هل تتوقّع حقّا أن تتمكّن من سرقة، أو حتى لمس قطرة واحدة من أقدس الينابيع وأكثرها قسوةً؟ حتى الآلهة وجوپيتر نفسه يخافون من مياه ستيكس. ويجب أن تعلم أنه، كما تُقسِم أنت بقوى الآلهة، فإن الآلهة نفسها تقسم دائما بجلال ستيكس.
* نسر جوپيتر موبّخاً سايكي، التحوّلات لأبوليوس، ١٥٠م.
* نسر جوپيتر موبّخاً سايكي، التحوّلات لأبوليوس، ١٥٠م.
❉ ❉ ❉
في اللوحة التي فوق، يصوّر الفنّان الفرنسي غوستاف دوريه مشهدا من قصيدة دانتي أليغييري الملحمية "الكوميديا الإلهية". وتصوّر اللوحة جزءا من نهر ستيكس الأسطوري الذي تظهر وسط أمواجه المضطربة العديد من الأرواح المعذّبة والأجساد المتلوّية والمتألّمة.
وفي وسط المنظر، تظهر شخصيّتا دانتي وڤيرجيل وهما يقفان في قارب يقوده حارس الجحيم شيرون. وفي الخلفية، تظهر طبيعة مظلمة ومتعرّجة وسماء منذرة بالشؤم، تعكس الأجواء المضطربة لمناطق الجحيم في كتاب دانتي. وقد استخدم الرسّام خطوطا تفصيلية ومعبّرة لالتقاط الكثافة الدرامية والعاطفية للمشهد.
فكرة الغرب الحديثة عن الحياة الأبدية يمكن إرجاع أصولها إلى شعوب بلاد ما بين النهرين القديمة، التي تَصوّرت عالما سفليّا يُعرف باسم أرالو أو إركالا. وكما كان يُعتقد أن السماوات موجودة فعليّا عالياً فوق رؤوس المؤمنين، كان يُعتقد ايضا أن هذا العالم السفلي موجود تحت سطح الأرض. ولم تكن أرض الموتى مكانا سعيدا ولا مخيفا، بل كانت النقيض الروحي للسماوات ونسخة قاتمة من الحياة على الأرض.
وفي اليونان القديمة كانت الكلمة المعبّرة عن هذا المكان السفلي هي "هيديز". ثم بعد مرور بعض الوقت، أضيف تعقيد آخر إلى هذا المفهوم من خلال فكرة إيجاد وجهة ثانية لأولئك الذين عاشوا حياة فضيلة واستقامة. ثم أصبحت الوجهة الأصلية للموتى أسوأ تدريجيا، وتحوّلت إلى جحيم من النار والظلام.
وكانت هاتان الحالتان متطرّفتين لدرجة أنه بحلول القرن الخامس الميلادي، كان من الواضح أن خيارا ثالثا بات ضروريا لغالبية البشر الذين لا يستحقّون المكافآت الأبدية للقدّيسين ولكنهم أيضا لا يستحقّون العذاب الأبدي. وكان الحلّ لهذه المشكلة هو المطهر او البرزخ، وهو مكان يمكن فيه قبول المتوسّطين أخلاقيّا لفترة موقّتة ريثما يتطهّرون من الذنوب ويُقبلون في الجنّة في النهاية .
في الثقافة اليونانية القديمة، كان لمفهوم الموت أهميّة كبيرة وكانت تصاحبه معتقدات وطقوس مختلفة. وكان الإغريق ينظرون إلى الموت كجزء طبيعي لا مفرّ منه من الحياة، وكان فهمهم للحياة الآخرة ورحلة الروح معقّدا بعض الشيء.
والأساطير اليونانية تقدّم عوالم متعدّدة للحياة الآخرة. فهيديز هو عالَم الموتى، وهو مكان مظلم وكئيب يحكمه إله يحمل نفس الاسم. وهناك أقسام مختلفة داخل هيديز، مثل حقول الإليزيه "أو جِنان الفردوس"، وهي مخصّصة للأبرار والصالحين، وتارتاروس او عالم الجحيم وهو مخصّص للعصاة والفاسدين.
