في علم النفس، يُعتبر العقل البشري بخيلا معرفيّا بسبب ميل البشر إلى التفكير وحلّ المشكلات بطرق أبسط وأقلّ جهدا. وكما يسعى البخيل إلى تجنّب إنفاق المال، فإن العقل البشري غالبا ما يميل إلى تجنّب الأمور الصعبة أو بذل جهد معرفي.
ومنذ بداية تطوّر الإنسان العاقل، دُرّبت أدمغتنا على سلوك طريق المقاومة الأقل لأنه كان ضروريّا للبقاء. وعندما عاش أسلافنا في البريّة، كان الحفاظ على الطاقة أمرا بالغ الأهمية. وكان عليهم الصيد والبحث عن الطعام ومواجهة المنافسين والهروب من الحيوانات المفترسة. وكانت خطوة خاطئة واحدة ربّما تؤدّي إلى الموت.
اليوم، أصبح العالم أكثر أمانا. لكن الدماغ البشري ما يزال عالقا في العصر الحجري ولم يتغيّر كثيرا منذ أيّام الصيد وجمع الثمار. ولهذا السبب، إن لم تقاوم، سيختار الدماغ أسهل الطرق لحلّ المشاكل.
البخيل المعرفي Cognitive miser مصطلح صاغه العالمتان سوزان فيسك وشيلي تيلر منذ سنوات، ويعني ميل الدماغ للبحث عن حلول للمشكلات تتطلّب أقلّ جهد ذهني. أي أن عقولنا كبشر بُرمجت على عدم التفكير والبحث دائما عن طرق مختصرة كما لو أن الدماغ لا يعرف سوى طريق واحد.
لذا يمكنك إلقاء اللوم على "التطوّر" إذا وجدت صعوبة في النهوض من الأريكة والذهاب إلى النادي الرياضي مثلا، أو إذا كنت تؤجّل تنفيذ مشاريع صعبة، أو إن وجدت نفسك تفعل أشياء مثل النوم لوقت متأخّر، أو تناول الوجبات السريعة، أو الاندفاع لشراء ما قد لا تحتاجه. المشكلة أن هذه الأمور السهلة تصعّب الحياة. في البداية تبدو جيّدة، لكنها مع مرور الوقت تسبّب الملل والإحباط والندم.
هل تميل الى قراءة مختصرات للروايات او الكتب الطويلة بدلا من الكتب والروايات الاصلية وتفضّل أن تقرأ في يوم واحد ما قد يستغرق أسابيع؟ إذن أنت شخص بخيل معرفيّا. والمفروض أننا نحتاج لأن نقرأ بتمعّن أكبر لنتمكّن من تكوين الروابط التي تشكّل أساس التفكير المنطقي وحلّ المشكلات. أما الطرق المختصرة أو القفز إلى النتيجة النهائية فإن من شأنه أن يحرم الأطفال والكبار من مهارات التفكير الاستنتاجي، أي تلك المهارات التي بدونها يصبح الانسان ساذجا ويصدّق بسهولة.
وإن كنت ممّن يكتفون برؤية الصور وتعتقد أنها تُغني عن آلاف الكلمات فأنت شخص بخيل معرفيّا. صحيح أن الصور وسيلة رائعة لإضافة سياق أو توضيح للكلمات، لكنها لا تكفي بديلا عن الكلمات.
وإن كنت تفضّل مشاهدة فيلم مأخوذ عن رواية على قراءة الرواية نفسها، فأنت بخيل معرفيّا. صحيح أن بعض الأفلام مبهرة بصريّا ومليئة بالإثارة ويمكن مشاهدتها في أقلّ من ساعتين، كما أن الفيلم يُعدّ أكثر جاذبيةً من الكتاب، لأنه يتطلّب جهدا ذهنيّا أقلّ بكثير من القراءة. غير أن قراءة الكتاب تتضمّن صياغة الكلمات والجمل وإنتاج تصوّراتك الداخلية الخاصّة، وهو ما لا توفّره مشاهدة فيلم.
ومنذ بداية تطوّر الإنسان العاقل، دُرّبت أدمغتنا على سلوك طريق المقاومة الأقل لأنه كان ضروريّا للبقاء. وعندما عاش أسلافنا في البريّة، كان الحفاظ على الطاقة أمرا بالغ الأهمية. وكان عليهم الصيد والبحث عن الطعام ومواجهة المنافسين والهروب من الحيوانات المفترسة. وكانت خطوة خاطئة واحدة ربّما تؤدّي إلى الموت.
