قصائد الهايكو المنشورة هنا كنت قد جمعتها واحتفظت بها على مدى أشهر. وللأسف، بعد أن ترجمتها ورتّبتها، اكتشفت أنني أغفلت، عن غير قصد، أسماء الشعراء الذين كتبوها. لكنّي أتذكّر الآن أن معظمهم يابانيّون.
لا يعرفون عن
غروب شمسهم الوشيك
يجلسون مستمتعين بروعة المساء
أعشاب الصيف
كلّ ما بقي من
أحلام الفرسان
فوق جرس المعبد
تنام فراشة
باطمئنان
البحر هائج
ودرب التبّانة تمدّ ظلّها الطويل
فوق جزيرة سادو
أيّتها الأسود العظيمة
كلّ ما أريده أن
أظلّ طائرا مغرّدا
الأزهار البيضاء تعود
إلى الشجرة الذاوية
ليلة مقمرة
مطر ربيعيّ بما يكفي فقط
لأن يبلّل الأصداف الصغيرة
على الشاطئ
فوق أزهار البنفسج
تمرّ هبّة
نسيم ناعمة
في كلّ مرّة تهبّ الرياح
تحطّ الفراشة من جديد
فوق شجرة الصفصاف
الديكة المنزلية
تمدّ أعناقها على أمل
أن ترى العالم
فوق سطح الماء
الذي تغطّيه بتلات الأزهار
عينا ضفدعة
أعشاب مبلّلة بالندى
وماء بلا أصوات
في الغسق
يمضي الربيع
وغراب صغير
ينظر إلى البحر
نافذة مثل عين
في البرج المنعزل
في الجبال
ياسمينة ليلية
من يعطّر اللحظة
أنت أم اسمك؟
يخيّم الليل
مثل النقطة على حياة
بعض الحروف
في شنغهاي
في كلّ ضوء
خريف حلم
قمر بارد في البركة
غراب يستقرّ فوق شجرة صفصاف
على ضفّة النهر الأخضر
تحت جناح فراشة
وغبار نجمة
حبّ أوّل
صفحة جريدة
إعلانات نعي
مُمزّقة لقطع صغيرة
الظلام في النافذة
الكلب يحرس البيت
إوزّة محنّطة
صديق يموت
في منتصف الليل
مطر شتائيّ هادئ
زهرة خشخاش نائمة
فوق الأوراق الجافّة
ترى بماذا تحلم؟
وسط غيوم بلا لون
البصيص الأوّل من نور الشمس
على المياه المتموّجة
بحيرة بجع
تسقط ريشة
بهدوء
عزلة سعيدة
شلال من الأحلام يتكسّر
فوق بوّابات القلب
كرة قطن منفوشة
تُبحر عبر خلفية زرقاء غامقة
حلم ملائكيّ
بينما تغرب الشمس
بطّيخة خضراء تنشطر إلى نصفين
يتسرّب ماؤها إلى الخارج
كلّ أجراس المدينة
تقرع بعنف منتصف هذه الليلة
مخيفةً السنة الجديدة
الطيور تطير وأوراق الشجر
ما تزال ساكنة كالحجارة
أمسية خريفية
غابة ربيعية صامتة
غراب يفتح منقاره الحادّ
ويخلق سماءً
عندما أدرت رأسي
ذلك المسافر الذي تجاوزته
ذاب في الضباب
بعد أن قتلت عنكبوتا
كم أنني اشعر بالوحدة
في هذا الليل البارد
عندما انطفأ ضوء الشمعة
دخلت النجوم الباردة
عبر إطار النافذة
أوّل صباح خريفي
المرآة التي أحدّق فيها
يظهر فيها وجه أبي
أتى الربيع
وتلّة بلا اسم
تظهر ملفوفة في الضباب
طيور نورس تخفق بأجنحتها
تختبر الحدود العليا
للسماء
التقويم الجديد
كما لو أن
الغد مضمون
تسلّل الثعبان بعيدا
لكن عينيه التقتا بعيني
ما يزال يحدّق في العشب
لا احد يسافر في
هذا الطريق سواي
هذا المساء الخريفيّ
فوق الغابة الشتائية
تزمجر الرياح بغضب
ولا أوراق تحرّكها
البنفسج هنا وهناك
بين أطلال
بيتي المحترق
في مقطع الهايكو الجميل "فوق" تتحدّث الشاعرة اليابانية شوكيو ناي عن مأساتها الشخصية. عندما عادت من قريتها، وجدت كوخها مدمّرا بفعل النيران، وعندما نظرت إلى أطلاله كتبت هذه القصيدة التي تتناول فيها سؤالا قديما يواجه كلّ إنسان: كيف نواجه الشدائد في حياتنا وفي هذا العالم المشوّش والناقص؟ إن من غير الممكن أن نتحكّم في ما يحدث لنا، لكن يمكننا التحكّم في ردود أفعالنا على ما يجري.
