:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الجمعة، نوفمبر 29، 2024

خواطر في الأدب والفن


  • اللوحة فوق رسمها فنّان يُدعى روبيرت وارثموللر من القرن الثامن عشر، وفيها يظهر فريدريش العظيم ملك بروسيا المعروف بـ "ملك البطاطس" وهو يتفقّد ثمار البطاطس التي زرعها بعض الفلاحين في حقولهم. كان الملك يبحث عن طرق لإطعام شعبه وخفض سعر الخبز. واقترح البطاطس كإضافة جديدة ومناسبة للنظام الغذائي في البلاد.
    لكن الفلاحين قاوموا زراعة البطاطس على أساس أن مظهرها غير نظيف ولا طعم لها. فقرّر الملك إعادة تسميتها وأطلق عليها "الخضرة الملكية"، وزرع حقلاً كاملا بالبطاطس وأمر حرّاسه بحمايتها. لكنه أمر الحرّاس سرّاً بأن يتغافلوا عن أيّ مواطن يأتي الى حقل الملك ليسرق البطاطس. وبعد فترة وجيزة، بدأ الفلاحون في سرقة "البطاطس الملكية" وزراعتها سرّاً في حقولهم. ثم فجأة أصبح الجميع يأكلون البطاطس. كان الملك ذكيّا بما يكفي لأن يفهم أن كلّ شيء يستحقّ الحراسة فإنه يستحقّ السرقة.
    وقد أصبحت البطاطس بعد ذلك الغذاء الجديد والأكثر أهمية في القرن التاسع عشر. وكانت تتمتّع بثلاث مزايا رئيسية على الأطعمة الأخرى، فمعدّل تلفها منخفض وحجمها ضخم ومشبع وثمنها رخيص. وانتشر المحصول ببطء في مختلف أنحاء أوروبا. وبحلول منتصف القرن التاسع عشر احتلّ هذا المحصول ثلث الأراضي الصالحة للزراعة في آيرلندا.
    وقبل ذلك بثلاثة قرون، رأى مجموعة من الغزاة الإسبان ثمرة بطاطس لأوّل مرّة أثناء إغارتهم على قرية في بيرو بحثاً عن الذهب والفضّة. ووصلت البطاطس لأوّل مرّة إلى أوروبّا في وقت ما قبل نهاية القرن السادس عشر.
    بالنسبة للشعوب الاصلية في أمريكا الجنوبية، لم يكن للبطاطس أهميّة دينية أو ثقافية كبيرة كالذرة مثلا. لكن تلك الشعوب فُتنت بالطبيعة البارزة والمشوّهة للبطاطس وظهرت في فنونهم على هيئة حيوانات وبشر مشوّهين.
    فريدريش العظيم حكمَ بروسيا من عام 1740 إلى عام 1786. ورغم أنه كان معروفًا بحملاته العسكرية، إلا أنه كان أيضا من روّاد التحديث الاجتماعي والاقتصادي.
    وعندما ظهر خطر المجاعة في مملكته، قدّم الى شعبه البطاطس التي كان الإسبان قد جلبوها مؤخّرا معهم من أمريكا الجنوبية. كانت زراعتها سهلة ويمكن أن تكون مصدرا غذائيا جديدا وحيويا. ولكن لم يكن الفلاحون البروسيون متحمّسين للفكرة. وكانوا يؤمنون بمثل يقول "ما لا يعرفه الفلاح لن يأكله". لكن تلك الحيلة "التسويقية" الذكيّة من الملك أقنعتهم بتغيير رأيهم. وتحوّلت قصّة البطاطس هذه إلى أسطورة. ففي مدينة بوتسدام، يوجد قبر فريدريش العظيم وسط بستان للكروم. وإلى اليوم ما يزال الناس يأتون إلى المكان ليضعوا البطاطس على قبره تكريما لذكراه.
  • ❉ ❉ ❉