اليوم، أصبح العالم أكثر أمانا. لكن الدماغ البشري ما يزال عالقا في العصر الحجري ولم يتغيّر كثيرا منذ أيّام الصيد وجمع الثمار. ولهذا السبب، إن لم تقاوم، سيختار الدماغ أسهل الطرق لحلّ المشاكل.
البخيل المعرفي Cognitive miser مصطلح صاغه العالمتان سوزان فيسك وشيلي تيلر منذ سنوات، ويعني ميل الدماغ للبحث عن حلول للمشكلات تتطلّب أقلّ جهد ذهني. أي أن عقولنا كبشر بُرمجت على عدم التفكير والبحث دائما عن طرق مختصرة كما لو أن الدماغ لا يعرف سوى طريق واحد.
لذا يمكنك إلقاء اللوم على "التطوّر" إذا وجدت صعوبة في النهوض من الأريكة والذهاب إلى النادي الرياضي مثلا، أو إذا كنت تؤجّل تنفيذ مشاريع صعبة، أو إن وجدت نفسك تفعل أشياء مثل النوم لوقت متأخّر، أو تناول الوجبات السريعة، أو الاندفاع لشراء ما قد لا تحتاجه. المشكلة أن هذه الأمور السهلة تصعّب الحياة. في البداية تبدو جيّدة، لكنها مع مرور الوقت تسبّب الملل والإحباط والندم.
هل تميل الى قراءة مختصرات للروايات او الكتب الطويلة بدلا من الكتب والروايات الاصلية وتفضّل أن تقرأ في يوم واحد ما قد يستغرق أسابيع؟ إذن أنت شخص بخيل معرفيّا. والمفروض أننا نحتاج لأن نقرأ بتمعّن أكبر لنتمكّن من تكوين الروابط التي تشكّل أساس التفكير المنطقي وحلّ المشكلات. أما الطرق المختصرة أو القفز إلى النتيجة النهائية فإن من شأنه أن يحرم الأطفال والكبار من مهارات التفكير الاستنتاجي، أي تلك المهارات التي بدونها يصبح الانسان ساذجا ويصدّق بسهولة.
وإن كنت ممّن يكتفون برؤية الصور وتعتقد أنها تُغني عن آلاف الكلمات فأنت شخص بخيل معرفيّا. صحيح أن الصور وسيلة رائعة لإضافة سياق أو توضيح للكلمات، لكنها لا تكفي بديلا عن الكلمات.
وإن كنت تفضّل مشاهدة فيلم مأخوذ عن رواية على قراءة الرواية نفسها، فأنت بخيل معرفيّا. صحيح أن بعض الأفلام مبهرة بصريّا ومليئة بالإثارة ويمكن مشاهدتها في أقلّ من ساعتين، كما أن الفيلم يُعدّ أكثر جاذبيةً من الكتاب، لأنه يتطلّب جهدا ذهنيّا أقلّ بكثير من القراءة. غير أن قراءة الكتاب تتضمّن صياغة الكلمات والجمل وإنتاج تصوّراتك الداخلية الخاصّة، وهو ما لا توفّره مشاهدة فيلم.
❉ ❉ ❉
❉ ❉ ❉
وإن كان أطفالك يحبّون الأفلام، فيمكن استخدامها كحافز لتشجيعهم على القراءة، كأن تأخذ طفلك الى السينما في كلّ مرّة ينتهي فيها من قراءة كتاب. أطفال اليوم لا يعرفون سوى الإنترنت والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي. وكآباء، علينا التأكّد من أن عاداتهم لا تتحوّل إلى سلوك ضارّ أو إدماني.
وبالنظر إلى هذا الكمّ الهائل من المعلومات التي تغمرنا بها الإنترنت، قد تجد أدمغتنا صعوبة في التركيز والانتقال من وظيفة إلى أخرى بكفاءة. هل انتهى زمن الحوار بين البشر؟ ربّما يكون هذا السؤال مبالغا فيه قليلا، لكن الفكرة ليست بعيدة عن الواقع. فبالنسبة للبعض، أصبح الهاتف الذكي بديلا عن المحادثة. ونحن اليوم لا نحتاج فقط الى التواصل الرقمي، بل نحتاج أيضا لمنصّة تواصل أفضل، أي الكلمة المنطوقة.
إن من الصعب استيعاب فكرة أن المحادثة فنّ في طريقه إلى الزوال، ولكن هل تعاني الكتابة من نفس التدهور؟ ينبغي أن تكون الكتابة "جملا مصاغة بعناية" لا مجرّد كلمات منطوقة مكتوبة. تخيّل ما قد يفكّر به سقراط أو شكسبير أو دوستويفسكي لو عاشوا بيننا اليوم.
