يُصنع السجّاد لكي يمشي أو يجلس عليه الناس، أو هذا ما استقرّ في أذهان الكثيرين. لكني انظر إلى كلّ سجّادة باعتبارها عملا فنّيا يجدر أن تتأمّله العين وتستمتع بجماله النفس.
وأحيانا عندما أرى سجّادة متقنة التصميم وبديعة الألوان اشعر بالحزن عندما أتذكّر أن مثل هذا الجمال سينتهي تحت الأقدام، بينما مكانه الذي يليق به هو أن يُعلّق في المجالس كي تستمتع به الأعين فتقدّر جماله والجهد المبذول في صنعه.
ومن عادتي أن اذهب من وقت لآخر لزيارة بعض معارض السجّاد، لا لأقتني سجّادة فاخرة وإنما لأرى التصاميم الجديدة ولأستمتع بالنظر إلى الأنماط والأشكال ومزيج الألوان فيها.
وصناعة سجّادة متميّزة يمكن أن يستغرق وقتا طويلا مع الكثير من الجهد والمهارة. وهناك عوامل معيّنة لتقدير قيمة سجّادة ما، منها الحجم وكثافة العقد والموادّ المستعملة في صنعها والتصميم والألوان وما إلى ذلك.
وأغلى السجّاد هو ما صُنع من الحرير الخالص أو من الحرير مع قليل من القطن والصوف. لكن وفي كلّ الأحوال يظلّ الغرض الأساس من السجّادة جماليّا، وهو أن تسرّ العين وتثير اهتمام الناظر وتأسره بأنماطها الشائكة وتفاصيلها المعقّدة والبديعة.
يقال أن أقدم سجّادة مصنوعة باليد في العالم عُثر عليها بين أطلال قصر أمير تتاريّ يُدعى "ألتاي" في سيبيريا، ويُقدّر عمر السجّادة بأكثر من ألفين وخمسمائة عام.
وهناك قصّة ترويها بعض المصادر التاريخية عن الملك الفارسيّ كسرى الأوّل. ففي عام 531، أراد هذا الملك أن يبرهن لزوّاره على مقدار ثروته وسلطته، فملأ غرف قصره بأغلى الكنوز والنفائس المجلوبة له من شتّى أرجاء المملكة.
ثم فرش اكبر قاعات القصر، حيث يستقبل كبار رعاياه وضيوفه الأجانب، بسجّادة لم يرَ الناس من قبل مثل جمالها وضخامتها. كانت مساحتها تسعين قدما ومصنوعة من أجود أنواع الحرير الموشّى بالذهب والفضّة والجواهر.
وكانت السجّادة تصوّر منظرا لحديقة في الربيع يأخذ فيها الماء شكل حبّات البلّلور والتربة شكل الذهب المطحون والفواكه والأزهار شكل الحجارة الثمينة. وبعد وفاة هذا الملك بستّين عاما، قدِم الفاتحون العرب إلى بلاد فارس واستولوا على المدائن وأخذوا محتويات قصر كسرى ليفرشوا بها المساجد والقصور.
وقد بُهر الجند المنتصرون عندما رأوا السجّادة. ولمّا لم يستطيعوا نقلها بسبب ضخامتها، عمدوا إلى تقطيعها لأجزاء صغيرة ثم توزّعوها في ما بينهم كغنيمة حرب وكتذكار.
لكن تلك السجّادة العجيبة أصبحت النموذج الأكمل الذي يصنع النسّاجون اليوم سجّادهم على منواله، ما جعل السجّاد الفارسيّ يتبوّأ الآن المركز الأوّل في العالم.
السجّاد المتوفر في السوق الآن كثير ومتنوّع من حيث التصميم والجودة والسعر. هناك سجّاد فارسيّ وتركيّ وصينيّ وآذاريّ وهنديّ وتركمانيّ وباكستانيّ الخ. ومؤخّرا تعرّفت على السجّاد البلجيكيّ، وهذا الأخير جودته لا بأس بها وأسعاره معقولة.
