ونهض أمامه قصر يتلألأ بالذهب والجواهر الثمينة. وفي ذلك القصر، وجد امرأة من أجمل النساء. وبعد أيّام عرضت عليه المرأة أن تهبه كلّ ما رآه، شرط ألا يبدي رغبته، ولو تلميحاً، في الرحيل. وبقي الرجل هناك سبع سنوات. وذات يوم، تنهّد للحظة واحدة عن غير وعي، متذكّرا العالم خارج القصر، وإذا به يقف مرّة أخرى وسط الرمال خارج جدار الصخرة الشديد الانحدار، وكلّ ما مرّ به بدا له وكأنه لم يدُم أكثر من ساعة. بيرتس ايفيز
❉ ❉ ❉
اتخذت قرارا بأن أُشرك نفسي في الرواية أثناء هروبي إلى أفريقيا. جلست على طاولة في مطعمي المفضّل في كينشاسا، فيما كان يعرف آنذاك بزائير، وشاركت جلسة مع خمسة أشخاص آخرين كانوا يعملون في المدينة كمهرّبين ومرتزقة ومخالفين للقانون. وتناوبنا على سرد قصصنا لبعضنا البعض. وعندما اختار الرجال الآخرون قصّتي الأكثر إثارةً للاهتمام، قرّرت التوقّف عن الكتابة من منظور الكاتب الخفيّ العليم، وأن أشرك نفسي في عملي.
لا شيء أكثر إثارة أو مكافأة أو تحدّيا من القيام بما خُلقتَ من أجله. أعتقد أن هناك نوعين من الكتّاب في العالم: الذين يعتقدون أن الكتابة فكرة جيّدة لأيّ سبب كان، والذين يكتبون لأنهم لا يملكون خيارا سوى الكتابة. أنا من النوع الثاني.
لطالما كانت الكتابة شغفي الأوّل. عندما كنت مقيّدا إلى جدار في سجن آرثر رود، وأعذَّب على يد مشرفي السجن، كان جزء منّي يكتب هذه التجربة تحت لدغة العصا الدموية. أن أكون قادرا على الكتابة الآن كرجل حرّ، وأن أنشر عالميّا، لهو إنجاز كبير لأنه حقّق أعمق وأعزّ رغباتي.
أما التغيير الأكبر والأكثر دراماتيكيةً في حياتي فقد حدث عندما أُلقي عليّ القبض مجدّدا عام ١٩٩٠، بعد أن عشت عشر سنوات هارباً كرجل مطلوب للعدالة، ووُضعت في سجن برونغيشهايم الإرهابي بألمانيا. خطّطت للهرب من ذلك السجن وكنت على أهبة الاستعداد للانطلاق عندما رأيت وجه أمّي ومعاناتها، وعرفت حينها أن عليّ تغيير حياتي والتوقّف عن الأنانية وتدمير الذات.
فأقلعت عن تعاطي المخدّرات في تلك اللحظة ولم أشرب الكحول ولم أدخّن ولم أتعاطَ أيّ نوع من المخدّرات منذ ذلك اليوم، أي قبل عشرين عاما. وتركت عالم الجريمة وحياة الخارجين عن القانون وركّزت على عملي الإبداعي ككاتب وعلى خدمة أحبّائي. غريغوري روبرتس
❉ ❉ ❉
يقول الشاعر في قصيدته: سأنهض وأذهب الآن إلى إينيسفري، وأبتني لي هناك كوخا صغيرا من طين وخشب، وأزرع تسعة صفوف من الفاصوليا وخليّة نحل، وأعيش لوحدي في المرج. سأنعم هناك ببعض الهدوء الذي يأتي ببطء من حُجب الصباح الباكر إلى حيث هسيس الصراصير. هناك، يشعّ نصف الليل بالوميض ويكتسي النهار وهجا أرجوانيا ويمتلئ المساء بأجنحة الحسّون. سأنهض وأذهب الآن. ليلا أو نهارا، أسمع همس ماء البحيرة يلامس الشاطئ. وعندما أمشي في طريقي، أو أتوقّف في بعض الدروب الرمادية، أسمع صداها في أعماق قلبي".
يعبّر ييتس في القصيدة عن شوقه لحياة البساطة ونفوره من الحضارة الصناعية في أواخر القرن التاسع عشر في إنغلترا. وتمثّل الطبيعة هنا النداء الروحي للشاعر، حيث يرفض الثقافة الحضرية عديمة الروح التي يمثلها مجازيّا "الطريق" و "الدروب الرمادية".
ويتخيّل الشاعر السكن في كوخ مبنيّ من الطين والأغصان بين تسعة صفوف من الفاصوليا وخليّة من نحل العسل. كما يصف البيئة الطبيعية في أوقات مختلفة من اليوم، من خلال عدد من الصور المليئة بالأصوات والألوان والحركات المختلطة، كالنحل الطنّان والصراصير المغرّدة والطيور المرفرفة بأجنحتها والضوء المكتسي باللون الأرجواني.
والشاعر يعبّر ضمنا عن إدانته لإنغلترا الحضرية وإعجابه بآيرلندا وثقافتها الريفية. ومن الواضح أن رحلة الشاعر إلى تلك الجزيرة هي رحلة روحية نحو التسامي والصفاء. ويتجلّى هذا الحماس شبه الديني في إنشائه صلة بمثال الابن الضالّ في القصّة التوراتية. وهكذا يصبح الذهاب إلى إنيسفري توبة من ذنوب العالم المادّي.
