"المزاج العام تغيّر كثيرا. والحزن أصبح سمة غالبة".
كثيرا ما أسمع هذه العبارة، وأكيد أن الكثيرين غيري سمعوها. وأعتقد ان هذا التشخيص للمزاج الاجتماعي العام غير بعيد تماما عن الحقيقة. حتى ضحكات الناس تحسّ أحيانا انها لا تأتي من القلب. صحيح أن الحزن يداهمنا من حين لاخر لكنه حزن عابر قد يدوم لبعض الوقت ثم لا يلبث أن يزول.
لكني اتحدّث عن نوع آخر من الحزن يدوم ويبقى فترة أطول.
ربّما يكون ما حدث من انهيار في سوق الاسهم قد أثر في الناس وزاد من إحساسهم بالاحباط وخيبة الامل، خاصة أن لا شئ تغيّر ووضع السوق باق على حاله الذي لا يسرّ بعيدا او قريبا.
وقد سمعت مؤخرا أناسا يعبّرون عن قلقهم من المستقبل، إذ بالرغم من الارتفاع الكبير والمستمر في أسعار النفط فإن معاناة الناس مستمرّة مع ارتفاع ايجارات المساكن بشكل جنوني ومع ازدياد أسعار المستلزمات المعيشية وما يلحق بها من رسوم وضرائب وفواتير وخلافه.
وعلى ذكر الايجارات، من يصدّق مثلا ان شقّة من أربع غرف في بعض المدن يمكن ان تبلغ تكلفتها ثلاثين الفا سنويا وأحيانا أكثر؟!
وهناك هذه الايام من يقول انه يتعيّن الان إعادة النظر في تعريف من هو الفقير. فالفرد الذي يتقاضى راتبا قد لا يقلّ عن العشرة الاف ريال أحيانا ربّما يجد نفسه في نهاية الامر في عداد الفقراء والمحتاجين. حيث أن الاقساط والديون والايجارات والرسوم العديدة والمختلفة قد تلتهم الراتب الشهري بلمح البصر مهما كان كبيرا ظاهريا.
وبعض الاشخاص ممن يتقاضون رواتب يغبطهم عليها الكثيرون قد يحلّ اليوم الرابع أو الخامس من الشهر الجديد وجيوبهم خاوية، وليس بوسعهم سوى ان ينتظروا بفارغ الصبر حلول نهاية الشهر والراتب الجديد الذي سرعان ما يصبح هو الاخر أثرا بعد عين بسبب الديون والرسوم والاقساط وما في حكمها.
والظاهر ان الخضّة الاخيرة التي تعرّض لها سوق الاسهم، ويقال انها خضّات عديدة، لم تفعل سوى انها عمّقت احساس الكثيرين بالتشاؤم وتلاشي الامل، والخوف مما قد تأتي به الايام.
ومع ذلك يبدو ان هناك الكثير مما يمكن فعله لتجاوز هذا الاحساس العام بالاحباط والقلق لدى الناس.
ففي وطننا خير كثير وموارده المالية والاقتصادية يمكن ان تكفي قارّة بأكملها وتغني مواطنيها بل وان تفيض عن حاجتهم اذا ما احسن استخدام تلك الموارد وأديرت بطريقة عادلة ورشيدة.
وإذا كان ثمّة بقيّة من تفاؤل فمردّه إلى رجل واحد هو الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي يعقد عليه الناس الامال العريضة بتفعيل الاصلاح الذي يضمن تسخير امكانات الوطن وموارده من اجل خدمة اكبر شريحة من المواطنين.
وهذا بدوره يتطلّب وضع آليات صارمة للمحاسبة والمساءلة وسنّ قوانين مغلظة تحارب كافة اشكال الفساد والاحتكار وتأخذ على أيدي الفاسدين والمستهترين وتحفظ للمال العام حرمته من أجل أن يطمئن الناس الى حاضرهم ويتطلعوا إلى المستقبل بتفاؤل وأمل.
طبعا في البال كلام كثير حول هذا الموضوع لكن هذا ما سمح به المقام.
:تنويه
تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .
الخميس، نوفمبر 30، 2006
بين شعورين
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)