:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


السبت، أكتوبر 07، 2023

محطّات


  • يُعد الفنّ مصدرا غنيّا لإلهام العديد من كتّاب الروايات، إذ يسمح لهم بنسج الفنون البصرية في رواياتهم واستكشاف التأثير العميق للفنّ على التجارب الإنسانية. كما أن هذه الروايات تسمح للقرّاء بالانغماس في عالم الفنّ وكشف ألغازه واستكشاف التأثير العميق للفنون البصرية على حياة الشخصيات. بعض هذه الروايات تتمحور أحداثها حول لوحات معيّنة أو تشير إليها، غالبا كوسيلة لتعزيز السرد أو لاستثارة مشاعر القارئ أو تقديم رؤى أعمق عن الشخصيات أو المواضيع.
    من هذه الروايات "صورة دوريان غرايThe Picture of Dorian Gray " لأوسكار وايلد، وفيها يصف المؤلّف لوحة تمثّل عنصرا مركزيّا في القصّة. اللوحة رسمها شخص يُدعى هالوارد، وتجسّد جمال بطل الرواية الشابّ دوريان غراي. وبينما تتكشّف فصول القصّة، تمرّ اللوحة بتحوّل خارق للطبيعة يعكس الانحلال الأخلاقي والفساد في روح بطلها.
    وفي رواية "شفرة دافنشي The Da Vinci Code" يتناول الكاتب دان براون العديد من الأعمال الفنّية، بما في ذلك "الموناليزا" و"العشاء الأخير" لليوناردو دا فينشي. ويشار إلى اللوحات كدليل في البحث عن الأسرار والألغاز الخفيّة داخل الرواية.
    أما رواية "كتاب الصورThe Picture Book " لجو بيكر فتدور أحداثها حول مؤرّخ فنّي يكتشف لوحة مجهولة لفنّان مشهور. ثم تصبح هذه اللوحة حافزاً لاستكشاف موضوعات الإلهام الفنّي والأصالة وتأثير الفنّ على حياة الأفراد.
    أما رواية "لصوص البجعةThe Swan Thieves " لإليزابيث كوستوفا فتتحدّث عن الغموض المحيط بلوحة لفنّان مجهول، ما يدفع رسّاما مشهورا إلى مهاجمة اللوحة في متحف. وتبحث القصّة في تاريخ اللوحة وتستكشف العلاقات المعقّدة بين الفنّانين وموضوعاتهم وفنّهم.
    رواية "استحالة الحبّThe Improbability of Love " لهانا روتشيلد تدور أحداثها في عالم الفنّ في لندن، حيث تكتشف امرأة شابّة تحفة فنّية مفقودة في متجر للخردوات. وتاريخ اللوحة يكشف عن ارتباطها بشخصيات مختلفة وطموحاتهم وأسرارهم ورغباتهم.
    أما رواية "مزوّر الفنّThe Art Forger " لـ باربرا شابيرو فتسرد حكاية مثيرة، إذ يُطلب من فنّان مكافح أن يقوم بتزوير لوحة شهيرة سُرقت من متحف إيزابيلا ستيوارت غاردنر في بوسطن. والقصّة تتعمّق في عالم التزوير الفنّي وتستكشف الحدود بين الأصالة والخداع.
    رواية "اللوحة الأخيرة لسارا دي فوسThe Last Painting of Sara de Vos " لدومينيك سميث تحكي ثلاث قصص تمتدّ احداثها عبر فترات زمنية مختلفة وترتبط جميعها بلوحة فنّانة هولندية خيالية تُدعى سارة دي فوس. وتتناول القصّة حياة الأفراد الذين رأوا اللوحة وتأثيرها عليهم.
    أما رواية "اللوحة المفقودةThe Lost Painting " لجوناثان هار فتتناولُ قصّة حقيقية، إذ يستكشف هذا الكتاب غير الخيالي عملية البحث عن تحفة فنّية مفقودة لرسّام عصر الباروك الإيطالي كارافاجيو. ويتعمّق السرد في عالم الفنّ وتاريخ اللوحة والجهود المبذولة لتوثيقها واستعادتها.
    هذه مجرّد أمثلة قليلة من الروايات التي تتناول أو تذكر لوحات معيّنة.