وأحيانا عندما أرى سجّادة متقنة التصميم وبديعة الألوان اشعر بالحزن عندما أتذكّر أن مثل هذا الجمال سينتهي تحت الأقدام، بينما مكانه الذي يليق به هو أن يُعلّق في المجالس كي تستمتع به الأعين فتقدّر جماله والجهد المبذول في صنعه.
ومن عادتي أن اذهب من وقت لآخر لزيارة بعض معارض السجّاد، لا لأقتني سجّادة فاخرة وإنما لأرى التصاميم الجديدة ولأستمتع بالنظر إلى الأنماط والأشكال ومزيج الألوان فيها.
وصناعة سجّادة متميّزة يمكن أن يستغرق وقتا طويلا مع الكثير من الجهد والمهارة. وهناك عوامل معيّنة لتقدير قيمة سجّادة ما، منها الحجم وكثافة العقد والموادّ المستعملة في صنعها والتصميم والألوان وما إلى ذلك.
وأغلى السجّاد هو ما صُنع من الحرير الخالص أو من الحرير مع قليل من القطن والصوف. لكن وفي كلّ الأحوال يظلّ الغرض الأساس من السجّادة جماليّا، وهو أن تسرّ العين وتثير اهتمام الناظر وتأسره بأنماطها الشائكة وتفاصيلها المعقّدة والبديعة.
يقال أن أقدم سجّادة مصنوعة باليد في العالم عُثر عليها بين أطلال قصر أمير تتاريّ يُدعى "ألتاي" في سيبيريا، ويُقدّر عمر السجّادة بأكثر من ألفين وخمسمائة عام.
وهناك قصّة ترويها بعض المصادر التاريخية عن الملك الفارسيّ كسرى الأوّل. ففي عام 531، أراد هذا الملك أن يبرهن لزوّاره على مقدار ثروته وسلطته، فملأ غرف قصره بأغلى الكنوز والنفائس المجلوبة له من شتّى أرجاء المملكة.
ثم فرش اكبر قاعات القصر، حيث يستقبل كبار رعاياه وضيوفه الأجانب، بسجّادة لم يرَ الناس من قبل مثل جمالها وضخامتها. كانت مساحتها تسعين قدما ومصنوعة من أجود أنواع الحرير الموشّى بالذهب والفضّة والجواهر.
وكانت السجّادة تصوّر منظرا لحديقة في الربيع يأخذ فيها الماء شكل حبّات البلّلور والتربة شكل الذهب المطحون والفواكه والأزهار شكل الحجارة الثمينة. وبعد وفاة هذا الملك بستّين عاما، قدِم الفاتحون العرب إلى بلاد فارس واستولوا على المدائن وأخذوا محتويات قصر كسرى ليفرشوا بها المساجد والقصور.
وقد بُهر الجند المنتصرون عندما رأوا السجّادة. ولمّا لم يستطيعوا نقلها بسبب ضخامتها، عمدوا إلى تقطيعها لأجزاء صغيرة ثم توزّعوها في ما بينهم كغنيمة حرب وكتذكار.
لكن تلك السجّادة العجيبة أصبحت النموذج الأكمل الذي يصنع النسّاجون اليوم سجّادهم على منواله، ما جعل السجّاد الفارسيّ يتبوّأ الآن المركز الأوّل في العالم.
السجّاد المتوفر في السوق الآن كثير ومتنوّع من حيث التصميم والجودة والسعر. هناك سجّاد فارسيّ وتركيّ وصينيّ وآذاريّ وهنديّ وتركمانيّ وباكستانيّ الخ. ومؤخّرا تعرّفت على السجّاد البلجيكيّ، وهذا الأخير جودته لا بأس بها وأسعاره معقولة.
