قد لا تحبّ هذه اللوحة، لكن هذا ليس مهمّا، لأن الذوق الشخصيّ لا علاقة له بما إذا كانت الصورة فنّا أم غير ذلك.
وما ينطبق على الرسم ينطبق على الأدب. من يهتمّ مثلا إذا كنت لا تحبّ "هاملت"، تلك المسرحية التي يتّفق معظم الناس على أنها أدب عظيم.
وهذا يجرّنا إلى السؤال: هل هذه اللوحة فنّ عظيم؟
الواقع أنها إحدى أشهر اللوحات الفنّية من العصر الفيكتوري، بل ربّما كانت أشهر من فريدريك ليتون، الفنّان الذي رسمها. وهي ما تزال مفضّلة في البوسترات وفي صالات الجلوس في البيوت وغرف الانتظار.
بل إن مجلّة فوغ النسائية المشهورة وضعت غلافا لها قبل فترة يحمل صورة عارضة أزياء اسمها جيسيكا تشاستين تأخذ وضعية المرأة في اللوحة وطريقة لباسها.
بإمكانك أن تقول إن اللوحة عمل مثير للجدل. لكن الآراء حولها منقسمة، بعض الناس يحبّها كثيرا والبعض الآخر يعتبرها فنّا مضحكا. لكن ينبغي أن نفهم جاذبيّتها.
الذين يحبّون اللوحة، ترى ما الذي يحبّونه فيها؟ شفافيّتها، طيّات الملابس، اللون الأرجوانيّ، أم المرأة النائمة التي تأخذ شكل زهرة، أم الوهج البرتقاليّ الذي يلفّها ويلقي بلمعانه على وجهها وذراعيها، أم هذا الشعور الحالم الذي لا يقاوَم ذات ليلة صيفية على شواطئ البحر المتوسّط القديمة، أم جمال الإطار الذي استلهمه الرسّام من عصر النهضة؟
بعض النقّاد يعتبرون اللوحة فانتازيا هروبية. هناك فيها بذخ وحسّية خفيفة في مناخ حارّ وفي مكان كلاسيكيّ، وكلّ هذه العناصر تُضفي عليها شيئا من الرومانسية.
إن الرسالة التي يتضمّنها عمل فنّي ما هي إلا مجرّد عنصر واحد فيه. لكن هل الرسالة مهمّة أصلا؟! يمكن أحيانا أن تحمل الصورة أفكارا شائكة وقد لا تحمل أيّ فكرة، ومع ذلك تظلّ جديرة بالنظر إليها. جسد نائم يمكن أن يكون موضوعا لقصّة شيّقة.
بعض منتقدي اللوحة يقولون إذا أردت أن تتعرّف إلى النسيج الشاشيّ أو الحريريّ وكيف ترسمه في لوحة، فلا تنظر الى هذه اللوحة، بل انظر إلى رسومات الفرنسيّ دومينيك انغر.
وإذا أردت أن تراه مرسوما بضربات فرشاة سريعة ومتوهّجة، فانظر إلى أعمال إدوار مانيه. غير أن نسيج ليتون في هذه اللوحة ليس مصنوعا من أيّة مادّة. والثوب لا يشبه أيّ لباس يمكن طيّه وجمعه.
ثم هل وضع المرأة في اللوحة ممكن، أو قابل للتصديق؟
على العكس ممّا كان يفعل كوربيه، تجنّب ليتون التجسيد التشريحيّ الواضح للجسد. كما لم يعد الغرض هو تصميم الجسد لكي يتناسب مع الأنماط والأشكال، على غرار ما كان يفعله غوستاف كليمت مثلا. فكرة ليتون وغرضه هو أن لا شيء في الجسد ينبغي أن يُرى بوضوح.