    ❉ ❉ ❉

  • يقول مطلع قصيدة للشاعر حافظ: ألا يا أيّها الساقي أدر كأسا وناولها.. الى آخر القصيدة. الساقي تعني حرفيّا حامل الكأس. لكنها في شعر المتصوّفة تُستخدم كإشارة إلى معلّم روحي، والمعلّم بدوره رمز لحضور الحبيب الواحد والوحيد.
    لكن السؤال: كيف ومتى انتقلت مفردة "ساقي" الى اللغة الانغليزية؟
    هناك رأي شائع يقول إن المفردة Saqi/Sagi قُدّمت للقرّاء الناطقين بالإنغليزية لأوّل مرّة في عام 1868 في الطبعة الثانية من ترجمة إدوارد فيتزجيرالد لرباعيّات عمر الخيّام. وقد نشر فيتزجيرالد أربع طبعات مختلفة من ترجمته للخيّام. في الطبعة الأولى عام 1859، لم تظهر كلمة "ساقي"، على الرغم من أن غوته وآخرين قدّموها من قبل إلى اللغات الغربية في ترجماتهم للشعر الشرقي.
    لكن مع مرور الوقت، بدا أن فيتزجيرالد شعر بشكل متزايد أن الاستخدام الإنغليزي لكلمة "ساقي" مناسب، فقدّمها في طبعة الرباعيّات لعام 1868 في البيت الذي يقول: ما أهرقَ الساقي سُلافا في الثرى إلا وأطفأ نارَ قلبٍ مُولعِ". ثم أضاف ظهورا ثانيا للمفردة في الطبعتين الثالثة والرابعة.
    كانت رباعيّات فيتزجيرالد واحدة من أنجح ترجمات الشعر إلى الإنغليزية على الإطلاق، وربّما كانت الأكثر نجاحا، لذلك كثيرا ما شوهدت كلمة "ساكي" (أو ساقي) في اللغة الإنغليزية في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، وخاصّة بعد ظهور جمعيات أدبية نشطة عن عمر الخيّام في معظم العواصم الناطقة باللغة الإنغليزية.
    بل إن كاتب قصّة قصيرة أسكتلنديّا يُدعى هـ. مونرو (1870-1916) اختار "ساقي" كاسم مستعار له، وهو ما يفترض أن هذه المفردة موثّقة جيّدا في المعاجم الإنغليزية. لكن الأمر غير ذلك، فقاموس أكسفورد الإنغليزي لا يقدّم أيّ مدخل لكلمة "ساقي" بهذا المعنى، بل كاسم يصف نوعا معيّنا من قرود أمريكا الجنوبية! أما قواميس ميريام وبستر فتذكر أن "ساقي" يمكن أن تكون تهجئة مختلفة لكلمة (Sake/sake/saki) التي تشير الى نوع من نبيذ الأرُزّ الياباني.
    من الكلمات العربية الأخرى التي دخلت الى الإنغليزية kazi بمعنى قاضي بالعربية والتركية والفارسية، وأيضا كلمة vizier أي وزير بالعربية والتركية. ويعود اوّل استخدام للمفردة الثانية في الإنغليزية إلى حوالي عام ١٥٩٩م.
  • ❉ ❉ ❉