أذواق الناس في السجّاد عرضة للتغيّر الدائم. في الماضي مثلا، كنت أميل إلى الألوان الزاهية والغميقة، والآن أفضّل الألوان الباردة والخفيفة. وأفضل مثال على النوع الأخير هو السجّاد المعروف بسجّاد حبيبيان نسبة إلى فتح الله حبيبيان، وهو نسّاج إيراني ولد في بدايات القرن الماضي واستطاع أن يكتسب سمعة عالمية بفضل حرفيّته الرفيعة وذوقه العالي في صنع السجّاد.
وحبيبيان يلقّب بالأب الروحيّ لسجّاد "نايين"، وهي بلدة صغيرة تقع على بعد مائتي كيلومتر إلى الشرق من أصفهان. وبالإضافة إلى صناعة السجّاد، تشتهر هذه البلدة بمبانيها الطينية وبوجود احد الجوامع القديمة الذي يعود تاريخه إلى القرن العاشر الميلاديّ.
وبفضل حبيبيان، صُنعت في نايين بعض أجود وأجمل السجّاد في العالم والذي يبحث عنه الجامعون دائما. وبفضله أيضا، أصبح لهذه البلدة الريفية الصغيرة مكان بارز على خارطة صناعة السجّاد العالمي.
وأهمّ سمة في السجّاد الذي يحمل بصمة حبيبيان انه منسوج باليد بالكامل، كما أنه خفيف الوزن نسبيا وتغلب عليه الألوان الرمادية والكريمية والزرقاء والبيج والحمراء والبيضاء واللازوردية، مع "ميداليون" أو دائرة كبيرة في الوسط، بالإضافة إلى رسوم ارابيسك وموتيفات زهرية مختلفة.
كما يتميّز هذا السجّاد بكثافة العقد التي يمكن أن تصل إلى أكثر من مليون عقدة في المتر المربّع الواحد. وعادة يُحكم على جودة سجّادة بعدد طبقاتها "أربع أو ستّ أو تسع" وبعدد الخيوط المستخدمة في كلّ لفّة. وكلّما قلّ عدد الطبقات كلّما ارتفعت جودة السجّادة. وكقاعدة فإن السجّاد ذا الأربع طبقات هو الأجود وبالتالي الأغلى سعرا. وهذا النوع من الصعب العثور عليه هذه الأيّام.
المعروف أن حبيبيان اظهر موهبة طبيعية في صنع السجّاد منذ سنّ مبكّرة، وافتتح أوّل ورشة له في نايين عام 1920. كما نسج أوّل سجّادة عندما كان تلميذا. وقد بيعت السجّادة بمائة تومان أي حوالي عشرين دولارا أمريكيا، وكان هذا سعرا عاليا في ذلك الوقت.
ثم لم يلبث أن بدأ مع شقيقه صنع سجّاد فاخر من الحرير الخالص. ومن خلال حرفيته ورؤيته الفنّية وذوقه الرفيع، استطاع حبيبيان بمفرده أن يصوغ ملامح سجّاد هذه البلدة كما يعرفه العالم الآن، وأن ينافس المراكز التقليدية والقديمة في صناعة السجّاد مثل كاشان وأصفهان ويزد.
ورغم أن سجّاد نايين يشبه كثيرا سجّاد أصفهان المجاورة، إلا أن الأوّل يتضّمن موتيفات لطيور وحيوانات أكثر ويغلب على تصاميمه الحرير في الأطراف. أما الوسط فمزيّن عادةً بأنماط متداخلة من أغصان الأزهار وأوراق الشجر. كما أن الألوان فيه اخفّ وأكثر نعومة.
استمرّ فتح الله حبيبيان يصنع السجّاد حتى بلوغه سنّ الثمانين. وبعد وفاته عام 1995، استمرّت ورشته في إنتاج سجّاد ذي نوعية عالية جدّا، رغم أن وتيرة الإنتاج صارت أبطأ من السابق. وجزء مهمّ من هذا السجّاد يمكن رؤيته في أسواق دول الخليج حيث يقدّره الزبائن العرب لجودته ومتانته ويقتنونه رغم ارتفاع أسعاره.