من المؤسف أن نلاحظ اليوم أن بعض أساتذة الجامعات يميلون إلى خفض معايير كتابتهم كي يجاروا عامّة الناس. ومع كلّ تطور تكنولوجي، يبدو أننا نُضعف مهاراتنا "الأساسية" كالقواعد والإملاء والكلام.
لقد نشأ جيل Z "أي جيل الإنترنت والهواتف الذكيّة" ومع كلّ منهم جهاز محمول في يده. ونتيجةً لذلك، أصبح لديهم ميل وتوقّع بأن يكون كلّ شيء متاحا فورا. كما صار عالمهم يعتمد على التغريدات والمعلومات المختصرة، بدلاً من الجمل المصاغة بعناية والعروض المدروسة والمُحكمة.
إن من الضروري أن نعلّم أطفالنا مهارات الكتابة الرفيعة. فالمحادثة والكتابة فنّان منفصلان، وكلاهما أساسي بطريقته الفريدة. ويجب أن يظلا متفرّدين لأن كلا منهما يعزّز الإدراك بوسائل مختلفة، وإن كانت بنفس الأهمية.
إننا جميعا مذنبون بالبخل المعرفي بنسبة أو بأخرى. والقاسم المشترك بين معظمنا هو القدرة على التغيير. ولا يتطلّب الأمر أكثر من اتخاذ قرار واعٍ بتغذية عقولنا بأفضل طريقة ممكنة وبتجنّب الأمور التي تستنزفها. ولنتذكّر أن الدماغ مثل العضلة، كلّما عملنا عليه أكثر، ازداد قوّةً ومناعة.
وبالنظر إلى هذا الكمّ الهائل من المعلومات التي تغمرنا بها الإنترنت، قد تجد أدمغتنا صعوبة في التركيز والانتقال من وظيفة إلى أخرى بكفاءة. هل انتهى زمن الحوار بين البشر؟ ربّما يكون هذا السؤال مبالغا فيه قليلا، لكن الفكرة ليست بعيدة عن الواقع. فبالنسبة للبعض، أصبح الهاتف الذكي بديلا عن المحادثة. ونحن اليوم لا نحتاج فقط الى التواصل الرقمي، بل نحتاج أيضا لمنصّة تواصل أفضل، أي الكلمة المنطوقة.
إن من الصعب استيعاب فكرة أن المحادثة فنّ في طريقه إلى الزوال، ولكن هل تعاني الكتابة من نفس التدهور؟ ينبغي أن تكون الكتابة "جملا مصاغة بعناية" لا مجرّد كلمات منطوقة مكتوبة. تخيّل ما قد يفكّر به سقراط أو شكسبير أو دوستويفسكي لو عاشوا بيننا اليوم.
من المؤسف أن نلاحظ اليوم أن بعض أساتذة الجامعات يميلون إلى خفض معايير كتابتهم كي يجاروا عامّة الناس. ومع كلّ تطور تكنولوجي، يبدو أننا نُضعف مهاراتنا "الأساسية" كالقواعد والإملاء والكلام.
لقد نشأ جيل Z "أي جيل الإنترنت والهواتف الذكيّة" ومع كلّ منهم جهاز محمول في يده. ونتيجةً لذلك، أصبح لديهم ميل وتوقّع بأن يكون كلّ شيء متاحا فورا. كما صار عالمهم يعتمد على التغريدات والمعلومات المختصرة، بدلاً من الجمل المصاغة بعناية والعروض المدروسة والمُحكمة.
إن من الضروري أن نعلّم أطفالنا مهارات الكتابة الرفيعة. فالمحادثة والكتابة فنّان منفصلان، وكلاهما أساسي بطريقته الفريدة. ويجب أن يظلا متفرّدين لأن كلا منهما يعزّز الإدراك بوسائل مختلفة، وإن كانت بنفس الأهمية.
إننا جميعا مذنبون بالبخل المعرفي بنسبة أو بأخرى. والقاسم المشترك بين معظمنا هو القدرة على التغيير. ولا يتطلّب الأمر أكثر من اتخاذ قرار واعٍ بتغذية عقولنا بأفضل طريقة ممكنة وبتجنّب الأمور التي تستنزفها. ولنتذكّر أن الدماغ مثل العضلة، كلّما عملنا عليه أكثر، ازداد قوّةً ومناعة.
Credits
researchgate.net
psychologytoday.com
researchgate.net
psychologytoday.com