عُرف ريتشارد فاينمان (1918 - 1988) بإنجازاته في مجال ميكانيكا الكم والديناميكا الكهربائية وفيزياء الجسيمات، ما أهّله لنيل جائزة نوبل في الفيزياء عام 1965. ويقال انه رابع أشهر فيزيائي في التاريخ بعد غاليليو ونيوتن وآينشتاين. وكثيرا ما يُستشهد بذكائه وحكمته وتواضعه وروحه المتمّردة وبتنوّع اهتماماته ومواهبه. فقد كان عالما وشاعرا وموسيقيّا ورسّاما.
ومن أشهر أقوال فاينمان: لا يمكن للإنسان أن يعيش وراء القبر"، وكان يقصد أن الانسان لا بدّ أن يترك أثرا يذكره به الناس بعد رحيله.
وقد ظهرت كتب عديدة بعد وفاته عام 1988 تضمّ أحاديثه ومقابلاته ومحاضراته المشهورة. وما تزال كلماته التي تتسم بالحكمة والبصيرة تُقتبس على نطاق واسع.
ومن أجمل ما يؤثر عن فاينمان آراؤه التي يمزج فيها بين تخصّصه كعالم فيزيائي وشغفه بالشعر والفنون.
كتب ذات مرّة يقول:
لي صديق فنّان يتبنّى آراءً لا أتفق معها أحيانا. أتاني مرّة وهو يحمل زهرة وقال: انظر كم هي جميلة!". ووافقت على ما قاله. ثم أضاف: أنا كفنّان أستطيع أن أرى كم أن هذه الزهرة جميلة، ولكنك كعالِم تقوم بتفكيكها وتشريحها الى أن تصبح شيئا مُملّا".
واستغربت من كلامه ووجدته بعيدا عن الحقيقة. فأوّلا، الجمال الذي يراه هذا الصديق متاح للآخرين ولي أيضا على ما أعتقد. ورغم أنني قد لا أكون على نفس مستواه من تذوّق الجمال، إلا أنني أستطيع أن أقدّر جمال الزهرة.
وفي الوقت نفسه، أنا أرى في الزهرة أكثر بكثير ممّا يراه هو. أستطيع مثلا أن أتخيّل الخلايا الموجودة فيها والحركات المعقّدة بداخلها، والتي لا تخلو من جمال أيضا. أقصد أن الأمر لا يقتصر على جمال ذي بعد واحد وعند السطح. هناك أيضا جمال في الأبعاد الأصغر، في البنية الداخلية، وكذلك في العمليات.
ومن المثير للاهتمام أن الألوان الموجودة في الزهرة نشأت من أجل جذب الحشرات لتلقيحها، ما يعني أن الحشرات أيضا يمكنها رؤية اللون. وهذا يضيف سؤالا آخر: هل الإحساس بالجمال موجود أيضا في الأشكال السفلية من المخلوقات؟
ومن أشهر أقوال فاينمان: لا يمكن للإنسان أن يعيش وراء القبر"، وكان يقصد أن الانسان لا بدّ أن يترك أثرا يذكره به الناس بعد رحيله.
وقد ظهرت كتب عديدة بعد وفاته عام 1988 تضمّ أحاديثه ومقابلاته ومحاضراته المشهورة. وما تزال كلماته التي تتسم بالحكمة والبصيرة تُقتبس على نطاق واسع.
ومن أجمل ما يؤثر عن فاينمان آراؤه التي يمزج فيها بين تخصّصه كعالم فيزيائي وشغفه بالشعر والفنون.
كتب ذات مرّة يقول:
لي صديق فنّان يتبنّى آراءً لا أتفق معها أحيانا. أتاني مرّة وهو يحمل زهرة وقال: انظر كم هي جميلة!". ووافقت على ما قاله. ثم أضاف: أنا كفنّان أستطيع أن أرى كم أن هذه الزهرة جميلة، ولكنك كعالِم تقوم بتفكيكها وتشريحها الى أن تصبح شيئا مُملّا".
واستغربت من كلامه ووجدته بعيدا عن الحقيقة. فأوّلا، الجمال الذي يراه هذا الصديق متاح للآخرين ولي أيضا على ما أعتقد. ورغم أنني قد لا أكون على نفس مستواه من تذوّق الجمال، إلا أنني أستطيع أن أقدّر جمال الزهرة.
وفي الوقت نفسه، أنا أرى في الزهرة أكثر بكثير ممّا يراه هو. أستطيع مثلا أن أتخيّل الخلايا الموجودة فيها والحركات المعقّدة بداخلها، والتي لا تخلو من جمال أيضا. أقصد أن الأمر لا يقتصر على جمال ذي بعد واحد وعند السطح. هناك أيضا جمال في الأبعاد الأصغر، في البنية الداخلية، وكذلك في العمليات.
ومن المثير للاهتمام أن الألوان الموجودة في الزهرة نشأت من أجل جذب الحشرات لتلقيحها، ما يعني أن الحشرات أيضا يمكنها رؤية اللون. وهذا يضيف سؤالا آخر: هل الإحساس بالجمال موجود أيضا في الأشكال السفلية من المخلوقات؟
كلّ هذه الأسئلة المثيرة للاهتمام تضيفها المعرفة العلمية إلى عناصر الإثارة والغموض والرهبة الكامنة في الزهرة. العلم يضيف الى الإحساس بالجمال ولا يقلّل منه.
