إختر لباب بيتك لونا ازرق لأن الأزرق لون مهدّئ ومحفّز للطاقة. إدفع الأريكة في غرفة الجلوس قليلا إلى اليسار. حرّك النافورة الصغيرة في الحديقة قليلا جهة اليمين. اختر لصالة البيت مزيجا من الأخضر والأزرق الخفيفين لأن هذين اللونين يشيعان الدفء والطاقة.
هذا هو باختصار مفهوم علم الفينغ شوي الصينيّ. لكن هو علم حقّا؟
البعض يأخذون الفينغ شوي بجدّية، والبعض الآخر يعتبرونه ضربا من الخرافة، وقليلون هم من يعرفون تأثيره على الثقافات في الشرق والغرب.
وهذه الأيّام نسمع كثيرا عن الفينغ شوي باعتباره احد عناصر ما يُسمّى بحركة العصر الجديد. والناس خارج الصين يريدون أن يرووا عطشهم للتصوّف الشرقيّ والصينيّ، لذا يودّون معرفة المزيد عن الطبّ الصينيّ مثلا وعن الفينغ شوي.
في زمن ماو تسي تونغ، حاولت الصين الحدّ من استخدام الفينغ شوي وقصرت استخدامه داخل الصين. ثم لم يلبث ماو أن أطلق في منتصف ستّينات القرن الماضي حملة لتطهير الصين من تقاليدها القديمة وماضيها الرأسماليّ كي تتوافق مع نسخته الخاصّة من الشيوعية.
وكان نظام ماو يصوّر المثقّفين الصينيّين والنخبة الثريّة كأوغاد ويحمّلهم المسئولية عن كافّة علل وأمراض البلاد. في ذلك الوقت، هاجمت مجموعة من الطلاب المتحمّسين الذين يُسمَّون بالجيش الأحمر البورجوازيين وقتلوا كثيرين منهم ثم عاثوا الخراب في المواقع الثقافية القديمة في البلاد.
وقد دمّر هؤلاء العديد من المكتبات والمتاحف والمعابد. ولم تسلم من تخريبهم مقابر فلاسفة الصين العظام، بل وأحرقوا وطمسوا حتى قبور الأباطرة القدماء وأفراد عائلاتهم.
وكان ماو قد حدّد أربعة أشياء ينبغي تدميرها: التقاليد والثقافة والعادات والأفكار القديمة. وقد دمّر الجيش الأحمر ما استطاع تدميره منها، وكانت تلك جريمة خطيرة ارتُكبت بحقّ تاريخ الصين.
وكان من بين إجراءات ماو التطهيرية حظر ممارسة الفينغ شوي وغيره من التقاليد القديمة. واستمرّ حظره إلى أن انتهت الثورة الثقافية بموت ماو عام 1976.
كان ممارسو الفينغ شوي يعتقدون أن عناصر الطبيعة تؤثّر على تدفّق الطاقة إمّا سلبا أو إيجابا. والفينغ شوي يعني حرفيا "الرياح والماء". وهذان هما العنصران الأساسيان في الطبيعة. ويندرج تحتهما التربة والخضرة والصخور والطقس وضوء الشمس. وهناك تأثيران آخران لا يقلان أهميّة، هما الفلك واتجاه البوصلة.
قبل أكثر من ستّة آلاف عام، كان معلّمو الفينغ شوي القدامى يحدّدون الشمال والجنوب بالشمس والنجوم. ثم طوّروا نوعا من الاسطرلاب استُخدم خصيصا من اجل الفينغ شوي، وأوّل بوصلة مغناطيسية كانت تحمل علاماته.
وبعد قرون، أصبحت مبادئ الفينغ شوي ذات أهميّة مركزية في المعمار وتخطيط المدن وترتيب الأثاث. فالأشياء التي تواجه الجنوب، مثلا، تجلب ضوء شمس أكثر وتوفّر منظرا أفضل من الأعلى. وأنت تنام بشكل أفضل في الأماكن الأكثر ظلمة وهدوءا. والألوان الخفيفة توفّر الراحة والاسترخاء أكثر من الألوان القاتمة. لكن كلّ هذه الأشياء بديهية ويعرفها معظم الناس.
ولكي نحلّل مدى صلاحية وصحّة الفينغ شوي، يجب أن نتساءل: هل الطاقة شيء ملموس؟ لا احد يملك إجابة مؤكّدة على هذا السؤال، وليس هناك من المعطيات ما يدفعنا لأن نعرف. فليس للطاقة تعريف وليس لها خصائص مادّية محدّدة، لأنه لا يمكن اختبارها أو قياسها أو كشفها.
ومعلّمو الفينغ شوي يزعمون بأنه شكل من أشكال الفلك. لكن حتى ما يقال عن ارتباط الفلك بمصير وحياة الإنسان فشلت كلّ الاختبارات العلمية في إثباته.
هل الفينغ شوي مفيد؟ هذا السؤال لا يمكن الإجابة عنه. فبما أن الطاقة مصطلح غائم ويستحيل تعريفه، فإنه من المستحيل أيضا البتّ في ما إذا كان الفينغ شوي نافعا أم لا.