  • أحيانا يمكن أن نتعلّم من بعض الكائنات الضعيفة دروسا مهمّة قد لا نتمكّن من تعلّمها من بعضنا البعض كبشر. فبحسب بعض العلماء، يمكن أن يعلّمنا طائر الإوز مثلا العديد من الدروس المفيدة في الحياة.
    فعندما ترفرف كلّ إوزة بجناحيها، أثناء الطيران، فإنها تخلق رافعة للطيور التي تتبعها. ومن خلال الطيران على شكل حرف "V"، يضيف السرب بأكمله مدى أكبر بنسبة 70% ممّا لو طار كلّ طائر بمفرده. والدرس المستفاد هو أنه يمكن للأشخاص الذين يشتركون في حسّ مشترك بالاتجاه وبالجماعة أن يصلوا إلى حيث يتجهون بشكل أسرع وأسهل، لأنهم يسافرون معا ويدعم بعضهم بعضا.
    وهناك حقيقة ثانية، فعندما تخرج إوزّة من التشكيل أو السرب، فإنها تشعر فجأة بمقاومة الطيران بمفردها، فتعود بسرعة إلى التشكيل للاستفادة من قوّة رفع الطائر الذي أمامها مباشرة. والدرس المستفاد هو أنه إذا فكّرنا مثل الإوزّة، فإننا نبقى مع أولئك الذين يتجهون إلى حيث نريد أن نذهب، ونبدي استعدادنا لقبول مساعدتهم وتقديم مساعدتنا للآخرين.
    والحقيقة الثالثة هي أنه عندما تتعب الإوزّة القائدة، فإنها تدور مرّة أخرى في التشكيل وتطير إوزّة أخرى إلى موضع النقطة. والدرس المستفاد هو أنه من المفيد التناوب في أداء المهام الصعبة وتقاسم القيادة والاعتماد على المهارات والموارد البينية، كما هو الحال مع الإوز.
    والحقيقة الرابعة هي أن طائر الإوزّ المحلّق في التشكيل يُطلق صفيرا لتشجيع من هم في المقدّمة على الحفاظ على سرعتهم. والدرس المستفاد هو أن علينا أن ندرك أهمية التحفيز والتشجيع. ففي المجموعات التي يوجد فيها تشجيع، تكون الإنتاجية أكبر بكثير.
    والحقيقة الخامسة: عندما تمرض أو تُجرح أو تسقط إوزّة، تخرج إوزّتان من السرب وتتبعانها لمساعدتها وحمايتها، وتبقيان معها إلى أن تموت أو تتمكّن من الطيران مرّة أخرى وتلتحق بالسرب. والدرس المستفاد هو أنه إذا كان لدينا نفس عقل الإوز، فسنقف بجانب بعضنا البعض في الظروف الصعبة ووقت الحاجة.
  • ❉ ❉ ❉

  • سأل صحفيّ شغوف بالصحراء أحد أفراد قبيلة الطوارق: لماذا يتحدّث الطوارق قليلاً". فأجاب: لأنه بعد قول ما هو ضروري، يصبح كلّ شيء آخر هدرا. وفي الصحراء اعتدنا على توفير كلّ شيء حتى الكلام".
    ويعلّق الصحفي بقوله: رغم أنني أكتب الكلمات لكسب العيش، إلا أنني أخاف بشدّة من إهدارها بلا حساب". أحد خبراء الإعلان قال مرّة: لم أجلس قطّ لكتابة مقالة طويلة، بل أجلس لمحاولة بيع شيء ما. والقاعدة الصحيحة هي أن تقول ما تريد قوله ثم تتوقّف".
    بشكل عام، لم يعد أحد يقرأ النصّ الطويل اليوم. لذا إجعل مقالتك أقصر وأقوى وحديثك أكثر إيجازا.

