يُؤثر عن الكاتب الأرجنتينيّ بورخيس قوله ذات مرّة: لو خُيّرت أن أسافر إلى مدينة واحدة في هذا العالم، لما اخترت سوى نيشابور. فهذه المدينة تختزل العالم كلّه في مكان واحد".
وكلام بورخيس له ما يبرّره. فهذه المدينة ظلّت ولمئات السنين مركزا للعلم والاستنارة والإشعاع الدينيّ والثقافيّ ومثالا على التعدّدية والتنوّع.
كما أنها مسقط رأس الشاعر عمر الخيّام الذي ولد فيها عام 1047 ويقع قبره اليوم وسط حديقة غنّاء غير بعيد عن وسط المدينة. وعلى بعد خطوات من الضريح يقوم مرصد فلكيّ سُمّي على اسمه.
ومن أشهر شخصيّاتها الأخرى الرسّام المشهور كمال الملك الذي عمل رسّاما للبلاط خلال حكم الملك القاجاري نصر الدين شاه.
ونيشابور هي أيضا مسقط رأس فريد الدين العطّار، أحد أشهر الشعراء الصوفيين وصاحب كتاب "منطق الطير".
اسم نيشابور يعني المدينة الطيّبة. والاسم مشتقّ من اسم مؤسّسها الملك الساسانيّ شابور وكانت مقرا لإقامته زمن الفتح العربيّ في القرن السابع الميلادي. وهي تقع في إقليم خراسان، وكانت في الماضي الغابر محطّة مهمّة على طريق الحرير. كما اتخذها طغرل بيك، أوّل ملوك السلاجقة، مقرّا لحكمه عام 1037م.
لكن للأسف فإن الصورة التي تثيرها هذه المدينة في الذهن ليست رومانسية أو مشرقة دائما، على نحو ما سيأتي تفصيله بعد قليل.
تاريخ بناء نيشابور يعود إلى القرن الثالث للميلاد. وفي القرن الخامس الميلادي، كانت مقرّا للكنيسة النستورية في إيران، بالإضافة إلى كونها ذات أهميّة كبيرة للزارادشتية بحكم قربها من احد معابد النار الكبيرة الذي شيّده الساسانيون.
وقد بلغت نيشابور ذروة ازدهارها في القرن الثامن. وفي القرن الثالث عشر دمّرتها الزلازل. وبعد الفتح الإسلامي للمدينة، ولبلاد فارس عموما، أصبح أهلها في الغالب من السنّة الأحناف والشوافع. لكن كان نفوذ الشافعية اكبر، لأنهم كانوا على وئام مع الأشاعرة والمتصوّفة.
ومن أشهر معالم نيشابور الباقية إلى اليوم حديقة غادامجا في جبال بينالود التي أنشئت في الحقبة الصفوية. كانت الحديقة تُستخدم كمحطة للقوافل، وبداخلها نبع ماء ما يزال يتدفّق منذ قرون. ويقال أن الإمام الرضا، ثامن أئمّة الشيعة، توقّف في هذه الحديقة للصلاة في طريقه إلى طوس.
وأيضا فيها بقايا قصر الشدياق "أو السعادة"، الذي كان مقرّا لإقامة سلاطين السلاجقة إلى أن هدمه المغول أثناء غزوهم للبلاد.
وقد اشتهرت هذه المدينة على امتداد تاريخها الطويل بالتركواز أو الفيروز وبالخواتم المصنوعة فصوصها من هذا الحجر الثمين. وفيروزها يُعتبر الأفضل في العالم، وهو يُستخرج من منجم في أعلى احد الجبال. ولأن الفيروز رمز للسماء، فإنه يُستخدم غالبا لتغطية قباب المساجد والأماكن الدينية.
وكلام بورخيس له ما يبرّره. فهذه المدينة ظلّت ولمئات السنين مركزا للعلم والاستنارة والإشعاع الدينيّ والثقافيّ ومثالا على التعدّدية والتنوّع.
