أتذكّر أن أوّل رواية قرأتها كانت "روبنسون كروزو" للكاتب دانيال ديفو. وقد ظلّت تفاصيل تلك الرواية ماثلة في ذهني إلى اليوم. وكلّما شاهدت فيلما أو قرأت أو سمعت قصّة تتحدّث عن مفارقات ومصاعب العيش في جزيرة نائية، تذكّرت مغامرات روبنسون كروزو على ارض جزيرته المنعزلة والبعيدة.
أحداث الرواية نفسها مثيرة ومشوّقة. والناس عادة تفتنهم مثل هذه النوعية من القصص التي تحكي عن أشخاص انقطعت بهم السبل وأخذتهم الأقدار في النهاية إلى ارض مجهولة وبعيدة.
وتجربة كروزو الغريبة تتضمّن جميع عناصر الإثارة والتشويق التي يتطلّع إليها أيّ قارئ: سفن مبحرة أو غارقة وبحار عاصفة وأمطار جارفة وجزيرة خالية من البشر وبنادق وذخيرة وأكلة للحوم البشر الخ، أي كلّ ما يمكن أن يتوقّع الإنسان وجوده في جزيرة غرائبية ومهجورة.
تبدأ الرواية بحديث بطلها روبنسون كروزو عن نفسه. ومن كلامه نفهم انه شابّ انجليزيّ ينزل إلى البحر لأوّل مرّة ويستقلّ سفينة باحثا عن المغامرة ومتجاهلا نصيحة والده.
لكن السفينة تغرق في عرض البحر ويموت كلّ من كان على متنها باستثناء كروزو الذي ينتهي به المطاف على شاطئ جزيرة نائية. وهناك يعيش لوحده أكثر من ثمانية وعشرين عاما.
في البداية، يحاول كروزو استكشاف مداخل الجزيرة ومخارجها. ثم يذهب إلى السفينة المحطّمة ويحضر منها بعض الأشياء التي قد تفيده من ذخيرة وملابس وسلاح وبذور وخلافه.
ويكتشف أن التربة في احد أطراف الجزيرة أكثر خصوبة، فيقرّر أن يبني له كوخا في تلك الناحية كي يحمي نفسه من خطر الحيوانات المفترسة. ثم يجهّز خططا للحصول على الطعام فيزرع بعض بذور الخضروات والبقول ويربّي بعض الماشية.
ولأن الجزيرة تخلو من البشر، يقرّر البطل أن يبدأ اتصاله مع الله ويحرص على أن يدوّن كلّ ما يراه في دفتر مذكّرات. ثم يتأمّل في حياته الماضية، ويتساءل إن كان عقوق والده هو السبب في عزلته على تلك الجزيرة. ومع الأيّام تزداد مهارته ومقدرته على أن يفعل المزيد من الأشياء النافعة.
وبعد خمسة عشر عاما من العيش في الجزيرة، يجد روبنسون كروزو لأوّل مرّة آثار أقدام غريبة لبشر فتتملّكه المخاوف، ما يدفعه للبقاء يقظا طوال الليل. ثم يفكّر في احتمالات شتّى، وفي نفس الوقت يتّخذ بعض الإجراءات والاحتياطات لمواجهة أيّة أخطار محتملة.
وفي صباح احد الأيّام، يصيبه الرعب عندما يجد جماجم بشرية وبقايا عظام متناثرة حول الشاطئ. ويدرك أنها آثار وليمة من الليلة السابقة.
وفي الأيّام التالية يقوم بمراقبة الشاطئ ويرصد وصول قوارب ينزل منها بشر بدائيّون يقتادون أشخاصا مكبّلي الأيدي ويتّجهون بهم إلى احد أطراف الجزيرة، فيمشي في إثرهم ويراقبهم وهم جلوس حول النار.
وصْف كروزو لآثار الأقدام على الجزيرة والخوف الذي يعتريه جرّاء ذلك يعتبره بعض النقّاد من أفضل ما كُتب في هذا الباب في الروايات الأوربّية.
ثم يدرك بطل الرواية أن هؤلاء المتوحّشين يزورون الجزيرة من وقت لآخر ويحضرون معهم بعض أسراهم ليقتلوهم ويأكلوا لحمهم.
في البداية، يفكّر بمفاجأتهم وقتلهم بالذخيرة التي معه، لكنه يعدل عن تلك الفكرة على اعتبار أن البدائيين لا يعرفون أنهم يرتكبون جرما لأن أكل لحوم البشر جزء متأصّل من ثقافتهم.
غير انه مع ذلك يحتفظ بإيمانه الأخلاقيّ الذي يدفعه لإنكار تلك الجريمة والاشمئزاز منها.
لكن عندما يهرب احد الأسرى، وهو طفل، من المصير البائس الذي ينتظره، يبادر كروزو إلى إنقاذه وقتل اثنين من مطارديه. ثم يتخذ منه مرافقا ويطلق عليه اسم "فرايدي" لأنه أنقذه في يوم جمعة، وبعد ذلك يعلّمه الانجليزية ويحوّله إلى المسيحية.
أحداث الرواية نفسها مثيرة ومشوّقة. والناس عادة تفتنهم مثل هذه النوعية من القصص التي تحكي عن أشخاص انقطعت بهم السبل وأخذتهم الأقدار في النهاية إلى ارض مجهولة وبعيدة.
وتجربة كروزو الغريبة تتضمّن جميع عناصر الإثارة والتشويق التي يتطلّع إليها أيّ قارئ: سفن مبحرة أو غارقة وبحار عاصفة وأمطار جارفة وجزيرة خالية من البشر وبنادق وذخيرة وأكلة للحوم البشر الخ، أي كلّ ما يمكن أن يتوقّع الإنسان وجوده في جزيرة غرائبية ومهجورة.
تبدأ الرواية بحديث بطلها روبنسون كروزو عن نفسه. ومن كلامه نفهم انه شابّ انجليزيّ ينزل إلى البحر لأوّل مرّة ويستقلّ سفينة باحثا عن المغامرة ومتجاهلا نصيحة والده.
لكن السفينة تغرق في عرض البحر ويموت كلّ من كان على متنها باستثناء كروزو الذي ينتهي به المطاف على شاطئ جزيرة نائية. وهناك يعيش لوحده أكثر من ثمانية وعشرين عاما.
في البداية، يحاول كروزو استكشاف مداخل الجزيرة ومخارجها. ثم يذهب إلى السفينة المحطّمة ويحضر منها بعض الأشياء التي قد تفيده من ذخيرة وملابس وسلاح وبذور وخلافه.
ويكتشف أن التربة في احد أطراف الجزيرة أكثر خصوبة، فيقرّر أن يبني له كوخا في تلك الناحية كي يحمي نفسه من خطر الحيوانات المفترسة. ثم يجهّز خططا للحصول على الطعام فيزرع بعض بذور الخضروات والبقول ويربّي بعض الماشية.
ولأن الجزيرة تخلو من البشر، يقرّر البطل أن يبدأ اتصاله مع الله ويحرص على أن يدوّن كلّ ما يراه في دفتر مذكّرات. ثم يتأمّل في حياته الماضية، ويتساءل إن كان عقوق والده هو السبب في عزلته على تلك الجزيرة. ومع الأيّام تزداد مهارته ومقدرته على أن يفعل المزيد من الأشياء النافعة.
وبعد خمسة عشر عاما من العيش في الجزيرة، يجد روبنسون كروزو لأوّل مرّة آثار أقدام غريبة لبشر فتتملّكه المخاوف، ما يدفعه للبقاء يقظا طوال الليل. ثم يفكّر في احتمالات شتّى، وفي نفس الوقت يتّخذ بعض الإجراءات والاحتياطات لمواجهة أيّة أخطار محتملة.
وفي صباح احد الأيّام، يصيبه الرعب عندما يجد جماجم بشرية وبقايا عظام متناثرة حول الشاطئ. ويدرك أنها آثار وليمة من الليلة السابقة.
وفي الأيّام التالية يقوم بمراقبة الشاطئ ويرصد وصول قوارب ينزل منها بشر بدائيّون يقتادون أشخاصا مكبّلي الأيدي ويتّجهون بهم إلى احد أطراف الجزيرة، فيمشي في إثرهم ويراقبهم وهم جلوس حول النار.
وصْف كروزو لآثار الأقدام على الجزيرة والخوف الذي يعتريه جرّاء ذلك يعتبره بعض النقّاد من أفضل ما كُتب في هذا الباب في الروايات الأوربّية.
ثم يدرك بطل الرواية أن هؤلاء المتوحّشين يزورون الجزيرة من وقت لآخر ويحضرون معهم بعض أسراهم ليقتلوهم ويأكلوا لحمهم.
في البداية، يفكّر بمفاجأتهم وقتلهم بالذخيرة التي معه، لكنه يعدل عن تلك الفكرة على اعتبار أن البدائيين لا يعرفون أنهم يرتكبون جرما لأن أكل لحوم البشر جزء متأصّل من ثقافتهم.
غير انه مع ذلك يحتفظ بإيمانه الأخلاقيّ الذي يدفعه لإنكار تلك الجريمة والاشمئزاز منها.
لكن عندما يهرب احد الأسرى، وهو طفل، من المصير البائس الذي ينتظره، يبادر كروزو إلى إنقاذه وقتل اثنين من مطارديه. ثم يتخذ منه مرافقا ويطلق عليه اسم "فرايدي" لأنه أنقذه في يوم جمعة، وبعد ذلك يعلّمه الانجليزية ويحوّله إلى المسيحية.
من العبارات الجميلة التي يردّدها كروزو في الرواية واحدة تقول إن كلّ الأشياء الجيّدة في هذا العالم لا تكون جيّدة إلا بقدر ما نستطيع أن نستخدمها، وأن الظروف هي التي تحدّد ما ينبغي لنا أن نتعلّمه وننجزه".
كان عند روبنسون كروزو كيس مليء بالذهب والفضّة احضره معه من السفينة، لكن تلك الثروة لم تكن تفيده بشيء في جزيرته المعزولة. وكان على استعداد لأن يتخلّى عن كلّ ذلك الكنز مقابل فردتي حذاء.
ويتعجّب البطل كيف أن البشر يمكن أن يحبّوا اليوم شيئا كانوا يكرهونه بالأمس، وكيف أنهم يمكن أن يخافوا اليوم من شيء كانوا يرغبون فيه ويلحّون عليه بالأمس.
ويبدو انه تذكّر كيف انه عاش على أرض الجزيرة وكان يتجوّل فيها بحرّية لأكثر من خمسة عشر عاما، ظانّاً انه لوحده. كان يحنّ إلى وجود البشر ويتمنّى لو جاءه إنسان كي يشاركه العيش ويؤنس وحدته. لكن هذا الإحساس غادره فورا عندما اكتشف وجود بشر متوحّشين هناك.
وعندما يأتي المزيد من أكلة لحوم البشر إلى الجزيرة لإقامة حفل شواء بشريّ، يقرّر كروزو وفرايدي أن من الضروريّ مهاجمتهم، فيفاجآنهم ويقتلان بعضهم وينقذان أسيرين كان احدهما رجلا اسبانيّا ابيض والآخر والد فرايدي نفسه.
وفي نهاية الرواية، تمرّ بالجزيرة سفينة عابرة، فيستقلّها روبنسون كروزو، بمعيّة فرايدي، ويعود إلى أهله في انجلترا بعد أن ظنّوا انه مات. لكنّه يكتشف أن والده قد توفّي منذ زمن طويل وأنه لم يوصِ له بشيء من تركته، فيغادر هو وفرايدي إلى البرتغال.
وبعد سنوات، يعودان من هناك بعد أن جمعا بعض المال. وفي طريق عودتهما، يقومان بمغامرة أخيرة فيشتبكان مع مجموعة من الذئاب الضارية التي اعترضت طريقهما أثناء عبورهما جبال البيرينيه.
الكثير من النقّاد استقبلوا رواية روبنسون كروزو في زمانها بحماس كبير واعتبروها أوّل رواية انجليزية واقعية. وبعضهم رأوا فيها حكاية متفائلة عن إمكانيات الإنسان غير المحدودة عندما يجد نفسه في ظروف صعبة وغير مواتية.
واعتبر آخرون أن الرواية ترمز لتطوّر الحضارة وأن كروزو ليس هو البطل وإنما كلّ إنسان. فهو يبدأ كمتجوّل في البحر الذي لا يفهمه، ثم ينتهي به الأمر كحاجّ يعبر الجبل الأخير ليدخل الأرض الموعودة.
من الأشياء اللافتة في هذه الرواية أنها تتضمّن كثيرا من الرموز الدينية. وهناك من يشير إلى أن ديفو كان مسيحيّا طهرانيّا ومؤمنا بالتقاليد، وقد ألّف كتبا عن كيف يصبح الإنسان مسيحيّا صالحا.
وقيل أحيانا انه ذهب إلى الجزيرة ليتخلّص من آثام الشباب. وهناك أصبح أكثر قربا من الله، ليس بسبب الاستماع إلى الخطب في الكنيسة، وإنّما من خلال قضائه وقتا لوحده في الطبيعة.
لكن نقّادا آخرين وصفوا روبنسون كروزو بأنه نموذج للاستعمار الانجليزيّ وتعبير عن رغبات المستعمر الأوربّي.
فالبطل يسمّي نفسه بالسيّد وأحيانا بالملك، بينما يشير إلى الجزيرة بالمستعمرة. كما رأى البعض في علاقة السيّد بالخادم التي ربطته بفرايدي نوعا من الامبريالية الثقافية.
وكروزو في الرواية إنسان مستنير ومتحضّر، بينما فرايدي همجيّ ولا يمكن تخليصه من بربريّته إلا بإدماجه في ثقافة سيّده.
