:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الأربعاء، ديسمبر 04، 2024

خواطر في الأدب والفن


  • لورانس ألما تاديما رسّام هولندي الأصل، استقرّ في انغلترا بدءا من عام 1870 وحصل هو وعائلته على وضع المواطنة ومُنحوا حقوقا قانونية كمستوطنين هولنديين. ومعظم لوحاته هي لأشخاص يجلسون في ديكور رخامي أو أمام الزرقة الغميقة لمياه وسماء البحر المتوسّط. وبسبب كثرة الرخام في صوره لُقب تاديما بالرسّام الرخامي.
    كان الرسّام منذ بداياته مهتمّا خاصّة بالدقّة المعمارية، وقد جمعَ كثيرا من الصور الفوتوغرافية لمواقع قديمة في انغلترا وإيطاليا ليستخدمها في لوحاته. وكان يرسم غالبا من الطبيعة ويستخدم الأزهار الطازجة ويضمّنها في صوره قبل ذبولها، ما دفعَ الكثيرين لوصفه بالمتفذلك.
    في حياته، لم ينل ألما تاديما تقديرا يُذكر، غالبا بسبب أسلوبه الأكاديمي وتركيزه على العصور القديمة وتمسّكه بالتقاليد في وقت بدأت فيه مدارس الفنّ الحديث في الظهور. وبدءا من النصف الأوّل من القرن العشرين، احتلّت الانطباعية والوحشية والتعبيرية والتكعيبية والتجريدية والمستقبلية مركز الصدارة في عالم الرسم. وفي نفس الوقت فقدت أعمال ألما تاديما شعبيّتها وصِلتها بالواقع.
    وكان الناقد جون راسكين قد وصف تاديما بأنه "أسوأ رسّام في القرن التاسع عشر!"، بينما قال ناقد آخر إن لوحاته لا تصلح سوى "لتزيين علب الحلوى"! ثم أصبح وجود لوحة لهذا الرسّام في منزل شخص مثارا للسخرية، وصارت صوره توصف بالفنّ الرخيص.
    وعندما بيعت احدى لوحاته في الستّينات، لم تحقّق أكثر من 350 دولار، أي أقلّ من قيمة القماش والألوان التي دُفعت لرسمها. ويعزو البعض تناقص حظوظ الفنّان الى اختلاف الاذواق وافتقار لوحاته الى العمق وإغراقها في العاطفية والمثالية وتركيزها على الزخرفة، رغم الجمال البصريّ لبعضها.
    وبعد وفاته، نُسي اسم ألما تاديما تماما تقريبا. ومع ذلك أُعجبت به هوليوود لاهتمامه بالتفاصيل، وظهرت بعض لوحاته في عدد من أشهر الأفلام مثل غلادييتور "المصارع" و"كليوباترا" و"الوصايا العشر" وغيرها.
    في الماضي، أي زمن ألما تاديما ومعاصريه من الرسّامين، كان للفنّ وظائف مختلفة، كالتعليم والترفيه وكسب رضا الكنيسة والملوك وطبقة النبلاء والبرجوازيين. لكن منذ بداية القرن العشرين، أصبح الفنّ أكثر صعوبة عندما طَغت عليه الفلسفة وعلم النفس، مع ميلٍ الى هدم المعايير ومخالفة توقّعات الجمهور. وإجمالا وبمقاييس هذه الأيّام، ليس مطلوبا من الفنّ ان يكون ممتعا أو جميلا ولا يتطلّب بالضرورة مهارات خاصّة أو مواهب استثنائية.
  • ❉ ❉ ❉

  • كان كينكو المنعزل يسجّل أفكاره الحادّة اللاذعة على قصاصات من ورق لم تنجُ عبر القرون إلا بالصدفة. وكان من الممكن أن تتحلّل على الجدران التي ألصقها عليها أو أن تُرمى في سلّة المهملات. ولكن انظر إلى سحره الآن، إذ يمكنك البحث عن كينكو في غوغل، وإذا كان لديك كيندل أو نوك أو آيباد أو أيّ قارئ إلكتروني آخر، فيمكنك إعادة تجميع كلّ أعماله هو أو دانتي أو دي مونتين إلكترونياً على شاشة مسطّحة رقيقة. وقد تختفي هذه الأعمال أيضاً بلمسة واحدة وفي جزء من الثانية.
    إن الكُتاب الثمينين ينتشرون على نحو عجيب عبر الإنترنت، فأنت تحصل عليهم من الهواء بنفسك. وربّما يختفون بسرعة أكبر من أزهار كينكو أو أقماره المخفية، ما يدلّ على أن هذا الكون عبارة عن خداع بصريّ وليس شيئاً صلباً.
    ولو تخيّلنا أن دي مونتين أو كينكو أو دانتي يكتبون اليوم على موقع فيسبوك أو تويتر ويتبادلون الرسائل النصّية، فماذا سيكتبون؟ هل سيتناولون مواضيع مثل المنفى أو الانسحاب أو العزلة في عالم سكايب والخلية العالمية؟ وهل تعمل الشبكات الاجتماعية الجديدة على تحسين نوعية التفكير والكتابة؟ وكيف وإلى أيّ مدى؟ لا نعرف بعد.
    إن الكاتب العظيم لا يحتاج بالضرورة لأن يكون ناسكاً منعزلا. ولم يكن شكسبير كذلك. والغريب أن الكتابة في غرفة صاخبة أسهل أحيانا من الكتابة في صمت وعزلة. فلفترة من الزمن، كنت أحبّ الكتابة أثناء ركوب القطار السريع. كانت خشخشة العربات وصرير القضبان يحسّنان من قوّة تركيزي، وكنت أفضّل أن يكون معي رفيق وأنا أكتب. وقد أذهلني بروتوكول مترو الأنفاق، الذي يتطلّب أن تكون وجوه كلّ الركّاب المتنوّعي الخلفيات والاعراق، وطيلة مدة الرحلة، جامدة وغير قابلة للقراءة، وألا يكون هناك اتصال بالأعين في ما بينهم.
    لانس مورو
  • ❉ ❉ ❉


