الوصول إلى عشق أباد، عاصمة تركمانستان، يشبه الدخول إلى المستقبل، مع أن هذه المدينة عالقة بعمق في أغوار الماضي. إسمها أصله فارسيّ ويعني "مدينة الحبّ". وإلى الجنوب الغربيّ منها يقع القصر الذي كانت تسكنه عائلة فيروزا الملكية الفارسية والذي أصبح اليوم منتجعا سياحيا مشهورا.
رمال الصحراء حول عشق أباد تُخفي تحتها بعض أقدم وأهمّ المواقع الأثرية التي تعود لآلاف السنين، وبينها قلاع وأطلال وجوامع وبلدات تعود إلى القرون الوسطى. وفي غرب المدينة بقايا أطلال الدولة البارثية التي يرجع تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد.
بُنيت عشق أباد عام 1881 على مفترق طريق القوافل. لكن زلزالا فاجأ المدينة وسكّانها وهم نيام خلال أربعينات القرن الماضي فأزالها تماما عن وجه الأرض وقتل أكثر من مائة ألف إنسان. حتى الأشجار اقتلعت من جذورها بفعل قوّة الزلزال كما دُمّرت معظم مباني المدينة القديمة. وبعد عشرين عاما أعاد السوفيات بناءها من الصفر تقريبا.
ولعشق أباد تاريخ عريق تعكسه عمارتها ذات الطابع الإسلامي، حيث يمكن رؤية البلاط الأبيض اللامع والقباب المذهّبة في كلّ مكان.
ومع أن هذه المدينة مصنوعة بالكامل من الرخام الأبيض، إلا أنك عندما تصل إلى مطارها الدوليّ المصمّم على هيئة صقر ستُفاجأ أنها فارغة بشكل مزعج. وعندما تتمشّى في شوارعها سيسهل عليك أن تدرك أن ثمّة شيئا ما مفقودا في هذه الطبيعة اليوتوبية، فالملاعب مهجورة والمقاهي خاوية والشوارع نفسها شبه خالية من الناس.
وظاهريا يمكن أن تنافس عشق أباد كلا من دبي وأبو ظبي من حيث الوفرة والثراء. لكنها تتميّز عنهما بقصورها ذات القباب المذهّبة ونوافيرها وصروحها المضاءة بالنيون وبمباني الوزارات فيها والتي يغلب عليها الطابع الستاليني.
وفور أن تحطّ بك الرحال في عشق أباد، ستلاحظ أن الجنود يحرسون كلّ شارع وزاوية، وأحيانا يأمرون الزوّار بعدم التصوير. ولكي تحصل على تأشيرة سياحية، يلزمك أطنان من الوثائق والمستندات، ثم يُعيّن لك دليل سياحيّ يرافقك ويراقبك على مدار الساعة بأجر يناهز المائة دولار أمريكيّ يوميّا.
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، أصبح صابر مراد نيازوف أوّل رئيس لتركمانستان المستقلّة. وقد وضع نيازوف خطّة فورية لاستعادة العصر الذهبيّ للبلاد، والنتيجة مدينة تبدو جديدة تماما، لكنها تثير إحساسا بالفراغ والسوريالية.
شارع الرخام الأبيض في عشق أباد دخل موسوعة غينيس عام 2013 لأنه يضمّ اكبر عدد من المباني الرخامية في العالم. وتضمّ المدينة أكثر من خمسمائة مبنى مغطّاة بأكثر من أربعة ملايين متر مكعّب من الرخام الأبيض المستورد من ايطاليا.
كان نيازوف ديكتاتورا غريب الأطوار. وقد ترك إرثا حجبه وهج عشق أباد نفسها وشهرتها وتاريخها الضارب في القدم. وفي عهده تمّ سنّ العديد من القوانين الغريبة. فقد أسمى نفسه زعيم الشعب التركمانيّ، ومنع الرجال من تربية اللحى والشعور الطويلة. كما حظر الاوبرا والباليه والسيرك باعتبارها فنونا غير تركية، وأمر بطرد الكلاب من المدينة، وأعاد تسمية أشهر السنة على أسماء أفراد عائلته.
كما منع تصوير المباني الحكومية بما في ذلك قصره الرئاسيّ، وأمر ببناء قصر ثلجيّ قرب العاصمة لكي يتعلّم فيه ساكنو الصحراء رياضة التزلّج.