  • بعد مرور أكثر من قرن على وفاته، لا يزال جون موير يُذكر ويُبجّل باعتباره أب الحركة البيئية ومؤسّس نادي سييرا، أقدم وأكبر منظمة بيئية شعبية في الولايات المتحدة. كان هذا العالم الأمريكي من أصل أسكتلندي عالم طبيعة ومؤلّفا ومستكشفا وناشطا ومزارعا. وكان عاشقا وبطلا للحياة البرّية الأمريكية، خاصّة مناظر الطبيعة المهيبة التي زارها ودرسها في أماكن مثل ويسكونسن ويوساميتي وسييرا نيفادا ووادي الحمراء في كاليفورنيا والأنهار الجليدية في ألاسكا.
    اقتباسات موير المستمدّة من مذكّراته تؤكّد على الترابط بين البشر والعالم الطبيعي، وتحتفل بجمال الحياة البرّية وتحثّ على احترام البيئة في كلّ مكان وحمايتها لصالح الأجيال القادمة.
    *نحن نسيء استخدام الأرض لأننا نعتبرها سلعة مملوكة لنا. وعندما نرى الأرض كمجتمع ننتمي إليه، فقد نبدأ في استخدامها بحبّ واحترام.
    *الجبل وحده عاش فترة كافية للاستماع إلى عواء الذئب. وقناعتي الخاصّة بهذا الأمر تعود إلى اليوم الذي رأيت فيه ذئبا يموت. كنّا نتناول طعام الغداء على صخرة عالية، حيث يشقّ نهر متأرجح طريقه عند سفحها. وقد رأينا ما ظننّا أنه ظبية تخوض في الماء. وعندما تسلّقت الضفّة نحونا وهزّت ذيلها، أدركنا خطأنا. فقد كان ما رأيناه ذئباً.
    *هذا العرض الكبير أبديّ. هناك دائما شروق للشمس في مكان ما، والندى لا يجفّ مرّة واحدة أبدا، والمطر يتساقط إلى الأبد والبخار يتصاعد باستمرار. شروق أبديّ وغروب أبديّ وفجر أبديّ وظلام على البحار والقارّات والجزر. كلّ يؤدّي دوره كما تدور الأرض المستديرة.
    *كنت أحسد جدّنا القديم لأنه كان يعيش على تواصل مع حقول ونباتات جنّات عدن. لكنني لا أفعل ذلك الآن بعد أن اكتشفت أنني، أنا أيضا، أعيش في فجر الخليقة. فلا تزال نجمة الصبح تغنّي، والعالم الذي لم يكتمل نصفه بعد يصبح أكثر جمالا يوما بعد يوم.
    *يقال أن الأشجار بشر غير كاملين وأنها تتحسّر على سجنها المتأصّل في الأرض. لكنها لا تبدو كذلك بالنسبة لي. فلم أرَ قطّ شجرة ساخطة. الأشجار تتمسّك بالأرض كما لو أنها تحبّها. وعلى الرغم من تجذّرها السريع، إلا أنها تسافر إلى أبعد مسافة وهي تتجوّل في كلّ الاتجاهات مع كلّ ريح، تذهب وتأتي مثلنا وتسافر معنا حول الشمس مليوني ميل في اليوم.
    *الآلاف من الأشخاص المتعبين ممّن أنهكت اعصابهم الحياة الحديثة والتحضّر المبالغ فيه بدءوا يكتشفون أن الذهاب إلى الجبال هو بمثابة العودة إلى الوطن وأن الحياة الفطرية ضرورة وأن المتنزّهات والمحميّات الجبلية مفيدة باعتبارها ينابيع للحياة.
    *لن يكون الكون مكتملاً بدون الإنسان؛ ولكنه سيكون أيضا غير مكتمل بدون أصغر مخلوق مجهريّ يسكن خارج أعيننا ومعرفتنا المغرورة. من تراب الأرض، خلق الخالقُ الإنسان العاقل. ومن نفس المادّة خلق كلّ المخلوقات الأخرى مهما كانت ضارّة وتافهة بالنسبة لنا. إنهم رفاقنا الذين يعيشون معنا على هذه الأرض.
