وقد واصلت سونيا ديلوناي استكشاف هذه الحركة الفنّية بعد وفاة زوجها، وأصبح اسم الحركة "التزامنية Simultanism"، وهي فرع من الأورفية. وغالبا ما اقترن اسم ديلوناي بأسماء فنّانين مثل بيكاسو وماتيس وكاندنسكي. وقد رسّخت مكانتها كشخصية رائدة أعادت رسم الحدود بين الفنون الجميلة المختلفة.
وهي لم تشارك زوجها فقط في تأسيس الأورفية، بل كانت أيضا أوّل فنّانة حيّة يقام لها معرض استعادي في متحف اللوفر عام ١٩٦٤. وقد تجاوزت رؤيتها الفنّية حدود اللوحات، حيث دمجت الفنّ في الحياة اليومية من خلال المنسوجات والتصميم الداخلي والأزياء.
لوحتها "الهالات الكهربائية" (1914) هي أفضل مثال على براعتها في الألوان والأشكال. ويظهر النسيج فيها نابضا بالحياة بفضل خطوطها النشطة والمتقاطعة والدوّارة التي تعطي انطباعا بالحركة. وعنوان اللوحة يلمّح إلى استكشاف الضوء واللون. وقد استلهمت الرسّامة موضوع الصورة من الهالات الملوّنة للمصابيح الكهربائية في أحد شوارع باريس. وتتركّز النقطة المحورية في الصورة على دائرتين متداخلتين كبيرتين صُنعتا بواسطة أقواس أو أشكال منحنية من الألوان الأساسية والثانوية الموضوعة بجوار بعضها البعض.
ولو أمعنت النظر في اللوحة سترى أضواءً من الألوان المُشعّة التي تتخلّل اللوحة بأكملها، وكشكا طويلا به كتب، بالإضافة الى أجزاء من شخصيات غامضة في النصف السفلي من اللوحة، وقد امتصّتها الألوان الزاهية للضوء الكهربائي.
يقول النقّاد إن براعة ديلوناي تتمثّل في قدرتها على تصوير هذا المفهوم في صورة تجريدية، ما يضفي على سطح القماش هذا السطوع. وينعكس تأثير عمق اللوحة في مزيج الألوان والأشكال المتباينة، مؤلّفةً ما يبدو وكأنه سيمفونية بصرية.
كان اللون أحد أبرز العناصر في فنّ ديلوناي، وكان له ارتباط خاص بطفولتها في أوكرانيا، حيث تأثّرت بالفنون الشعبية والتطريز المليء بالألوان. وقد مهّدت موهبتها الاستثنائية وابتكاراتها في مجالي الضوء واللون الطريق أمام أجيال من الفنّانين لاستكشاف الإمكانات اللامحدودة للفنّ التجريدي.
❉ ❉ ❉
❉ ❉ ❉
في الثالثة عشرة من عمرها، نشرت دي مارتيلييه روايتها الأولى بعنوان "ملك البرّية". بطل الرواية أسد صغير أُسر في الغابة وأُجبر على مشاهدة أمّه وهي تُسلخ حيّة. ثم يُؤخذ الشبل إلى سيرك، حيث يُدرّب على أداء جميع أنواع الألعاب والحيل. وهناك يمزّقه صراع داخلي، إذ يكتشف مصدوماً أنه أصبح متعلّقا بسيّده البشري، أشرس أنواع الحيوانات على الاطلاق. لكنه في الوقت نفسه يتوق إلى الحريّة.
يتمكّن الأسد من الهرب من السيرك ويعيش في الغابة لفترة. لكن القصّة لا تنتهي نهاية جيّدة. حيث يؤسر مجدّدا، وفي محنته، يُلقي بنفسه على القضبان حتى يُصاب بجروح بالغة، ثم يقتله أحد الحرّاس رحمةً به. باتريشيا، ذات الثلاثة عشر عاما، تحثّ أسَدها على التأمّل قائلة: لك أن تُقرّر بنفسك ما ستفعله بحياتك. لكن مهما تخيّلت وحاولت، فإن جميع الطرق تؤدّي إلى نفس المصير: الموت".
