تحدّث الفلاسفة والشعراء منذ القدم عن نقص الحياة أو عدم كفايتها. بمعنى أن الحياة بطبيعتها ناقصة ومؤقّتة ومعيبة بما لا يسمح للإنسان أن يستمتع بها ويعيش فيها بحرّية وسعادة.
هذا الشعور قديم جدّا. وهو كان وما يزال ملازما لوعي الإنسان منذ آلاف السنين ومادّة لتأمّل الكثير من الكتّاب والمفكّرين.
الزعماء الدينيون والروحانيون أدركوا انشغال الإنسان بهذه القضيّة منذ الأزل، لذا تحدّثوا عن شكل من أشكال الحياة بعد الموت؛ عن يوتوبيا أو فردوس من نوع ما، يمكن أن يحقّق للإنسان حياة كاملة ومثالية.
وفي الحقيقة، كلّ الأديان تتمحور حول هذه الفكرة بالذات، وهي أن هذه الحياة ناقصة ومؤقّتة. ووظيفة الدين في هذه الحالة تتمثّل في محاولة تقديم حلّ لهذه الإشكالية، هو عبارة عن وعد بحياة أفضل تتجاوز القبر وتَعِد الإنسان بالسعادة والحرّية والخلود.
البعض يُرجعون بعض أسباب تعاسة الإنسان إلى الصراعات التي يغرق فيها العالم وإلى شيوع الظلم والطمع والصراع والأنانية على امتداد تاريخ البشرية الطويل. ولهذا السبب وغيره، أصبح الكثيرون يلحّون في التساؤل عن معنى الحياة أو الجدوى منها.
هناك من يرى أن نقص الحياة أو عدم كمالها يمكن تجاوزه بامتلاك الثروة. لكن ثبت أن هذا غير صحيح. صحيح أن الثروة يمكن أن تجعل الحياة أكثر يسرا وراحة. لكن مع مرور الوقت فإن الثراء لوحده لا يحقّق السعادة المنشودة بالضرورة، فالأشياء الجديدة التي يمكن أن نشتريها سرعان ما تصبح قديمة عندما نعتادها وتصير جزءا من حياتنا اليومية.
والمتع المادّية التي نكتسبها قد تجعلنا سعداء لفترة قصيرة فقط، ومع مرور الوقت تفقد قيمتها وجاذبيّتها. والكثير من هذه المتع لا تشبع شعور الإنسان بأن للحياة غرضا أو غاية. وحتى العلاقات مع الآخرين كالعائلة والأصدقاء والمعارف على أهميّتها ليست دائمة، بل هي عرضة للتغيّر بحسب الظروف.
ومن هنا تأتي الفكرة القائلة بأنه إذا كان هناك أمل للبشر، فلا بدّ وأن يكون في شيء غيبيّ يقع خارج هذا العالم.
وتوق الإنسان إلى عالم مثاليّ خارج العالم المحسوس، أيّا كان اسمه، سببه - بحسب بعض الكتّاب - أن الطبيعة البشرية فاسدة ومنحطّة من الأساس. وحتى أولئك الأفراد الذين يتّصف مسلكهم بدرجة عالية من الخيريّة والإنسانية، تجد أنهم مع ذلك مسكونون دائما بالشعور بالتوق إلى منفى أو عالم خاصّ أو بعيد.
وبعض الشعراء، على وجه الخصوص، تحدّثوا عن توقهم لمكان ما يصعب تحديده، إما انه يقع في المستقبل أو كان له وجود في الماضي لكنه اختفى.
والذهاب إلى هذا المكان أو العودة إليه يشبع حلم الإنسان بعالم طوباويّ يمكن أن يوفّر للحياة غرضا وللوجود معنى. وهذا الإحساس بالتوق والتطلّع إلى "يوتوبيا" ما كثيرا ما يصاحبه شعور بالحزن.
وهناك حالات يمكن أن تستحضر مثل هذا الشعور، مثل سماع موسيقى معيّنة، خاصّة إن كانت من النوع الملحميّ، أو الاستمتاع بمنظر طبيعيّ جميل.
