المكان الوحيد الذي يمكنك أن تستمع فيه إلى الموسيقى هذه الأيّام هو السيّارة. ومن واقع تجربة، لاحظت أن ما يستوقفني ممّا اسمعه في راديو السيّارة هو الموسيقى التي سبق أن سمعتها من قبل. وغالبا عندما اسمع موسيقى جديدة فإنني، وبطريقة تلقائية، إمّا أن اخفض الصوت أو أغيّر المحطّة.
ثم اكتشفت أنني لست وحدي من يفعل ذلك، بل الكثيرون ممّن اعرف. وهو ما دفعني للتساؤل: لماذا يسمع الناس في الغالب الموسيقى المألوفة لهم أكثر من غيرها ولا يرتاحون كثيرا لسماع الموسيقى الجديدة؟
واقع الحال هو أننا كلّما استمعنا إلى موسيقى ما، كلّما ألفناها وأحببناها، إلى أن نصل إلى النقطة التي نملّ فيها من سماعها.
لكن هل يسري هذا على الكتب والأفلام مثلا؟ رأيي انه لا ينطبق بالضرورة، إذ يندر أن أعدت قراءة كتاب سبق أن قرأته أو شاهدت فيلما للمرّة الثانية. لكن هذه ليست قاعدة، فهناك الكثيرون ممّن يرون خلاف هذا الرأي ولأسباب وجيهة أحيانا.
فالبعض قد يعيدون قراءة كتاب أو رواية ما لمجرّد المتعة، أو لمحاولة فهم النصّ بشكل أعمق، أو لإيقاظ ذكرى قديمة مرتبطة بالقراءة الأولى، أو لتقدير التفاصيل، أو لكي يستوعبوا بشكل أفضل الدروس والحكم المتضمّنة فيه.
ويمكن أيضا أن توفّر القراءة الثانية فرصة لتقدير الكاتب وموهبته الفنّية، أو وسيلة لقياس مستوى نموّ القارئ وتفحّص التغييرات التي مرّ بها منذ القراءة الأولى. أما سلبيات القراءة الثانية فأهمّها استهلاك وقت كان يمكن بذله في قراءة كتاب جديد، بالإضافة إلى افتقاد عنصر الدهشة الذي تَولّد عند القراءة الأولى.
ويمكن قول نفس هذا الكلام عن سماعنا للموسيقى أكثر من مرّة. ويبدو أن الموسيقى والأغاني التي نسمعها دائما ونألفها تُشعرنا بالسعادة، أو على الأقلّ بالارتياح، ربّما لأنها تعمّق تجاربنا الشعورية على مستوى ما.
وبطبيعة الحال، لا علاقة لهذا بما إذا كان الآخرون يعتبرون ما تسمعه جيّدا أو رديئا، لأن الأمر مرتبط أوّلا وأخيرا بالأذواق والتفضيلات الشخصية التي تختلف من شخص لآخر.
وهناك ما يشير إلى أن الإصدارات الموسيقية أو الأدبية الجديدة من الصعب أن تجد لها سوقا هذه الأيّام. وقد جرت العادة على أن النقّاد وحدهم هم من يحتفون بالجديد، لأنهم يبحثون فيه عن كلّ ما هو خارج عن المألوف وبالتالي يجدون فيه ما يحفّزهم للكتابة.
لكن غالبية الجمهور تحجم عن شراء الجديد أو اقتنائه لهذا السبب بالذات، أي لأنهم لا يألفونه بسهولة. ذات مرّة، قدّم الموسيقيّ وعازف الكمان الانجليزيّ نايجل كينيدي موسيقى الفصول الأربعة لفيفالدي بتناول جديد وتوزيع مختلف. وقد صفّق النقّاد طويلا لتلك التجربة ووصفوا أسلوب العازف بالثوريّ والمبتكَر.
لكنّ معظم الناس الذين سبق أن سمعوا هذا الكونشيرتو بصيغته القديمة تحفّظوا على ترجمة كينيدي له واستمرّوا يستمعون إلى العمل بشكله القديم والمألوف.
في العادة، النقّاد هم من يحتفون بكلّ ما هو ثوريّ وجديد ومتجاوز ولا يلتفتون إلى العاديّ والسهل والتقليديّ. وإذا حدث أن اثنوا على منتج قد يبدو موضوعه أو فكرته للناس عاديّا أو مستهلكا، فلأنهم يرون أن المؤلّف، سواءً كان موسيقيّا أو كاتبا أو فنّانا، تناولَ الموضوع أو الفكرة بأسلوب مبتكَر أو غير مسبوق.
