المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر 27, 2024

لقاء المعلّم والخان/2

صورة
في هذا الجزء "الثاني"، يواصل "لي تشي تشانغ" رواية المزيد من المشاهدات والتفاصيل التي دوّنها في كتابه "رحلات تشانغ تشون إلى الغرب" عن رحلة معلّمه الطاوي إلى بلاط جنكيز خان امبراطور المغول. ❉ ❉ ❉ تابعنا سيرنا إلى أن وصلنا إلى مدينة وجدنا فيها عشبا وماءً. وجاء رئيسها، وهو مسلم أيضا، لاستقبالنا واستضافنا وقدّم لنا العشاء والنبيذ. وبأمره، قام بعض الفتيان بأداء المسرحيات والرقص بالسيوف وتسلّق الأعمدة. وبعد ذلك مررنا بمدينتين أخريين، وسافرنا نصف يوم بين الجبال ثم خرجنا إلى وادٍ يمتدّ من الجنوب إلى الشمال. وهناك قضينا الليل تحت شجرة توت رائعة يمكن أن تغطّي بظلّها مائة رجل. وبعد مغادرتنا المدينة، رأينا على الطريق بئرا يزيد عمقها على مائة قدم، حيث كان رجل عجوز من المسلمين يمتلك ثورا يدير السانية ويرفع الماء للناس العطشى. وكان جنكيز خان قد رأى هذا الرجل عندما مرّ من هنا ذات سنة، وأمر بإعفائه من الضرائب والرسوم مكافأة له على خدمته المسافرين. ثم قال المرافق للمعلّم: لقد وصلنا الآن إلى أصعب جزء من الطريق، فما رأيك؟ فأجاب المعلّم: أعرف هذه الأماكن جيّد...

لقاء المعلّم والخان/1

صورة
بطلا هذه القصّة شخصيّتان مهمّتان من التاريخ، الأوّل جنكيز خان القائد العسكري الذي أسّس أكبر إمبراطورية في التاريخ. والثاني تشانغ تشون الذي اعتُبر أشهر معلّم طاوي في زمانه. كان الخان العظيم قائدا لا يُقهر في ساحات المعارك. وقد نذر نفسه للقتال والغزو طوال حياته. وأيّ مكان يمكن أن ينمو فيه العشب، ولو كان على بعد آلاف الأميال، يمكن أن يصبح هدفا لهجوم فرسانه المنغوليين. وكانت حملاته وغزواته تهزّ العالم بأسره في ذلك الوقت. لكن، بعيدا عن ساحات المعارك، كان الخان دائما يتطلّع لإجابات عن الأسئلة الكبرى في الحياة كالسعادة والحبّ والموت وأحوال وطباع البشر وأسباب صعود وسقوط الأمم. وفي أخريات حياته، كان يشعر بالقلق من احتمال موته الوشيك. وكان بحاجة إلى رجل حكيم ومجرّب لكي يجيب عن تساؤلاته الحائرة. وقد نصحه بعض أفراد حاشيته بأن يسترشد بحكمة المعلّم الطاوي تشانغ تشون "الذي لديه وحده الإجابات". وفي عام 1219 كتب جنكيز خان رسالة الى المعلّم تشون قال فيها: لقد هجرَت السماءُ الصين بسبب غطرستها ورفاهيتها الباذخة. ولكنّني، وأنا أعيش في البرّية الشمالية، لا أمتلك عواطف متطرّفة. فأنا أكره ال...

خواطر في الأدب والفن

صورة
يصف ڤلاديمير نابوكوڤ في محاضرة ألقاها في الخمسينات كتابات أنطون تشيكوڤ بقوله: ليس دقيقاً القول إن تشيكوڤ كان يتعامل بطريقة ساحرة وغير فعّالة. ومن الأصح أن نقول إن أبطاله ساحرون لأنهم غير فعّالين. غير أن ما يجذب القارئ الروسي حقّاً اليه هو أنه تعرّف في أبطاله على نوع معيّن من المثقّفين الروس. إنه المثاليّ الروسي، ذلك المخلوق الغريب المثير للشفقة الذي لا يعرفه إلا القليلون في الخارج ولا يمكن أن يوجد في روسيا السوفياتية. إن المثقّف الذي تحدّث عنه تشيكوڤ كان رجلاً يجمع بين أعمق درجات اللياقة الإنسانية التي يستطيع الإنسان أن يتحلّى بها وبين عجزه السخيف عن تطبيق مبادئه ومُثُله العليا. إنه رجل مخلص للجمال الأخلاقي ورفاهية شعبه وخير الكون، ولكنه عاجز في حياته الخاصّة عن القيام بأيّ شيء مفيد، ويهدر وجوده في ضباب الأحلام الطوباوية. وهو يعرف بالضبط ما الخير وما الذي يستحقّ أن يعيش الإنسان من أجله، ولكنه في الوقت نفسه يغرق أكثر فأكثر في وحل الحياة المملّة. وهو تعيس في الحبّ وعاجز بيأس في كلّ شيء، وطيب لكنه لا يستطيع أن يفعل الخير. الجزء الساحر في الأمر هو أن تشيكوڤ تعامل مع لغة بسيطة،...