وفي حديث ييتس عن النحل يذكّرنا بحقيقة أن العسل كان الغذاء المميّز ليوحنّا المعمدان الذي كان نموذجا لأوّل للرهبان المسيحيين الذين عاشوا في البرّية وبشّروا بالتوبة استعدادا لمجيء الربّ. ومع أن القصيدة لا تتضمّن إشارات دينية صريحة، إلا أن تصوير الطبيعة يكشف عن شوق عميق لتجربة التسامي. ليديا جونز
❉ ❉ ❉
❉ ❉ ❉
التكنولوجيا الحديثة كبحت غريزتنا في جعل الوقت متناغماً مع الأرض، ومع ذلك فإن أجسادنا مصمّمة لتكون في حوار مع نظامنا البيئي ولتستجيب للعالم من حولنا عبر ساعاتنا الداخلية.
إبحث عن مكان للجلوس في مساحة خارجية، مكانٍ يمكنك فيه مواجهة عناصر الطبيعة والمجتمع الذي يتجاوز حدود البشر. وابدأ بإيقاظ حواسّك للأصوات والروائح والحركات من حولك. ولاحظ جودة الضوء ودرجة الحرارة ووجود الرطوبة أو عدمها وتفتّح الزهور أو غلقها ووصول المخلوقات ومغادرتها، أي كلّ الإشارات في المشهد التي تشكّل إحساسا بالوقت.
وأثناء استمرارك في الجلوس، لاحظ كيف تتغيّر هذه الإشارات أو تتطوّر أو تختفي. فكّر في كيفية تَغيّرها على مدار فصل أو عام. متى ستظهر نباتات معيّنة؟ وهل سيتغيّر عطر هذا المكان؟ ضوء الشمس؟ الألوان؟
ركّز على كائن يشاركك موطنك، ربّما نبتة في حديقتك أو نهر يمرّ عبر مدينتك أو طائر مغرّد يتردّد على شارعك. فكّر في كيفية استشعار هذا الكائن للوقت عند تفاعله مع الإشارات التي لاحظتها. هل يتفاعل مع وجود كائنات أخرى أو يستجيب لتغيّرات الضوء أو يتناغم مع الحالة المتغيّرة لنبتة أثناء إزهارها وثمرها؟ كرّر ذلك مع كائنات أخرى في مجتمعك البيئي.
إقضِ يوما دون النظر إلى ساعة واحدة، دون دقائق وساعات، ما الذي تستمع إليه وتبحث عنه لتستشعر الوقت؟ ربّما تقلّبات الضوء أو أصوات عائلتك أثناء استيقاظك أو رائحة الندى على نبات ما أو وجود غناء حيوان آخر. إيمانويل لي
❉ ❉ ❉
قبل عشرينات القرن الحادي والعشرين، لم يكن هناك شيء على الأرض، سوى العقل البشري، قادر على إنتاج نصوص متطوّرة. اليوم، اختلفت الأمور. نظريّا، ربّما يكون النصّ الذي قرأته للتوّ قد أنتجهُ ذكاء جهاز كمبيوتر. ونظرا لسرعة تطوّر الذكاء الاصطناعي، فإنه يستحيل التنبّؤ بما يمكن أن يفعله غدا، ومن هنا أهميّة وضع حواجز وقائية ضدّ جميع المخاطر التي قد يحملها في المستقبل. يوفال هاراري
❉ ❉ ❉
أما حدائق الرومان فكان لها وظائف متعدّدة. فقد كانت بمثابة أماكن للاسترخاء أو الدراسة أو تبادل أطراف الحديث. أما بالنسبة للأثرياء، فكانت الحدائق عنصر زينة للمنزل الخاصّ. وكانوا يزرعون فيها الخضراوات والنباتات المفيدة أو يضعون فيها نباتات الزينة. كما خُصّصت فيها أماكن للتماثيل والنوافير.
ومع ظهور الحدائق في مدن ايطاليا، ظهرت اللوحات الجدارية في المنازل "كالصورة التي فوق"، والتي تصوّر حدائق غنّاء بأشجارها ونباتاتها المزهرة، أحيانا في مواجهة سماء زرقاء. وكثيرا ما كانت النافورة محطّ الأنظار على الجدران. ومن بين أوراق الشجر، ستجد ألواحا رخامية على أعمدة، ويُفترض أنها تحمي من الكوارث.
الحديقة الرومانية مستوحاة مباشرةً من الحدائق اليونانية. كانت في البداية مشهداً مقدّسا. وكثيرا ما كان يظهر فيها بريابوس إله الخصوبة ثم ديونيسوس. واستُخدمت نباتات الحديقة في الطقوس. كما لعبت الآلهة والأموات دورا هامّا في الحدائق وعلى اللوحات الجدارية في المنازل. واتّسمت صور هذه اللوحات بطابع رمزيّ. لوتشيا إمبلوسو
❉ ❉ ❉
جبال القمر التي ترتفع قممها الثلجية فوق خطّ الاستواء في شرق أفريقيا، على مقربة من ينابيع النيل، تحمل اسما يُلهم الأساطير. أطلق عليها "بطليموس" هذا الاسم، وربّما ترجمه من كلمات أصلية تحمل المعنى نفسه. ولأنها كانت جزءا من الجغرافيا العربية في العصور الوسطى، فقد غلّفتها الأساطير الشرقية. ومن القصص التي تُروى أن من ينظر إلى تلك الجبال ينجذب إليها بقوّة مغناطيسية ولا يحرّره منها إلا الموت.
ووفقا لمؤرّخ عربي، أرسل أحد الملوك بعثة لاستكشاف منابع النيل، فوصلوا إلى جبال النحاس، وعندما أشرقت الشمس، كانت أشعّتها المنعكسة قويّة جدّا لدرجة أن الجبال احترقت. ك. سبولدينغ