كما أنها مسقط رأس الشاعر عمر الخيّام الذي ولد فيها عام 1047 ويقع قبره اليوم وسط حديقة غنّاء غير بعيد عن وسط المدينة. وعلى بعد خطوات من الضريح يقوم مرصد فلكيّ سُمّي على اسمه.
ومن أشهر شخصيّاتها الأخرى الرسّام المشهور كمال الملك الذي عمل رسّاما للبلاط خلال حكم الملك القاجاري نصر الدين شاه.
ونيشابور هي أيضا مسقط رأس فريد الدين العطّار، أحد أشهر الشعراء الصوفيين وصاحب كتاب "منطق الطير".
اسم نيشابور يعني المدينة الطيّبة. والاسم مشتقّ من اسم مؤسّسها الملك الساسانيّ شابور وكانت مقرا لإقامته زمن الفتح العربيّ في القرن السابع الميلادي. وهي تقع في إقليم خراسان، وكانت في الماضي الغابر محطّة مهمّة على طريق الحرير. كما اتخذها طغرل بيك، أوّل ملوك السلاجقة، مقرّا لحكمه عام 1037م.
لكن للأسف فإن الصورة التي تثيرها هذه المدينة في الذهن ليست رومانسية أو مشرقة دائما، على نحو ما سيأتي تفصيله بعد قليل.
تاريخ بناء نيشابور يعود إلى القرن الثالث للميلاد. وفي القرن الخامس الميلادي، كانت مقرّا للكنيسة النستورية في إيران، بالإضافة إلى كونها ذات أهميّة كبيرة للزارادشتية بحكم قربها من احد معابد النار الكبيرة الذي شيّده الساسانيون.
وقد بلغت نيشابور ذروة ازدهارها في القرن الثامن. وفي القرن الثالث عشر دمّرتها الزلازل. وبعد الفتح الإسلامي للمدينة، ولبلاد فارس عموما، أصبح أهلها في الغالب من السنّة الأحناف والشوافع. لكن كان نفوذ الشافعية اكبر، لأنهم كانوا على وئام مع الأشاعرة والمتصوّفة.
ومن أشهر معالم نيشابور الباقية إلى اليوم حديقة غادامجا في جبال بينالود التي أنشئت في الحقبة الصفوية. كانت الحديقة تُستخدم كمحطة للقوافل، وبداخلها نبع ماء ما يزال يتدفّق منذ قرون. ويقال أن الإمام الرضا، ثامن أئمّة الشيعة، توقّف في هذه الحديقة للصلاة في طريقه إلى طوس.
وأيضا فيها بقايا قصر الشدياق "أو السعادة"، الذي كان مقرّا لإقامة سلاطين السلاجقة إلى أن هدمه المغول أثناء غزوهم للبلاد.
وقد اشتهرت هذه المدينة على امتداد تاريخها الطويل بالتركواز أو الفيروز وبالخواتم المصنوعة فصوصها من هذا الحجر الثمين. وفيروزها يُعتبر الأفضل في العالم، وهو يُستخرج من منجم في أعلى احد الجبال. ولأن الفيروز رمز للسماء، فإنه يُستخدم غالبا لتغطية قباب المساجد والأماكن الدينية.
الجانب القاتم من تاريخ نيشابور يرتبط بفترة الغزو المغوليّ لبلاد فارس في القرن الثالث عشر. وقد تحمّلت هذه المدينة الكلفة الأكبر لذلك الغزو. هجوم جنكيز خان كان حدثا رهيبا على كافة الأصعدة، فقد ترك الغزو مدنا كثيرة مدمّرة لزمن طويل. وحتى بعد مرور مائة عام على الحادثة، فإن أجيالا متعاقبة من السكّان لم يكونوا قد تعافوا من آثار ما حدث.
