بعض قطع شوبيرت الموسيقية مملوءة بالتوق وأحيانا بالتذكّر الحزين. يقال، مثلا، إن غوته، الفيلسوف الألماني، كان يبكي بصمت عندما يستمع إلى إحدى مقطوعاته. وهناك شاعر ألماني يُدعى جان بول ريختر قيل إن آخر ما طلبه في لحظات احتضاره هو الاستماع إلى لحن معيّن لـ شوبيرت.
كان شوبيرت معجبا حدّ الهوس بـ بيتهوفن الذي كان يعتبره مثله الأعلى في التأليف الموسيقي. وهناك رواية تقول انه في يوم جنازة بيتهوفن أسرّ شوبيرت إلى بعض أصدقائه بأنه هو نفسه من سيتوفّى تالياً. وقد تحقّقت تلك النبوءة الغريبة عندما عاجل الموت شوبيرت قبل أن يكمل عامه الحادي والثلاثين.
تتميّز بعض الحان شوبيرت ببساطتها وتلقائيتها وبتنوّع الأمزجة والانفعالات التي تثيرها. ومن أشهر أعماله سيمفونيّته الناقصة والسوناتات العديدة المكتوبة للبيانو ومجموعته بعنوان رحلة الشتاء التي تستثير في النفس إحساسا باليأس وأحيانا بالحزن والكآبة.
لم يعش فرانز شوبيرت طويلا. ومع ذلك فقد أنتج خلال عمره القصير عددا من أشهر الألحان الكلاسيكية.
وإحدى أروع هداياه إلى العالم هي مقطوعته الجميلة المسمّاة ايفا ماريّا. وقد ألف شوبيرت هذه القطعة التي تغلب عليها المسحة الدينية والتأمّلية في العام 1825، أي قبل وفاته بثلاث سنوات. وهي مكتوبة أصلا للصوت والبيانو. وكان في ذهنه أن ترافق الموسيقى أبيات مترجمة إلى الألمانية من قصيدة مشهورة بعنوان سيّدة البحيرة للشاعر الانجليزي السير والتر سكوت.
وبعد ظهور المقطوعة والقصيدة سرعان ما انتشرت وذاع صيتها وأصبحت معروفة ومفضّلة في جميع أنحاء العالم. ويبدو أن شوبيرت ألّف المعزوفة في إحدى لحظات التجلّي والإبداع بالنظر إلى تأثيرها العميق في النفس والمشاعر.
تتحدّث القصيدة عن امرأة تدعى ايلين تسكن على ضفّة إحدى البحيرات. وقد اعتادت المرأة أن تؤدّي صلاة خاصّة كلّ يوم. المعروف أن هذه الموسيقى عُزفت لأوّل مرّة في قصر كونتيسة نمساوية في إحدى القرى القريبة من فيينا. ومن ثم اُهديت الموسيقى لها وأصبحت تلك السيّدة منذ ذلك الحين تُعرف باسم سيّدة البحيرة.
ولد فرانز شوبيرت لعائلة من الموسيقيين. ولم يحقّق شهرة كبيرة في حياته. وعاش فقيرا وكان يعتمد دائما على المساعدات التي كانت تأتيه من عائلته وأصدقائه.
لكن في ما بعد، أصبح شوبيرت احد ابرز الأسماء اللامعة في عالم الموسيقى الكلاسيكية. ويرجع الفضل في ذلك إلى كلّ من فرانز ليست وفيليكس ماندلسون وروبرت شومان الذين قاموا بجمع أعماله وترتيبها وتصنيفها في القرن التاسع عشر.
وقد ترك شوبيرت عند وفاته تسع سيمفونيات وأكثر من ألف اوبرا ومقطوعة للبيانو.
فرانز شوبيرت: ايفا ماريّا