  • Credits
    motivatedbynature.com
    pure-potential.co.uk

    الأربعاء، نوفمبر 27، 2024

    إيقاعات عصرية


  • عندما أبدأ الكتابة، لا يكون في ذهني أيّ خطّة على الإطلاق. فقط أنتظر القصّة حتى تأتي. ولا أختار نوع القصّة أو ما سيحدث. فقط أنتظر. أكتب رواية كلّ ثلاث أو أربع سنوات. ونَثري سهل القراءة للغاية، فهو يحتوي على روح الدعابة، كما أنه درامي ومثير للاهتمام. وهناك نوع من التوازن السحري بين هذين العاملين، وربّما يكون هذا سبباً آخر لنجاحي كروائي. هاروكي موراكامي
  • هل تستطيع رؤية ذلك النجم؟ إنه جميل، أليس كذلك؟ هل تعتقد أنه يعلم أننا نراه؟ وأننا منبهرون بجماله؟ لا أعتقد. ومع ذلك فهو مستمرّ في التألّق. عليك أن تكون مثل ذلك النجم تماما. حاول أن تتألّق دائما، فحتى لو لم تعرف، هناك دائما من هو معجب بك كما أنت. مارك هيلبيرن
  • كنّا نعتقد بأن البطل الذي يُقتل في خدمة سيّد عظيم أو يُضحّى به تكريما لإله هائل، كان مضمونا له حياة أبدية في أكثر عوالم الآخرة بهاءً، حيث سيكافَأ بنعيم أبدي. والآن تخبرنا الأديان أنه يمكننا جميعا أن نأمل في حياة أخرى بجنّة رائعة مماثلة.
    ولكن فكّر في الأمر، حتى أكثر الأبطال شجاعةً الذين يموتون في أكثر القضايا شرفا، حتى أكثر الشهداء تديّنا الذين يموتون وهم على يقين من الوصول إلى الجنّة، لن يعودوا يعرفون أبدا ضوء القمر كما يبدو في هذا العالم ولن يمشوا ثانيةً تحت أشجار السرو. هذه متعة تافهة وصغيرة جدّا، ولكن لن تُعرف أبدا مرّة أخرى." غاري جينينغز
  • تتحدّث رواية "جسر إلى تيرابيثيا" لكاثرين باترسون عن شجرة تفّاح برّي تنمو في ريف فرجينيا بالقرب من وادٍ جافّ، ويتدلّى من فرعها الرئيسي حبل قديم. تتأرجح جيس وليزلي، الطالبتان والصديقتان المقرّبتان، على الحبل لدخول الغابة، حيث يحكمان كملك وملكة على مملكتهما الخيالية تيرابيثيا.
    عالم جيس وليزلي الساحر له قواعده، وإحداها هي أنه لا يمكن دخول تيرابيثيا إلا بالتأرجح على شجرة التفّاح البرّي. إنها الطريقة الوحيدة لجعل السحر يعمل. وبصفتي كاتبة، أحبّ هذا، فمن خلال ترسيخ الأطفال في عالمهم المادّي يصبح دخول عالم الخيال ممكنا. الخيال ليس هروبا من الواقع، بل يسمح لنا خيالنا باختراق اللمعان السطحي الذي نسمّيه الواقع، من أجل الكشف عمّا هو حقيقي وما هو أكثر صدقاً من الحقيقة. كاترينا ڤاندينبيرغ
  • يقال أحيانا أن "زبالة شخص ما قد تكون كنزَ شخص آخر". والمعنى هو أن ما قد يعتبره البعض عديم القيمة أو غير مرغوب فيه يمكن أن يحمل قيمة وإمكانات كبيرة بالنسبة للآخرين. فأيّ شيء تملكه ولا تحتاج إليه حقّا أو لا تريده هو مجرّد متاع مهمَل أو خردة بالنسبة لك. ولكن بالنسبة لشخص آخر قد يكون هذا الشيء من الممتلكات الثمينة والتي لا تُقدّر بمال لأنه يحتاجه، لكنه لا يمتلكه.
    وهذا القول يؤكّد الترابط المتأصّل والتنوّع في المجتمع، وأن الأرض بما فيها من موارد وفيرة تكافئ الذين يمتلكون المرونة اللازمة للكشف عن الكنوز المخفيّة أو تلك المهمَلة أو المتجاهَلة. كما تؤكّد العبارة أيضا على تقدير قوّة الاستكشاف والإبداع وتسخير الإمكانيات والموارد الكامنة.
    هل تتذكّر أسطوانات الموسيقى القديمة أو أشرطة الكاسيت؟ إنها بالنسبة للكثيرين مجرّد خردة أو زبالة، لكنها بالنسبة لعشّاق الموسيقى وجامعي التسجيلات "كنوز" ذات قيمة عالية، لأنها توفّر ارتباطا بالماضي وتجربة استماع فريدة. وهناك من يقدّرون عيوب هذه الوسائط ويفضّلون الصوت القديم والخبرة التي تتضمّنها على الكمال الرقمي الحديث.
    ونفس الشيء ينطبق على الملابس والأزياء القديمة والأثاث العتيق والسيّارات الكلاسيكية والكتب المستعملة "خاصّة إن كانت نادرة أو نفدت طبعتها" والإلكترونيات المكسورة أو القديمة أو المهملة والخردة المعدنية وما إلى ذلك. رون تالبوت
  • ❉ ❉ ❉