كما أن هناك بيئات معيّنة يمكن أن تثير مثل هذا الشعور، كانهمار المطر ومنظر الغروب أو تساقط أوراق الخريف تحت سماء غائمة.
والإحساس بالتوق يمكن أيضا أن يتحقّق بالتأمّل في بعض لوحات الرسّامين الانطباعيين وكذلك في بعض قصائد الشعر التي تستثير في الناظر مشاعر شتّى.
وقد تحدّث بعض الكتّاب عن بعض أشكال الموسيقى التي تمنح وعدا بالجمال بإثارتها شعورا سريعا بالنشوة والتوق، مثل بعض المؤلّفات الموسيقية الكلاسيكية التي تعطي انطباعا عن مضيّ الزمن وتتحدّث عن أسرار الحياة والحبّ والموت.
والمفارقة أن هذا الإحساس بالتوق والحنين الممزوج بالحزن يأتي غالبا عندما نكون في ذروة تمتّعنا بالأشياء الجميلة في الحياة، كتغريد الطيور في الصباح أو أصوات تكسّر أمواج البحر أو ضحكة طفل صغير.
وهذه كلّها ليست سوى إلماحات إلى ما تعنيه اليوتوبيا أو العالم المثاليّ في أذهاننا، كما أنها صور سريعة لشيء ما أعظم من الحياة نفسها.
ورغم أن هذه الأشياء قد لا توفّر للإنسان الخلاص النهائيّ الذي يبحث عنه، إلا أنها تمنحه الأمل بشيء ما يتجاوز مفاهيم الزمان والمكان المعروفة.
وربّما لهذا السبب، عندما تجد فنّانا أو شاعرا يعبّر عن رغبته في أن يشمّ عبير زهرة لم توجد بعد، أو أن يسمع نغما لم يسمعه أحد من قبل، أو أن يذهب إلى مكان لم يسبق لأحد أن زاره، فإنه بذلك إنّما يعبّر عن رغباته التي لا يمكن تحقيقها، وبالتالي عن شوقه وتوقه وتطلّعه لتجارب مثالية بديلة عن الطبيعة المعيبة والناقصة للحياة.
هذا الشعور قديم جدّا. وهو كان وما يزال ملازما لوعي الإنسان منذ آلاف السنين ومادّة لتأمّل الكثير من الكتّاب والمفكّرين.
الزعماء الدينيون والروحانيون أدركوا انشغال الإنسان بهذه القضيّة منذ الأزل، لذا تحدّثوا عن شكل من أشكال الحياة بعد الموت؛ عن يوتوبيا أو فردوس من نوع ما، يمكن أن يحقّق للإنسان حياة كاملة ومثالية.
وفي الحقيقة، كلّ الأديان تتمحور حول هذه الفكرة بالذات، وهي أن هذه الحياة ناقصة ومؤقّتة. ووظيفة الدين في هذه الحالة تتمثّل في محاولة تقديم حلّ لهذه الإشكالية، هو عبارة عن وعد بحياة أفضل تتجاوز القبر وتَعِد الإنسان بالسعادة والحرّية والخلود.
البعض يُرجعون بعض أسباب تعاسة الإنسان إلى الصراعات التي يغرق فيها العالم وإلى شيوع الظلم والطمع والصراع والأنانية على امتداد تاريخ البشرية الطويل. ولهذا السبب وغيره، أصبح الكثيرون يلحّون في التساؤل عن معنى الحياة أو الجدوى منها.
هناك من يرى أن نقص الحياة أو عدم كمالها يمكن تجاوزه بامتلاك الثروة. لكن ثبت أن هذا غير صحيح. صحيح أن الثروة يمكن أن تجعل الحياة أكثر يسرا وراحة. لكن مع مرور الوقت فإن الثراء لوحده لا يحقّق السعادة المنشودة بالضرورة، فالأشياء الجديدة التي يمكن أن نشتريها سرعان ما تصبح قديمة عندما نعتادها وتصير جزءا من حياتنا اليومية.
