العلم يقول لنا أشياء كثيرة عن الضوء. لكن هذه الأشياء تقود إلى تساؤلات أخرى أكثر غموضا. والعلماء ما يزالون في حيرة من أمر هذه الظاهرة التي ما تزال تخفي الكثير من أسرارها.
لكن يمكننا أن نلمح شيئا من طبيعة الضوء عندما تتخلّل أشعّة الشمس غرفة مملوءة بالغبار، أو عندما يظهر قوس قزح بعد عاصفة رعدية أو بعد هطول المطر.
في إحدى غرف متحف تيت البريطانيّ، توجد لوحة كثيرا ما تجتذب أعدادا كبيرة من الزوّار. عمر اللوحة مائة وثلاثون عاما، وهي مرسومة بالألوان الزيتية، وطولها حوالي سبعة أقدام.
في اللوحة، تظهر فتاتان صغيرتان في بدايات المساء وهما تقفان في حديقة للزهور وتضيئان مصابيح ورقية.
كان طموح الفنّان الذي رسمها، وهو جون سنغر سارجنت، أن يمسك بالوهج السريع للشفق، رغم أن المهمّة كانت على ما يبدو عصيّة ومراوغة.
وقد كتب الرسّام إلى شقيقته يخبرها، بشيء من الإحباط، كيف أن التأثير الذي حاول أن ينقله إلى اللوحة لم يستمرّ سوى عشر دقائق، وهي فترة غير كافية لنقل الانطباع إلى القماش.
لكن لو وقفت أمام اللوحة اليوم لتعجّبت من خاصيّة الضوء الذي يشعّ منها. فوهج الشفق يسقط على بتلات الأزهار وعلى الوجهين الناعمين للطفلتين، بينما ينبعث عن المصابيح الورقية شعاع برتقاليّ قويّ وأخّاذ.
هناك شيء ما غامض في لوحة سارجنت هذه. ويمكن القول أنها تختزل علاقة الإنسان بالضوء. فنحن، ودون أن نشعر أحيانا، نجري خلف الضوء ونعامله بشيء من التقديس ونخلع عليه شعورا بالاحتفاء والدهشة.
انه نفس الإحساس الذي يساورنا ونحن نرقب عرضا للألعاب الناريّة ، أو منظرا للشفق القطبيّ ، أو تجربة من تجارب حقول الضوء ، أو عندما نصغي للحكايات التي نقصّها على أنفسنا عن علامات النجوم وظاهرتي الكسوف والخسوف، أو عندما نتسلّق قمّة جبل كي نتأمّل منظر الشمس وهي تشرق أو تغرب برهبة وجلال.
كلّ تفاصيل حياتنا تتمحور حول الضوء، أساليبنا في العمل والعيش والتنقّل، تعاملنا مع المصابيح ومفاتيح الإنارة في بيوتنا، وحتى تصوّراتنا عن المسافة التي تفصل السماء عن الأرض.
وأينما كان المكان الذي تعيش فيه، سواءً في المدينة أو القرية، فأنت منجذب دوما، ودون أن تحسّ غالبا، إلى رؤية كيف ينبثق الضوء وكيف يتلاشى.
قبل أن يرسم سارجنت لوحته هذه بسنوات، أشار وليم تيرنر، الذي يوصف عادة بأنه رسّام الضوء، إلى أن أجمل الأضواء هي تلك التي تظهر في السماء التي تعلو شاطئ البحر. التحوّل الناعم للضوء بين كلّ ساعة من ساعات النهار والليل شيء لافت وتعجز الكلمات عن وصفه أو عن وصف تأثيره في النفس والمشاعر.
في انجذابنا نحو الضوء، ثمّة حالة من الجمال، من التسامي، من الإحساس بالدفء والتطلّع إلى شيء ما لا يمكن لمسه أو إدراكه. وعلاقتنا الملتبسة بالضوء ستظلّ دائما، وبمعنى ما، غير مكتملة وغير مدركة تماما، سواءً كان مصدره وهج عود ثقاب أو ضوء مصباح أو شهابا عابرا في السماء أو جذوة نار مشتعلة في البرّية.
"هناك أشياء لا يمكن امتلاكها". كتبت ريبيكا سولنيت ذات مرّة تصف اللون الأزرق للضوء. الضوء ظاهرة واضحة جدّا، وفي نفس الوقت غامضة كثيرا. ولأنه احد متع الحياة العظيمة غير المحسوسة وغير المدركة، فإنه سيظلّ سببا ومصدرا للاحتفال والدهشة التي لا تنتهي.