رمال الصحراء حول عشق أباد تُخفي تحتها بعض أقدم وأهمّ المواقع الأثرية التي تعود لآلاف السنين، وبينها قلاع وأطلال وجوامع وبلدات تعود إلى القرون الوسطى. وفي غرب المدينة بقايا أطلال الدولة البارثية التي يرجع تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد.
بُنيت عشق أباد عام 1881 على مفترق طريق القوافل. لكن زلزالا فاجأ المدينة وسكّانها وهم نيام خلال أربعينات القرن الماضي فأزالها تماما عن وجه الأرض وقتل أكثر من مائة ألف إنسان. حتى الأشجار اقتلعت من جذورها بفعل قوّة الزلزال كما دُمّرت معظم مباني المدينة القديمة. وبعد عشرين عاما أعاد السوفيات بناءها من الصفر تقريبا.
ولعشق أباد تاريخ عريق تعكسه عمارتها ذات الطابع الإسلامي، حيث يمكن رؤية البلاط الأبيض اللامع والقباب المذهّبة في كلّ مكان.
ومع أن هذه المدينة مصنوعة بالكامل من الرخام الأبيض، إلا أنك عندما تصل إلى مطارها الدوليّ المصمّم على هيئة صقر ستُفاجأ أنها فارغة بشكل مزعج. وعندما تتمشّى في شوارعها سيسهل عليك أن تدرك أن ثمّة شيئا ما مفقودا في هذه الطبيعة اليوتوبية، فالملاعب مهجورة والمقاهي خاوية والشوارع نفسها شبه خالية من الناس.
وظاهريا يمكن أن تنافس عشق أباد كلا من دبي وأبو ظبي من حيث الوفرة والثراء. لكنها تتميّز عنهما بقصورها ذات القباب المذهّبة ونوافيرها وصروحها المضاءة بالنيون وبمباني الوزارات فيها والتي يغلب عليها الطابع الستاليني.
وفور أن تحطّ بك الرحال في عشق أباد، ستلاحظ أن الجنود يحرسون كلّ شارع وزاوية، وأحيانا يأمرون الزوّار بعدم التصوير. ولكي تحصل على تأشيرة سياحية، يلزمك أطنان من الوثائق والمستندات، ثم يُعيّن لك دليل سياحيّ يرافقك ويراقبك على مدار الساعة بأجر يناهز المائة دولار أمريكيّ يوميّا.
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، أصبح صابر مراد نيازوف أوّل رئيس لتركمانستان المستقلّة. وقد وضع نيازوف خطّة فورية لاستعادة العصر الذهبيّ للبلاد، والنتيجة مدينة تبدو جديدة تماما، لكنها تثير إحساسا بالفراغ والسوريالية.
شارع الرخام الأبيض في عشق أباد دخل موسوعة غينيس عام 2013 لأنه يضمّ اكبر عدد من المباني الرخامية في العالم. وتضمّ المدينة أكثر من خمسمائة مبنى مغطّاة بأكثر من أربعة ملايين متر مكعّب من الرخام الأبيض المستورد من ايطاليا.
كان نيازوف ديكتاتورا غريب الأطوار. وقد ترك إرثا حجبه وهج عشق أباد نفسها وشهرتها وتاريخها الضارب في القدم. وفي عهده تمّ سنّ العديد من القوانين الغريبة. فقد أسمى نفسه زعيم الشعب التركمانيّ، ومنع الرجال من تربية اللحى والشعور الطويلة. كما حظر الاوبرا والباليه والسيرك باعتبارها فنونا غير تركية، وأمر بطرد الكلاب من المدينة، وأعاد تسمية أشهر السنة على أسماء أفراد عائلته.
كما منع تصوير المباني الحكومية بما في ذلك قصره الرئاسيّ، وأمر ببناء قصر ثلجيّ قرب العاصمة لكي يتعلّم فيه ساكنو الصحراء رياضة التزلّج.
ومع أن نيازوف جعل من مهمّة إنعاش ثقافة تركمانستان أولوية له، إلا أن صحافة العالم كانت تصفه بأنه احد أكثر حكّام العالم قمعيةً وشموليةً.
وبعد مرضه بسبب جراحة في القلب، نصحه الأطبّاء بالامتناع عن التدخين، فأصدر أمرا بمنع التدخين في جميع الأماكن العامّة. كما أمر مذيعي التلفاز بألا يضعوا المساحيق على وجوههم لأنه يستحيل أحيانا، حسب وجهة نظره، تمييز الذكر من الأنثى. كما منع تلبيس الأسنان بالذهب لأن المضغ بالعظام وحدها يطيل عمر الإنسان، كما قال.
