من الأصوات الجميلة التي لا تُنسى صوت الشيخ المرحوم حمزة شكّور. كنت أواظب على سماع أناشيده وابتهالاته وموشّحاته من تلفزيون سوريا، وكانت تُبثّ عادةً وقت السحر في شهر رمضان الكريم من كلّ عام.
وصوت الشيخ حمزة جميل بما لا يوصف، قوّته الروحية تجتذب السامع إلى التقاليد الصوفية القديمة. وأنت تسمعه لا بدّ أن يثير في نفسك شعورا بالصفاء والسكينة.
ولد الشيخ حمزة شكّور في دمشق عام 1947. وكان والده يعمل آنذاك مؤذّنا في احد المساجد، وقد علّمه أصول التلاوة والإنشاد الدينيّ. ثم أصبح الشيخ حمزة مقرئا للقرآن الكريم ومنشدا. وفي ما بعد عُيّن كبيرا للمنشدين في الجامع الكبير في دمشق. كما كان يشارك بفاعلية في المناسبات الدينية، ما أكسبه قبولا وشعبية إضافية لدى الناس.
وعلى الرغم من أن الشيخ لم يتلقَّ تعليما نظاميّا في الموسيقى، إلا انه استطاع أن ينتج آلاف الأغاني والمقطوعات ما بين ابتهالات وتقاسيم وبشارف وأدوار ومقامات وموشّحات.
وقد ارتبط اسم الشيخ حمزة شكّور بفرقة أميّة للفنون، ثم بفرقة الكندي التي أسّسها مع الموسيقيّ الفرنسيّ جوليان جلال الدين فايس عام 1983.
كان جوليان جلال الدين عاشقا للموسيقى العربية الكلاسيكية. وقد أتى إلى سوريا واستقرّ فيها بعد أن اشترى قصرا مملوكيّا قديما في وسط حلب يعود تاريخه إلى القرن الرابع عشر. وكان قبل ذلك قد تعلّم العزف على القانون وأصبح من أشهر العازفين على هذه الآلة. ثم تحوّل إلى الإسلام واختار لنفسه اسم جلال الدين تيمّنا بالروميّ مؤسّس المولوية.
ومن خلال فرقة الكندي، استطاع الاثنان تقديم الغناء العربيّ والأندلسيّ إلى الجمهور الغربيّ من خلال الحفلات العديدة التي أقامتها الفرقة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وهونغ كونغ والبرازيل وغيرها.
حمزة شكّور كان إنسانا متديّنا بعمق. وكان يمثّل إسلاما مستنيرا ومنفتحا وبعيدا جدّا عن التحجّر والغلو. وقد أدّى أناشيد دينية مع العديد من الفرق العالمية، ومنها فريق غريغوريان للإنشاد الكنسيّ.
كما اشتهر الشيخ بارتجالاته التي تعلّمها من تراث يعود إلى مئات السنين عندما كانت الأدعية والابتهالات تُمزج بالموسيقى والأنغام.
في القرن التاسع الميلادي، تبنّى المتصوّفة الموسيقى كطريقة للوصول إلى حالة من النشوة الروحية، أو ما يسمّونه بالحبّ الإلهيّ. وفي ذلك الوقت أيضا بدأت تقاليد "السَّماع"، وهي مفردة تعني إضفاء بعد روحيّ على الموسيقى والشعر حتى عندما لا يكون مضمونهما دينيّا خالصاً.
وقد بدأ ذلك التقليد في قونية بالأناضول على يد الشاعر الفيلسوف جلال الدين الروميّ مؤسّس الطريقة المولوية. ورغم أن طقوس تلك الطريقة مرتبطة في الأساس بتركيا، إلا أن تقاليدها انتشرت في البلدان المجاورة مثل سوريا ومصر والعراق منذ القرن السادس عشر.
