:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الاثنين، نوفمبر 22، 2021

النسر والإنسان

النسر ملك السماء وأحد أقوى الطيور في العالم.
قبضته أقوى من قبضة الإنسان بـ 7 مرّات.
ونظره أقوى من نظر الإنسان بـ ١٠ مرّات.
لذا يستطيع تحديد مكان فريسته على بعد أكثر من ٣ كيلومترات.
والنسر رمز عالميّ للحرّية والشجاعة والسلام.
وصورته تظهر على أعلام الكثير من الدول. كما يرد اسمه في العديد من القصص الدينية، وتتحدّث كثير من ثقافات العالم عن ذكائه الفريد.
كما يُذكر النسر كثيرا في الأدب. ومن أشهر من تغنّوا به تينيسون الذي كتب قصيدة بعنوان النسر.
وفي الشعر العربي شبّه أبو القاسم الشابّي نفسه بالنسر في إحدى قصائده.
وأغرب ما يُعرف عن النسر هو انه عندما يدرك أن موته صار وشيكا، فإنه ينطلق باتجاه السماء بأقصى سرعة ويستمرّ في طيرانه العمودي إلى أن تمزّقه الرياح القويّة ويتبعثر جسده فوق الغيوم.
وهذا هو السبب في أنه يندر أن يُعثر على نسر ميّت على الأرض. ولهذا تقدّسه بعض الأديان والثقافات وتعتبره كائنا سماوياً.
والنسر يمكن أن يعيش طويلا. وقد يصل عمره إلى ٧٠ عاما.
لكن لكي يبلغ ذلك العمر يجب عليه أن يتخذ قرارا صعبا.
فعندما يكمل الأربعين لا تعود مخالبه الطويلة والقويّة قادرة على الإمساك بالفرائس التي يتغذّى عليها.
كما ينثني منقاره الحادّ ويلتصق جناحاه الثقيلان بصدره بسبب سماكة ريشه الزائدة ما يجعل طيرانه صعبا.
لذا لا يبقى أمامه سوى احد خيارين: إما أن يموت في مكانه وهناً وعجزا..
وإما أن يُخضع نفسه لعملية تغيير مؤلمة.
وهذه العملية تستغرق من خمسة إلى ستّة أشهر.
ويتعيّن عليه في بدايتها أن يطير إلى قمّة جبل شاهق ويصنع له هناك عشّاً يقضي فيه فترة إقامته.
وطوال بقائه هناك يقوم بضرب منقاره في الصخر كلّ يوم. وينتظر نموّ مخالبه مرّة أخرى ليبدأ التخلّي عن ريشه الثقيل والمترهّل واكتساب آخر جديد.
وبعد أن ينجز هذه المهام يبدأ طيرانه المعروف "بالولادة الثانية" حيث يعيش ٣٠ سنة أخرى.
لماذا التغيير ضروري؟ لكي يبقى ويعيش.
ونحن البشر أيضا بحاجة لأن نباشر عملية تغيير في مرحلة ما أو أكثر من حياتنا.
أحيانا نحتاج لأن نتخلّص من بعض ذكرياتنا القديمة وغير السارّة ومن بعض عاداتنا وأفكارنا وقناعاتنا السلبية.
وفقط عندما نتحرّر من أعباء الماضي نستطيع أن نعيش بأمان وراحة مستغلّين ما في الحاضر من إيجابيات.
وإذا كان النسر يستطيع أن يتخذ قرارا لإنقاذ نفسه بتغيير حياته وهو في سنّ الأربعين، فهل كثير على الإنسان أن يفعل الشيء نفسه؟
لكي نتخلّص من مشاعرنا وأفكارنا المعيقة والمكبّلة، يجب أن نفتح عقولنا ونحلّق عاليا كالنسور.
ولعلّك لاحظت أنه عندما يهطل المطر، تبحث كل الطيور عن ملاذ.
لكن النسر يتجنّب المطر بالذهاب إلى أعماق السماء والطيران فوق السحاب.
هذه المشكلة مألوفة للجميع، بشرا وحيوانات وطيورا، لكن طريقة حلّها هي ما يصنع الفرق.
لذا لا تخف من التغيير، بل اقبله بعقل مفتوح لأنه من طبائع الأمور.
وأختم بهذه الحكاية القديمة والمعبّرة، وهي غير ذات صلة مباشرة بالموضوع، لكن بطلها نسر.
ذات يوم، وضعت أنثى نسرٍ أربع بيضات في عشّها الكائن على قمم أحد الجبال. وبفعل زلزال خفيف حدث في تلك المنطقة، سقطت إحدى البيضات من العشّ وتدحرجت إلى أسفل الجبل واستقرّت أخيرا في قنّ للدجاج. فاحتضنتها دجاجة حتى فقست وخرج منها نسرٌ صغير.
ربّت الدجاجة فرخ النسر مع صغارها وكبر معهم وتعلّم منهم. وطوال الوقت كان يظنّ أنه دجاجة. وفي يوم، كان النسر الصغير يلعب مع أفراخ الدجاج في الساحة، فرأى عددا من النّسور تحلق في السماء، وتمنّى لو أنه يستطيع الطيران مثلها. لكنّ الدجاجات سخرت منه، وقالت له إحداها: أنت دجاجة، ولن تستطيع التحليق كالّنسور”.
حزن النسر الصغير كثيراً، ولكنه استسلم لفكرة انه دجاجة ونسي حلمه بالتّحليق في السماء، ولم يلبث أن مات بعد أن عاش حياةً كحياة الدّجاج.