بعد أن استولى جنكيز على بلاد فارس، أسّس هناك سلالة حكمت البلاد لأكثر من مائة عام. هجماته المبكّرة على إيران بدأت من إقليم خراسان. وقد استولى أوّلا على نيشابور، أكثر مدن ذلك الإقليم سكّانا وأهميّة، ومن هناك توسّع إلى بقيّة المدن.
وتروي بعض المصادر التاريخية أن الابن الأكبر لجنكيز قُتل أثناء تمرّد قام به أهالي نيشابور. زوجة الابن القتيل انخلع قلبها لموته وأمرت بأن يباد كل سكّان المدينة انتقاما له. وقد قام ابن جنكيز الآخر بالمهمّة على أكمل وجه.
بعض المصادر من تلك الحقبة تذكر أن جيوش جنكيز قتلت من سكّان خراسان لوحدها عشرات الآلاف من الناس. ولم يُظهر الجيش الغازي أيّة شفقة أو رحمة حتى على الكلاب والقطط وغيرها من الحيوانات.
وإحدى القصص من تلك الفترة تحكي كيف أن احد قادة جنكيز امتطى فرسه ذات يوم واتجه إلى احد مساجد المدينة. وفور وصوله سأل من كانوا معه عن الغرض من وجود ذلك البناء.
وفي تلك الأثناء خرج عليهم من داخل المسجد رجل دين كان يتلو القرآن ورفع يده بالتحيّة ثم أجاب بأن هذا مسجد وأن الكتاب الذي بيده هو القرآن الكريم. فما كان من القائد المغولي إلا أن استلّ سيفه على الفور وقام بقطع رأس الرجل، ثم التهم حصانه صفحات المصحف الشريف.
ويذكر المؤرّخون انه بعد المذبحة التي ارتكبها جنود جنكيز خان في نيشابور، تمكّنت مجموعة من السكّان الذين كُتبت لهم النجاة من الهرب إلى منطقة جبال البورز حيث عاشوا في الكهوف المتناثرة هناك.
وكان هؤلاء يظهرون من مخابئهم ليلا باحثين عن شيء ليأكلوه، وغالبا كانوا يتغذّون على لحوم الحيوانات والجيف، لدرجة أنهم اضطرّوا في بعض الأحيان لأن يأكلوا لحوم الفئران والثعالب.
وبعد سنوات عديدة بادر عدد من هؤلاء إلى تأسيس حكومة تستند إلى مبادئ الدين وبعض الأفكار الديمقراطية، وسلّموا قيادتهم إلى إحدى العائلات الكبيرة التي كانت تُدعى عائلة ساربيداران.
حُكم هذه العائلة لم يدم أكثر من خمسين عاما، إذ أطاح بها قوم قدموا من شمال نهر اكسوس ويُدعون بالتيموريين. زعيم هذه الجماعة، أي تيمورلنك، كان شخصا عنيفا ومتعطّشا للدماء. ويبدو انه ورث طبيعته القاسية من أمّه التي كانت تنتمي إلى سلالة جنكيز.
آخر حكّام عائلة ساربيداران كان اسمه خوجه نجم الدين. وكان هذا قائدا ضعيفا، ناهيك عن انه كان يفتقر للجند والعتاد، لذا لم يستطع مقاومة جيش تيمورلنك.
لكن للتاريخ مفارقاته الكثيرة، فقد واصلت جيوش المغول تقدّمها غربا واستولت على المزيد من بلدان المسلمين وارتكبت ضدّ شعوبها مختلف صنوف القتل والتدمير والتشريد.
لكن في مرحلة تالية، دخل المغول في الإسلام. ومن أحفاد جنكيز خان وتيمورلنك ظهرت سلالة حكمت الهند وأسّست لها هناك امبراطورية أرست، بحسب المؤرّخين، واحدة من أزهى فترات الحضارة الإسلامية ازدهارا وتقدّما.