وكان الشيخ حمزة متأثّرا بتراث الصوفية وبتقاليد المولوية. ورغم قلّة عدد أفراد هذه الطريقة في سوريا، إلا أن الناس كانوا منجذبين إلى سماع أدعيتهم وموسيقاهم.
وقد هُدّدوا بإغلاق زواياهم وحفلاتهم في عدد من المناسبات، لكن المكانة الشخصية الكبيرة للشيخ حافظت على وجودهم. وكان قد وصل إلى درجة من النجومية سمحت له بأن يحتفظ بمجموعته الصغيرة من المنشدين والعازفين.
ومن الأشياء التي ابتكرها الشيخ شكّور انه أضاف إلى الأذان مقامات أخرى كالبياتي والسيكا والراست بعد أن كان مقتصرا على مقام الحجاز. ولذا قيل انه في سوريا فقط يمكنك أن تسمع الأذان بأربعة مقامات متنوّعة.
وهناك أيضا المدائح النبوية وأسماء الله الحسنى التي طالما أدّاها الشيخ حمزة بنغمات عميقة ومتأمّلة، بينما المنشدون يردّدون خلفه بتبتّل وخشوع. وموهبة الشيخ لم تكن تتمثّل في صوته الشجيّ والحسّاس فحسب، بل في قوّة ذلك الصوت أيضا، لدرجة أنه قيل أن أداءه المنفرد يمكن أن يعادل اوركسترا كاملة ويملأ فراغ غرفة كبيرة.
وكان الشيخ حمزة أيضا يعرف كيف يخاطب أحاسيس جمهوره كي يأسرهم، وهذه موهبة إضافية لا يتمتّع بها سوى القليل من المنشدين.
توفّي الشيخ حمزة شكّور في دمشق في فبراير من عام 2009 عن ستّة وستّين عاما. وبعده بستّ سنوات، توفّي في باريس صديقه وشريكه في تأسيس فرقة الكندي جوليان جلال الدين. لكن جهودهما في إثراء الموسيقى العربية التراثية وفي نشر الإنشاد الدينيّ في العالم ما تزال ماثلة للعيان من خلال ما تركاه من سيرة طيّبة وإرث ضخم.
وصوت الشيخ حمزة جميل بما لا يوصف، قوّته الروحية تجتذب السامع إلى التقاليد الصوفية القديمة. وأنت تسمعه لا بدّ أن يثير في نفسك شعورا بالصفاء والسكينة.
ولد الشيخ حمزة شكّور في دمشق عام 1947. وكان والده يعمل آنذاك مؤذّنا في احد المساجد، وقد علّمه أصول التلاوة والإنشاد الدينيّ. ثم أصبح الشيخ حمزة مقرئا للقرآن الكريم ومنشدا. وفي ما بعد عُيّن كبيرا للمنشدين في الجامع الكبير في دمشق. كما كان يشارك بفاعلية في المناسبات الدينية، ما أكسبه قبولا وشعبية إضافية لدى الناس.
وعلى الرغم من أن الشيخ لم يتلقَّ تعليما نظاميّا في الموسيقى، إلا انه استطاع أن ينتج آلاف الأغاني والمقطوعات ما بين ابتهالات وتقاسيم وبشارف وأدوار ومقامات وموشّحات.
وقد ارتبط اسم الشيخ حمزة شكّور بفرقة أميّة للفنون، ثم بفرقة الكندي التي أسّسها مع الموسيقيّ الفرنسيّ جوليان جلال الدين فايس عام 1983.
كان جوليان جلال الدين عاشقا للموسيقى العربية الكلاسيكية. وقد أتى إلى سوريا واستقرّ فيها بعد أن اشترى قصرا مملوكيّا قديما في وسط حلب يعود تاريخه إلى القرن الرابع عشر. وكان قبل ذلك قد تعلّم العزف على القانون وأصبح من أشهر العازفين على هذه الآلة. ثم تحوّل إلى الإسلام واختار لنفسه اسم جلال الدين تيمّنا بالروميّ مؤسّس المولوية.