رواية روبنسون كروزو هي عن المصير وعن ظروف واختيارات الحياة المختلفة. ويقال أن الكاتب استوحى أحداث الرواية من قصّة حقيقية لبحّار اسكتلندي يُدعى الكسندر سيلكيرك، كانت سفينته قد غرقت في المحيط الهادي ثم عاش خمس سنوات لوحده على ارض جزيرة مجهولة.
كان عند روبنسون كروزو كيس مليء بالذهب والفضّة احضره معه من السفينة، لكن تلك الثروة لم تكن تفيده بشيء في جزيرته المعزولة. وكان على استعداد لأن يتخلّى عن كلّ ذلك الكنز مقابل فردتي حذاء.
ويتعجّب البطل كيف أن البشر يمكن أن يحبّوا اليوم شيئا كانوا يكرهونه بالأمس، وكيف أنهم يمكن أن يخافوا اليوم من شيء كانوا يرغبون فيه ويلحّون عليه بالأمس.
ويبدو انه تذكّر كيف انه عاش على أرض الجزيرة وكان يتجوّل فيها بحرّية لأكثر من خمسة عشر عاما، ظانّاً انه لوحده. كان يحنّ إلى وجود البشر ويتمنّى لو جاءه إنسان كي يشاركه العيش ويؤنس وحدته. لكن هذا الإحساس غادره فورا عندما اكتشف وجود بشر متوحّشين هناك.
وعندما يأتي المزيد من أكلة لحوم البشر إلى الجزيرة لإقامة حفل شواء بشريّ، يقرّر كروزو وفرايدي أن من الضروريّ مهاجمتهم، فيفاجآنهم ويقتلان بعضهم وينقذان أسيرين كان احدهما رجلا اسبانيّا ابيض والآخر والد فرايدي نفسه.
وفي نهاية الرواية، تمرّ بالجزيرة سفينة عابرة، فيستقلّها روبنسون كروزو، بمعيّة فرايدي، ويعود إلى أهله في انجلترا بعد أن ظنّوا انه مات. لكنّه يكتشف أن والده قد توفّي منذ زمن طويل وأنه لم يوصِ له بشيء من تركته، فيغادر هو وفرايدي إلى البرتغال.
وبعد سنوات، يعودان من هناك بعد أن جمعا بعض المال. وفي طريق عودتهما، يقومان بمغامرة أخيرة فيشتبكان مع مجموعة من الذئاب الضارية التي اعترضت طريقهما أثناء عبورهما جبال البيرينيه.
الكثير من النقّاد استقبلوا رواية روبنسون كروزو في زمانها بحماس كبير واعتبروها أوّل رواية انجليزية واقعية. وبعضهم رأوا فيها حكاية متفائلة عن إمكانيات الإنسان غير المحدودة عندما يجد نفسه في ظروف صعبة وغير مواتية.
واعتبر آخرون أن الرواية ترمز لتطوّر الحضارة وأن كروزو ليس هو البطل وإنما كلّ إنسان. فهو يبدأ كمتجوّل في البحر الذي لا يفهمه، ثم ينتهي به الأمر كحاجّ يعبر الجبل الأخير ليدخل الأرض الموعودة.
من الأشياء اللافتة في هذه الرواية أنها تتضمّن كثيرا من الرموز الدينية. وهناك من يشير إلى أن ديفو كان مسيحيّا طهرانيّا ومؤمنا بالتقاليد، وقد ألّف كتبا عن كيف يصبح الإنسان مسيحيّا صالحا.
وقيل أحيانا انه ذهب إلى الجزيرة ليتخلّص من آثام الشباب. وهناك أصبح أكثر قربا من الله، ليس بسبب الاستماع إلى الخطب في الكنيسة، وإنّما من خلال قضائه وقتا لوحده في الطبيعة.
لكن نقّادا آخرين وصفوا روبنسون كروزو بأنه نموذج للاستعمار الانجليزيّ وتعبير عن رغبات المستعمر الأوربّي.
فالبطل يسمّي نفسه بالسيّد وأحيانا بالملك، بينما يشير إلى الجزيرة بالمستعمرة. كما رأى البعض في علاقة السيّد بالخادم التي ربطته بفرايدي نوعا من الامبريالية الثقافية.
وكروزو في الرواية إنسان مستنير ومتحضّر، بينما فرايدي همجيّ ولا يمكن تخليصه من بربريّته إلا بإدماجه في ثقافة سيّده.
رواية روبنسون كروزو هي عن المصير وعن ظروف واختيارات الحياة المختلفة. ويقال أن الكاتب استوحى أحداث الرواية من قصّة حقيقية لبحّار اسكتلندي يُدعى الكسندر سيلكيرك، كانت سفينته قد غرقت في المحيط الهادي ثم عاش خمس سنوات لوحده على ارض جزيرة مجهولة.
Credits
gutenberg.org
gutenberg.org