بعد أن استولى جنكيز على بلاد فارس، أسّس هناك سلالة حكمت البلاد لأكثر من مائة عام. هجماته المبكّرة على إيران بدأت من إقليم خراسان. وقد استولى أوّلا على نيشابور، أكثر مدن ذلك الإقليم سكّانا وأهميّة، ومن هناك توسّع إلى بقيّة المدن.
وتروي بعض المصادر التاريخية أن الابن الأكبر لجنكيز قُتل أثناء تمرّد قام به أهالي نيشابور. زوجة الابن القتيل انخلع قلبها لموته وأمرت بأن يباد كل سكّان المدينة انتقاما له. وقد قام ابن جنكيز الآخر بالمهمّة على أكمل وجه.
بعض المصادر من تلك الحقبة تذكر أن جيوش جنكيز قتلت من سكّان خراسان لوحدها عشرات الآلاف من الناس. ولم يُظهر الجيش الغازي أيّة شفقة أو رحمة حتى على الكلاب والقطط وغيرها من الحيوانات.
وإحدى القصص من تلك الفترة تحكي كيف أن احد قادة جنكيز امتطى فرسه ذات يوم واتجه إلى احد مساجد المدينة. وفور وصوله سأل من كانوا معه عن الغرض من وجود ذلك البناء.
وفي تلك الأثناء خرج عليهم من داخل المسجد رجل دين كان يتلو القرآن ورفع يده بالتحيّة ثم أجاب بأن هذا مسجد وأن الكتاب الذي بيده هو القرآن الكريم. فما كان من القائد المغولي إلا أن استلّ سيفه على الفور وقام بقطع رأس الرجل، ثم التهم حصانه صفحات المصحف الشريف.
ويذكر المؤرّخون انه بعد المذبحة التي ارتكبها جنود جنكيز خان في نيشابور، تمكّنت مجموعة من السكّان الذين كُتبت لهم النجاة من الهرب إلى منطقة جبال البورز حيث عاشوا في الكهوف المتناثرة هناك.
وكان هؤلاء يظهرون من مخابئهم ليلا باحثين عن شيء ليأكلوه، وغالبا كانوا يتغذّون على لحوم الحيوانات والجيف، لدرجة أنهم اضطرّوا في بعض الأحيان لأن يأكلوا لحوم الفئران والثعالب.
وبعد سنوات عديدة بادر عدد من هؤلاء إلى تأسيس حكومة تستند إلى مبادئ الدين وبعض الأفكار الديمقراطية، وسلّموا قيادتهم إلى إحدى العائلات الكبيرة التي كانت تُدعى عائلة ساربيداران.
حُكم هذه العائلة لم يدم أكثر من خمسين عاما، إذ أطاح بها قوم قدموا من شمال نهر اكسوس ويُدعون بالتيموريين. زعيم هذه الجماعة، أي تيمورلنك، كان شخصا عنيفا ومتعطّشا للدماء. ويبدو انه ورث طبيعته القاسية من أمّه التي كانت تنتمي إلى سلالة جنكيز.
آخر حكّام عائلة ساربيداران كان اسمه خوجه نجم الدين. وكان هذا قائدا ضعيفا، ناهيك عن انه كان يفتقر للجند والعتاد، لذا لم يستطع مقاومة جيش تيمورلنك.
لكن للتاريخ مفارقاته الكثيرة، فقد واصلت جيوش المغول تقدّمها غربا واستولت على المزيد من بلدان المسلمين وارتكبت ضدّ شعوبها مختلف صنوف القتل والتدمير والتشريد.
لكن في مرحلة تالية، دخل المغول في الإسلام. ومن أحفاد جنكيز خان وتيمورلنك ظهرت سلالة حكمت الهند وأسّست لها هناك امبراطورية أرست، بحسب المؤرّخين، واحدة من أزهى فترات الحضارة الإسلامية ازدهارا وتقدّما.
Credits
gutenberg.org
gutenberg.org