:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الأحد، أكتوبر 19، 2025

نصوص مترجمة


○ في بلاط السيّد العظيم هوريكاوا، يعيش رسّام مشهور يُدعى يوشيهيدي، يولي فنّه أهميّة أكبر من أيّ شيء آخر تقريبا. هذا الرجل العجوز المتذمّر لا يسمح للسيّد أو العادات المتعارف عليها أو حتى للآلهة نفسها بأن تقدَّم على فنّه. ويتّفق كلّ من يراه على أن عمله مبهر، إلا أنه دائما ما يبثّ فيه شعورا بالغرابة والحزن.
وبينما استطاع رسّامو العصور القديمة العظماء الآخرون أن يجعلوا الناظر الى لوحاتهم يشمّ عبير أزهار البرقوق العطرة في ليلة مقمرة، فإن لوحة يوشيهيدي للمراحل الخمس لتناسخ الأرواح التي تزيّن بوابة معبد رايوغي، تجعل المارّة يسمعون تنهّدات الأرواح ونحيبها، ويشمّون رائحة الجثث. والناس يخشون يوشيهيدي ويكرهونه في آن لقوّة فنّه وغروره المفرط. وبسبب طريقة وقوفه ووجهه الدميم، يطلقون عليه لقب ساروهيدي أو "جلد القرد".
وليس هناك سوى شيء واحد في العالم يهتمّ به يوشيهيدي إلى جانب الرسم، ألا وهو ابنته يوزوكي ذات الخمسة عشر ربيعا. إنه يحبّها كثيرا ويُغدق عليها المال والهدايا الباذخة. وهي بالطبع جميلة العقل والجسد، بقدر قبحه هو. وكما يقول الراوي، فإن عاطفته تجاه ابنته هي الدليل الحقيقيّ الوحيد على وجود شيء من الإنسانية فيه. ولذلك، أُصيب بالحزن الشديد عندما استُدعيت للخدمة في قصر السيّد العظيم كخادمة.
ولأنها تتميّز بذكائها وعمق شخصيّتها، سرعان ما أصبحت من مفضّلات سيّدة القصر. ثم لم تلبث أن لفتت انتباه السيّد العظيم نفسه. ومكافأة لها على إخلاصها في عملها، منحها رداءً حريريا قرمزيا. يقول الراوي عن هذه الهديّة: يجب أن نتذكّر أن السيّد قد كرّم الفتاة لأنه أعجب بتقواها الأبوية، وليس لأنه معجب بشخصها كما أُشيع".
وبعد ذلك بقليل، استدعى السيّد العظيم الرسّام إلى بلاطه وطلب منه رسم صورة لملاك. وأبدع يوشيهيدي في الرسم لدرجة أن السيّد أخبره أنه يستطيع طلب أيّ شيء. وطلب الرسّام إعفاء ابنته من الخدمة في قصره. لكن السيّد قابل طلبه بالرفض التام. ومن ثمّ تزايدت الشائعات بأن الحاكم معجب بالفتاة. أ. ريونوسوكي

❉ ❉ ❉

○ في جوهر الوجود الممتدّ لما بعد تجربة الموت، يتركّز شعور بالذنب، ذنب الناجي، الذي يصفه نيدرلاند بأنه أسوأ عبء نفسي يُثقل كاهل مرضاه الذين نجوا من القتل. ومن المفارقات المروّعة، كما يقول، أن يتحمّل الناجون، وليس مرتكبو الجرائم النازيّة، عبء هذا الذنب.
وفي الأدب الألماني بعد الحرب، لم يكن هناك مفكّرون سلبيون متشدّدون مثل باتاي أو سيوران. وما يزال أميري هو الوحيد الذي ندّد بفحش المجتمع المشوّه نفسيّا واجتماعيّا، والغضب الناتج عن افتراض أن التاريخ يمكن أن يستمرّ في طريقه بعد ذلك دون أيّ إزعاج وكأن شيئا لم يكن. وينفريد سيبالد

❉ ❉ ❉

○ عندما تهاجم مجموعة من الناس، في أيّ بلد في العالم، دينا أو عرقا أو مذهبا معيّنا، لفظيّا أو سلوكيا، على منصّات التواصل الاجتماعي، فإن ذلك يمكن أن يؤدّي إلى توتير العلاقات بين مواطني البلد الواحد وحتى إثارة العنف الطائفي. كما أن تداول الأخبار المزيّفة والصور المعدّلة باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُسهم في نشر الكراهية والتحريض على العنف. ومثل هذه الأفعال والممارسات قد تُلحق الضرر بالمجتمع وقد تؤدّي إلى آثار سلبية طويلة الأمد.
احترام أتباع الديانات والمذاهب الأخرى أمر بالغ الأهمية للحفاظ على التعايش والسلم الاجتماعي. وجميع الأديان تدعو إلى الخير وتمقت الشر. والأخيار والأشرار جزء من كلّ دين، وهناك قضايا خلافية في العديد من الأديان. إذن ما الذي يمكن أن يجلبه استخدام العنف المادّي أو المعنوي ضدّ الآخرين باسم الدين؟!
يجب توخّي اليقظة ومنع نشر الشائعات والكراهية والعمل على تعزيز الوئام الديني والسلم الأهلي في كلّ بلد. ويجب أن تنتصر البشرية على الانقسامات الدينية لكي يتحقّق السلام والتنمية والعدالة للجميع. ففي نهاية المطاف لا شيء يعلو على الهويّة الإنسانية الجامعة. د. ديتمولد