الموسيقيّ البريطانيّ اندرو لويد ويبر رأى ذات مرّة لوحة ليتون هذه وأعجب بها. لكنه لم يكن يملك المبلغ المطلوب لشرائها آنذاك وهو خمسون جنيها استرلينيّا فقط. كما لم يعبأ ويبر برأي النقّاد الذين كانوا يحطّون من شأن الفنّ الفيكتوري بشكل عام ويعتبرونه فنّا مبتذلا.
وقد ذهب ويبر إلى بعض أقاربه يطلب منهم إقراضه المبلغ، فرفضوا على أساس أن اللوحة فنّ رخيص. في ذلك الوقت كان الكثيرون يردّدون: إذا كنت تريد الناس أن يشرقوا بالماء فاذكر لهم الفنّ ما قبل الرافائيلي.
لكن على عكس النقّاد وأفراد النخبة الذين لم تعجبهم اللوحة، كان ويبر يشعر أنها جميلة وتتحدّث إليه.
وفي مرحلة تالية، اشترى حاكم بورتوريكو اللوحة مقابل ألفي جنيه استرليني فقط. لكن قيمتها اليوم تُقدّر بملايين الدولارات.
كان فريدريك ليتون احد أشهر الرسّامين في عصره. وكان ينتمي للحركة الجمالية ومتخصّصا في رسم المواضيع الأسطورية، حيث المزاج وجمال الجسد واللون مقدّمة على السرد أو الدروس والمواعظ. ويقال أن هذا الفنّان كان يفهم في الشعر الفنّي أكثر من منتقديه.
وقد أنهى رسم هذه اللوحة في الأشهر الأخيرة من حياته، وكان وقتها رئيسا للأكاديمية الملكية وحارسا للذوق الفيكتوري. وعند عرضها في الأكاديمية كان ليتون مريضا جدّا، لذا لم يتمكّن من الحضور، ثم لم يلبث أن مات بسبب مرض في القلب.
فنّ ليتون الكلاسيكي الصارم والدقيق جنى عليه الرسم الانطباعيّ الأكثر تحرّرا، ولهذا السبب عانت لوحاته من الإهمال البطيء كما توارى اسمه أو كاد في غياهب النسيان.
وما ينطبق على الرسم ينطبق على الأدب. من يهتمّ مثلا إذا كنت لا تحبّ "هاملت"، تلك المسرحية التي يتّفق معظم الناس على أنها أدب عظيم.
وهذا يجرّنا إلى السؤال: هل هذه اللوحة فنّ عظيم؟
الواقع أنها إحدى أشهر اللوحات الفنّية من العصر الفيكتوري، بل ربّما كانت أشهر من فريدريك ليتون، الفنّان الذي رسمها. وهي ما تزال مفضّلة في البوسترات وفي صالات الجلوس في البيوت وغرف الانتظار.
بل إن مجلّة فوغ النسائية المشهورة وضعت غلافا لها قبل فترة يحمل صورة عارضة أزياء اسمها جيسيكا تشاستين تأخذ وضعية المرأة في اللوحة وطريقة لباسها.
بإمكانك أن تقول إن اللوحة عمل مثير للجدل. لكن الآراء حولها منقسمة، بعض الناس يحبّها كثيرا والبعض الآخر يعتبرها فنّا مضحكا. لكن ينبغي أن نفهم جاذبيّتها.
الذين يحبّون اللوحة، ترى ما الذي يحبّونه فيها؟ شفافيّتها، طيّات الملابس، اللون الأرجوانيّ، أم المرأة النائمة التي تأخذ شكل زهرة، أم الوهج البرتقاليّ الذي يلفّها ويلقي بلمعانه على وجهها وذراعيها، أم هذا الشعور الحالم الذي لا يقاوَم ذات ليلة صيفية على شواطئ البحر المتوسّط القديمة، أم جمال الإطار الذي استلهمه الرسّام من عصر النهضة؟
بعض النقّاد يعتبرون اللوحة فانتازيا هروبية. هناك فيها بذخ وحسّية خفيفة في مناخ حارّ وفي مكان كلاسيكيّ، وكلّ هذه العناصر تُضفي عليها شيئا من الرومانسية.