إن من الصعب إخضاع الفينغ شوي للتجارب العلمية لإثبات صلاحيته من عدمها. لكنّ المؤكّد أن الناس مختلفون في تفضيلاتهم وأذواقهم عندما يتعلّق الأمر بتخطيط منازلهم أو اختيار نوعية أثاثها. لذا من السهل نفي الطاقة الغامضة التي تُعزى إلى الفينغ شوي.
ويمكن القول إن أهمّ عنصر في الفينغ شوي هو رحلته التاريخية والاجتماعية. الصينيّون، مثل غيرهم من الشعوب، كانوا قبل بزوغ نور العلم يبذلون كلّ ما بوسعهم لكي يفهموا العالم. لذا كانوا يوجّهون قبور موتاهم ناحية الشمال، وكانوا يعتقدون أن هذا نوع من التطوّر العلميّ.
لكن ما من شكّ في أن قصّة الفينغ شوي تثري قصّة التجربة الإنسانية كما أنها تضيف إلى معرفتنا عن تاريخ العلم. ولو لم يكن الفينغ شوي مهمّا، لما كان الناس يُضرَبون ويُسجنون ويُقتلون بسببه أو من اجله.
يقال أن جدّ ماو تسي تونغ كان مدفونا في قبر خاصّ يُسمّى بـ "عرين التنّين" وتتوفّر فيه عناصر قويّة من الفينغ شوي، لدرجة انه لا يوجد سوى اثني عشر موقعا في العالم تحمل نفس مواصفاته. وأُشيعَ أن والد ماو عندما توفّي أبوه، أي جدّ ماو، استأجر أعظم معلّم فينغ شوي في الصين وقتها وأسند إليه مهمّة تحديد أفضل مكان كي يواري فيه جثمان والده.
وقد دلّه المعلّم على مكان يقع فوق قمّة جبل يُدعى "استراحة النمر". وتنبّأ المعلّم أيضا بأن مستوى تدفّق الطاقة في ذلك المكان سيجعل ماو، الذي كان وقتها في سنّ الحادية عشرة، رجلا قويّا جدّا في الصين بعد ثلاثين عاما. وهذا ما تحقّق بالفعل.
لكن المفارقة انه على الرغم من تلك النبوءة التي بشّر بها معلّم الفينغ شوي ذاك وجلبت الحظّ السعيد لماو، إلا أن الرجل باشر في ذروة ثورته الثقافية في تدمير وحرق كلّ محلات الفينغ شوي في الصين. بل وأمر باعتقال كلّ معلّم يمكن أن يدلّ غيره على "عرين تنّين" آخر قد يهدّد مستقبله هو وينافسه في الحكم.
هذا هو باختصار مفهوم علم الفينغ شوي الصينيّ. لكن هو علم حقّا؟
البعض يأخذون الفينغ شوي بجدّية، والبعض الآخر يعتبرونه ضربا من الخرافة، وقليلون هم من يعرفون تأثيره على الثقافات في الشرق والغرب.
وهذه الأيّام نسمع كثيرا عن الفينغ شوي باعتباره احد عناصر ما يُسمّى بحركة العصر الجديد. والناس خارج الصين يريدون أن يرووا عطشهم للتصوّف الشرقيّ والصينيّ، لذا يودّون معرفة المزيد عن الطبّ الصينيّ مثلا وعن الفينغ شوي.
في زمن ماو تسي تونغ، حاولت الصين الحدّ من استخدام الفينغ شوي وقصرت استخدامه داخل الصين. ثم لم يلبث ماو أن أطلق في منتصف ستّينات القرن الماضي حملة لتطهير الصين من تقاليدها القديمة وماضيها الرأسماليّ كي تتوافق مع نسخته الخاصّة من الشيوعية.
وكان نظام ماو يصوّر المثقّفين الصينيّين والنخبة الثريّة كأوغاد ويحمّلهم المسئولية عن كافّة علل وأمراض البلاد. في ذلك الوقت، هاجمت مجموعة من الطلاب المتحمّسين الذين يُسمَّون بالجيش الأحمر البورجوازيين وقتلوا كثيرين منهم ثم عاثوا الخراب في المواقع الثقافية القديمة في البلاد.
وقد دمّر هؤلاء العديد من المكتبات والمتاحف والمعابد. ولم تسلم من تخريبهم مقابر فلاسفة الصين العظام، بل وأحرقوا وطمسوا حتى قبور الأباطرة القدماء وأفراد عائلاتهم.
وكان ماو قد حدّد أربعة أشياء ينبغي تدميرها: التقاليد والثقافة والعادات والأفكار القديمة. وقد دمّر الجيش الأحمر ما استطاع تدميره منها، وكانت تلك جريمة خطيرة ارتُكبت بحقّ تاريخ الصين.
وكان من بين إجراءات ماو التطهيرية حظر ممارسة الفينغ شوي وغيره من التقاليد القديمة. واستمرّ حظره إلى أن انتهت الثورة الثقافية بموت ماو عام 1976.