Credits
therapyinsider.com

السبت، أكتوبر 02، 2021

وعيشنا طيف خيال

الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.
- الإمام علي

من الأشياء الغريبة التي تتّصف بها الأحلام أننا لا نعرف أننا نحلم إلا إذا استيقظنا. فداخل الحلم، ذاكرتنا محدودة. لذا قد نظنّ أن ما نراه في حلم أمر حقيقي.
وقدرة الحلم على أن يبدو واقعيّا هي التي دفعت الفيلسوف الفرنسي ديكارت لأن يتساءل ما إذا كان العالم الذي نعرفه ونحن في حالة يقظة قد يكون هو نفسه حلما.
إذا كان الحلم يبدو أحيانا مثل الواقع، فكيف نتأكّد أننا الآن وفي هذه الحياة لا نعيش في حلم قد نصحو منه ذات يوم؟
هذا هو السؤال الذي شغل العديد من الفلاسفة والشعراء والروحانيين وعلماء النفس منذ القدم وعلى مرّ قرون.
والسؤال له علاقة بأنواع التجارب المتاحة للعقل الإنساني وبفحص الطبيعة الحقيقية للعالم الذي نعيش فيه.
فهناك تجارب مرّ بها أشخاص عاشوا حالات غير عادية من الوعي، مثل الذين عادوا إلى الحياة بعد أن قاربوا الموت، أو الذين استخدموا عقاقير نقلتهم إلى حالات ذهنية معدّلة، أو ما يقال عن الوسطاء الروحانيين الذين يصِلون الأحياء بأقاربهم الذين غادروا هذه الحياة.
لكن هناك من العلماء من يفرّقون بين حالتي الحلم والواقع ويجادلون بأن عالمنا الواعي متماسك، وهو ما يفتقده الحلم. غير أن ديمومة الأشياء وعناصر البيئة التي نراها في عالم الواقع ليست ضمانة على أن هذا العالم واقعيّ حقّا.
من جهة أخرى، فإن الفيزياء تعلّمنا بأن الأشياء التي ننظر إليها على أنها صلبة هي مكوّنة بالكامل من فضاءات فارغة. وتجارب الكوانتم تَعتبر انه في ظلّ ظروف معيّنة فإن كتل المباني لا تتصرّف كجزيئات وإنّما كموجات من الاحتمالات.
وبناءً عليه، هل يأتي يوم نصحو فيه من حلم فنرى عالما أكثر تماسكا وواقعية ونمرّ بمستويات غير مسبوقة من المعرفة والذاكرة وغيرها من الوظائف الادراكية تتجاوز تلك التي نعرفها في حياتنا العادية.
أهل التبت يعتقدون أن الإنسان عندما يغادر هذه الحياة يدخل في حالة شبيهة بالحلم بانتظار ولادته من جديد.
ومعنى أن "الحياة حلم" عندهم هو أن كل شيء هو ثمرة عقل الإنسان. فجسدك يتحلّل كل يوم، وهو يتغيّر باستمرار. ومن خلال التأمّل يمكنك أن توقف شعورك بجسدك أو أن لك جسدا. وفي فهمهم أن هذا العالم ليس حقيقيا لأنه نتيجة ما تتصوّره عقولنا القاصرة والمحدودة عنه.