وكان الإغريق يعتقدون أنه بعد الموت، تترك الروح الجسد وتبدأ رحلتها إلى العالم السفلي. وغالبا ما تتضمّن هذه الرحلة عبور نهر ستيكس بمساعدة الربّان شيرون.
وفي وسط المنظر، تظهر شخصيّتا دانتي وڤيرجيل وهما يقفان في قارب يقوده حارس الجحيم شيرون. وفي الخلفية، تظهر طبيعة مظلمة ومتعرّجة وسماء منذرة بالشؤم، تعكس الأجواء المضطربة لمناطق الجحيم في كتاب دانتي. وقد استخدم الرسّام خطوطا تفصيلية ومعبّرة لالتقاط الكثافة الدرامية والعاطفية للمشهد.
فكرة الغرب الحديثة عن الحياة الأبدية يمكن إرجاع أصولها إلى شعوب بلاد ما بين النهرين القديمة، التي تَصوّرت عالما سفليّا يُعرف باسم أرالو أو إركالا. وكما كان يُعتقد أن السماوات موجودة فعليّا عالياً فوق رؤوس المؤمنين، كان يُعتقد ايضا أن هذا العالم السفلي موجود تحت سطح الأرض. ولم تكن أرض الموتى مكانا سعيدا ولا مخيفا، بل كانت النقيض الروحي للسماوات ونسخة قاتمة من الحياة على الأرض.
وفي اليونان القديمة كانت الكلمة المعبّرة عن هذا المكان السفلي هي "هيديز". ثم بعد مرور بعض الوقت، أضيف تعقيد آخر إلى هذا المفهوم من خلال فكرة إيجاد وجهة ثانية لأولئك الذين عاشوا حياة فضيلة واستقامة. ثم أصبحت الوجهة الأصلية للموتى أسوأ تدريجيا، وتحوّلت إلى جحيم من النار والظلام.
وكانت هاتان الحالتان متطرّفتين لدرجة أنه بحلول القرن الخامس الميلادي، كان من الواضح أن خيارا ثالثا بات ضروريا لغالبية البشر الذين لا يستحقّون المكافآت الأبدية للقدّيسين ولكنهم أيضا لا يستحقّون العذاب الأبدي. وكان الحلّ لهذه المشكلة هو المطهر او البرزخ، وهو مكان يمكن فيه قبول المتوسّطين أخلاقيّا لفترة موقّتة ريثما يتطهّرون من الذنوب ويُقبلون في الجنّة في النهاية .
في الثقافة اليونانية القديمة، كان لمفهوم الموت أهميّة كبيرة وكانت تصاحبه معتقدات وطقوس مختلفة. وكان الإغريق ينظرون إلى الموت كجزء طبيعي لا مفرّ منه من الحياة، وكان فهمهم للحياة الآخرة ورحلة الروح معقّدا بعض الشيء.
والأساطير اليونانية تقدّم عوالم متعدّدة للحياة الآخرة. فهيديز هو عالَم الموتى، وهو مكان مظلم وكئيب يحكمه إله يحمل نفس الاسم. وهناك أقسام مختلفة داخل هيديز، مثل حقول الإليزيه "أو جِنان الفردوس"، وهي مخصّصة للأبرار والصالحين، وتارتاروس او عالم الجحيم وهو مخصّص للعصاة والفاسدين.
وكان الإغريق يعتقدون أنه بعد الموت، تترك الروح الجسد وتبدأ رحلتها إلى العالم السفلي. وغالبا ما تتضمّن هذه الرحلة عبور نهر ستيكس بمساعدة الربّان شيرون.
ويعتمد مصير الروح في الحياة الآخرة على عوامل عدّة، منها أعمال وتصرّفات الشخص المتوفّى أثناء حياته ونوعية الطقوس التي رافقت دفنه. والإغريق كانوا يعتقدون أن روح الشخص لا يمكن أن ترتاح بسلام في الحياة الآخرة دون غسل الجسم ودهنه ثم دفنه بالشكل المناسب.