هذا النوع من التحكّم المطلوب هو بمثابة الطريق الروحيّ الذي ينبغي أن نسلكه. يمكن أن نبكي ونحتجّ ونثور أو نُنكر ما يحدث، فهذه الأمور هي جزء من العملية التي مرّت بها الشاعرة قبل وبعد أن كتبت قصيدتها.
في كثير من الأحيان، يمكن أن تكون المشكلة فرصة أكثر منها عقبة، متى ما كنّا مدركين لردود أفعالنا اليومية على الأشياء وبقدر ما نتفحّص كلّ شيء بهدوء وانفتاح.
إنها ليست قصيدة متفائلة أو تبحث عن الجانب المشرق، لكنها تنظر إلى الأشياء على حقيقتها. الفحم المحترق للبيت الخشبيّ والأزهار الصغيرة التي نمت بين طلوله أو بالقرب منه ترسم لنا مفارقة: كيف يمكن أن يمتزج السيّىء مع الحسَن، وكيف يمكن أن نرى الأزهار في الخرائب.
الشاعرة شوكيو ناي عاشت في اليابان أثناء حكم سلالة الايدو في منتصف القرن التاسع عشر. وبعد وفاة زوجها أصبحت راهبة بوذية وتركت وراءها ديوان شعر عنوانه "البحيرة البيضاء".
غروب شمسهم الوشيك
يجلسون مستمتعين بروعة المساء
كلّ ما بقي من
أحلام الفرسان
تنام فراشة
باطمئنان
ودرب التبّانة تمدّ ظلّها الطويل
فوق جزيرة سادو
كلّ ما أريده أن
أظلّ طائرا مغرّدا
إلى الشجرة الذاوية
ليلة مقمرة
لأن يبلّل الأصداف الصغيرة
على الشاطئ
تمرّ هبّة
نسيم ناعمة
تحطّ الفراشة من جديد
فوق شجرة الصفصاف
تمدّ أعناقها على أمل
أن ترى العالم
الذي تغطّيه بتلات الأزهار
عينا ضفدعة
وماء بلا أصوات
في الغسق
وغراب صغير
ينظر إلى البحر
في البرج المنعزل
في الجبال
من يعطّر اللحظة
أنت أم اسمك؟
مثل النقطة على حياة
بعض الحروف
في كلّ ضوء
خريف حلم
غراب يستقرّ فوق شجرة صفصاف
على ضفّة النهر الأخضر
وغبار نجمة
حبّ أوّل
إعلانات نعي
مُمزّقة لقطع صغيرة
الكلب يحرس البيت
إوزّة محنّطة
في منتصف الليل
مطر شتائيّ هادئ
فوق الأوراق الجافّة
ترى بماذا تحلم؟
البصيص الأوّل من نور الشمس
على المياه المتموّجة
❉ ❉ ❉
شعر الهايكو هو شعر بلا قافية ظهر، أوّل ما ظهر، في اليابان في القرن السابع عشر، ولم يصل إلى الغرب إلا في القرن التاسع عشر بعد أن فتحت اليابان موانئها أمام التجارة والسفر الأوربّيين.
وقصيدة الهايكو هي عبارة عن ثلاثة مقاطع قصيرة تعتمد على تجانب الصور وتتناول في الغالب وصفا للطبيعة يعتمد على صور لحظية سريعة ومختزلة لمواقف وحالات.
ومهمّة شاعر الهايكو هي أن يكتب قصيدته، وعلى القارئ أن يفسّرها من خلال ذاكرته الثقافية وتعليمه وخبراته الشخصية ومعتقداته الدينية.
ومنذ بعض الوقت ظهر مصطلح "عقل الهايكو" الذي أصبح شائعا في الانترنت وفي الكتب والصحافة. ويمكن تعريفه بأنه الإدراك العميق للعالم من حولنا والتعبير عن لحظات بسيطة فيه بطريقة عميقة من خلال الشعر الذي يلهم الآخرين بأن يعيشوا بقدر اكبر من الصفاء والشغف والسلام.