    ❉ ❉ ❉

  • يجب أن نقبل أولئك الذين يقبلوننا وأن نتجاوز الذين لا يفهموننا أو لا يقبلوننا. إن محاولة إجبار الآخرين على قبولنا هي الطريق إلى التعاسة وإلى الأذى. لا يوجد شيء يمكننا القيام به لتغيير أولئك الذين لا يحبّوننا أو لا يفهموننا. وفي النهاية، يتعيّن علينا ترك مثل هؤلاء الأشخاص وراءنا، لأن السماح للأشخاص الخطأ بسحبنا إلى أسفل سيجعل من الصعب علينا أن نُبقي أعيننا على المكان الذي نحتاج لأن نكون فيه. پول كوربيه
  • لا شيء عشوائي. حتى الإلكترونات التي يُفترض أنها مثال للتقلّبات غير المتوقّعة، هي كائنات صغيرة أليفة ومطيعة تندفع بسرعة الضوء وتذهب بالضبط إلى حيث يُفترض أن تذهب. إنها تُصدر أصوات صفير خافتة. وعندما تُدرَك في مجموعات مختلفة، فإنها تكون ممتعة كالريح التي تطير عبر الغابة، وهي تفعل بالضبط ما تُؤمر به. مارك هيلبيرن
  • بدأتُ قراءة كتاب بوتيرتي السريعة المعتادة. ولكن سرعان ما أدركت أنني سأحتاج إلى العودة والبدء من جديد، لأن القصّة والأسلوب يتطلّبان مزيدا من التركيز والوقت. ثم بدأت أضع خطّا تحت الكلمات والعبارات التي أذهلتني بجمالها أو قوّتها.
    كانت هذه الكلمات والعبارات قليلة في البداية. لكنْ شيئا فشيئا أصبحت كلّ صفحة تقريبا مليئة بها، غالبا جمل وأحيانا فقرات كاملة. إن وضع خطّ تحت الكلمات هو وسيلة للابتهاج والمتعة وإخبار شخص غير موجود بمدى حبّك لقراءة هذا الكتاب.
    كان تأثير القراءة مهدّئا وتأمّليا، وهو ما أبطأ من سرعتي أكثر، وجعلني أشعر بأنني جزء من كلّ ما يُكتب. كان شعورا جسديّا وحسّيا معا، وأنا متأكّد من أن دقّات قلبي وكذلك عقلي تباطأت. كنت أبتسم في بعض الأحيان وأقرأ بصوت عالٍ لأستمتع بسماع إيقاعات اللغة. وليام هارت
  • كان أداء ألبيرت آينشتاين السيّئ للغاية في المدرسة سببا في دفع معلّميه إلى إخبار والديه بإخراجه من المدرسة لأنه "غبيّ جدّا بحيث لا يستطيع التعلّم"، واقترحوا أن يحصل على وظيفة سهلة تعتمد على العمل اليدوي. لكن بدلاً من ذلك، اشترى له والده كمانا ليتعلّم عليه العزف.
    كانت الموسيقى هي المفتاح الذي ساعد آينشتاين على أن يصبح أحد أذكى الأشخاص الذين عاشوا على الإطلاق. وقد أحبّ موسيقى موزارت وباخ أكثر من غيرهما. وقال أحد أصدقائه المقرّبين إن الطريقة التي اكتشف بها آينشتاين مشاكله ومعادلاته كانت من خلال الارتجال على الكمان، وأن الموسيقى هي التي أظهرت عبقريّته. روبيرت سپولدينغ