ومن خلال فرقة الكندي، استطاع الاثنان تقديم الغناء العربيّ والأندلسيّ إلى الجمهور الغربيّ من خلال الحفلات العديدة التي أقامتها الفرقة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وهونغ كونغ والبرازيل وغيرها.
حمزة شكّور كان إنسانا متديّنا بعمق. وكان يمثّل إسلاما مستنيرا ومنفتحا وبعيدا جدّا عن التحجّر والغلو. وقد أدّى أناشيد دينية مع العديد من الفرق العالمية، ومنها فريق غريغوريان للإنشاد الكنسيّ.
كما اشتهر الشيخ بارتجالاته التي تعلّمها من تراث يعود إلى مئات السنين عندما كانت الأدعية والابتهالات تُمزج بالموسيقى والأنغام.
في القرن التاسع الميلادي، تبنّى المتصوّفة الموسيقى كطريقة للوصول إلى حالة من النشوة الروحية، أو ما يسمّونه بالحبّ الإلهيّ. وفي ذلك الوقت أيضا بدأت تقاليد "السَّماع"، وهي مفردة تعني إضفاء بعد روحيّ على الموسيقى والشعر حتى عندما لا يكون مضمونهما دينيّا خالصاً.
وقد بدأ ذلك التقليد في قونية بالأناضول على يد الشاعر الفيلسوف جلال الدين الروميّ مؤسّس الطريقة المولوية. ورغم أن طقوس تلك الطريقة مرتبطة في الأساس بتركيا، إلا أن تقاليدها انتشرت في البلدان المجاورة مثل سوريا ومصر والعراق منذ القرن السادس عشر.
وكان الشيخ حمزة متأثّرا بتراث الصوفية وبتقاليد المولوية. ورغم قلّة عدد أفراد هذه الطريقة في سوريا، إلا أن الناس كانوا منجذبين إلى سماع أدعيتهم وموسيقاهم.
وقد هُدّدوا بإغلاق زواياهم وحفلاتهم في عدد من المناسبات، لكن المكانة الشخصية الكبيرة للشيخ حافظت على وجودهم. وكان قد وصل إلى درجة من النجومية سمحت له بأن يحتفظ بمجموعته الصغيرة من المنشدين والعازفين.
ومن الأشياء التي ابتكرها الشيخ شكّور انه أضاف إلى الأذان مقامات أخرى كالبياتي والسيكا والراست بعد أن كان مقتصرا على مقام الحجاز. ولذا قيل انه في سوريا فقط يمكنك أن تسمع الأذان بأربعة مقامات متنوّعة.
وهناك أيضا المدائح النبوية وأسماء الله الحسنى التي طالما أدّاها الشيخ حمزة بنغمات عميقة ومتأمّلة، بينما المنشدون يردّدون خلفه بتبتّل وخشوع. وموهبة الشيخ لم تكن تتمثّل في صوته الشجيّ والحسّاس فحسب، بل في قوّة ذلك الصوت أيضا، لدرجة أنه قيل أن أداءه المنفرد يمكن أن يعادل اوركسترا كاملة ويملأ فراغ غرفة كبيرة.
وكان الشيخ حمزة أيضا يعرف كيف يخاطب أحاسيس جمهوره كي يأسرهم، وهذه موهبة إضافية لا يتمتّع بها سوى القليل من المنشدين.
توفّي الشيخ حمزة شكّور في دمشق في فبراير من عام 2009 عن ستّة وستّين عاما. وبعده بستّ سنوات، توفّي في باريس صديقه وشريكه في تأسيس فرقة الكندي جوليان جلال الدين. لكن جهودهما في إثراء الموسيقى العربية التراثية وفي نشر الإنشاد الدينيّ في العالم ما تزال ماثلة للعيان من خلال ما تركاه من سيرة طيّبة وإرث ضخم.
Credits
alkindi.org
alkindi.org