إن الرسالة التي يتضمّنها عمل فنّي ما هي إلا مجرّد عنصر واحد فيه. لكن هل الرسالة مهمّة أصلا؟! يمكن أحيانا أن تحمل الصورة أفكارا شائكة وقد لا تحمل أيّ فكرة، ومع ذلك تظلّ جديرة بالنظر إليها. جسد نائم يمكن أن يكون موضوعا لقصّة شيّقة.
بعض منتقدي اللوحة يقولون إذا أردت أن تتعرّف إلى النسيج الشاشيّ أو الحريريّ وكيف ترسمه في لوحة، فلا تنظر الى هذه اللوحة، بل انظر إلى رسومات الفرنسيّ دومينيك انغر.
وإذا أردت أن تراه مرسوما بضربات فرشاة سريعة ومتوهّجة، فانظر إلى أعمال إدوار مانيه. غير أن نسيج ليتون في هذه اللوحة ليس مصنوعا من أيّة مادّة. والثوب لا يشبه أيّ لباس يمكن طيّه وجمعه.
ثم هل وضع المرأة في اللوحة ممكن، أو قابل للتصديق؟
على العكس ممّا كان يفعل كوربيه، تجنّب ليتون التجسيد التشريحيّ الواضح للجسد. كما لم يعد الغرض هو تصميم الجسد لكي يتناسب مع الأنماط والأشكال، على غرار ما كان يفعله غوستاف كليمت مثلا. فكرة ليتون وغرضه هو أن لا شيء في الجسد ينبغي أن يُرى بوضوح.
الموسيقيّ البريطانيّ اندرو لويد ويبر رأى ذات مرّة لوحة ليتون هذه وأعجب بها. لكنه لم يكن يملك المبلغ المطلوب لشرائها آنذاك وهو خمسون جنيها استرلينيّا فقط. كما لم يعبأ ويبر برأي النقّاد الذين كانوا يحطّون من شأن الفنّ الفيكتوري بشكل عام ويعتبرونه فنّا مبتذلا.
وقد ذهب ويبر إلى بعض أقاربه يطلب منهم إقراضه المبلغ، فرفضوا على أساس أن اللوحة فنّ رخيص. في ذلك الوقت كان الكثيرون يردّدون: إذا كنت تريد الناس أن يشرقوا بالماء فاذكر لهم الفنّ ما قبل الرافائيلي.
لكن على عكس النقّاد وأفراد النخبة الذين لم تعجبهم اللوحة، كان ويبر يشعر أنها جميلة وتتحدّث إليه.
وفي مرحلة تالية، اشترى حاكم بورتوريكو اللوحة مقابل ألفي جنيه استرليني فقط. لكن قيمتها اليوم تُقدّر بملايين الدولارات.
كان فريدريك ليتون احد أشهر الرسّامين في عصره. وكان ينتمي للحركة الجمالية ومتخصّصا في رسم المواضيع الأسطورية، حيث المزاج وجمال الجسد واللون مقدّمة على السرد أو الدروس والمواعظ. ويقال أن هذا الفنّان كان يفهم في الشعر الفنّي أكثر من منتقديه.
وقد أنهى رسم هذه اللوحة في الأشهر الأخيرة من حياته، وكان وقتها رئيسا للأكاديمية الملكية وحارسا للذوق الفيكتوري. وعند عرضها في الأكاديمية كان ليتون مريضا جدّا، لذا لم يتمكّن من الحضور، ثم لم يلبث أن مات بسبب مرض في القلب.
فنّ ليتون الكلاسيكي الصارم والدقيق جنى عليه الرسم الانطباعيّ الأكثر تحرّرا، ولهذا السبب عانت لوحاته من الإهمال البطيء كما توارى اسمه أو كاد في غياهب النسيان.
Credits
frick.org
frick.org