  • إحدى أكبر الإهانات التي يمكنك توجيهها إلى الحبيب في العالم الحديث هي أن تقول له: أريد أن أغيّرك". كان لدى الإغريق القدماء وجهة نظر عن الحبّ، تستند في الأساس إلى التعليم، وهي أن الحبّ عملية خيرية يحاول من خلالها شخصان تعليم بعضهما البعض كيف يصبحان أفضل نسخة من نفسيهما. آلان دي بوتون
  • أدركُ، كأمريكي، بأن هذا المكان هو الذي يعتبره ملايين الناس في العالم الأفضل على وجه الأرض ولطالما حلموا بالعيش فيه. ومن المؤكّد أن جزءاً كبيراً من الأمريكيين هم أناس طيّبون حقاً. ونحن نعلم أن أسلافنا جاءوا إلى هذه القارّة وسرقوا أراضي السكّان الأصليين وقتلوا الكثيرين منهم، بل وأساءوا معاملة من نجوا.
    لقد كان ما حدث ظلماً فظيعاً، ولكنني لا أستطيع تغيير ما حدث آنذاك ولست على استعداد لتحمّل المسئولية عمّا حدث قبل ولادتي بفترة طويلة. إنني ضدّ الأفكار الشوفينية وعبادة الدولة، وأدرك أن هذه البلاد ليست مثالية ولا أستطيع أن أزعم أنني أحبّ الحكومة القسرية هنا. ولكنّي أحبّ ما كان مفترَضا أن تكون عليه أميركا ذات يوم، بل إنني أتطلّع إلى السبل التي قد تنجو بها هذه الفكرة وتزدهر. ديڤيد ماكلروي
  • يبدو أننا، كبشر، مبرمجون ليكون لدينا حاجة عميقة لسماع صوت شخص نحبّه، حتى لو لم نكن نعرف ذلك عن وعي. أتمنّى لو كانت لديّ تسجيلات لعائلتي منذ كنت صغيرا. كنّا نمتلك مسجّلات شرائط كاسيت منذ وقت مبكّر جدّا، وقد سجّلنا الكثير من الشرائط لأنفسنا. وأتذكّر أنني كنت أسجل ساعات وساعات من أفكاري عندما كنت صغيرا. كنت مستعدّا لبذل أيّ شيء لسماع صوتي وما كنت أتحدّث عنه.
    أتمنّى لو كان لديّ اليوم تسجيلات لوالديّ أو تسجيلات لأجدادي. كان جدّي يحكي لي قصصا مذهلة عن حياته عندما كان صبيّا فقيرا في الريف. ولا زلت أستطيع سماع صوته في ذاكرتي، لكنني لن أسمعه في أذني أبدا. كان رجلا لامعا ومتعلّما رغم أنه لم يتجاوز الصفّ السادس في المدرسة. هل تعرفون أفلام الخيال العلمي القديمة التي يفتح فيها صوت شخص ما باباً أو قبواً؟ لا أعلم ما إذا كانت قلوب الآخرين تعمل بنفس الطريقة، ولكن الصوت قادر على تنشيط شيء ما في القلوب وفتحها. ستيڤ نيلسون
  • الأشياء الأكثر أهميّة هي التي يصعب قولها. الكلمات تقلّل من حجم الأشياء التي تبدو بلا حدود عندما تكون في رأسك. لكن الأمر أكثر من ذلك. الأشياء الأكثر أهميّة تكمن بالقرب من أيّ مكان دُفن فيه قلبك السرّي، مثل المعالم التي تشير إلى كنز يحبّ أعداؤك سرقته. وقد تكشف عن أشياء تكلّفك غاليا. إن أسوأ شيء هو عندما يظلّ السرّ محبوسا في الداخل، ليس بسبب عدم وجود راوٍ، ولكن بسبب افتقاره إلى أذن متفهّمة. ستيڤن كنغ