كان ممارسو الفينغ شوي يعتقدون أن عناصر الطبيعة تؤثّر على تدفّق الطاقة إمّا سلبا أو إيجابا. والفينغ شوي يعني حرفيا "الرياح والماء". وهذان هما العنصران الأساسيان في الطبيعة. ويندرج تحتهما التربة والخضرة والصخور والطقس وضوء الشمس. وهناك تأثيران آخران لا يقلان أهميّة، هما الفلك واتجاه البوصلة.
قبل أكثر من ستّة آلاف عام، كان معلّمو الفينغ شوي القدامى يحدّدون الشمال والجنوب بالشمس والنجوم. ثم طوّروا نوعا من الاسطرلاب استُخدم خصيصا من اجل الفينغ شوي، وأوّل بوصلة مغناطيسية كانت تحمل علاماته.
وبعد قرون، أصبحت مبادئ الفينغ شوي ذات أهميّة مركزية في المعمار وتخطيط المدن وترتيب الأثاث. فالأشياء التي تواجه الجنوب، مثلا، تجلب ضوء شمس أكثر وتوفّر منظرا أفضل من الأعلى. وأنت تنام بشكل أفضل في الأماكن الأكثر ظلمة وهدوءا. والألوان الخفيفة توفّر الراحة والاسترخاء أكثر من الألوان القاتمة. لكن كلّ هذه الأشياء بديهية ويعرفها معظم الناس.
ولكي نحلّل مدى صلاحية وصحّة الفينغ شوي، يجب أن نتساءل: هل الطاقة شيء ملموس؟ لا احد يملك إجابة مؤكّدة على هذا السؤال، وليس هناك من المعطيات ما يدفعنا لأن نعرف. فليس للطاقة تعريف وليس لها خصائص مادّية محدّدة، لأنه لا يمكن اختبارها أو قياسها أو كشفها.
ومعلّمو الفينغ شوي يزعمون بأنه شكل من أشكال الفلك. لكن حتى ما يقال عن ارتباط الفلك بمصير وحياة الإنسان فشلت كلّ الاختبارات العلمية في إثباته.
هل الفينغ شوي مفيد؟ هذا السؤال لا يمكن الإجابة عنه. فبما أن الطاقة مصطلح غائم ويستحيل تعريفه، فإنه من المستحيل أيضا البتّ في ما إذا كان الفينغ شوي نافعا أم لا.
إن من الصعب إخضاع الفينغ شوي للتجارب العلمية لإثبات صلاحيته من عدمها. لكنّ المؤكّد أن الناس مختلفون في تفضيلاتهم وأذواقهم عندما يتعلّق الأمر بتخطيط منازلهم أو اختيار نوعية أثاثها. لذا من السهل نفي الطاقة الغامضة التي تُعزى إلى الفينغ شوي.
ويمكن القول إن أهمّ عنصر في الفينغ شوي هو رحلته التاريخية والاجتماعية. الصينيّون، مثل غيرهم من الشعوب، كانوا قبل بزوغ نور العلم يبذلون كلّ ما بوسعهم لكي يفهموا العالم. لذا كانوا يوجّهون قبور موتاهم ناحية الشمال، وكانوا يعتقدون أن هذا نوع من التطوّر العلميّ.
لكن ما من شكّ في أن قصّة الفينغ شوي تثري قصّة التجربة الإنسانية كما أنها تضيف إلى معرفتنا عن تاريخ العلم. ولو لم يكن الفينغ شوي مهمّا، لما كان الناس يُضرَبون ويُسجنون ويُقتلون بسببه أو من اجله.
يقال أن جدّ ماو تسي تونغ كان مدفونا في قبر خاصّ يُسمّى بـ "عرين التنّين" وتتوفّر فيه عناصر قويّة من الفينغ شوي، لدرجة انه لا يوجد سوى اثني عشر موقعا في العالم تحمل نفس مواصفاته. وأُشيعَ أن والد ماو عندما توفّي أبوه، أي جدّ ماو، استأجر أعظم معلّم فينغ شوي في الصين وقتها وأسند إليه مهمّة تحديد أفضل مكان كي يواري فيه جثمان والده.
وقد دلّه المعلّم على مكان يقع فوق قمّة جبل يُدعى "استراحة النمر". وتنبّأ المعلّم أيضا بأن مستوى تدفّق الطاقة في ذلك المكان سيجعل ماو، الذي كان وقتها في سنّ الحادية عشرة، رجلا قويّا جدّا في الصين بعد ثلاثين عاما. وهذا ما تحقّق بالفعل.
لكن المفارقة انه على الرغم من تلك النبوءة التي بشّر بها معلّم الفينغ شوي ذاك وجلبت الحظّ السعيد لماو، إلا أن الرجل باشر في ذروة ثورته الثقافية في تدمير وحرق كلّ محلات الفينغ شوي في الصين. بل وأمر باعتقال كلّ معلّم يمكن أن يدلّ غيره على "عرين تنّين" آخر قد يهدّد مستقبله هو وينافسه في الحكم.
Credits
thespruce.com
thespruce.com