ومن خواطره الجميلة الأخرى قوله: أحد الشعراء قال مرّة إن الكون كلّه متجسّد في كأس من العنب." وغالبا لن نعرف أبدا المعنى الذي كان يقصده، لأن الشعراء لا يكتبون لكي يفهمهم الناس. لكن صحيح أننا إذا نظرنا إلى كأس العنب عن قرب وبما يكفي فإننا سنرى الكون بأكمله. كيف؟
هناك عناصر فيزيائية: السائل الذي يتبخّر بحسب نوع الرياح والطقس، والانعكاس على الزجاج، ثم الذرّات التي يضيفها خيالنا. الزجاج عبارة عن تقطير لصخور الأرض، وفي تركيبته نرى أسرار عمر الكون وتطوّر خلق النجوم.
ما المجموعة الغريبة من الموادّ الكيميائية الموجودة في العصير؟ وكيف تشكّلت؟ هناك الخمائر والإنزيمات والطبقات التحتية وغيرها.
وفي العنب يوجد التعميم العظيم، وهو أن الحياة كلّها تخمير. لا يمكن لأحد أن يكتشف كيمياء عصير العنب دون أن يكتشف، كما فعل لويس باستور، سبب الكثير من الأمراض.
ما مدى حيوية العنب الاحمر الذي يضغط وجوده في الوعي الذي يراقبه؟ إذا قَسَّمت عقولنا الصغيرة كأس العصير هذا، هذا الكون، إلى أجزاء، أي الى فيزياء وأحياء وجيولوجيا وفلك وعلم نفس وما إلى ذلك، فينبغي أن نتذكّر أن الطبيعة لا تعرف ذلك.
لذلك من الأفضل أن نجمع ذلك كلّه معا مرّة أخرى دون أن ننسى في النهاية الغرض منه: أن يمنحنا متعة أخيرة أخرى، أن نشربه وننسى كلّ شيء!
وأختم بفكرة متأمّلة أخيرة لفاينمان يقول فيها: الشعراء يقولون إن العلم يجرّد النجوم من جمالها بتحويلها الى مجرّد كتل من ذرّات الغاز. لكنني أنا أيضا أستطيع رؤية النجوم في ليلة صحراوية وأشعر بها. لكن هل أرى أقلّ أم أكثر؟ إن اتساع السماء يوسّع مخيّلتي، فعيناي الصغيرتان يمكنهما التقاط ضوء عمره مليون عام.
إن اللغز لا يضرّه ألا نعرف سوى القليل عنه، لأن الحقيقة أروع بكثير ممّا تخيّلها أيّ فنّان في الماضي. لماذا لا يتحدّث عنها شعراء الحاضر؟ وأقول: من هم الشعراء الذين يمكنهم وصف المشتري لو كان هذا الكوكب إنسانا؟ ولو عرف الشاعر أن هذا الكوكب عبارة عن كرة هائلة دوّارة من الميثان والأمونيا، فما الذي يمكنه أن يفعله غير أن يصمت؟!
ومن خواطره الجميلة الأخرى قوله: أحد الشعراء قال مرّة إن الكون كلّه متجسّد في كأس من العنب." وغالبا لن نعرف أبدا المعنى الذي كان يقصده، لأن الشعراء لا يكتبون لكي يفهمهم الناس. لكن صحيح أننا إذا نظرنا إلى كأس العنب عن قرب وبما يكفي فإننا سنرى الكون بأكمله. كيف؟
هناك عناصر فيزيائية: السائل الذي يتبخّر بحسب نوع الرياح والطقس، والانعكاس على الزجاج، ثم الذرّات التي يضيفها خيالنا. الزجاج عبارة عن تقطير لصخور الأرض، وفي تركيبته نرى أسرار عمر الكون وتطوّر خلق النجوم.
ما المجموعة الغريبة من الموادّ الكيميائية الموجودة في العصير؟ وكيف تشكّلت؟ هناك الخمائر والإنزيمات والطبقات التحتية وغيرها.
وفي العنب يوجد التعميم العظيم، وهو أن الحياة كلّها تخمير. لا يمكن لأحد أن يكتشف كيمياء عصير العنب دون أن يكتشف، كما فعل لويس باستور، سبب الكثير من الأمراض.
ما مدى حيوية العنب الاحمر الذي يضغط وجوده في الوعي الذي يراقبه؟ إذا قَسَّمت عقولنا الصغيرة كأس العصير هذا، هذا الكون، إلى أجزاء، أي الى فيزياء وأحياء وجيولوجيا وفلك وعلم نفس وما إلى ذلك، فينبغي أن نتذكّر أن الطبيعة لا تعرف ذلك.
لذلك من الأفضل أن نجمع ذلك كلّه معا مرّة أخرى دون أن ننسى في النهاية الغرض منه: أن يمنحنا متعة أخيرة أخرى، أن نشربه وننسى كلّ شيء!
وأختم بفكرة متأمّلة أخيرة لفاينمان يقول فيها: الشعراء يقولون إن العلم يجرّد النجوم من جمالها بتحويلها الى مجرّد كتل من ذرّات الغاز. لكنني أنا أيضا أستطيع رؤية النجوم في ليلة صحراوية وأشعر بها. لكن هل أرى أقلّ أم أكثر؟ إن اتساع السماء يوسّع مخيّلتي، فعيناي الصغيرتان يمكنهما التقاط ضوء عمره مليون عام.
إن اللغز لا يضرّه ألا نعرف سوى القليل عنه، لأن الحقيقة أروع بكثير ممّا تخيّلها أيّ فنّان في الماضي. لماذا لا يتحدّث عنها شعراء الحاضر؟ وأقول: من هم الشعراء الذين يمكنهم وصف المشتري لو كان هذا الكوكب إنسانا؟ ولو عرف الشاعر أن هذا الكوكب عبارة عن كرة هائلة دوّارة من الميثان والأمونيا، فما الذي يمكنه أن يفعله غير أن يصمت؟!
Credits
feynman.com
feynman.com