الاثنين، نوفمبر 27، 2023

محطّات


  • جون غراي، المولود عام 1948، فيلسوف سياسي إنغليزي ومؤلّف مهتمّ بالفلسفة التحليلية وتاريخ الأفكار والتشاؤم الفلسفي. في عام 2008 تقاعد كأستاذ للفكر الأوروبّي في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. وقد ألّف غراي العديد من الكتب المؤثّرة، بما في ذلك كتابه "الفجر الكاذب: أوهام الرأسمالية العالمية" و "كلاب القشّ: أفكار حول البشر والحيوانات الأخرى" الذي هاجم فيه النزعة الإنسانية الفلسفية.
    هنا بعض آرائه المستمدّة من كتبه وحواراته.
    *الفلسفة الأخلاقية هي، وإلى حدّ كبير، فرع من الخيال. وعلى الرغم من ذلك، لم يكتب فيلسوف بعد رواية عظيمة. والحقيقة التي لا ينبغي أن تكون مفاجئة هي أنه في الفلسفة لا أهميّة لحقيقة الحياة البشرية.
    *اليونانيون القدماء سعوا إلى الخلاص في الفلسفة، والهنود في التأمّل، والصينيون في الشعر وحبّ الطبيعة، وأقزام الغابات المطيرة التي أصبحت الآن على وشك الانقراض عملوا فقط لتلبية احتياجاتهم اليومية وقضاء معظم حياتهم في خمول.
    *الهوموسابيانز (Homo sapiens) الذين ينتمي إليهم بشر اليوم ليسوا سوى واحد فقط من العديد من الأنواع البشرية. ومن الواضح أنهم لا يستحقّون البقاء. وفي وقت ما لاحقا أو عاجلا، سوف ينقرضون. وعندما يختفون، ستتعافى الأرض. وبعد فترة طويلة من اختفاء آخر أثر للحيوان البشري، فإن العديد من الأنواع التي كان البشر يرومون تدميرها ستظلّ موجودة إلى جانب أنواع أخرى لم تظهر بعد. وسوف تنسى الأرض الإنسان بينما تستمرّ مسرحية الحياة.
    *إن على أيّ شخص يريد حقّا الهروب من أنانية البشر ألا يبحث عن الأماكن الفارغة. وبدلاً من الهروب إلى الصحراء مثلا، حيث سيكون مرّة أخرى نهبا لأفكاره الخاصّة، من الأفضل له أن يبحث عن صحبة الحيوانات الأخرى. وحديقة الحيوان هي نافذة أفضل من المعابد للنظر منها إلى عالم البشر.
    *المأساة تولد من الأسطورة وليس من الأخلاق. بروميثيوس وإيكيروس بطلان مأساويان. ومع ذلك، فإن أيّاً من الأساطير التي يظهران فيها لا علاقة لها بالمعضلات الأخلاقية. كما لا علاقة لأعظم المآسي اليونانية بالأخلاق. وإذا كان يوريبيدس هو أكثر الكتّاب المسرحيين اليونانيين مأساويةً، فليس لأنه يتعامل مع الصراعات الأخلاقية، بل لأنه فهم أن العقل لا يمكن أن يكون مرشدا للحياة.
    *الذين يناضلون من أجل تغيير العالم يعتبرون أنفسهم شخصيات نبيلة، وحتى مأساوية. ومع ذلك، فإن معظم أولئك الذين يعملون من أجل تحسين العالم ليسوا متمرّدين على المخطّط الأساسي للأشياء. إنهم يبحثون عن العزاء عن حقيقةٍ يعرفون أنهم أضعف من أن يتحمّلوها. وفي جوهر الأمر، فإن إيمانهم بأن العالم يمكن أن يتغيّر من خلال الإرادة البشرية هو محاولة لإنكار فنائهم.
    *معظم الناس اليوم يعتقدون أنهم ينتمون إلى نوع يمكن أن يكون سيّدا على مصيره. هذا هو الإيمان وليس العلم. نحن لا نتحدّث عن الوقت الذي ستصبح فيه الحيتان أو الغوريلا أسيادا على مصائرها. لماذا البشر إذن؟!
    *لكي تفكّر في البشر باعتبارهم محبّين للحرّية، يجب أن تكون مستعدّا للنظر إلى التاريخ كلّه تقريبا على أنه خطأ. وعندما يقول الناس إن هدفهم في الحياة هو أن يكونوا سعداء، فإنهم يخبرونك أنهم بائسون.