وكان الحداد على الموتى جزءا مهمّا من طقوس الحزن التي تضمن رحلة سلمية للروح الى عالم هيديز أو الآخرة، كارتداء الملابس السوداء وقصّ أو تمزيق الشعر وترك عملة معدنية على جسد الميّت لتُدفع لشيرون كرسم لعبور النهر.
ويؤكّد علماء الآثار أنه في بعض المدافن، وُجدت بالفعل عملات معدنية موضوعة في فم الميّت أو بالقرب منه، واعتُبر هذا تأكيدا على أن لبعض جوانب أسطورة شيرون أصلا في بعض ممارسات الجنائز اليونانية والرومانية، وأن العملات المعدنية تعمل كزادٍ لرحلة الروح.
ويذكر ڤيرجيل في "الإنيادا" أنه كان على الموتى الذين لم يتمكّنوا من دفع الرسوم لشيرون أو لم يتلقّوا طقوس دفن لائقة أن يتجوّلوا على غير هدى على طول شواطئ ستيكس لمائة عام قبل أن يُسمح لهم بعبور النهر.
وعبور نهر ستيكس هو رمز للرحلة من عالم الأحياء إلى الحياة الآخرة وانفصال الروح عن الجسد المادّي. وكثيرا ما يُصوَّر النهر على أنه كتلة مائية مظلمة وغامضة، يفصل بين أرض الأحياء وأرض الموتى، ويعكس الطبيعة القاتمة وغير المعروفة للحياة الآخرة. أمّا دور شيرون فهو توجيه الأرواح ونقلها عبر هذه الحدود والعمل كمرشد وحارس لهذا الانتقال.
وكان أورفيوس، العازف الأسطوري، ممّن نقلهم شيرون بقاربه لاستعادة زوجته من عالم هيديز. وقد سَمح له بعبور نهر ستيكس دون دفع الرسوم المعتادة بعد أن فتنته موسيقاه. ويكشف هذا التعاطف النادر عن جانب أكثر رقّة وإنسانية لشيرون، الذي يُنظر إليه عادةً كشخصية قاسية ولا تعرف الرحمة.
كان لشيرون تأثير كبير على الفنّ والأدب وعلى الثقافة الشعبية. وظهرت صورته كقائد لسفينة الموتى في عدد لا يُحصى من اللوحات والمنحوتات. وقد اجتذب موضوع عبوره لنهر ستيكس، مصحوبا بأرواح الموتى الى ارض هيديز، اهتمام الكثير من الرسّامين الذين جسّدوه في أعمال فنيّة مختلفة عبر التاريخ.
وكان الغرض من تلك الأعمال استكشاف مواضيع مثل زوال الحياة وحتمية الموت ولاستثارة شعور بالغموض والتشاؤم والمجهول في نفس الناظر. وغالبا ما تصوّر الأعمال الفنيّة منظرا طبيعيا مهجورا يتضمّن نهرا مظلما وقاربا يقف فيه الربّان أو يجلس، بينما ينهمك في نقل الأرواح الى الآخرة.
رمزية نهر ستيكس ورجل القارب منعكسة أيضا في مواقفنا الثقافية تجاه الموت والاحتضار. وفكرة عبور النهر للوصول إلى الحياة الآخرة هي مفهوم عالمي يمكن أن نجده في العديد من الثقافات والأديان حول العالم. كما أن صورة شيرون تأكيد على أهمية قبولنا لفكرة فنائنا في النهاية.
وهذان الرمزان الدائمان في الأساطير اليونانية، أي نهر ستيكس وشيرون، ما يزالان يأسراننا ويلهماننا حتى اليوم. ومن المرجّح أن تظلّ صورتهما جزءا مهمّا من خيالنا الثقافي للقرون القادمة. وقد تجاوزت الصورتان الأساطير اليونانية ودخلت في سياقات ثقافية أوسع وأصبحت ترمز للموت والانتقال والمجهول بإثارتها فضول البشر الأبدي حول ما يكمن وراء هذا العالم.