❉ ❉ ❉

○ إذا كنّا نعتبر الثعالب ماكرة والحمير حمقاء والسلاحف بطيئة، فإن هذا يرجع إلى حدّ كبير إلى حكايات إيسوب الاغريقي. فقد شكّلت تلك الحكايات الممتعة طوال قرون جزءاً من التعليم الأخلاقي للقرّاء، كباراً وصغاراً، في مختلف أنحاء العالم. وأغلب الحكايات تحمل مغزى أخلاقيّاً واضحاً، إما أن تنطق به احدى الشخصيات، أو يقال في جملة ختامية. آدم بايلز

❉ ❉ ❉

○ عندما كنت طفلا، كنت أستيقظ كثيرا في منتصف الليل. كنت خائفا من أن يكون هناك وحش تحت السرير. في الواقع هذه ذاكرة تاريخية تعود الى مئات الآلاف من السنين، عندما كان البشر يعيشون في براري السافانا، وكانت هناك في الواقع وحوش كالفهد والأسد تأتي لتأكل الأطفال في منتصف الليل. وإذا استيقظتَ مرعوبا واستغثت بأبيك او أمّك فقد تُكتب لك النجاة. ي. هراري

❉ ❉ ❉


○ "سماعي راست الذيل" هو نوع من المقطوعات الموسيقية المتضمّنة في فنّ المالوف أو الموسيقى الأندلسية. وهذا النوع من الموسيقى غالبا ما يُعزف في الليل ليثير مشاعر شوق وشجن. وما يزال هذا اللون يؤدّى في بعض انحاء المغرب العربي. ويمكن سماعه هنا بتوزيع جميل تؤدّيه فرقة من العازفين التونسيين.

❉ ❉ ❉

○ عندما تمدّ يدك إلى هاتفك الجوّال أو حاسوبك المحمول عند الاستيقاظ، فإنك تدعو على الفور القلق والفوضى إلى حياتك. خصّص وقتا للمشي يوميّا. ممارسة الرياضة هي طرد للأرواح الشرّيرة، والمشي علاج سحري للأشخاص الذين يريدون التفكير السليم. عندما نلتصق بشاشاتنا، يبدو العالم غير حقيقي وفظيعا. لكن عندما نخرج ونبدأ في المشي نستعيد وعينا.
إن قائمة الفنّانين والشعراء والعلماء المشهورين الذين كانوا يقومون بنزهات وجولات سيرا على الأقدام والتجوال في المدينة أو الريف لا تنتهي. فريدريك نيتشه، تشارلز ديكنز، بيتهوفن، هنري ديفيد ثورو وغيرهم. غادر بيتك الى الخارج كلّ يوم وامشِ مسافاتٍ طويلة بمفردك أو مع صديق أو أحد أفراد أسرتك. واحتفظ دائما بدفتر ملاحظات أو كاميرا في جيبك عندما تريد التوقّف لالتقاط فكرة أو صورة. د. إدموندز

❉ ❉ ❉

○ عند زيارة كنز فنّي شهير كمتحف أورسيه في باريس، من الأفضل عدم الاكتفاء برؤية أعمال كبار الفنّانين من أمثال رينوار ومونيه وفان غوخ وسيزان ومانيه، بل لا يجب تفويت زيارة الغرف الجانبية الأصغر والتي لا يتردّد عليها الكثيرون. وستكون محظوظا برؤية فنون راقية ليست من أعمال الفنّانين الكبار، بل من أعمال أشخاص ربّما لم تسمع بهم من قبل، وينتظرون منك أن تكتشف فنّهم.
مثلا، على الارجح لم تسمع من قبل باسم إدوار فويّار ولا بلوحته" في السرير" (فوق) المرسومة عام ١٨٩١. ومعظم الناس يمرّون بهذه اللوحة في المتحف دون أن يلتفتوا إليها، رغم أن هذه اللوحة الرائعة تعرض نفسها عليك لتتأمّلها وتستمتع بها.
وجزء من مشكلة هذه اللوحة أنها تبدو بسيطة بشكل خادع. وإذا لم تخفّف من سرعة خطواتك أثناء مرورك بها، فقد تبدو الصورة إن لاحظتها مجرّد مجموعة من الألواح المسطّحة المتداخلة بألوان باستيل باهتة.
ومن الواضح أن فويّار استمدّ جزءا من إلهامه في إنشاء اللوحة من الطباعة الخشبية اليابانية التقليدية والتي عادةً ما تكون ثنائية الأبعاد، أي بعرض وطول، ولكن بعمق أو منظور أقل. براد آلان

