:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الخميس، أكتوبر 09، 2025

نصوص مترجمة


○ لو سألْنا هيغل اليوم عن مدى إمكانية إنزال تاريخ العالم القديم على واقعنا، فإنه ولا شك سيهزّ لحيته بانفعال وسيجيب بالنفي. كان هيغل يرى ان التعلّم من التاريخ فكرة مثيرة للسخرية، لأن التاريخ يقتصر على زمان ومكان وشعب محدّد. مثلا كان شيشرون يتحدّث عن العالَم الروماني في القرن الأوّل قبل الميلاد. وكان إيبكتيتوس يتحدّث عن العالم اليوناني في القرن الأوّل الميلادي. وكان كونفوشيوس يتحدّث عن سلالة تشو الصينية.
وأيّ نصيحة يمكن أن يقدّمها هؤلاء ستكون محض صدفة او استنادا مضلّلا إلى التراث. أي أننا لا نستطيع التعلّم منهم. لكن هذا لا يعني أن هيغل كان يعتقد أن التاريخ لا طائل منه، بل اعتقدَ أن الأشياء الوحيدة التي يمكننا تعلّمها من التاريخ هي مبادئ عامّة ومجردّة. وحتى هذه المبادئ ستكون فضفاضة جدّا لدرجة أن تصبح عديمة الفائدة بالنسبة للمؤرّخ "البراغماتي" اليوم. هـ. لويد

❉ ❉ ❉

○ على الشعراء الصامتين المنعزلين أن يتعلّموا صنع حذاء وصيد سمكة وإصلاح الثقوب في سقف. فكل ما يتصنّعونه هو ثرثرة معذّبة ودامية ويائسة أمام كلمات العالم الحقيقية. فمن منا يعرف قافية لخشخشة موت رئة مثقوبة بالرصاص أو قافية لصرخة إعدام؟! من يعرف المقياس الإيقاعي للشعر عن الاغتصاب؟ من يعرف المقياس الشعري لقعقعة مدفع رشاش؟ من يعرف كلمة عن صرخة عين حصان ميّت سكتت حديثا ولم تعد السماء تنعكس فيها ولا حتى القرى المحترقة؟!
عودوا إلى دياركم أيّها الشعراء واذهبوا إلى الغابات واصطادوا السمك واقطعوا الحطب، وافعلوا ما يحلو لكم. اصمتوا، أسكِتوا صرخة قلوبكم الوحيدة، فلا قافية ولا وزن لها، ولا مسرحية ولا قصيدة ولا رواية نفسية ولا موسوعة ولا مطبعة تحمل كلمات أو رموزا لغضبكم الكوني الصامت ولرغبتكم في الألم ولأحزانكم العاشقة.
لسنا بحاجة إلى شعراء يحافظون على قواعد النحو. نحتاج إلى الذين يتمتّعون بشعور دافئ وأجشّ ومنتحب. أولئك الذين يسمّون الشجرة شجرة والأنثى أنثى ويقولون نعم ولا بصوت عالٍ وواضح. و. بورشرت

❉ ❉ ❉

○ في عام ١٦٨٣، ذهب عالم الطبيعة الألماني الموسوعي إنغلبرت كامبفر إلى اليابان وقضى هناك عقدين من الزمان في كتابة أوّل دراسة غربية لتاريخ اليابان وثقافتها ونباتاتها. وتضمنت تلك الدراسة أوّل وصف نباتي لشجرة الجِنكا (ginkgo) الفريدة التي صادفها في ناغازاكي.
كانت هذه الشجرة قد اكتُشفت قبل ذلك بقرون من قبل الرهبان اليابانيين المتجوّلين. وقد تأثّروا بجمالها الفريد وبخصائصها الطبّية التي أصبحت عنصرا أساسيّا في الطبّ الصيني. وبدأوا يزيّنون بها المعابد والأضرحة المنتشرة في أنحاء اليابان.
وقد أسرت هذه الشجرة الخيال الغربي بهندستها المذهلة ورقصها الدرامي مع الكلوروفيل، كما ألقت بسحرها على الجماهير والملوك على حدٍّ سواء. وعندما رأى الشاعر الألماني غوته، الذي كان وقتها المستشار الشخصي لدوق فايمر، أشجار الجنكا في الحدائق الملكية عام ١٨١٥، أضاءت خياله باستعارة عن طبيعة الحبّ والذات، وترجم ذلك بقصيدة كتبها في رسالة إلى صديق، موقّعة بورقة جِنكا مضغوطة.
كان غوته في ذلك الوقت أبرز شاعر في أوروبّا. وكما روّج لأسماء الغيوم التي نستخدمها اليوم، أسهمت قصيدته تلك في انتشار جنون الجنكا الذي اجتاح أوروبّا ثم أمريكا. وسرعان ما أغرق المزارعون ومخطّطو المدن حدائقهم النباتية والعامّة بتلك الأشجار.
ثم اكتشف العلماء حفريات الجنكا التي يبلغ عمرها مئات ملايين السنين، وبدأوا يتساءلون عن كيفية تطوّر النباتات البرّية الأولى. واليوم تصطفّ أشجار الجِنكا في شوارع مدن لا تُحصى وتُصدر حفيفا في العديد من حدائق العالم. وقد شهدت أقدم تلك الأشجار الباقية في البرّية ولادة أديان رئيسية وزوال حضارات عظيمة. ماريا بوبوفا

