في هذه اللوحة من عام ١٨٤٤، يرسم الفنّان الفرنسي اوجين ديلاكروا الامبراطور الروماني ماركوس اوريليوس (121 - 180م) في الساعات الأخيرة التي سبقت وفاته. ويظهر اوريليوس فيها ضعيفا شاحبا، بينما يمسك بذراع ابنه كومودوس الذي لا يبدو مهتمّا بما يجري وينظر إلى أبيه نظرة لا تخلو من العجرفة واللامبالاة.
وحول الامبراطور أيضا يظهر عدد من أفراد حاشيته وأصدقائه من الفلاسفة الذين تبدو على ملامحهم علامات الترقّب والوجوم والحزن. وفي أرجاء الغرفة تتناثر مخطوطات وكتب مفتوحة، في إشارة الى مكانة أوريليوس كفيلسوف ومفكّر عظيم.
بالإضافة الى كونه حاكما، كان اوريليوس أيضا أحد أهمّ أقطاب الفلسفة الرواقية (Stoicism). وكان الرسّام ديلاكروا معجبا بالأفكار الرواقية وبكتابات اوريليوس. الفكرة التي أراد إيصالها من وراء هذه اللوحة غير واضحة. لكن ربّما أراد تجسيد نهاية الإمبراطورية الرومانية.
فقد كان أوريليوس يرمز إلى العصر الذهبي لتلك الإمبراطورية. وشهد عهده (161-180 م) فترة من الهدوء الداخلي والحكم الرشيد. وبعد وفاته، سرعان ما انزلقت الإمبراطورية إلى حرب أهلية. وقد اكتسب سمعة الملك الفيلسوف خلال حياته، وهو اللقب الذي سيبقى بعد وفاته.
ديلاكروا كان منبهرا باللون الأحمر، خاصّة بعد رحلته إلى شمال إفريقيا عام 1832. وقد وظّف هنا الأحمر الفاتح في رسم لباس ابن اوريليوس. وبحسب مؤرّخي الفن، لم تُستقبل هذه اللوحة بحفاوة عند عرضها، لكن الكاتب شارل بودلير وصفها بقوله إنها "صورة جميلة وضخمة وسامية، على الرغم من أنه أسيء فهمها".
يقال إن آخر كلمات قالها ماركوس اوريليوس قبيل وفاته كانت: إذهبوا إلى شروق الشمس فإنّي غارب، وفكّروا في الموت أكثر من تفكيركم بي."
وفي كتابه "التأمّلات"، هناك أكثر من إشارة تختصر نظرته الى الموت. يقول مثلا: لا تستهينوا بالموت، بل رحّبوا به. فهو أيضاً من الأشياء التي تفرضها الطبيعة، كالشباب والشيخوخة والنموّ والنضج، وكالجنس والحمل والولادة."
ويضيف: إن الشخص العاقل عليه أن ينتظر الموت، ليس بلامبالاة أو نفاذ صبر أو ازدراء، بل باعتباره أحد الأشياء التي تحدث لنا. وكما تترقب خروج طفل من بطن أمّه، ينبغي أن تنتظر الساعة التي تخرج فيها روحك من غرفتها."
وحول الامبراطور أيضا يظهر عدد من أفراد حاشيته وأصدقائه من الفلاسفة الذين تبدو على ملامحهم علامات الترقّب والوجوم والحزن. وفي أرجاء الغرفة تتناثر مخطوطات وكتب مفتوحة، في إشارة الى مكانة أوريليوس كفيلسوف ومفكّر عظيم.
بالإضافة الى كونه حاكما، كان اوريليوس أيضا أحد أهمّ أقطاب الفلسفة الرواقية (Stoicism). وكان الرسّام ديلاكروا معجبا بالأفكار الرواقية وبكتابات اوريليوس. الفكرة التي أراد إيصالها من وراء هذه اللوحة غير واضحة. لكن ربّما أراد تجسيد نهاية الإمبراطورية الرومانية.