❉ ❉ ❉

○ إن وصف أمريكا الاستعمارية بـ"البربرية" أمر غير واقعي أو مبرّر. فقد تأسّست جامعة هارفارد عام ١٦٣٦، وكان العديد من المستوطنين الأصليين في نيو إنغلاند ينحدرون من طبقة النبلاء أو طبقة الملّاك، وتلقّى العديد منهم تعليمهم في كيمبريدج. وشهدت المائة وخمسون عاما التالية تأسيس جامعات ييل وبرينستون وكولومبيا وفرجينيا.
صحيح أنه في أواخر القرن السابع عشر وأوائل الثامن عشر، وُصفت مناطق نائية من الولايات المتحدة بأنها تعيش حالة من الهمجية والوفرة وسُمّيت أحيانا بـ"لوبرلاند" Lubberland، وقد أشارت إليها شخصيات مثل ويليام بيرد الثاني ملك فرجينيا، لكن هذا لم ينطبق على البلاد ككل.
ما كانت أيّ دولة همجية لتنتخب رجلا بذكاء توماس جيفرسون رئيسا. ورغم غرابة شخصيّته، إلا أنه لم يكن استثناءً. وبعد اندثار جيل جيفرسون، خلَفهم أشخاص مثل إيمرسون وثورو وهوثورن وميلفيل وهنري جيمس. م. هغنز

❉ ❉ ❉

○ أصدر الضابط الأمر بإطلاق النار، فردّت عليه 14 رشّاشا دفعةً واحدة. وبدا الأمر كلّه أشبه بمهزلة. وعندما أفاق خوسيه سيغوندو، كان مستلقيا على ظهره في الظلام. وأدرك أنه يركب قطارا صامتا لا نهاية له، وأن رأسه مغطّى بالدم الجاف، وأن جميع عظامه تؤلمه. وفي ومضات الضوء التي اخترقت الألواح الخشبية أثناء مرورهم بالمدن النائمة، رأى جثث الرجال والنساء والأطفال الذين سيُلقون في البحر كالموز المرفوض.
عبر النافذة، كان هناك رذاذ خفيف من الزهور الصفراء الصغيرة المتساقطة التي هطلت على المدينة طوال الليل كعاصفة صامتة، فغطّت الأسطح وسدّت الأبواب وخنقت الحيوانات النائمة في العراء. تساقطت أزهار كثيرة من السماء، حتى أن الشوارع في الصباح كانت مغطّاة بسجّادة كثيفة، واضطرّوا إلى إزالتها بالمجارف ليتمكّن موكب الجنازة من المرور. غابرييل غارسيا ماركيز

❉ ❉ ❉

○ كلّما كان الجو معتدلاً، كان بول فيتغنشتاين يجلس وحيداً في فناء منزلي الريفي مغمض العينين، يستمع إلى الأسطوانات التي كنت أشغّلها في الطابق الأول، والتي كان صوتها يخترق النوافذ الواسعة. كان يقول: بعض من موزارت، من فضلك". "بعض من شتراوس، لو سمحت". "بعض من بيتهوفن، أرجوك" وهكذا.
كنت أعرف أيّ أسطوانات أشغّلها لأضعه في الحالة الذهنية المناسبة. كنّا نستمع إلى موزارت وبيتهوفن معاً لساعات دون أن ننطق بكلمة. وكان هذا شيئاً نحبّه. وكان اليوم ينتهي بعشاء خفيف أعدّه، وبعده كنت أوصله إلى منزله. لن أنسى أبداً تلك الأمسيات الموسيقية الهادئة التي قضيتها معه. توماس برنهارد

❉ ❉ ❉

○ أودّ أن أطلب منك، سيّدي العزيز، أن تتحلّى بالصبر حيال كلّ ما لا يزال عالقا في قلبك. حاول أن تحبّ الأسئلة نفسها، كغرف مغلقة، ككتب مكتوبة بلغة أجنبية تماما. لا تبحث عن الإجابات الآن، فهي لم تُعطَ لك بعد لأنك لا تستطيع أن تعيشها، والمهم هو أن تعيش كلّ شيء. أما الآن، فعِش الأسئلة. إن فعلت، فربّما تدريجيا ودون أن تدرك، ستجد طريقك نحو الإجابة يوما ما." راينر ماريّا ريلكه

Credits
musee-orsay.fr/en
ynharari.com