❉ ❉ ❉


❉ ❉ ❉

○ من أصعب الأمور تحليل مصدر إلهام المؤلّفات الموسيقية. تتداخل عوامل كثيرة في العمل الإبداعي. الحبّ بلا شك مصدر إلهام لا ينضب. وهو يلهم أكثر من أيّ شيء آخر. الحبّ هو اكتساب السعادة وقوّة العقل. إنه انكشاف آفاق جديدة من الطاقة الفكرية. جمال الطبيعة وعظمتها يساعدان أيضا.
الشعر يلهمني كثيرا. من بين جميع الفنون، أحبّ الشعر أكثر من الموسيقى. أجد بوشكين رائعا. وأقرأ لشكسبير وبايرون باستمرار باللغة الروسية. لديّ دائما كتب شعرية حولي. الشعر يلهم الموسيقى، وهناك الكثير من الموسيقى في الشعر . إنهما شقيقان توأم.
المرأة أيضا وبلا شك مصدر إلهام دائم. لكن عليك أن تهرب منها وتبحث عن العزلة، وإلا فلن تؤلّف أو تنجز شيئا. فكّر فيها، ولكن كن بمفردك في العمل الإبداعي واحمل الإلهام في قلبك وعقلك.
النوع الجديد من الموسيقى لا يبدو أنه يبدع من القلب، بل من العقل. وملحّنوه يفكّرون أكثر ممّا يشعرون. وليس لديهم القدرة على جعل أعمالهم أعلى شأنا. أشعر كأنني شبح يتجوّل في عالم غريب. لا أستطيع التخلّي عن أسلوب الكتابة القديم، ولا اكتساب الجديد. لقد بذلت جهدا كبيرا لأفهم الأسلوب الموسيقي المعاصر، لكن لم أستطع. سيرغي رحمانينوف

❉ ❉ ❉

○ يحظى الملل بسمعة سيّئة في عالمنا الحديث. نعامله كفايروس يجب علاجه، ومع ذلك قد يكون أحد آخر بوّابات البصيرة المتبقية. وقد تعلّمت أن أتعايش مع الملل وأن أتركه يتمدّد ويؤلم قليلا. وكثيرا ما ينفتح شيء ما بعد ذلك الانزعاج الأوّلي. يبدأ ذهني بالشرود، ولكن ليس بلا هدف. ينقّب في الذكريات القديمة ويربط بين نقاط لم أكن أعلم أنها مترابطة، ويُظهِر شظايا من الحقيقة لم أجد وقتا لاستشعارها.
وبعض أكثر أفكاري إبداعا وأكثر اكتشافاتي صدقا لم تأتِ من بذل المزيد من الجهد، بل من التخلّي عن الماضي. وهناك أبحاث تؤيّد هذا. فقد وُجد أن الملل يمكن أن يعزّز الإبداع وحلّ المشكلات. وعندما تنتقل أدمغتنا إلى "الوضع الافتراضي"، نبدأ في الوصول إلى طبقات أعمق من التفكير. بمعنى آخر، الملل لا يُخمد العقل، بل يحرّره. روني كنغ

❉ ❉ ❉

○ الساحرة، تلك الشخصية الغامضة والمثيرة للجدل، شهدت تطوّرا طويلا ومعقّدا في الثقافة الغربية. فمن آلهة قويّة في الأساطير اليونانية القديمة، إلى رموز شرّيرة وشيطانية في العصور الوسطى، إلى شخصيات معقّدة في الأدب والفنّ الحديثين، تعكس أسطورة الساحرة المفاهيم الاجتماعية والعلاقات بين الجنسين عبر عصور مختلفة.
في الأساطير اليونانية القديمة، كانت صور الساحرات ملهمة وفاتنة. لكن مع ظهور المسيحية في أوروبّا، بدأت عملية شيطنتهنّ تدريجيا. وفي عام ١٤٨٤، ألّف كاهنان كتاباً شرحا فيه بالتفصيل أساليب التعرّف على الساحرات، ما أشعل شرارة محاكمات الساحرات في أوربّا، والتي استمرّت ثلاثة قرون وأُعدم خلالها حوالي مائة ألف شخص، غالبيتهم العظمى من النساء.
وكانت لمطاردة الساحرات في العصور الوسطى دوافع اجتماعية ودينية معقّدة. فقد أدّت أزمة الإيمان التي أحدثها الإصلاح البروتستانتي، إلى جانب الاضطرابات الاجتماعية والكوارث الطبيعية، إلى الحاجة إلى كبش فداء. وأصبحت النساء، وخاصّة ذوات المعرفة والمهارة، أكثر الأهداف عرضةً للخطر.
ومع ذلك فتصوير شكسبير للساحرات في مسرحية "ماكبث" كان بعيدا عن ذلك التوجّه الشيطاني. فبدلا من كونهنّ شرّيرات، صوّرهن كشخصيات غامضة ومتناقضة وأشبه ما يكون بمُتنبّآت وشاهدات على المآسي الإنسانية. وكان هذا النهج يعكس موقف شكسبير النقدي تجاه حركة مطاردة الساحرات التي كانت سائدة في ذلك الوقت.
وخلال العصر الرومانسي، بدأت صورة الساحرة تتخذ طابعا أكثر تعقيدا وإنسانية، حيث مزج شعراء مثل كيتس وشيلي أحاسيس الساحرات بالطبيعة والوحشية والجمال والحبّ، مع إظهار القوى الكامنة للمرأة وتأثيرها على العالم الواقعي.
وفي الأدب والفنّ الحديث، أصبح تصوير الساحرات أكثر تنوّعا. ففي روايتي "هاري بوتر" لـ جي كي رولينغ و "سيّد الخواتم" لـ توكين، لم تعد الساحرات مجرّد رموز للشر، بل صرنَ يتمتّعن بإنسانية ومشاعر أغنى. ويعكس هذا التغيير تركيز المجتمع الحديث على المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. ج. برينغل

Credits
themarginalian.org
yaledailynews.com