المعروف أن نيازوف ألّف كتابا عنوانه "روحنامة" أو كتاب الروح، وألزم جميع المدارس بتدريسه من اجل هداية شعب تركمانستان ومدّهم بالأفكار الروحية والأخلاقية. ولم ينسَ أن يضمّن الكتاب عددا من القصائد لأشهر الشعراء التركمان.
البازارات تمثّل جزءا مهمّا من ثقافة التركمان. وأحد أقدمها وأفخمها هو البازار الروسيّ، أو الغولستان، في عشق أباد. وهو مكان مثاليّ للتعامل مع السكّان المحليّين وتذوّق الأطعمة التركمانية. ومن هذا البازار يمكنك شراء كلّ شيء، من الأجهزة الالكترونية إلى الملابس والتذكارات وخلافها.
وغير بعيد عن البازار يقع المسجد التاريخيّ المسمّى جامع الغازي ارطغرل والمعروف أيضا بجامع أزادي أو الحرّية.
وتركمانستان غنيّة بالغاز الطبيعيّ. وقد حَوّلت مداخيله عشق أباد إلى مدينة فارهة. لكن حداثة هذه المدينة تتناقض بحدّة مع منظر الجبال الوعرة التي تحيط بها. ولأن المدينة محصورة بين جبال كوبيت وصحراء كاراكوم، فإنها تبدو أشبه ما تكون بجوهرة متخفّية تنتظر منك أن تكتشفها. والألوان المهيمنة هي مزيج من الذهبيّ والأبيض والأخضر. وعندما تقف في الشارع سيخيّل إليك انك تقف تحت قبّة زرقاء قشيبة داخل ضريح إسلامي فخم.
وأنت في عشق أباد تذكّر انه يُحظر على أيّ شخص قيادة سيارة متّسخة في شوارع العاصمة، وإذا غفلت عن هذا فستنتظرك غرامة.
هنا أيضا يمكنك أن ترى أضخم سجّادة في العالم منسوجة باليد بالكامل في متحف السجّاد الذي يخبرك الكثير عن تاريخ هذه المهنة التركمانية القديمة. وستعجبك أيضا الأشكال المطرّزة والتصاميم الجميلة التي تميّز الملابس التراثية والمجوهرات. وبإمكانك أيضا أن تتذوّق الخبز التركمانيّ المشهور المسمّى "تشوريك".
بعض من سبق لهم زيارة عشق أباد يصفونها بأنها مكان وسيط بين لاس فيغاس وبيونغ يانغ. واجهات الرخام اللامعة وأضواء النيون الساطعة تذكّرك بلاس فيغاس، خاصّة في الليل. لكن نظافة المدينة وطبيعتها الصناعية والنظام البوليسيّ الصارم الذي يحكم البلاد يذكّر بكوريا الشمالية.
الحصان الصحراويّ الجامح هو الرمز الوطنيّ لتركمانستان. وهو يمثّل عنصر شغف بالنسبة لرئيس البلاد الحالي قربان حميدوف الذي ألف كتابا بعنوان "طيران الجواد السماويّ" ضمّنه بعضا من أفكاره عن الخيول. ولم يفتر حماس الرئيس حميدوف وحبّه للخيول حتى بعد أن سقط من على صهوة حصان في استعراض نقله التلفزيون على الهواء.
وتركمانستان اليوم تحتلّ المركز السابع في قائمة الدول الأقلّ زيارةً في العالم، إذ تستقبل حوالي سبعة آلاف سائح فقط سنويا. وأحد الأسباب هو أن قوانين منح التأشيرات صارمة وتجبر الراغب في زيارتها على أن يغيّر رأيه.
لكن إن كنت مسافرا من النوع الفضوليّ الذي يحرص على رؤية أماكن غير عادية وما تزال مجهولة إلى حدّ كبير، فلا شكّ أن التجربة تستحقّ، على الرغم من كثرة القوانين المقيّدة لحرّية التنقّل والحركة وتعقيدات الحصول على تأشيرة.
وبعد مرضه بسبب جراحة في القلب، نصحه الأطبّاء بالامتناع عن التدخين، فأصدر أمرا بمنع التدخين في جميع الأماكن العامّة. كما أمر مذيعي التلفاز بألا يضعوا المساحيق على وجوههم لأنه يستحيل أحيانا، حسب وجهة نظره، تمييز الذكر من الأنثى. كما منع تلبيس الأسنان بالذهب لأن المضغ بالعظام وحدها يطيل عمر الإنسان، كما قال.
المعروف أن نيازوف ألّف كتابا عنوانه "روحنامة" أو كتاب الروح، وألزم جميع المدارس بتدريسه من اجل هداية شعب تركمانستان ومدّهم بالأفكار الروحية والأخلاقية. ولم ينسَ أن يضمّن الكتاب عددا من القصائد لأشهر الشعراء التركمان.
البازارات تمثّل جزءا مهمّا من ثقافة التركمان. وأحد أقدمها وأفخمها هو البازار الروسيّ، أو الغولستان، في عشق أباد. وهو مكان مثاليّ للتعامل مع السكّان المحليّين وتذوّق الأطعمة التركمانية. ومن هذا البازار يمكنك شراء كلّ شيء، من الأجهزة الالكترونية إلى الملابس والتذكارات وخلافها.
وغير بعيد عن البازار يقع المسجد التاريخيّ المسمّى جامع الغازي ارطغرل والمعروف أيضا بجامع أزادي أو الحرّية.
وتركمانستان غنيّة بالغاز الطبيعيّ. وقد حَوّلت مداخيله عشق أباد إلى مدينة فارهة. لكن حداثة هذه المدينة تتناقض بحدّة مع منظر الجبال الوعرة التي تحيط بها. ولأن المدينة محصورة بين جبال كوبيت وصحراء كاراكوم، فإنها تبدو أشبه ما تكون بجوهرة متخفّية تنتظر منك أن تكتشفها. والألوان المهيمنة هي مزيج من الذهبيّ والأبيض والأخضر. وعندما تقف في الشارع سيخيّل إليك انك تقف تحت قبّة زرقاء قشيبة داخل ضريح إسلامي فخم.
وأنت في عشق أباد تذكّر انه يُحظر على أيّ شخص قيادة سيارة متّسخة في شوارع العاصمة، وإذا غفلت عن هذا فستنتظرك غرامة.
هنا أيضا يمكنك أن ترى أضخم سجّادة في العالم منسوجة باليد بالكامل في متحف السجّاد الذي يخبرك الكثير عن تاريخ هذه المهنة التركمانية القديمة. وستعجبك أيضا الأشكال المطرّزة والتصاميم الجميلة التي تميّز الملابس التراثية والمجوهرات. وبإمكانك أيضا أن تتذوّق الخبز التركمانيّ المشهور المسمّى "تشوريك".
بعض من سبق لهم زيارة عشق أباد يصفونها بأنها مكان وسيط بين لاس فيغاس وبيونغ يانغ. واجهات الرخام اللامعة وأضواء النيون الساطعة تذكّرك بلاس فيغاس، خاصّة في الليل. لكن نظافة المدينة وطبيعتها الصناعية والنظام البوليسيّ الصارم الذي يحكم البلاد يذكّر بكوريا الشمالية.
الحصان الصحراويّ الجامح هو الرمز الوطنيّ لتركمانستان. وهو يمثّل عنصر شغف بالنسبة لرئيس البلاد الحالي قربان حميدوف الذي ألف كتابا بعنوان "طيران الجواد السماويّ" ضمّنه بعضا من أفكاره عن الخيول. ولم يفتر حماس الرئيس حميدوف وحبّه للخيول حتى بعد أن سقط من على صهوة حصان في استعراض نقله التلفزيون على الهواء.
وتركمانستان اليوم تحتلّ المركز السابع في قائمة الدول الأقلّ زيارةً في العالم، إذ تستقبل حوالي سبعة آلاف سائح فقط سنويا. وأحد الأسباب هو أن قوانين منح التأشيرات صارمة وتجبر الراغب في زيارتها على أن يغيّر رأيه.
لكن إن كنت مسافرا من النوع الفضوليّ الذي يحرص على رؤية أماكن غير عادية وما تزال مجهولة إلى حدّ كبير، فلا شكّ أن التجربة تستحقّ، على الرغم من كثرة القوانين المقيّدة لحرّية التنقّل والحركة وتعقيدات الحصول على تأشيرة.
Credits
lonelyplanet.com
lonelyplanet.com