  • Credits
    garyjennings.com
    harukimurakami.com

    الاثنين، نوفمبر 25، 2024

    كبريت مينيرڤا


    لقد توصّلت إلى اقتناع بأن العالم كلّه لغز. وقد أصبح هذا اللغز مرعبا بسبب محاولاتنا المجنونة لتفسيره كما لو أنه حقيقة.
    أومبيرتو إيكو

    ❉ ❉ ❉

    كان أومبيرتو إيكو (1932 - 2016) شخصية رائدة في أدب ما بعد الحداثة وأحد مؤسّسي علم العلامات الحديث، وهو معروف على نطاق واسع بعمله في علم الجمال وفلسفة اللغة. كما أنه مشهور عالميّا برواياته الخيالية، وخاصّة "اسم الوردة" الصادرة عام 1980، والتي تحوّلت عام 1986 الى فيلم سينمائي بنفس الاسم من بطولة شون كونري.
    وبالإضافة الى عمله كمحاضر جامعي وروائي وصحفي، كان إيكو يكتب للصحف الإيطالية مقالات مثيرة يتناول فيها مواضيع كثيرة ولا يجمع بينها شيء، مثل الهواتف المحمولة والانترنت ومقدّمي البرامج والمسلسلات التلفزيونية وجماعة فرسان الهيكل وتويتر والقراصنة والمهرجانات الأدبية والخطّ العربي وستيفن هوكينغ ومسابقات الأغاني وعيد الهالووين وسائقي سيّارات الأجرة وجيمس بوند وغير ذلك.
    وباعتباره مدخّنا قديما، اعتاد إيكو تدوين ملاحظاته وأفكار مقالاته على الغطاء الداخلي لعلب الكبريت. وفيما بعد جُمعت تلك المقالات في كتاب باسم "علبة كبريت مينيرڤا" على اسم علامة تجارية قديمة. كانت المقالات مرتجلة وقاسية وحادّة، وكلّ منها ناريّ ومتفجّر مثل أعواد الثقاب المشتعلة، ما دفع المخرج السينمائي المشهور پاولو پازوليني لانتقاده بقوله: يعرف إيكو كلّ ما يمكن معرفته ويقذفه في وجهك بأكثر الطرق لامبالاة وكأنك تستمع إلى روبوت".
    كان ايكو في مقالاته يكشف ببراعة عمّا يرى أنه سخيف ومتناقض في السلوك الإنساني المعاصر، كقوله: البعض ينتقدون الحجاب والشادور، بينما يعشقون السيّدة العذراء المحجّبة، ليس فقط في الكنيسة بل وفي آلاف التحف الفنّية من عصر النهضة". ومثل قوله: هناك الان هوس سياسي بالاعتذار عن الفظائع التي ارتُكبت في القرون الماضية، لكن من ينبغي له أن يطلب العفو عن حادثة الصلب؟ وبما أن المسيح قُتل تحت سلطة روما، فإنه لا مسئول عن الصلب سوى رئيس الدولة الحالي في إيطاليا (وكان آنذاك شيوعيّا).
    سخرية إيكو ساحرة وذكاؤه مبهر. ومع ذلك، كان يعبّر من وقت لآخر عن بعض المشاعر غير السارّة. ففي حديثه عن الأشخاص المنغمسين في هواتفهم إلى الحدّ الذي يجعلهم يصطدمون بك في الشارع، يصف كيف أدار ذات مرّة ظهره عمداً لامرأة تقترب منه، فسمح لها بالاصطدام به، ثم هنّأ نفسه عندما ارتطم هاتفها بالرصيف. وأضاف: أتمنّى فقط أن يكون الهاتف قد انكسر، وأنصح كل من يمرّ بنفس الموقف أن يفعل ما فعلته. ثم يتساءل هل كان ليحسّ بنفس الشعور لو كانت المرأة منحنية على كتاب أثناء سيرها؟!


