الحكّام المغامرون والمتهوّرون ثبت بالتجربة انه لا يمكن كبحهم والسيطرة على نوازعهم ونزواتهم من خلال الهيئات والمنظمات الرسمية التقليدية، مثل مجالس النوّاب والبرلمانات ومجالس الأمن القومي والصحافة ومؤسّسات المجتمع المدني.
وبوش وأحمدي نجاد مثالان واضحان على هذا.
بوش يهدّد بشنّ حرب مدمّرة على إيران بسبب منشآتها النووية.
واحمدي نجاد بدوره يصرّ على مسايرة بوش في جنونه والتضحية بمستقبل بلده وشعبه استنادا إلى شعارات غيبية ودعاوى حماسية لن تنقذ إيران في النهاية من الدمار.
وجورج بوش واحمدي نجاد ماضيان في التصعيد وإذكاء الحرب الكلامية وتبادل التهديد والوعيد.
وهما إذ يفعلان ذلك يحظيان بموافقة مستشاريهما ويجرّان خلفهما البرلمان وقادة الجيش والقوّات المسلحة والصحافة.
وأمام هذا النزوع إلى الخيار العسكري والدفع باتجاه حافة الهاوية واستعجال المواجهة التي تعني قتل الكثير من الأبرياء وتخريب المرافق والعمران، يثور سؤال:
لماذا لا يكون هناك مجلس حكماء في كلّ بلد تكون له الكلمة الفصل في حسم النزاعات والمشاكل، ويتشكّل أعضاؤه من خارج الأطر الرسمية ولا يكون تابعا للحكومة وأجهزتها ولا ملزما باتّباع سياساتها وتبنّي مواقفها.
مثل هذا المجلس يفترض أن يجسّد أعضاؤه روح الأمّة وضميرها الحيّ، وقد يضمّ مفكّرين ومثقفين وفلاسفة ومحامين واقتصاديين وديبلوماسيين ذوي نزعة إنسانية لم تتلوّث بأدران السياسة ولا تحرّكها المصالح الحزبية الضيقة، بل هم فوق الأحزاب والمصالح ومراكز القوى ومناورات رجال الساسة وعرّابيها.
إن فكرة السلام مقابل الحرب، والديبلوماسية مقابل الصراع، تفترض - في ما تفترض - تغليب فكر رجل عاقل ومؤمن بالحوار مثل محمّد خاتمي على أفكار احمدي نجاد، وترجيح أفكار شخصيّات مثل لي هاميلتون ونعوم تشوميسكي على أفكار بوش والفريق اليميني المتطرّف في الإدارة الأمريكية.
إن تحقيق السلام من خلال رجال يتصفون بالحكمة وبالحرص على الحياة الآدمية أمر قد يبدو طوباويا وهو قد لا يتحقق دائما بالنظر إلى كثرة العوائق وتضارب المصالح والأهواء.
لكن سموّ الهدف ونبل الغاية يستحقّان المحاولة..
:تنويه
تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .