قليلة هي الكتب التي كان لها تأثير كبير على تاريخ الحرب، بمثل ما كان لكتاب صن تزو الموسوم "فنّ الحرب". هذا الكتاب ألهم أيديولوجية الحرب التي انتهجتها ثورة ماو تسي تونغ الشيوعية في الصين.
كما انتشرت تعاليم الكتاب في جميع أنحاء شرق آسيا، وألهمت طبقة المحاربين اليابانية خلال حقبة الحرب التي مزّقت ذلك البلد، وشكّلت تلك الأفكار جزءا من تكتيكات الفيتكونغ في فيتنام. وبعد الصراع الطويل في الحرب الفيتنامية، أحضر الجنود الأمريكيون صن تزو معهم عبر المحيط الهادئ. ويُدرّس كتابه اليوم في الأكاديميات العسكرية في جميع أنحاء العالم.
ألّف صن تزو كتابه قبل 2500 عام، وما يزال الكتاب وثيق الصلة بعالم اليوم. كان مؤلّفه ينوي أن يكون الكتاب رسالة عسكرية، إلا أن الارشادات المتضمّنة فيه ساعدت أيضا السياسيين وقادة الأعمال وحتى الفرق الرياضية وأعانتهم على التعامل مع أنواع الصراع بشكل استراتيجي. ولعل أهم درس يعلّمه صن تزو لقرّاء كتابه هو أن أعظم الانتصارات تتحقّق عندما يتمّ تجنّب الصراع بشكل كامل.
ويبدو أن قوّة بقاء كتاب "فنّ الحرب" ليست نتيجة خطط صن تزو الحربية التي لا تُهزم. فقد تغيّرت الحروب في العالم بشكل جذري منذ فترة الممالك المتحاربة في الصين. وأيّ نصيحة عملية للتنقّل عبر التضاريس أو التجسّس أو فرض الحصار ستكون اليوم عديمة الجدوى في مواجهة الدبّابات والإنترنت والأسلحة الموجّهة بدقّة. وربّما لو قُيّض لصن تزو أن يشهد القدرة التدميرية للحرب الحديثة، خاصّة أهوال الأسلحة النووية، لكان اختزل أطروحته إلى حدّ كبير.
لكن يظلّ كتابه ذا صلة بعالم اليوم لأن مؤلّفه اعترف بالصراع باعتباره جزءا من طبيعة الحياة. ولذا لم يكن كافيا بالنسبة له أن يستعرض تكتيكات المعارك في عصره، بل سعى أيضا إلى استكشاف سيكولوجية الحرب وكيف يمكن أن تُستغلّ بحكمة.
الطابع العالمي لكتاب "فنّ الحرب" أسهم في توسيع تأثيره إلى ما هو أبعد من قواعد الدفاع عن النفس. وقد ذكر المدرّب البرازيلي سكولاري أن هذا الكتاب كان مصدر إلهام للاستراتيجيات التي اتّبعها للفوز بكأس العالم عام 2002، كما اختيرت توجيهات الكتاب بشكل أكبر للتطبيق في مجالات مختلفة مثل السياسة وإدارة الأعمال وحتى الرياضات الإلكترونية.
كتاب "فنّ الحرب" يحمل نظرة طاويّة للعالم. ومن الواضح أن صن تزو استلهم الكثير ممّا دوّنه في كتابه من "كتاب الطاو" واقتبس بسخاء من مؤلّفه لاو تزو. يقول صن تزو: إن مهمّة الماء هي تجنّب الارتفاع والذهاب إلى أسفل، ومهمّة الجيش هي تجنّب الممتلئ ومهاجمة الفارغ". والآن قارن هذا بكلام لاو تزو القائل: تحت السماء لا شيء أكثر ليناً وطواعية من الماء. ومع ذلك، لا شيء أفضل منه في مهاجمة القويّ والصلب".
وبصفته طاويا، يتّبع صن تزو مقاربة إنسانية للحرب والصراع. فبالنسبة له، أعظم انتصار ليس هو التغلّب على خصمك بالقوّة أو الذكاء أو قوّة الإرادة، بل في تجنّب المعركة من الأساس.
كما يؤكّد على أن الشخص الحكيم لديه المهارة والحكمة لحلّ النزاع قبل أن يبدأ. وأن الديبلوماسي الحكيم يستطيع أن يدفع بدولتين لتسوية نزاع على الأرض قبل أن يتصاعد خلافهما ويتحوّل الى عنف. كما أن الرجل الحكيم يعرف كيف يستخدم روح الدعابة لتخفيف التوتّر قبل أن يتفجّر الخلاف". وفي كلا الحالتين، يكمن النصر في تجنّب النزاع.