للحديث بقيّة.
ثم اكتشفت أنني لست وحدي من يفعل ذلك، بل الكثيرون ممّن اعرف. وهو ما دفعني للتساؤل: لماذا يسمع الناس في الغالب الموسيقى المألوفة لهم أكثر من غيرها ولا يرتاحون كثيرا لسماع الموسيقى الجديدة؟
واقع الحال هو أننا كلّما استمعنا إلى موسيقى ما، كلّما ألفناها وأحببناها، إلى أن نصل إلى النقطة التي نملّ فيها من سماعها.
لكن هل يسري هذا على الكتب والأفلام مثلا؟ رأيي انه لا ينطبق بالضرورة، إذ يندر أن أعدت قراءة كتاب سبق أن قرأته أو شاهدت فيلما للمرّة الثانية. لكن هذه ليست قاعدة، فهناك الكثيرون ممّن يرون خلاف هذا الرأي ولأسباب وجيهة أحيانا.
فالبعض قد يعيدون قراءة كتاب أو رواية ما لمجرّد المتعة، أو لمحاولة فهم النصّ بشكل أعمق، أو لإيقاظ ذكرى قديمة مرتبطة بالقراءة الأولى، أو لتقدير التفاصيل، أو لكي يستوعبوا بشكل أفضل الدروس والحكم المتضمّنة فيه.
ويمكن أيضا أن توفّر القراءة الثانية فرصة لتقدير الكاتب وموهبته الفنّية، أو وسيلة لقياس مستوى نموّ القارئ وتفحّص التغييرات التي مرّ بها منذ القراءة الأولى. أما سلبيات القراءة الثانية فأهمّها استهلاك وقت كان يمكن بذله في قراءة كتاب جديد، بالإضافة إلى افتقاد عنصر الدهشة الذي تَولّد عند القراءة الأولى.
ويمكن قول نفس هذا الكلام عن سماعنا للموسيقى أكثر من مرّة. ويبدو أن الموسيقى والأغاني التي نسمعها دائما ونألفها تُشعرنا بالسعادة، أو على الأقلّ بالارتياح، ربّما لأنها تعمّق تجاربنا الشعورية على مستوى ما.
وبطبيعة الحال، لا علاقة لهذا بما إذا كان الآخرون يعتبرون ما تسمعه جيّدا أو رديئا، لأن الأمر مرتبط أوّلا وأخيرا بالأذواق والتفضيلات الشخصية التي تختلف من شخص لآخر.
وهناك ما يشير إلى أن الإصدارات الموسيقية أو الأدبية الجديدة من الصعب أن تجد لها سوقا هذه الأيّام. وقد جرت العادة على أن النقّاد وحدهم هم من يحتفون بالجديد، لأنهم يبحثون فيه عن كلّ ما هو خارج عن المألوف وبالتالي يجدون فيه ما يحفّزهم للكتابة.
لكن غالبية الجمهور تحجم عن شراء الجديد أو اقتنائه لهذا السبب بالذات، أي لأنهم لا يألفونه بسهولة. ذات مرّة، قدّم الموسيقيّ وعازف الكمان الانجليزيّ نايجل كينيدي موسيقى الفصول الأربعة لفيفالدي بتناول جديد وتوزيع مختلف. وقد صفّق النقّاد طويلا لتلك التجربة ووصفوا أسلوب العازف بالثوريّ والمبتكَر.
لكنّ معظم الناس الذين سبق أن سمعوا هذا الكونشيرتو بصيغته القديمة تحفّظوا على ترجمة كينيدي له واستمرّوا يستمعون إلى العمل بشكله القديم والمألوف.
في العادة، النقّاد هم من يحتفون بكلّ ما هو ثوريّ وجديد ومتجاوز ولا يلتفتون إلى العاديّ والسهل والتقليديّ. وإذا حدث أن اثنوا على منتج قد يبدو موضوعه أو فكرته للناس عاديّا أو مستهلكا، فلأنهم يرون أن المؤلّف، سواءً كان موسيقيّا أو كاتبا أو فنّانا، تناولَ الموضوع أو الفكرة بأسلوب مبتكَر أو غير مسبوق.
للحديث بقيّة.