فقد كان أوريليوس يرمز إلى العصر الذهبي لتلك الإمبراطورية. وشهد عهده (161-180 م) فترة من الهدوء الداخلي والحكم الرشيد. وبعد وفاته، سرعان ما انزلقت الإمبراطورية إلى حرب أهلية. وقد اكتسب سمعة الملك الفيلسوف خلال حياته، وهو اللقب الذي سيبقى بعد وفاته.
ديلاكروا كان منبهرا باللون الأحمر، خاصّة بعد رحلته إلى شمال إفريقيا عام 1832. وقد وظّف هنا الأحمر الفاتح في رسم لباس ابن اوريليوس. وبحسب مؤرّخي الفن، لم تُستقبل هذه اللوحة بحفاوة عند عرضها، لكن الكاتب شارل بودلير وصفها بقوله إنها "صورة جميلة وضخمة وسامية، على الرغم من أنه أسيء فهمها".
يقال إن آخر كلمات قالها ماركوس اوريليوس قبيل وفاته كانت: إذهبوا إلى شروق الشمس فإنّي غارب، وفكّروا في الموت أكثر من تفكيركم بي."
وفي كتابه "التأمّلات"، هناك أكثر من إشارة تختصر نظرته الى الموت. يقول مثلا: لا تستهينوا بالموت، بل رحّبوا به. فهو أيضاً من الأشياء التي تفرضها الطبيعة، كالشباب والشيخوخة والنموّ والنضج، وكالجنس والحمل والولادة."
ويضيف: إن الشخص العاقل عليه أن ينتظر الموت، ليس بلامبالاة أو نفاذ صبر أو ازدراء، بل باعتباره أحد الأشياء التي تحدث لنا. وكما تترقب خروج طفل من بطن أمّه، ينبغي أن تنتظر الساعة التي تخرج فيها روحك من غرفتها."
ويقول أيضا: ليس الموت هو ما يجب أن يخافه الإنسان، بل ألا يعيش حياته أبدا."
ويشرح ذلك بقوله: الكابوس الحقيقي هو ألا نعيش أبدا. يجب أن تخشى الندم على الأحلام التي تركتها لتذبل، وعلى العواطف والطموحات التي لم تستكشفها. اغتنم اللحظة التي لديك، ودع كلّ نبضة من نبضات قلبك يتردّد صداها مع إيقاع الحياة."
المدرسة الرواقية تميل نحو اللاأدرية Agnosticism، فهي لا تؤكّد ولا تنكر الحياة الآخرة، بل تضع مثل هذه الأمور في نطاق "اللامبالاة". كما أنها تحثّ على الفضيلة، ليس لتحسين الحياة الآخرة، بل من أجل سعادة الانسان الآن.
ويذهب الرواقيون الى أن الخوف من الموت لا يتعلّق بالنهاية نفسها، لأننا عادةً لا نعرف تفاصيل موتنا، بل نحن خائفون من مجرّد احتمال عدم وجودنا. كما يرون أن القلق بشأن التوقّف عن الوجود غير منطقي، لأن الإنسان لم يكن موجودا قبل ولادته، ولم يكن هنا منذ آلاف السنين، بل لم يكن هنا حتى في اليوم الذي التقى فيه أبوه مع أمّه.
حديث ماركوس أوريليوس عن الموت وعن ضرورة أن نبدأ في الحياة بدلا من الخوف من الموت حديث عميق ومحفّز للغاية. وفي عالم مليء بالمغريات مثل عالمنا، يمكن القول إن الحياة الخالية من الهدف والفضيلة هي أسوأ من الموت أو الوجود القصير. والحياة لا يمكن أن تكون طويلة جدّا، بل الأفضل أن تكون مشرقة ومليئة بالعمل والانجاز.
كان لدى الناس في كلّ مراحل التاريخ تجارب وأفكار مماثلة. وهناك الكثير من التغييرات التي حدثت في العالم. فقد تطوّرت التكنولوجيا والطبّ بشكل لا يمكن تخيّله. ومستوى المعيشة اليوم يختلف بما لا يقاس عما كان عليه في زمن اوريليوس والعصور القديمة إجمالا. لكن لم يستطع أحد أن يهزم موت الجسد، فكلّ شخص يأتي إلى هذا العالم لا بدّ أن يأتي عليه وقت تنتهي فيه حياته على هذه الأرض.