  • مع اعتلاء لويس الرابع عشر عرش فرنسا وصعود الفنّ الجديد، الأرستقراطي موضوعا والكلاسيكيّ أسلوبا، عانت سمعة هذا الرجل الشهير من كسوف كامل لدرجة أنه في غضون بضعة أجيال نُسي اسمه تماما، ونُسبت لوحاته الباقية إلى رسّامين مثل هونثورست وزورباران وموريللو وحتى فيلاسكيز.
    لكن بدأت إعادة اكتشاف جورج دي لاتور عام 1915 واكتملت فعليّا عام 1934، عندما نظّم متحف اللوفر معرضا لأعماله بعد أن ظلّ مجهولا طوال ثلاثمائة عام.
    كان دي لاتور واحداً من أولئك الحالمين المنفتحين الذين يعكس فنّهم بأمانة بعض جوانب العالم الخارجي. لكنه يعكسها في حال من التحوّل بحيث يصبح كلّ تفصيل صغير ذا أهميّة جوهرية.
    ومعظم لوحاته يظهر فيها اشخاص يمكن رؤيتهم على ضوء شمعة وحيدة. والشمعة الواحدة، كما أثبت كارافاجيو والرسّامون الإسبان، يمكن أن تُنتِج تأثيرات مسرحية كبيرة. لكن دي لاتور لم يهتم بهذه المؤثّرات على ما يبدو. فلا يوجد شيء درامي في صوره، ولا شيء مأساويّ أو مثير للشفقة أو غريب. وليس هناك تمثيل للحدث ولا جاذبية لهذا النوع من المشاعر التي يذهب الناس إلى المسرح لاستثارتها ثم استرضائها.
    والشمعة الواحدة تُستخدم في كلّ حالة للتأكيد على هذا الوجود المكثّف وغير الشخصي أو المثير. ومن خلال عرض الأشياء الشائعة في ضوء غير عادّي فإن لهبها يُظهر الغموض الحيّ والأعجوبة التي لا يمكن تفسيرها بمجرّد وجودها.
    شخصيات دي لاتور ثابتة، لا تفعل أيّ شيء أبدا؛ إنها ببساطة هناك بنفس الطريقة التي توجد بها تماثيل الغرانيت ذات الأقدام المسطّحة. وعلى الرغم من أن فنّه خالٍ تماما من التديّن، فإنه يظلّ دينيّا بشكل عميق، بمعنى أنه يكشف بقوّة عن الوجود الإلهي في كلّ مكان.

  • تصوّر روايات الديستوبيا (Dystopian novels ) مجتمعات أو عوالم تتّسم بالحكومات القمعية والظلم الاجتماعي والمستقبل الكئيب أو القاتم.
    وقد تركت هذه الروايات أثراً كبيراً على الأدب والثقافة الشعبية. وتقدّم كلّ رواية وجهة نظر فريدة حول العواقب المحتملة للقمع المجتمعي مع قصص تحذيرية عن مخاطر السلطة والسيطرة الاجتماعية بلا ضوابط أو قيود والمخاطر المحتملة للتضحية بالخصوصية من أجل الأمن.
    ومن أشهر هذه الروايات "1984" لجورج أورويل التي تدور أحداثها في ظلّ نظام شمولي يحكمه الأخ الأكبر، وتصوّر عالما تٌقمع فيه الحريّة الفردية وتنتشر المراقبة الحكومية. وتستكشف الرواية مواضيع مثل سيطرة الحكومة والدعاية وتآكل الهويّة الشخصية.
    وهناك أيضا رواية عالم جديد شجاع (Brave New World) لألدوس هكسلي. وتقدّم هذه الرواية مجتمعا تمّت فيه هندسة الناس وراثيّا وتكييفهم من أجل التوافق والمتعة. وتتناول الرواية الآثار اللاإنسانية للتكنولوجيا والنزعة الاستهلاكية والسيطرة على المعلومات.
    وهناك أيضا رواية حكاية الجارية (The Handmaid's Tale) لمارغريت أتوود. في الرواية يتم إخضاع النساء وتكليفهن بأدوار محدّدة في مجتمع بائس أو ديستوبي يُدعى جيلاد. وتتعمّق الرواية في موضوعات الاضطهاد بين الجنسين والحقوق الإنجابية والأصولية الدينية.
    أيضا من أشهر هذا النوع من الروايات نحن (We) ليفغيني زامياتين والتي تُعتبر واحدة من أقدم روايات الديستوبيا وتصور مجتمعا مستقبليّا تُقمع فيه الفردانية ويُراقب المواطنون باستمرار من قبل الحكومة. كما تتناول الرواية موضوعات مثل المراقبة والامتثال والنضال من أجل الحريّة الشخصية.
    وهناك أيضا رواية ڤي رمزا للانتقام (V for Vendetta) لآلان مور وديفيد لويد. وتتحدّث عن مستقبل بائس يسيطر فيه نظام شمولي على بريطانيا. وتتتبّع الرواية حارسا ملثّما يُدعى V وهو يقاتل ضدّ الحكومة القمعية. وتستكشف القصّة موضوعات مثل الاستبداد والمقاومة وقوّة الأفكار.

  • Credits
    aeon.co