    *طالما أنا حيّ، سأستمع الى الشلالات والطيور والرياح وهي تغنّي. سأترجم الصخور وأتعلّم لغة الفيضانات والعواصف والانهيارات الجليدية. سأتعرّف على الأنهار الجليدية والحدائق البرّية وسأقترب من قلب العالم قدر الإمكان.
    *كم من القلوب ذات الدم الأحمر الدافئ التي تنبض تحت غطاء الغابة، وكم من الأسنان والعيون اللامعة. هناك عدد كبير من الحيوانات التي ترتبط بنا ارتباطا وثيقا. ولكنّنا لا نعرف شيئا عن حياتها، مشغولة هي بشؤونها الخاصّة بقدر انشغالنا نحن بشؤوننا.
    *متنزّه يوساميتي هو مكان للراحة وملاذ من الضجيج والغبار والعمل المرهق والعصبيّ المهدر في الأراضي المنخفضة، حيث يكتسب المرء مزايا العزلة. ولن تجد في أيّ مكان آخر مثل هذه الصحبة الهادئة والمطمئنة. هنا كلّ صخرة وجبل ونهر وبحيرة وكلّ نبات بمثابة إخوة، حتى أن المرء ليتعلّم كيف يحبّ العواصف والغيوم والرياح التي لا تعرف الكلل او الهدوء. هذه الحديقة النبيلة كبيرة بما يكفي وغنيّة بما يغطّي حياة كاملة من الدراسة والاستمتاع الجمالي. لا أحد يستطيع الهروب من سحر المكان. جماله الطبيعيّ ينقّي ويدفئ مثل النار، ولن تمانع بأن تبقى إلى الأبد في هذا المكان مثل شجرة.
    *كانت ناري مشتعلة وفي كامل مجدها حوالي منتصف الليل. وبعد أن صنعت سقفا من اللحاء لحمايتي من المطر، لم يكن لديّ ما أفعله سوى النظر والاستماع والانضمام إلى الأشجار في ترانيمها وصلواتها.
    *الجبال هي ينابيع البشر بمثل ما أنها ينابيع الأنهار والأنهار الجليدية والتربة الخصبة. الشعراء العظماء والفلاسفة والأنبياء والرجال القادرون الذين أثّرت أفكارهم وأفعالهم في العالم نزلوا من الجبال. وقد اكتسب سكّان الجبال القوّة والمنعة من أشجار الغابات ومن عمل الطبيعة.
    *العالم البرّي كلّه جميل، ولا يهمّ كثيرا أين نذهب، إلى المرتفعات أو الأراضي المنخفضة، الغابات أو السهول، البحر أو الأرض، أسفل بين بلّورات الأمواج أو عالياً في منطاد في السماء. في كلّ المناخات، حارّةً أو باردة، عاصفةً أو هادئة، في كلّ مكان، نحن دائما في جمال الله ومحبّته الأبدية.
    *كلّ إنسان بحاجة إلى الجمال كما يحتاج إلى الخبز، إلى أماكن للّعب والصلاة فيها حيث يمكن للطبيعة أن تشفي وتُبهج وتعطي القوّة للجسد والروح على السواء.
    *إبقَ قريبا من قلب الطبيعة، تسلّق جبلا أو اقضِ أسبوعا في غابة، إغسل روحك كي تبقى نظيفة.
    *العالم كبير وأريد أن ألقي نظرة فاحصة عليه قبل أن يحلّ الظلام.
    *إن المعركة من أجل الحفاظ على البيئة يجب أن تستمرّ إلى ما لا نهاية. إنها جزء من الحرب العالمية بين الحقّ والباطل.