الرواقيون، مثل ماركوس أوريليوس، عاشوا حياتهم بشكل جيّد. والعيش بشكل جيّد يعني الموت بشكل جيّد، أي بالخروج من الحياة بطريقة لائقة. وبخلاف الأباطرة الاخرين في زمانه، عاش هو حياة طيّبة كرجل صالح وحسن الخلق. كان الموت اختباره الأخير. وكان يعتقد أن الموت الجيّد يتّسم براحة البال وعدم الندم والامتنان للحياة التي منحنا إيّاها الله.
ولعلّ أفضل ختام لهذا الموضوع هو قول أوريليوس: لا تتصرّف كما لو كنت ستعيش لآلاف السنين. لكن ما دمت تعيش، كُن خيّرا ما استطعت."
ويشرح ذلك بقوله: الكابوس الحقيقي هو ألا نعيش أبدا. يجب أن تخشى الندم على الأحلام التي تركتها لتذبل، وعلى العواطف والطموحات التي لم تستكشفها. اغتنم اللحظة التي لديك، ودع كلّ نبضة من نبضات قلبك يتردّد صداها مع إيقاع الحياة."
المدرسة الرواقية تميل نحو اللاأدرية Agnosticism، فهي لا تؤكّد ولا تنكر الحياة الآخرة، بل تضع مثل هذه الأمور في نطاق "اللامبالاة". كما أنها تحثّ على الفضيلة، ليس لتحسين الحياة الآخرة، بل من أجل سعادة الانسان الآن.
ويذهب الرواقيون الى أن الخوف من الموت لا يتعلّق بالنهاية نفسها، لأننا عادةً لا نعرف تفاصيل موتنا، بل نحن خائفون من مجرّد احتمال عدم وجودنا. كما يرون أن القلق بشأن التوقّف عن الوجود غير منطقي، لأن الإنسان لم يكن موجودا قبل ولادته، ولم يكن هنا منذ آلاف السنين، بل لم يكن هنا حتى في اليوم الذي التقى فيه أبوه مع أمّه.
حديث ماركوس أوريليوس عن الموت وعن ضرورة أن نبدأ في الحياة بدلا من الخوف من الموت حديث عميق ومحفّز للغاية. وفي عالم مليء بالمغريات مثل عالمنا، يمكن القول إن الحياة الخالية من الهدف والفضيلة هي أسوأ من الموت أو الوجود القصير. والحياة لا يمكن أن تكون طويلة جدّا، بل الأفضل أن تكون مشرقة ومليئة بالعمل والانجاز.
كان لدى الناس في كلّ مراحل التاريخ تجارب وأفكار مماثلة. وهناك الكثير من التغييرات التي حدثت في العالم. فقد تطوّرت التكنولوجيا والطبّ بشكل لا يمكن تخيّله. ومستوى المعيشة اليوم يختلف بما لا يقاس عما كان عليه في زمن اوريليوس والعصور القديمة إجمالا. لكن لم يستطع أحد أن يهزم موت الجسد، فكلّ شخص يأتي إلى هذا العالم لا بدّ أن يأتي عليه وقت تنتهي فيه حياته على هذه الأرض.
الرواقيون، مثل ماركوس أوريليوس، عاشوا حياتهم بشكل جيّد. والعيش بشكل جيّد يعني الموت بشكل جيّد، أي بالخروج من الحياة بطريقة لائقة. وبخلاف الأباطرة الاخرين في زمانه، عاش هو حياة طيّبة كرجل صالح وحسن الخلق. كان الموت اختباره الأخير. وكان يعتقد أن الموت الجيّد يتّسم براحة البال وعدم الندم والامتنان للحياة التي منحنا إيّاها الله.
ولعلّ أفضل ختام لهذا الموضوع هو قول أوريليوس: لا تتصرّف كما لو كنت ستعيش لآلاف السنين. لكن ما دمت تعيش، كُن خيّرا ما استطعت."
Credits
psychologytoday.com
psychologytoday.com