ويكتب صن تزو أيضا: الجميع يصفون النصر في المعركة بأنه أمر جيّد، لكنه ليس جيّدا في الحقيقة. وبالمقابل يقول لاو تزو: السلام والهدوء عزيزان على قلوب الحكماء، والنصر ليس سبباً للفرح."
لم يكن في ذهن صن تزو مفهوم مثل الذكاء العاطفي الذي نعرفه هذه الأيّام، غير أن هذا هو ما يقدّمه في الكتاب بشكل فعّال. يقول مثلا: الأشخاص الأذكياء عاطفيّا يتمتّعون بالوعي الذاتي لفهم دوافعهم، والتعرّف على أهدافهم، وتنظيم عواطفهم. وبمعرفتهم لأنفسهم، لا يبدؤون صراعات غير ضرورية ولا يتركون مشاعرهم السلبية تقودهم إلى أفعال مندفعة وغير حكيمة".
وهذا صحيح تماما. فالشخص الذكيّ عاطفيا عادةً ما يلتقي بالآخرين في منتصف الطريق أو يخلق ظروفا مواتية تؤدّي إلى اقناع الآخرين بعدم الرغبة في القتال. وفي حالة نشوء صراع على أيّ حال، يمكن أن يساعد الذكاء العاطفي في خلق مواقف تُنهي الحاجة إلى القتال لدى الطرف الآخر.
وفي الكتاب يسرد صن تزو بعض السمات الخطيرة التي يمكن أن تعطّل قدرة الجنرالات على اتخاذ الحكم السليم وتقودهم إلى صراع غير ضروري. ومن هذه الصفات الغضب، والكبرياء، والتهوّر، والجبن، والمبالغة في حماية الآخرين. و تزو يقول إن هذه السمات تجلب الكوارث. لكن وفقا للمصطلحات الحديثة، يمكننا أن نقول إنها تعيق الذكاء العاطفيّ وتؤثّر على تماسك الأشخاص ورباطة جأشهم.
ويضيف المؤلّف في نفس الفصل: " انتصارات المحاربين الجيّدين ليس مَرَدُّها الذكاء أو الشجاعة كما أنها ليست نتيجة حظّ، بل لأنهم يضعون أنفسهم حيث يكسبون بالتأكيد، وينتصرون على أولئك الذين خسروا بالفعل".
ويقول إن الاضطراب والصخب يؤدّيان إلى حجب وعينا الظرفيّ وإثارة مشاعرنا السلبية ودفعنا إلى اتخاذ قرارات سيّئة لمجرد تلبية الحاجة إلى القيام بشيء، أيّ شيء، من أجل إحداث فرق. وهذا يجعل الصراع أكثر احتمالا، وعندما يحدث، يكون التعامل معه أكثر صعوبة.
ويضيف: في خضمّ الصراع يمكن أن تقودنا الرغبة في المنافع إلى التصرّف بقوّة. وقد تكون هذه المنافع ماديّة أو على هيئة عقاب للآخرين أو تعزيزا لقوّتنا. ومهما كانت الحالة، فإن السعي وراء فائدة متصوّرة يمكن أن يقودنا إلى إغفال الضرر المحتمل الذي يمكن أن يجلبه العدوان. وعلى نفس المستوى، قد نبتعد عن الصراعات الضرورية إذا فكّرنا جليّا في ما ستجلبه من أضرار محتملة.
ويقدّم صن تزو مثالا لجنرال يحاصر قوّات العدو ولا يمنحها فرصة للفرار، فيقرّر تدمير القوّة المعادية لتحقيق انتصار نهائي عليها. لكن ما لا يحسبه هو الضرر المحتمل، فمع انعدام أيّ أمل في الهروب، ستبذل قوّات الخصم أقصى جهدها وتقاتل بضراوة. وحتى لو انتصر هذا الجنرال، فإن الضرر الذي سيلحق بقوّاته سيكون كارثيّا."
بالتأكيد ما يزال هناك الكثير ممّا يمكن أن يعلّمنا إيّاه كتاب "فنّ الحرب" عن الصراع، رغم أن بعض دروسه لم يُكتب لها الصمود في وجه الزمن. وعلى الأرجح يمكنك تخطّي القسم الخاص بمعارك العربات مثلا. غير أن الكثير من دروسه تظلّ خالدة في حكمتها وعمقها.
العديد من المؤرّخين يعتقدون أن "فنّ الحرب" و "كتاب الطاو" كتبهما مؤلّفون كثر وجُمعت مادّتاهما على مرّ سنوات طويلة. كما أن صن تزو و لاو تزو لا تربطهما علاقة قربى. و تزو في كلا الاسمين معناها السيّد. لكن هناك شيئا مشتركا بين الاثنين وهو احتمال ألا يكون أيّ منهما قد عاش فعلا على هذه الأرض، أي أنهما شخصيتان غير حقيقيتين.