ولكي يكون لديك "عقل الهايكو"، ينبغي أن تغمر نفسك في اللحظة الراهنة وأن تتوقّف وتتنبّه وتتأمّل في تفاصيل الحياة اليومية التي كثيرا ما تفوتنا ملاحظتها بسبب الإيقاع السريع للحياة.
وقصيدة الهايكو هي عبارة عن ثلاثة مقاطع قصيرة تعتمد على تجانب الصور وتتناول في الغالب وصفا للطبيعة يعتمد على صور لحظية سريعة ومختزلة لمواقف وحالات.
ومهمّة شاعر الهايكو هي أن يكتب قصيدته، وعلى القارئ أن يفسّرها من خلال ذاكرته الثقافية وتعليمه وخبراته الشخصية ومعتقداته الدينية.
ومنذ بعض الوقت ظهر مصطلح "عقل الهايكو" الذي أصبح شائعا في الانترنت وفي الكتب والصحافة. ويمكن تعريفه بأنه الإدراك العميق للعالم من حولنا والتعبير عن لحظات بسيطة فيه بطريقة عميقة من خلال الشعر الذي يلهم الآخرين بأن يعيشوا بقدر اكبر من الصفاء والشغف والسلام.
ولكي يكون لديك "عقل الهايكو"، ينبغي أن تغمر نفسك في اللحظة الراهنة وأن تتوقّف وتتنبّه وتتأمّل في تفاصيل الحياة اليومية التي كثيرا ما تفوتنا ملاحظتها بسبب الإيقاع السريع للحياة.
تسقط ريشة
بهدوء
شلال من الأحلام يتكسّر
فوق بوّابات القلب
تُبحر عبر خلفية زرقاء غامقة
حلم ملائكيّ
بطّيخة خضراء تنشطر إلى نصفين
يتسرّب ماؤها إلى الخارج
تقرع بعنف منتصف هذه الليلة
مخيفةً السنة الجديدة
ما تزال ساكنة كالحجارة
أمسية خريفية
غراب يفتح منقاره الحادّ
ويخلق سماءً
ذلك المسافر الذي تجاوزته
ذاب في الضباب
كم أنني اشعر بالوحدة
في هذا الليل البارد
دخلت النجوم الباردة
عبر إطار النافذة
المرآة التي أحدّق فيها
يظهر فيها وجه أبي
وتلّة بلا اسم
تظهر ملفوفة في الضباب
تختبر الحدود العليا
للسماء
كما لو أن
الغد مضمون
لكن عينيه التقتا بعيني
ما يزال يحدّق في العشب
هذا الطريق سواي
هذا المساء الخريفيّ
تزمجر الرياح بغضب
ولا أوراق تحرّكها
❉ ❉ ❉
بين أطلال
بيتي المحترق
هذا النوع من التحكّم المطلوب هو بمثابة الطريق الروحيّ الذي ينبغي أن نسلكه. يمكن أن نبكي ونحتجّ ونثور أو نُنكر ما يحدث، فهذه الأمور هي جزء من العملية التي مرّت بها الشاعرة قبل وبعد أن كتبت قصيدتها.
في كثير من الأحيان، يمكن أن تكون المشكلة فرصة أكثر منها عقبة، متى ما كنّا مدركين لردود أفعالنا اليومية على الأشياء وبقدر ما نتفحّص كلّ شيء بهدوء وانفتاح.
إنها ليست قصيدة متفائلة أو تبحث عن الجانب المشرق، لكنها تنظر إلى الأشياء على حقيقتها. الفحم المحترق للبيت الخشبيّ والأزهار الصغيرة التي نمت بين طلوله أو بالقرب منه ترسم لنا مفارقة: كيف يمكن أن يمتزج السيّىء مع الحسَن، وكيف يمكن أن نرى الأزهار في الخرائب.
الشاعرة شوكيو ناي عاشت في اليابان أثناء حكم سلالة الايدو في منتصف القرن التاسع عشر. وبعد وفاة زوجها أصبحت راهبة بوذية وتركت وراءها ديوان شعر عنوانه "البحيرة البيضاء".
Credits
poetryfoundation.org
Haiku Mind by Patricia Donegan
poetryfoundation.org
Haiku Mind by Patricia Donegan