والمتع المادّية التي نكتسبها قد تجعلنا سعداء لفترة قصيرة فقط، ومع مرور الوقت تفقد قيمتها وجاذبيّتها. والكثير من هذه المتع لا تشبع شعور الإنسان بأن للحياة غرضا أو غاية. وحتى العلاقات مع الآخرين كالعائلة والأصدقاء والمعارف على أهميّتها ليست دائمة، بل هي عرضة للتغيّر بحسب الظروف.
ومن هنا تأتي الفكرة القائلة بأنه إذا كان هناك أمل للبشر، فلا بدّ وأن يكون في شيء غيبيّ يقع خارج هذا العالم.
وتوق الإنسان إلى عالم مثاليّ خارج العالم المحسوس، أيّا كان اسمه، سببه - بحسب بعض الكتّاب - أن الطبيعة البشرية فاسدة ومنحطّة من الأساس. وحتى أولئك الأفراد الذين يتّصف مسلكهم بدرجة عالية من الخيريّة والإنسانية، تجد أنهم مع ذلك مسكونون دائما بالشعور بالتوق إلى منفى أو عالم خاصّ أو بعيد.
وبعض الشعراء، على وجه الخصوص، تحدّثوا عن توقهم لمكان ما يصعب تحديده، إما انه يقع في المستقبل أو كان له وجود في الماضي لكنه اختفى.
والذهاب إلى هذا المكان أو العودة إليه يشبع حلم الإنسان بعالم طوباويّ يمكن أن يوفّر للحياة غرضا وللوجود معنى. وهذا الإحساس بالتوق والتطلّع إلى "يوتوبيا" ما كثيرا ما يصاحبه شعور بالحزن.
وهناك حالات يمكن أن تستحضر مثل هذا الشعور، مثل سماع موسيقى معيّنة، خاصّة إن كانت من النوع الملحميّ، أو الاستمتاع بمنظر طبيعيّ جميل.
كما أن هناك بيئات معيّنة يمكن أن تثير مثل هذا الشعور، كانهمار المطر ومنظر الغروب أو تساقط أوراق الخريف تحت سماء غائمة.
والإحساس بالتوق يمكن أيضا أن يتحقّق بالتأمّل في بعض لوحات الرسّامين الانطباعيين وكذلك في بعض قصائد الشعر التي تستثير في الناظر مشاعر شتّى.
وقد تحدّث بعض الكتّاب عن بعض أشكال الموسيقى التي تمنح وعدا بالجمال بإثارتها شعورا سريعا بالنشوة والتوق، مثل بعض المؤلّفات الموسيقية الكلاسيكية التي تعطي انطباعا عن مضيّ الزمن وتتحدّث عن أسرار الحياة والحبّ والموت.
والمفارقة أن هذا الإحساس بالتوق والحنين الممزوج بالحزن يأتي غالبا عندما نكون في ذروة تمتّعنا بالأشياء الجميلة في الحياة، كتغريد الطيور في الصباح أو أصوات تكسّر أمواج البحر أو ضحكة طفل صغير.
وهذه كلّها ليست سوى إلماحات إلى ما تعنيه اليوتوبيا أو العالم المثاليّ في أذهاننا، كما أنها صور سريعة لشيء ما أعظم من الحياة نفسها.
ورغم أن هذه الأشياء قد لا توفّر للإنسان الخلاص النهائيّ الذي يبحث عنه، إلا أنها تمنحه الأمل بشيء ما يتجاوز مفاهيم الزمان والمكان المعروفة.
وربّما لهذا السبب، عندما تجد فنّانا أو شاعرا يعبّر عن رغبته في أن يشمّ عبير زهرة لم توجد بعد، أو أن يسمع نغما لم يسمعه أحد من قبل، أو أن يذهب إلى مكان لم يسبق لأحد أن زاره، فإنه بذلك إنّما يعبّر عن رغباته التي لا يمكن تحقيقها، وبالتالي عن شوقه وتوقه وتطلّعه لتجارب مثالية بديلة عن الطبيعة المعيبة والناقصة للحياة.