في هذا العالم، كلّ شيء مركّب. خذ السيّارة مثلا. ما الذي يتبقّى منها إن جرّدتها من الزجاج والأنوار والماكينة والمقاعد؟! في الحقيقة لا يبقى شيء بعدها يمكن أن يُسمّى سيّارة.
إن وجودنا في هذا العالم العائم يشبه قطرة ندى صغيرة، أو فقاعة طافية فوق جدول، أو ومضة ضوء في غمامة صيف، أو شمعة واهنة في مهبّ الريح. انه وجود حالم بل وهشّ أيضا.
كان تلاميذ بوذا يسألونه: هل أنت قدّيس أم إله أم زاهد متصوّف؟ وكان يجيب: أنا شخص إستيقظ". لذا سُمّي "بوذا"، أي الشخص الذي تمّ إيقاظه. وهو للحقيقة لم يقل إن الحياة حلم، بل قال إنها معاناة، وأحيانا وهم.
إن حياة الإنسان تتلاشى مثل ندى الصباح. فكّر في ماضيك وكيف أن الأشياء لم تدُم. هل تتذكّر شخصا رأيته وهو يلفظ الأنفاس الأخيرة من حياته؟ كلّ شيء ينتهي في لحظة خاطفة.
العلماء يقولون إن حياة شخص واحد ليست سوى جزء من الثانية من عمر الكون. ووجود البشر على هذه الأرض نسبةً إلى الزمن الجيولوجي للكوكب ليس أكثر من بضع وخمسين ثانية.
انظر إلى السماء في ليلة مظلمة. سترى نجوما لا تُعدّ ولا تُحصى. لكن يُحتمل أن بعضها لم تعد هناك، بل ماتت مُنذ ملايين السنين. وما يصلنا هو ضوئها الذي يقطع مسافات فلكية كي يصلنا. أفلا يبدو هذا اقرب ما يكون إلى الحلم؟
إن حياة الإنسان على هذه الأرض مقارنةً بحياة الجبال والأنهار والمحيطات الهائلة قصيرة جدّا. إنها مثل حلم يدوم ثواني معدودة ثم يتلاشى في الهواء بسرعة.
ولو تذكّرت الماضي، أي قبل ٣٠ سنة أو ٢٠ أو حتى قبل أشهر، فإن كلّ ما بقي لديك هو الذكريات.
فالعيش نوم والمنيّة يقظة
والمرء بينهما خيال ساري
ذات مرّة قرأت أن الإنسان إذا حضره الموت فإنه يرى في لحظات احتضاره شريطا من صور حياته وذكرياته، تمرّ أمام عينيه وتختصر أهم المواقف والأشخاص في حياته الفانية.
"الحياة حلم" جملة يمكن أن يكون لها معنى ديني أحيانا، فإذا فكّرت في الخلود فإن الحياة على الأرض تشبه حلما. وفي هذه الحالة فإن على الإنسان أن يعمل للحياة الأخرى ويستعدّ لها بالعمل الصالح.
يقول الإمام علي عليه السلام:
إنما الدنيا كظلّ زائل
أو كضيف بات ليلا فارتحل
أو كطيف قد يراه نائم
أو كبرق لاح في دنيا الأمل
لكن سواءً كانت هذه الحياة واقعا أم حلما، فإننا يجب أن نعيشها كما ينبغي وأن يتحمّل كلّ منّا مسئوليته ليطوّر نفسه ويستثمر ما وهبه الله له من نعم وعطايا على أفضل وجه لفائدة نفسه والآخرين.