  • أنجزَ فرانز سنايدر، أوّل معلّم فلمنكي عظيم للحياة الساكنة، هذا المنظر مع فاكهة وبورسلين وسنجاب في أوّل لمحة من إتقانه. وفي سنّ السابعة والثلاثين، وبعد تدريب مهنيّ مثمر مع بيتر بريغل الإبن وإقامة طويلة في إيطاليا، كان يؤسّس نفسه كرسّام مشهور للفواكه.
    نحن الآن نجلس بلا حراك في غرفة مضاءة فقط بالنور الآتي من النوافذ في اللحظات التي تسبق الفجر، أو ربّما في يوم ظهيرة غائم من النوع الذي يغمر مدينة أنتويرب في كثير من الأحيان. لقد عدنا إلى مشهد بدائيّ ومتحضّر في نفس الوقت، مشهد الفواكه الفائضة الممتدّة على خزف صينيّ باهظ الثمن وأوانٍ زجاجية من فينيسيا.
    الفاكهة تبدو حلوة، وربّما تكون محرّمة بسبب حلاوتها. وهي تعرف عن جوعنا وتثيره. والمائدة الصامتة تئنّ بثروة مهملة أصبحت الآن عديمة الفائدة ومنسيّة. وهذه الغرفة صامتة للغاية لدرجة ان سنجاباً انتهازيّاً دخل إليها ليقوم بإعداد وجبة له من هذه الغنيمة.
    وإذ لا نتمكّن من أكل شيء، فإن السنجاب سيكون أكثر من سعيد بذلك. وفي نهاية نظرتنا الطويلة، لا يوجد سوى هذا: غرفة فارغة، طقم مائدة وحيوان برّي.
    كان سنايدر قد رسم ابتداءً من عام 1615 ما سيصبح نوعا فرعيّا من الحياة الصامتة مع حضور دائم للسناجب التي تطفو عادةً فوق الفاكهة، بينما تتناثر حبّات الجوز المكسورة والفراولة المتساقطة.
    كان الرسّام ابن تاجر نبيذ يدير نزلاً مزدحماً في أنتويرب. وقد غرق منذ صغره في عالم صاخب من المأكولات الحضرية، وظلّ طوال حياته مفتونا بالعلاقة البيئية بين البشر وطعامهم وكيف يشكّل الطرفان ثقافة معقّدة. وقد توفّي سنة 1657 عن عمر يناهز الثامنة والسبعين. كان وقنها رجلاً ثريّاً وذا سمعة جيّدة. وهناك من المؤرّخين من لم يتردّدوا في تسميته "روبنز رسم الحياة الساكنة".

