قبل أكثر من 13 بليون سنة.
وبناءً عليه، فنحن لا يمكن أن نرى الكون كما هو الآن، بل كما كان في مراحل مختلفة من تطوّره. ولكي نتفاعل مع الأجزاء النائية من الكون، أي أن نراها كما هي عليه الآن، فإن هذا يتطلّب بعض وسائل السفر الغريبة، كالسفر أسرع من الضوء والذي يُعتبر، وفقا لنظرية النسبية الخاصّة لآينشتاين، مستحيلا لأنه يحتاج إلى كمّية لانهائية من الطاقة.
وإحدى الأفكار العلمية الكبرى في علم فلك القرن العشرين كانت اكتشاف أن هناك مجرّات أخرى في الكون تمتدّ بقدر ما يمكن لتلسكوباتنا أن ترى. كما تنتشر بلايين الجزر الأخرى من النجوم عبر محيط مظلم وهائل من الفضاء.
والناس الذين يعيشون في هذا العصر ويتابعون قنوات الأخبار المباشرة والانترنت وتكنولوجيا الرسائل النصّية الفورية قد لا يستوعبون أن احدث المعلومات التي نستطيع أن نحصل عليها من مجرّة مجاورة لمجرّتنا قد يكون عمرها مليوني عام.
لكن بالنسبة لعلماء الفلك، فإن هذا التأخير في وصول الضوء هو واحد من أعظم الهدايا التي يمنحنا إيّاها الكون. وفي النهاية، فإن إحدى المهامّ الأساسية لعلم الفلك هي ملء تاريخ الكون، من الانفجار الكبير إلى اللحظة التي تقرأ فيها هذه السطور.
والعلماء قد لا يستطيعون فهم وإنجاز هذه المهمّة لو أن المعلومات التي يتلقّونها عن الكون مقتصرة على الأحداث الآنية. ومن خلال النظر إلى أجرام أكثر بعدا، فإننا نتعلّم المزيد عن العصور والظواهر الأكثر قدما. والتلسكوبات الكبيرة تسمح لنا اليوم بأن ننظر بلايين السنين في الماضي ونعيد بناء قصّة الكون من دهر إلى دهر.
ولتوضيح هذه الفكرة، حاول أن تتأمّل الصورة الثانية "فوق" والتي التقطها تلسكوب هابل الفضائي منذ بعض الوقت. هذه الصورة هي عبارة عن تعرّض زمني يغطّي عشرة أيّام. وكلّ جسم فيها هو مجرّة بعيدة نراها كما كانت في الماضي، أي إلى ما قبل حوالي 10 بلايين سنة فأقلّ. ومن خلال هذه النوعية من الصور، يمكن للعلماء أن يكشفوا عن تاريخ الكون وأن يحدّدوا عمره.
للحديث بقيّة في الأسبوع القادم.