❉ ❉ ❉
○ اللغة منديل تنظيف منعش ورطب برائحة الليمون. اللغة هي نسمة الله، الندى على تفّاحة طازجة، مطر الغبار الناعم الذي يتساقط في شعاع شمس الصباح عندما تسحب من رفّ كتب قديم مجلّدا منسيّا. اللغة حفلة عيد ميلاد طفولة نصف متذكَّرة، صرير على الدرج، عود ثقاب متقطّع موصول بلوح زجاجي مجمّد، هيكل دبّابة متفحّمة، الجانب السفلي من صخرة غرانيتية، أوّل نموّ ريشي على الشفة العليا لفتاة متوسّطية، خيوط عنكبوت اكتسحها حذاء قديم منذ زمن طويل. ستيفن فراي
○ أتذكّر الحكاية القديمة الطريفة عن آينشتاين وهو يدرّس الرياضيات لفتاة صغيرة من جيرانه، لكن هذه المرّة ألقيت نظرة على مراسلات آينشتاين مع الناس العاديين الذين كتبوا إليه يطلبون منه النصيحة ويعبّرون له عن آرائهم، محاولين إظهار تقديرهم له. وقد اعجبت، ليس فقط بصدق ردوده، بل بقدرته على تخصيص بعض وقته للردّ على رسائل الناس، رغم كثرة انشغالاته وانطوائيّته المعروفة وحبّه للعزلة.
وحقيقة أن الناس من جميع الأطياف، بمن فيهم الأطفال، شعروا بالحاجة إلى التواصل معه رغم استحالة فهمهم لمساهماته في الفيزياء، تشير إلى حاجة إنسانية فيهم. نعم كان آينشتاين شخصية مشهورة في مجتمع مهووس بالشهرة، لكن يبدو أن هناك شيئا ما في طريقة تعامل العامّة معه أعمق بكثير من مجرّد هوس المشاهير المعتاد، ما يوحي بأن آينشتاين استغلّ حاجة أعمق لديهم.
لقد بلغت مكانة آينشتاين حدّا دفع مجلة "تايم" إلى اختياره وتمجيده كرجل القرن، ليس لأن هيئة تحرير المجلة قادرة على تقديره، بل لأنها اضطرّت إلى ذلك حفاظا على مصداقيتها ولإضفاء بعض الكرامة على حضورها البائس. ومع ذلك، فإن اللغز الكامن في قلب الصورة الرسمية لآينشتاين هو لامبالاته النفسية بالمؤسّسات والهياكل الرسمية للتعلّم والبحث وتأكيده الدائم على السعي وراء الأسئلة الأساسية والحفاظ على الفكر متجدّدا وحيوياً ومستقلاً. رالف دامين
○ ما فائدة الأحلام؟ لماذا نقضي شطرا من نومنا في رؤية قصص غريبة لا نتذكّرها إلا بشكل مبهم عندما نستيقظ؟ من أين تأتي هذه القصص، وماذا تعني؟ معظم الإجابات التقليدية تفترض أن الأحلام هي في الواقع قصص، أي أن لها معنى وتُروى لسبب. وأقدم نظريات الأحلام ترى أنها "رسائل من أقارب متوفّين أو من الآلهة". وقد تكون هذه الرسائل بسيطة أو معقّدة أو مباشرة أو غامضة لدرجة تتطلّب مساعدة تفسيرية من عرّاف أو شامان. ولكن في كلّ حالة، تُفهم الأحلام على أنها تواصل، كأن شخصا آخر يخبرنا بشيء ما أثناء نومنا.
في إطار العلم، أصبح من غير المعقول وجود كيانات كهذه تخاطبنا، لكن نموذج الأحلام كرسائل لم يفقد جاذبيّته. وقد رأى فرويد ويونغ أن الأحلام قد تكون رسائل من أنفسنا، طالما أن هناك جزءا من أنفسنا لا نستطيع الوصول إليه مباشرة. إيليا فارير
Credits
moma.org
archive.org
moma.org
archive.org