  • Credits
    suite101.com

    الاثنين، أكتوبر 02، 2023

    محطّات


  • يحتلّ الماء مكانة مهمّة في الفلسفة الطاوية. فهو ليس مجرّد ماء، بل صوت الحياة، وصوت الوجود وصوت السيرورة الأبدية. وهناك دروس هامّة وإرشادات يتعيّن على الإنسان أن يتعلّمها من الماء بحسب الطاو. وعندما نتّبع هذه الإرشادات فإننا نتعلّم التواضع وعمق الشخصية واللطف غير المشروط والنزاهة وحسن التدبير والمرونة المتعدّدة والتوقيت المناسب.
    الماء، بتموضعه في المكان الصحيح، يتدفّق بشكل طبيعي إلى أدنى نقطة في المنطقة المجاورة له مباشرة. ويمكن أن يكون هذا استعارة عن الشخص المتواضع، لأن المغرور هو عكسه تماما في بحثه دائما عن أعلى نقطة مرئيّة. وبالتالي يمكننا القول أن الماء يجسّد التواضع. وهو تواضع طبيعي لا يحتاج أبدا إلى تزييف أو تصنّع، وهذا هو بالضبط ما نحتاج إلى تنميته في أنفسنا بعمق كبير.
    والأشخاص الفضلاء حقّا يشبهون برَك المياه العميقة، فأنت لا تعرف كلّ شيء عنهم من الوهلة الأولى، فهم يمتلكون عمقا في الشخصية لدرجة أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت حتى نعرفهم حقّا، فهم مثل الكنوز الغارقة في أعماق المحيط. قد لا تدرك ذلك في البداية، ولكن إذا تأمّلت صداقتك معهم، فسوف تكتشف الكنوز بنفسك، وقد تدرك أيضا أنك ترغب في تنمية نفس العمق في شخصيّتك.
    والنهر بتدفّقه عبر الأرض يغذّي جميع الكائنات الحيّة التي يصادفها. وجميع النباتات والحيوانات تستفيد من مياه النهر بمجرّد أن يقوم بعمله. ويتحرّك الماء دون انتظار اعتراف أو ثناء. قارن هذا بعادة الناس في كثير من الأحيان بألا يعطوا إلا بشروط، متوقّعين نوعا من الاستحسان.
    أي أن الماء يقدّم جميع الفوائد للجميع وعلى قدم المساواة، ويستفيد الجميع من الماء بغضّ النظر عمّن يكونون، لأن الماء لا يُصدر حكما على أحد ولا يختار بناءً على أفكار مسبقة.
    أيضا الماء يأتي من تنوّع كبير. وبينما يتدفّق نحو وجهته، يتعامل مع جميع العقبات بأكبر قدر من السهولة، إذ يمكن أن يتدفّق إلى اليسار أو اليمين، فوق أو تحت، دون تباطؤ أو توقّف. كما أن الماء لا يقتصر على شكله السائل، بل يمكن أيضا أن يكون بخارا أو جليدا. وبالمثل، علينا أن نتعامل مع كلّ شخص نقابله بنفس المستوى من المجاملة والمرونة.
    يتمتّع الماء بإحساس سماويّ بالتوقيت الذي يظهر بشكل مختلف وفقا للمواسم، وبالتالي لا تسقط أمطار الصيف أبدا في الشتاء، ولا تسقط ثلوج الشتاء في الصيف. وهذا يوضّح أن هناك وقتا لكلّ شيء، وكلّ شيء يمكن أن يحدث في وقته الخاصّ. ونحن أيضا كبشر يجب أن نحاكي ذلك ونصبح على وعي تامّ باتخاذ الإجراء المناسب في الوقت المناسب.
    الخلاصة: لا تثبت على شكل واحد، قم بتكييف وبناء شكلك الخاصّ، ودعه ينمو ليكون مثل الماء. ضع الماء في كوب، يصبح هو الكوب. وضعه في زجاجة، يصبح هو الزجاجة. وضعه في إبريق الشاي، يصبح هو الإبريق . أفرغ عقلك، كن ماءً يا صديقي، كن بلا شكل كالماء.