كما انتشرت تعاليم الكتاب في جميع أنحاء شرق آسيا، وألهمت طبقة المحاربين اليابانية خلال حقبة الحرب التي مزّقت ذلك البلد، وشكّلت تلك الأفكار جزءا من تكتيكات الفيتكونغ في فيتنام. وبعد الصراع الطويل في الحرب الفيتنامية، أحضر الجنود الأمريكيون صن تزو معهم عبر المحيط الهادئ. ويُدرّس كتابه اليوم في الأكاديميات العسكرية في جميع أنحاء العالم.
ألّف صن تزو كتابه قبل 2500 عام، وما يزال الكتاب وثيق الصلة بعالم اليوم. كان مؤلّفه ينوي أن يكون الكتاب رسالة عسكرية، إلا أن الارشادات المتضمّنة فيه ساعدت أيضا السياسيين وقادة الأعمال وحتى الفرق الرياضية وأعانتهم على التعامل مع أنواع الصراع بشكل استراتيجي. ولعل أهم درس يعلّمه صن تزو لقرّاء كتابه هو أن أعظم الانتصارات تتحقّق عندما يتمّ تجنّب الصراع بشكل كامل.
ويبدو أن قوّة بقاء كتاب "فنّ الحرب" ليست نتيجة خطط صن تزو الحربية التي لا تُهزم. فقد تغيّرت الحروب في العالم بشكل جذري منذ فترة الممالك المتحاربة في الصين. وأيّ نصيحة عملية للتنقّل عبر التضاريس أو التجسّس أو فرض الحصار ستكون اليوم عديمة الجدوى في مواجهة الدبّابات والإنترنت والأسلحة الموجّهة بدقّة. وربّما لو قُيّض لصن تزو أن يشهد القدرة التدميرية للحرب الحديثة، خاصّة أهوال الأسلحة النووية، لكان اختزل أطروحته إلى حدّ كبير.
لكن يظلّ كتابه ذا صلة بعالم اليوم لأن مؤلّفه اعترف بالصراع باعتباره جزءا من طبيعة الحياة. ولذا لم يكن كافيا بالنسبة له أن يستعرض تكتيكات المعارك في عصره، بل سعى أيضا إلى استكشاف سيكولوجية الحرب وكيف يمكن أن تُستغلّ بحكمة.
الطابع العالمي لكتاب "فنّ الحرب" أسهم في توسيع تأثيره إلى ما هو أبعد من قواعد الدفاع عن النفس. وقد ذكر المدرّب البرازيلي سكولاري أن هذا الكتاب كان مصدر إلهام للاستراتيجيات التي اتّبعها للفوز بكأس العالم عام 2002، كما اختيرت توجيهات الكتاب بشكل أكبر للتطبيق في مجالات مختلفة مثل السياسة وإدارة الأعمال وحتى الرياضات الإلكترونية.
كتاب "فنّ الحرب" يحمل نظرة طاويّة للعالم. ومن الواضح أن صن تزو استلهم الكثير ممّا دوّنه في كتابه من "كتاب الطاو" واقتبس بسخاء من مؤلّفه لاو تزو. يقول صن تزو: إن مهمّة الماء هي تجنّب الارتفاع والذهاب إلى أسفل، ومهمّة الجيش هي تجنّب الممتلئ ومهاجمة الفارغ". والآن قارن هذا بكلام لاو تزو القائل: تحت السماء لا شيء أكثر ليناً وطواعية من الماء. ومع ذلك، لا شيء أفضل منه في مهاجمة القويّ والصلب".
وبصفته طاويا، يتّبع صن تزو مقاربة إنسانية للحرب والصراع. فبالنسبة له، أعظم انتصار ليس هو التغلّب على خصمك بالقوّة أو الذكاء أو قوّة الإرادة، بل في تجنّب المعركة من الأساس.
كما يؤكّد على أن الشخص الحكيم لديه المهارة والحكمة لحلّ النزاع قبل أن يبدأ. وأن الديبلوماسي الحكيم يستطيع أن يدفع بدولتين لتسوية نزاع على الأرض قبل أن يتصاعد خلافهما ويتحوّل الى عنف. كما أن الرجل الحكيم يعرف كيف يستخدم روح الدعابة لتخفيف التوتّر قبل أن يتفجّر الخلاف". وفي كلا الحالتين، يكمن النصر في تجنّب النزاع.
ويكتب صن تزو أيضا: الجميع يصفون النصر في المعركة بأنه أمر جيّد، لكنه ليس جيّدا في الحقيقة. وبالمقابل يقول لاو تزو: السلام والهدوء عزيزان على قلوب الحكماء، والنصر ليس سبباً للفرح."