وكان الحداد على الموتى جزءا مهمّا من طقوس الحزن التي تضمن رحلة سلمية للروح الى عالم هيديز أو الآخرة، كارتداء الملابس السوداء وقصّ أو تمزيق الشعر وترك عملة معدنية على جسد الميّت لتُدفع لشيرون كرسم لعبور النهر.
ويؤكّد علماء الآثار أنه في بعض المدافن، وُجدت بالفعل عملات معدنية موضوعة في فم الميّت أو بالقرب منه، واعتُبر هذا تأكيدا على أن لبعض جوانب أسطورة شيرون أصلا في بعض ممارسات الجنائز اليونانية والرومانية، وأن العملات المعدنية تعمل كزادٍ لرحلة الروح.
ويذكر ڤيرجيل في "الإنيادا" أنه كان على الموتى الذين لم يتمكّنوا من دفع الرسوم لشيرون أو لم يتلقّوا طقوس دفن لائقة أن يتجوّلوا على غير هدى على طول شواطئ ستيكس لمائة عام قبل أن يُسمح لهم بعبور النهر.
وعبور نهر ستيكس هو رمز للرحلة من عالم الأحياء إلى الحياة الآخرة وانفصال الروح عن الجسد المادّي. وكثيرا ما يُصوَّر النهر على أنه كتلة مائية مظلمة وغامضة، يفصل بين أرض الأحياء وأرض الموتى، ويعكس الطبيعة القاتمة وغير المعروفة للحياة الآخرة. أمّا دور شيرون فهو توجيه الأرواح ونقلها عبر هذه الحدود والعمل كمرشد وحارس لهذا الانتقال.
وكان أورفيوس، العازف الأسطوري، ممّن نقلهم شيرون بقاربه لاستعادة زوجته من عالم هيديز. وقد سَمح له بعبور نهر ستيكس دون دفع الرسوم المعتادة بعد أن فتنته موسيقاه. ويكشف هذا التعاطف النادر عن جانب أكثر رقّة وإنسانية لشيرون، الذي يُنظر إليه عادةً كشخصية قاسية ولا تعرف الرحمة.
كان لشيرون تأثير كبير على الفنّ والأدب وعلى الثقافة الشعبية. وظهرت صورته كقائد لسفينة الموتى في عدد لا يُحصى من اللوحات والمنحوتات. وقد اجتذب موضوع عبوره لنهر ستيكس، مصحوبا بأرواح الموتى الى ارض هيديز، اهتمام الكثير من الرسّامين الذين جسّدوه في أعمال فنيّة مختلفة عبر التاريخ.
وكان الغرض من تلك الأعمال استكشاف مواضيع مثل زوال الحياة وحتمية الموت ولاستثارة شعور بالغموض والتشاؤم والمجهول في نفس الناظر. وغالبا ما تصوّر الأعمال الفنيّة منظرا طبيعيا مهجورا يتضمّن نهرا مظلما وقاربا يقف فيه الربّان أو يجلس، بينما ينهمك في نقل الأرواح الى الآخرة.
رمزية نهر ستيكس ورجل القارب منعكسة أيضا في مواقفنا الثقافية تجاه الموت والاحتضار. وفكرة عبور النهر للوصول إلى الحياة الآخرة هي مفهوم عالمي يمكن أن نجده في العديد من الثقافات والأديان حول العالم. كما أن صورة شيرون تأكيد على أهمية قبولنا لفكرة فنائنا في النهاية.
وهذان الرمزان الدائمان في الأساطير اليونانية، أي نهر ستيكس وشيرون، ما يزالان يأسراننا ويلهماننا حتى اليوم. ومن المرجّح أن تظلّ صورتهما جزءا مهمّا من خيالنا الثقافي للقرون القادمة. وقد تجاوزت الصورتان الأساطير اليونانية ودخلت في سياقات ثقافية أوسع وأصبحت ترمز للموت والانتقال والمجهول بإثارتها فضول البشر الأبدي حول ما يكمن وراء هذا العالم.
Credits
study.com
study.com