  • *عندما تكون واثقا من نفسك، فإن هذا يظهر عليك. وسيلاحظه الناس من اللحظة التي تدخل فيها مكانا. ألم ترَ شخصا ما دخل غرفة وكلّ شيء يضيء ما حوله، وكيف يعامله الجميع وينجذبون إليه؟ كن أنت ذلك الشخص. لكن سيكون هناك دائما شخص ما يحاول بدافع الحسد أو الحقد قطع جناحيك ويجعلك تشعر بأنك أقلّ ممّا أنت عليه. إمض في طريقك وتجاهله.
    *الحزن غير ضروري وغير مفيد. أحبّاؤنا لا يتركوننا إذ يرحلون، ليس حقّا. إنهم يتحوّلون فقط من شكلهم المادّي الى شكل آخر. وأرواحهم ستعيش إلى الأبد في مكان أفضل من هذا المكان. لذا يجب أن نكون سعداء بذلك.
    *الخوف مثل السمّ في العقل، لذا ينبغي محاربته ومقاومته. يجب ألا تدع الخوف يحاصرك لأنه سيدمّر ببطء كلّ شيء عزيز عليك. يمكن أن تتغيّر ثقتك وسلوكك وحياتك الشخصية للأسوأ، فقط بسبب الخوف. ألم تكن تريد شيئا من قبل ولكنك كنت خائفا جدّا من ملاحقته وتحقيقه؟ ما الذي حدث بعد ذلك؟ انتهى بك الأمر إلى ندم. والندم يؤدي الى الحزن والحزن يؤدي الى الاكنئاب.
  • كلّ شيء كان يتألّق في جنوب المحيط الهادئ: النباتات، والطيور، وحتى البشر. كان اللون مُسكرا، وكلّ درجة لون تفتن. ولا عجب أن الفنّان الفرنسي بول جاكوليه أحبّ تلك الارض. كان قد ولد في فرنسا عام 1896، وكان عمره 3 سنوات فقط عندما انتقل إلى طوكيو، حيث كان والده يزاول التدريس.
    وعلى عكس معظم المغتربين الغربيين الآخرين، تلقى تعليمه بالكامل تقريبا في النظام الياباني. وهكذا كان يتحدّث اللغة المحليّة ويقرأها ويكتبها بشكل مثالي. وفي عشرينيات القرن الماضي، عمل لبضع سنوات مترجما فوريّا في السفارة الفرنسية. وأثناء الحرب العالمية الثانية، انتقل إلى كارويزاوا، حيث عاش في الريف على زراعة الخضروات وتربية الدواجن.
    كان يرسم ويرسم ويستوعب كلّ ما في وسعه من المناطق الاستوائية الخصبة. ولم تغادره الذكريات أبداً. كان اللون هو المفتاح، وكان جاكوليه يحبّ وضع الأصباغ النقيّة جنباً إلى جنب ليعزّز المظهر البصريّ لعمله. كان فنّانا ناجحاً خلال حياته. وبعد وفاته عام 1960 غاب في غياهب النسيان. وحتى اليوم، لا تزال أعماله غير معروفة الى حدّ ما.
    كانت لدى جاكوليه رؤية فريدة من نوعها، ولم يدّخر جهداً لتحقيقها. وقد صوّر الرجال والنساء من جميع الأعمار، من اليابان وكوريا وجنوب المحيط الهادئ وخارجها، بألوان مشرقة وحيوية لا مثيل لها.
    وكان هو شخصية مثيرة للاهتمام، فقد كان أجنبيّا اختار حياة فنّان ياباني، ورجلا ذا ميول غامضة ويرتدي ملابس مغايرة أحيانا في مجتمع محافظ. وكان فانتازيّا يدّعي أن فنّه لم يكن نتاج خياله، بل انعكاس حقيقيّ للعالم كما كان. كان شخصا غريب الأطوار، ولو كان ما يزال حيّا اليوم لكان نجما من نجوم وسائل التواصل الاجتماعي.
    وأثناء الاحتلال، وبناءً على طلب الجنرال دوغلاس ماك آرثر، تمّ تجنيده من قبل القائد تشارلز ماكدويل للعمل في كليّة طوكيو العسكرية. وفي ما بعد سيصبح ماك آرثر، بالإضافة الى غريتا غاربو والبابا بايوس الثاني عشر والملكة إليزابيث الثانية، من ابرز جامعي أعمال جاكوليه.
    أظهر جاكوليه ميلا مبكّرا للفنون، وهو ما شجّعته والدته الحريصة بحماس. كان عمره 11 عاما عندما تلقّى دروسه الأولى مع سيكي كورودا الذي تدرّب في فرنسا ولعب دورا مهمّا في إدخال الفنّ الغربي إلى اليابان. بعد ذلك بعامين، بدأ جاكوليه بدراسة الرسم على الطريقة اليابانية مع تيروكاتا إيكيدا وزوجته، وكلاهما كان لهما تأثير كبير على تطوّره كفنّان. وفي عمر الـ 17، تلقّى دروسا في الرقص الياباني وفي فنّ الخط.
    ويعتبر جاكوليه واحدا من الفنّانين الغربيين القلائل الذين أتقنوا فنّ الطباعة على القوالب الخشبية بما يكفي للاعتراف بهم في اليابان. وأعماله كلّها تقريبا بورتريهات لأشخاص. وتُعتبر لوحاته نادرة وغالبا ما تُباع بسعر يتراوح بين خمسة آلاف دولار إلى خمسة وعشرين ألفاً.
    لم يكن بول جاكوليه الفنّان الغربيّ الوحيد - في النصف الأوّل من القرن العشرين - الذي أنتج مطبوعات على الطراز الياباني. تشارلز بارتليت، وإليزابيث كيث، وليليان ميلر، على سبيل المثال لا الحصر، فعلوا ذلك أيضا، لكن لم يكن أيّ منهم منغمراً بقوّة في المجتمع الياباني أو مشبعاً بأعرافه وعاداته مثل جاكوليه.

  • Credits
    asianartscollection.com