لكن يمكننا أن نلمح شيئا من طبيعة الضوء عندما تتخلّل أشعّة الشمس غرفة مملوءة بالغبار، أو عندما يظهر قوس قزح بعد عاصفة رعدية أو بعد هطول المطر.
في إحدى غرف متحف تيت البريطانيّ، توجد لوحة كثيرا ما تجتذب أعدادا كبيرة من الزوّار. عمر اللوحة مائة وثلاثون عاما، وهي مرسومة بالألوان الزيتية، وطولها حوالي سبعة أقدام.
في اللوحة، تظهر فتاتان صغيرتان في بدايات المساء وهما تقفان في حديقة للزهور وتضيئان مصابيح ورقية.
كان طموح الفنّان الذي رسمها، وهو جون سنغر سارجنت، أن يمسك بالوهج السريع للشفق، رغم أن المهمّة كانت على ما يبدو عصيّة ومراوغة.
وقد كتب الرسّام إلى شقيقته يخبرها، بشيء من الإحباط، كيف أن التأثير الذي حاول أن ينقله إلى اللوحة لم يستمرّ سوى عشر دقائق، وهي فترة غير كافية لنقل الانطباع إلى القماش.
لكن لو وقفت أمام اللوحة اليوم لتعجّبت من خاصيّة الضوء الذي يشعّ منها. فوهج الشفق يسقط على بتلات الأزهار وعلى الوجهين الناعمين للطفلتين، بينما ينبعث عن المصابيح الورقية شعاع برتقاليّ قويّ وأخّاذ.
هناك شيء ما غامض في لوحة سارجنت هذه. ويمكن القول أنها تختزل علاقة الإنسان بالضوء. فنحن، ودون أن نشعر أحيانا، نجري خلف الضوء ونعامله بشيء من التقديس ونخلع عليه شعورا بالاحتفاء والدهشة.
انه نفس الإحساس الذي يساورنا ونحن نرقب عرضا للألعاب الناريّة ، أو منظرا للشفق القطبيّ ، أو تجربة من تجارب حقول الضوء ، أو عندما نصغي للحكايات التي نقصّها على أنفسنا عن علامات النجوم وظاهرتي الكسوف والخسوف، أو عندما نتسلّق قمّة جبل كي نتأمّل منظر الشمس وهي تشرق أو تغرب برهبة وجلال.
كلّ تفاصيل حياتنا تتمحور حول الضوء، أساليبنا في العمل والعيش والتنقّل، تعاملنا مع المصابيح ومفاتيح الإنارة في بيوتنا، وحتى تصوّراتنا عن المسافة التي تفصل السماء عن الأرض.
وأينما كان المكان الذي تعيش فيه، سواءً في المدينة أو القرية، فأنت منجذب دوما، ودون أن تحسّ غالبا، إلى رؤية كيف ينبثق الضوء وكيف يتلاشى.
قبل أن يرسم سارجنت لوحته هذه بسنوات، أشار وليم تيرنر، الذي يوصف عادة بأنه رسّام الضوء، إلى أن أجمل الأضواء هي تلك التي تظهر في السماء التي تعلو شاطئ البحر. التحوّل الناعم للضوء بين كلّ ساعة من ساعات النهار والليل شيء لافت وتعجز الكلمات عن وصفه أو عن وصف تأثيره في النفس والمشاعر.
في انجذابنا نحو الضوء، ثمّة حالة من الجمال، من التسامي، من الإحساس بالدفء والتطلّع إلى شيء ما لا يمكن لمسه أو إدراكه. وعلاقتنا الملتبسة بالضوء ستظلّ دائما، وبمعنى ما، غير مكتملة وغير مدركة تماما، سواءً كان مصدره وهج عود ثقاب أو ضوء مصباح أو شهابا عابرا في السماء أو جذوة نار مشتعلة في البرّية.
"هناك أشياء لا يمكن امتلاكها". كتبت ريبيكا سولنيت ذات مرّة تصف اللون الأزرق للضوء. الضوء ظاهرة واضحة جدّا، وفي نفس الوقت غامضة كثيرا. ولأنه احد متع الحياة العظيمة غير المحسوسة وغير المدركة، فإنه سيظلّ سببا ومصدرا للاحتفال والدهشة التي لا تنتهي.
Credits
theguardian.com
theguardian.com