وحبيبيان يلقّب بالأب الروحيّ لسجّاد "نايين"، وهي بلدة صغيرة تقع على بعد مائتي كيلومتر إلى الشرق من أصفهان. وبالإضافة إلى صناعة السجّاد، تشتهر هذه البلدة بمبانيها الطينية وبوجود احد الجوامع القديمة الذي يعود تاريخه إلى القرن العاشر الميلاديّ.
وبفضل حبيبيان، صُنعت في نايين بعض أجود وأجمل السجّاد في العالم والذي يبحث عنه الجامعون دائما. وبفضله أيضا، أصبح لهذه البلدة الريفية الصغيرة مكان بارز على خارطة صناعة السجّاد العالمي.
وأهمّ سمة في السجّاد الذي يحمل بصمة حبيبيان انه منسوج باليد بالكامل، كما أنه خفيف الوزن نسبيا وتغلب عليه الألوان الرمادية والكريمية والزرقاء والبيج والحمراء والبيضاء واللازوردية، مع "ميداليون" أو دائرة كبيرة في الوسط، بالإضافة إلى رسوم ارابيسك وموتيفات زهرية مختلفة.
كما يتميّز هذا السجّاد بكثافة العقد التي يمكن أن تصل إلى أكثر من مليون عقدة في المتر المربّع الواحد. وعادة يُحكم على جودة سجّادة بعدد طبقاتها "أربع أو ستّ أو تسع" وبعدد الخيوط المستخدمة في كلّ لفّة. وكلّما قلّ عدد الطبقات كلّما ارتفعت جودة السجّادة. وكقاعدة فإن السجّاد ذا الأربع طبقات هو الأجود وبالتالي الأغلى سعرا. وهذا النوع من الصعب العثور عليه هذه الأيّام.
المعروف أن حبيبيان اظهر موهبة طبيعية في صنع السجّاد منذ سنّ مبكّرة، وافتتح أوّل ورشة له في نايين عام 1920. كما نسج أوّل سجّادة عندما كان تلميذا. وقد بيعت السجّادة بمائة تومان أي حوالي عشرين دولارا أمريكيا، وكان هذا سعرا عاليا في ذلك الوقت.
ثم لم يلبث أن بدأ مع شقيقه صنع سجّاد فاخر من الحرير الخالص. ومن خلال حرفيته ورؤيته الفنّية وذوقه الرفيع، استطاع حبيبيان بمفرده أن يصوغ ملامح سجّاد هذه البلدة كما يعرفه العالم الآن، وأن ينافس المراكز التقليدية والقديمة في صناعة السجّاد مثل كاشان وأصفهان ويزد.
ورغم أن سجّاد نايين يشبه كثيرا سجّاد أصفهان المجاورة، إلا أن الأوّل يتضّمن موتيفات لطيور وحيوانات أكثر ويغلب على تصاميمه الحرير في الأطراف. أما الوسط فمزيّن عادةً بأنماط متداخلة من أغصان الأزهار وأوراق الشجر. كما أن الألوان فيه اخفّ وأكثر نعومة.
استمرّ فتح الله حبيبيان يصنع السجّاد حتى بلوغه سنّ الثمانين. وبعد وفاته عام 1995، استمرّت ورشته في إنتاج سجّاد ذي نوعية عالية جدّا، رغم أن وتيرة الإنتاج صارت أبطأ من السابق. وجزء مهمّ من هذا السجّاد يمكن رؤيته في أسواق دول الخليج حيث يقدّره الزبائن العرب لجودته ومتانته ويقتنونه رغم ارتفاع أسعاره.
Credits
carpetencyclopedia.com
carpetencyclopedia.com