لم يكن في ذهن صن تزو مفهوم مثل الذكاء العاطفي الذي نعرفه هذه الأيّام، غير أن هذا هو ما يقدّمه في الكتاب بشكل فعّال. يقول مثلا: الأشخاص الأذكياء عاطفيّا يتمتّعون بالوعي الذاتي لفهم دوافعهم، والتعرّف على أهدافهم، وتنظيم عواطفهم. وبمعرفتهم لأنفسهم، لا يبدؤون صراعات غير ضرورية ولا يتركون مشاعرهم السلبية تقودهم إلى أفعال مندفعة وغير حكيمة".
وهذا صحيح تماما. فالشخص الذكيّ عاطفيا عادةً ما يلتقي بالآخرين في منتصف الطريق أو يخلق ظروفا مواتية تؤدّي إلى اقناع الآخرين بعدم الرغبة في القتال. وفي حالة نشوء صراع على أيّ حال، يمكن أن يساعد الذكاء العاطفي في خلق مواقف تُنهي الحاجة إلى القتال لدى الطرف الآخر.
وفي الكتاب يسرد صن تزو بعض السمات الخطيرة التي يمكن أن تعطّل قدرة الجنرالات على اتخاذ الحكم السليم وتقودهم إلى صراع غير ضروري. ومن هذه الصفات الغضب، والكبرياء، والتهوّر، والجبن، والمبالغة في حماية الآخرين. و تزو يقول إن هذه السمات تجلب الكوارث. لكن وفقا للمصطلحات الحديثة، يمكننا أن نقول إنها تعيق الذكاء العاطفيّ وتؤثّر على تماسك الأشخاص ورباطة جأشهم.
ويضيف المؤلّف في نفس الفصل: " انتصارات المحاربين الجيّدين ليس مَرَدُّها الذكاء أو الشجاعة كما أنها ليست نتيجة حظّ، بل لأنهم يضعون أنفسهم حيث يكسبون بالتأكيد، وينتصرون على أولئك الذين خسروا بالفعل".
ويقول إن الاضطراب والصخب يؤدّيان إلى حجب وعينا الظرفيّ وإثارة مشاعرنا السلبية ودفعنا إلى اتخاذ قرارات سيّئة لمجرد تلبية الحاجة إلى القيام بشيء، أيّ شيء، من أجل إحداث فرق. وهذا يجعل الصراع أكثر احتمالا، وعندما يحدث، يكون التعامل معه أكثر صعوبة.
ويضيف: في خضمّ الصراع يمكن أن تقودنا الرغبة في المنافع إلى التصرّف بقوّة. وقد تكون هذه المنافع ماديّة أو على هيئة عقاب للآخرين أو تعزيزا لقوّتنا. ومهما كانت الحالة، فإن السعي وراء فائدة متصوّرة يمكن أن يقودنا إلى إغفال الضرر المحتمل الذي يمكن أن يجلبه العدوان. وعلى نفس المستوى، قد نبتعد عن الصراعات الضرورية إذا فكّرنا جليّا في ما ستجلبه من أضرار محتملة.
ويقدّم صن تزو مثالا لجنرال يحاصر قوّات العدو ولا يمنحها فرصة للفرار، فيقرّر تدمير القوّة المعادية لتحقيق انتصار نهائي عليها. لكن ما لا يحسبه هو الضرر المحتمل، فمع انعدام أيّ أمل في الهروب، ستبذل قوّات الخصم أقصى جهدها وتقاتل بضراوة. وحتى لو انتصر هذا الجنرال، فإن الضرر الذي سيلحق بقوّاته سيكون كارثيّا."
بالتأكيد ما يزال هناك الكثير ممّا يمكن أن يعلّمنا إيّاه كتاب "فنّ الحرب" عن الصراع، رغم أن بعض دروسه لم يُكتب لها الصمود في وجه الزمن. وعلى الأرجح يمكنك تخطّي القسم الخاص بمعارك العربات مثلا. غير أن الكثير من دروسه تظلّ خالدة في حكمتها وعمقها.
العديد من المؤرّخين يعتقدون أن "فنّ الحرب" و "كتاب الطاو" كتبهما مؤلّفون كثر وجُمعت مادّتاهما على مرّ سنوات طويلة. كما أن صن تزو و لاو تزو لا تربطهما علاقة قربى. و تزو في كلا الاسمين معناها السيّد. لكن هناك شيئا مشتركا بين الاثنين وهو احتمال ألا يكون أيّ منهما قد عاش فعلا على هذه الأرض، أي أنهما شخصيتان غير حقيقيتين.
Credits
trainingzone.co.uk
trainingzone.co.uk