Credits
psychologytoday.com

الاثنين، سبتمبر 13، 2021

الوصايا الثلاثون

  • عندما تقابل شخصا مضى وقت طويل منذ أن رأيته آخر مرّة، فلا تسأله كم أصبح عمره أو ما هو راتبه الآن، ما لم يبادر هو إلى إخبارك. هذه الأشياء لا فائدة من معرفتها وقد تُشعر الشخص الآخر بالضيق.
  • لا تهاتف شخصا أكثر من مرّتين. إذا لم يردّ على اتصالك فافترض أنه مشغول بأمر هام.
  • أعد المال الذي اقترضته حتى قبل أن يطلبه الشخص الدائن. هذا يثبت أنك شخص نزيه تقدّر معروف الآخرين. ونفس الشيء ينطبق على أي شيء تقترضه أو تستعيره من الغير.
  • إذا دعاك أحد إلى عشاء أو غداء في مطعم، فلا تطلب أغلى طبق على قائمة الطعام.
  • لا تسأل أسئلة لا لزوم لها، مثل لماذا لم تتزوج أو لماذا لم تنجب أطفالا أو لماذا ليس لديك بيت. هذه أشياء لا تخصّك وليست من شأنك.
  • إخلع نظارتك الشمسية إذا أردت الحديث مع شخص ما في الشارع. هذه بادرة احترام منك، لأن التواصل بالعيون مهم مثل التواصل بالكلام.
  • دائما أبقِ الباب مفتوحا للشخص الذي يمشي وراءك. هذه لفتة تدلّ على مجاملتك ولطفك.
  • إحترم اختلاف الآراء. فالرأي الآخر قد يكون هو أيضا وجيها ومنطقيا. بل قد يكون أحيانا أكثر وجاهة من رأيك.
  • لا تتحدث عن ثروتك أمام الفقراء، ولا عن أطفالك أمام أشخاص لم يُرزقوا بأطفال.
  • تذكّر أن الأصدقاء الحقيقيين قليلون ونادرون هذه الأيام. وستكون محظوظا إن ظفرت بواحد أو اثنين.
  • لا شيء يأتي بسهولة في هذه الحياة. فلكي تحقق شيئا يجب أن تعمل عليه بجدّ وتعب.
  • دائما إمدح علنا، وإذا أردت أن تنتقد أحدا فأخبره بينك وبينه.
  • لا تقاطع الشخص الذي يكلمك. دعه يقول كل ما لديه. هذا دليل على أنك إنسان مهذب ومراعٍ للآخرين.
  • لا يوجد سبب يدعوك لأن تقول لشخص: وزنك زاد في الفترة الأخيرة"، خاصّة إن كنت لا تعرفه إلا من بعيد. قل له أنت رائع، أو تبدو بحال حسن. لكن إن أراد الشخص أن يحدثك عن هذه الأشياء فهذا شأنه.
  • عندما يريك شخص ما صورة في هاتفه الجوّال فلا تحاول أن تمرّرها لترى غيرها. فأنت لا تعرف ما الذي بعدها. كما أن هذا ليس من شأنك ويُظهرك بمظهر الشخص النزق والمتطفّل.
  • إذا وجّه شخص كلامه إليك بشكل مباشر فلا تنظر إلى جوّالك، لأن هذا ليس من دواعي الأدب أو الذوق.
  • ستكون لوحدك في أصعب ظروف حياتك. لا أحد سيهتم بمساعدتك، بل يتعيّن عليك أنت أن تساعد نفسك. وتذكّر أن الظروف الصعبة تصقل الإنسان وتجعله أكثر حكمةً ونضجا وجسارة.
  • ستقابل كثيرا من الأشخاص المزيّفين والمتطفلين والشامتين والتافهين. تعلّم كيف تعرفهم ثم احتفظ بمسافة آمنة منهم.
  • إذا قال لك صديق أن لديه موعدا مع طبيب فلا تسأله عن مرضه. فقط تمنّ له الشفاء والعافية، لأنه لو أراد أن يطلعك على طبيعة مرضه فسيقول لك دون أن تسأله.
  • لا تقدّم نصيحة لأي إنسان أبدا إلا إن طلب منك ذلك من تلقاء نفسه.
  • لا تستهن أبدا بنفسك. فلديك من الإمكانيات والقدرات والمواهب أكثر ممّا تظن.
  • أحيانا قد يصادفك من يحاول جرّك إلى الوراء بدافع الغيرة أو الحسد. فلا تندهش ولا تستغرب فهذه طبيعة الحياة. وكل ما عليك فعله هو أن تحافظ على تقدّمك وتعزم على بلوغ أهدافك.
  • إذا مازحت شخصا وبدا لك أن تصرّفك لم يرُق له، فتوقف عن المزاح فورا ولا تكرّر ذلك مرّة أخرى، لأن هذا يُظهر أنك مهتم بمشاعر الآخرين.
  • من الجيّد أن تكون إنسانا كريما. لكن هناك حدّاً لكل شيء. ولو تغيّرت ظروفك ووقعت في ضائقة لا سمح الله، فلن يغفر لك من عوّدتهم على سخائك وسيرمونك بالبخل وينسون كرمك القديم.

  • Credits
    psychologytoday.com