    ❉ ❉ ❉

  • طلب منّي المعلّم أن أكتب موضوعا عن "من أنا؟"، وجلست طويلا أفكّر في الإجابة. لم تكن المشكلة أنني لا أعرف نفسي، بل كان الأمر يتعلّق بحيرتي في اختيار أيّ نسخة منّي يمكن أن أكتب عنها. فأنا عدّة أشخاص مختلفين. واستغرقَ الأمر منّي بعض الوقت لأدرك أن نسختي المفضّلة من "الأنا" هي تلك التي تظهر عندما لا يكون أحد حولي، أي عندما لا يتمّ تسجيل أفعالي.
    هل نكون أشخاصا مختلفين حين لا يراقبنا أحد؟ حين لا تحكم علينا عيون الآخرين؟ طريقتنا في المشي، نبرات أصواتنا، تعبيرات وجوهنا، ملابسنا، وكلّ ما يحدّد شخصياتنا يتغيّر في غمضة عين. نضحك بهستيريا، نغنّي بأعلى أصواتنا وحتى نرقص بجنون. تلك الأجزاء الجميلة والغريبة من شخصيّاتنا لا تظهر إلا عندما نكون بمفردنا.
    إن لدى كلّ انسان منّا أجزاء شرّيرة في داخله، زوايا مظلمة وممرّات ودهاليز سرّية تتنفّس في أعماقنا. وعندما لا يكون هناك أحد حولنا، تَخرج كل تلك المشاعر المدفونة فنصبح أنانيين وحسَدة وعدوانيين وقد نتمنّى الشرّ لأعدائنا.
    ولكنْ هناك بداخلنا خير أيضا، فعندما لا يراقبنا أحد فإننا نبتسم للفقير بحبّ ونعيد المال الذي سقط من جيب شخص غريب، ونحاول أن نكون أفضل نسخة من أنفسنا. إننا الأسرار المظلمة التي نخفيها والأخطاء التي نرتكبها والحبّ الذي لا نعبّر عنه واللطف الذي لا نلاحظه.
    من أنت حين لا يراقبك أحد؟! ماذا تفعل حين لا يراك أحد؟ حين لا يُحكم عليك على كلّ فعل تقوم به؟ حين لا يلاحظ أحد خطواتك وتحرّكاتك؟ هل تظلّ أنت نفسك، أم تصبح شخصا آخر؟!
  • ❉ ❉ ❉

  • يشير مصطلح "الحكمة القديمة Ancient wisdom " إلى وجود رؤى وحقائق قيّمة يمكن أن نجدها في تعاليم الحضارات القديمة والتقاليد الروحية والنصوص القديمة. وغالبا ما يشير هذا المصطلح إلى شعور باحترام معارف وتجارب الأجيال السابقة والاعتراف بأهمية تعاليمهم وضرورتها الدائمة في الحياة المعاصرة.
    وقد يلجأ الناس إلى الحكمة القديمة طلباً للإرشاد والإلهام ومن أجل فهم أعمق للحقائق الأساسية حول الوجود البشري والأخلاق والروحانية والعالم الطبيعي. وكثيراً ما ترتبط ممارسات مثل التأمّل واليوغا والطب التقليدي والتعاليم الفلسفية بتقاليد الحكمة القديمة.
    وإجمالا، تنقل "الحكمة القديمة" فكرة مفادها أن هناك حِكَما يمكن اكتسابها من المعرفة المتراكمة ومن تجارب الماضي، وأنه بدراسة تلك التعاليم القديمة والتمعّن فيها يمكن للأفراد أن يحصلوا على فهم أعمق عن معنى الحياة والغرض منها.
    وتتضمّن "الحكمة القديمة" المعرفة والرؤى والتعاليم والمعتقدات والممارسات التي تناقلتها الأجيال في مختلف الثقافات والمجتمعات على مدى فترة طويلة من الزمن. وغالبا ما تُعتبر هذه الحكمة خالدة وعالمية وتتجاوز السياقات الثقافية المحدّدة التي نشأت فيها.

  • Credits
    alma-tadema.org
    smithsonianmag.com