    ثم يكتب كيف أنه أثناء دراسته لتوما الإكويني في الجامعة توقّف عن الإيمان بالله وترك الكنيسة الكاثوليكية نهائيا. ويعلّق: أستطيع القول إن توما الإكويني قد شفاني من الإيمان بأعجوبة".
    ويتحدّث في بعض مقالاته الأخرى عن بعض المفارقات في الحياة كقوله: نبشّر بتفوّق الكمبيوتر على القلم والورق، ثم نحوّل الكمبيوتر إلى شاشة لوحية نكتب عليها بقلم!". وأيضا: علّمني والدي ألا آخذ الأخبار على محمل الجد. فالصحف تكذب والمؤرّخون يكذبون والتلفزيون اليوم يكذب، وحتى العلم يكذب أحيانا!".
    وفي مقالات أخرى يتناول إيكو مسائل لها علاقة بالأدب والرواية. فعن سبب تأخّره في كتابة الرواية قال: لا أعرف لماذا تأخّرت. لكن هناك علماء قضوا حياتهم كلّها يتمنّون أن يكونوا روائيين. خذ مثلا رولان بارت العظيم. لقد مات وهو يشعر بالمرارة لأنه لم يمارس ما يسمّيه الحمقى "الكتابة الإبداعية"، وكأن أفلاطون وأرسطو لم يكتبا بشكل إبداعي. في الواقع، كان بارت يكتب إبداعا طوال حياته. والحقيقة أن جميع مقالاتي تتمتّع بنوع من البنية السردية. لذا أقول دائما إنني كنت أمتلك دافعا سرديّا. وكنت أُشبِع جزءا من هذا الدافع بسرد القصص لأطفالي، ولكنهم الان كبروا لسوء الحظ".
    ويضيف: منذ أصبحت روائيّاً توقّفت عن قراءة أعمال الكتّاب المعاصرين. لأنني لا أستطيع أن أتحمّلهم، وأشعر بالإحباط الشديد إذا كانوا يكتبون أفضل منّي. لذا أقرأ المزيد من أدب القرنين الثامن عشر والتاسع عشر والكثير من الكتب التاريخية".
    وفي أحد المقالات كتب يقول: إن إيطاليا دولة ما تزال تؤمن بالخرافات إلى حدّ كبير. فقد تحدّث عدد من العلماء عن طقوس دينية في نابولي رافقتها "معجزة" تتمثل في تحوّل دم أحد القدّيسين الذي قُطع رأسه عام 305 إلى سائل. ووفقا للتقاليد، فإن تحوّل دماء القدّيس المحفوظة في قارورتين يحمي المدينة من الكوارث، مثل الزلازل أو ثورات جبل فيزوف". وقد انتقد إيكو على ملاحظته تلك واتُهم بمحاولة تقويض المعتقدات الدينية لأعداد متناقصة من المؤمنين، ووُصف بأنه "مُفسد للمتعة وساحر يكشف عن حِيَله".
    الفكرة التي يتردّد صداها في كلّ كتابات إيكو هي أننا نعيش في عالم يشبه الى حدّ ما جحيم العصور الوسطى. وهو عالم يصعب فهمه، ولكنه في تناقضاته مفتوح دوماً على تفسيرات مختلفة. وحتى أيّامه الأخيرة، لم يتخلّ الكاتب أبدا عن دوره الفكري في محاولة فهم الظواهر الاجتماعية والثقافية المتغيّرة، مسترشداً بالفضول البشري والعقلانية والاعتدال مع قدر كبير من روح الدعابة.

    Credits
    umbertoeco.com
    pierpaolopasolini.net