في هولندا أُعلن رسميّا أن 2019 هو عام رمبراندت. وأكبر المتاحف الهولندية أعلنت عن تنظيم العديد من المعارض احتفالا بمرور ثلاثمائة وخمسين عاما على وفاة رمبراندت في عام 1669.
لكن رمبراندت ليس وحده المحتفى به هذا العام الذي يصادف أيضا ذكرى مرور خمسمائة عام على وفاة ليوناردو دافنشي في عام 1519.
والكثير من الكتّاب رأوا في تزامن هاتين المناسبتين فرصة لطرح هذا السؤال: ترى أيّهما أعظم رمبراندت أم دافنشي؟
قد يكون الرهان الذكيّ على رمبراندت. ففنّه عميق ومأساويّ ومثير للأفكار والمشاعر. يمكن القول أن بورتريهاته هي المعادل الفنّي لمأساة الملك لير. وروح الإنسان على إطلاقه متجسّدة في صوره.
في المقابل فإن ليوناردو نجم شعبيّ، وهو ما يزال يشغل الناس حتى بعد مرور خمسة قرون على رحيله. وبالتأكيد لن تشعر بالعزلة وسط كلّ ذلك العدد الكبير من الهواتف الذكيّة التي يحملها السيّاح الذين يفدون إلى اللوفر ليقفوا أمام تحفته "الموناليزا".
البورتريه الذي رسمه رمبراندت لنفسه بعنوان بورتريه شخصيّ مع دائرتين (الصورة فوق) لا يُرجّح أن تراه محاطا بالكثير من الزوّار والكاميرات في ما لو أتيحت لك زيارته في متحف كينوود هاوس في لندن.
يمكنك هناك أن تحدّق في عيني الرسّام المظلمتين وهما تتأمّلانك. حضوره الواعي يتبدّى من خلال الألوان الهادئة والناعمة.
انه يستخدم فرشاته ليخلق نفسه وليخلق في نفس الوقت ما يبدو انه خارطة ناقصة للعالم. رمبراندت يبدو نبيلا وغير كامل، يحدّق فيك كما يحدّق شخص متعب في آخر.
هل أنجز ليوناردو دافنشي شيئا بمثل هذه الدرامية والإنسانية؟
قصّة ليوناردو تشبه الحكايات الخيالية. وهناك صورة ذهنية عنه في طفولته وهو يشتري الطيور من السوق فقط لكي يحرّرها ويطلقها في الجوّ.
إن من التجنّي أن تقارن صورة رمبراندت لنفسه بلوحة الموناليزا. أعجوبة ليوناردو الحقيقية هي رسوماته الأوّلية أو اسكتشاته.
هو لم يكمل سوى القليل من اللوحات، لكنه لم يحلّق عاليا سوى في اسكتشاته. في صفحات متتالية من مفكّرته، رسم ليوناردو دراسات للطيور والطبيعة والآلات والأسلحة والتحصينات، كما بحث في أسرار الطيران.
لكن أعظم تجليّات دافنشي البصرية هي رسوماته التشريحية. هذه الرسومات هي ردّه على بورتريهات رمبراندت، كما أنها في نفس الوقت معجزات علمية.
ذات مرّة كتب ليوناردو عن الرعب الذي شعر به عندما قضى ليلة بأكملها في غرفة تشريح محاطا بهياكل الموتى. ومن تلك التجارب أنتج رسومات أعمق من رسومات رمبراندت. وبدلا من أن يتأثّر بملامح وجه، كان ليوناردو يحفر ويقطع بحثا عن البنى الخفيّة للإنسان.
وليس هناك من عمل فنّي مثير للأحاسيس من رسمه للجنين في بطن أمّه (الصورة فوق). غموض رسوماته المخيفة للرئتين والقلب، ودقّة رسوماته للعين والدماغ تتمتّع جميعها بحساسية شديدة ومبهرة.
بالتأكيد يمكن اعتبار رمبراندت شكسبير الرسم. لكن ليوناردو هو شكسبير وآينشتاين والأخوان رايت مجتمعين في شخص واحد.
لكن رمبراندت ليس وحده المحتفى به هذا العام الذي يصادف أيضا ذكرى مرور خمسمائة عام على وفاة ليوناردو دافنشي في عام 1519.
والكثير من الكتّاب رأوا في تزامن هاتين المناسبتين فرصة لطرح هذا السؤال: ترى أيّهما أعظم رمبراندت أم دافنشي؟
قد يكون الرهان الذكيّ على رمبراندت. ففنّه عميق ومأساويّ ومثير للأفكار والمشاعر. يمكن القول أن بورتريهاته هي المعادل الفنّي لمأساة الملك لير. وروح الإنسان على إطلاقه متجسّدة في صوره.
في المقابل فإن ليوناردو نجم شعبيّ، وهو ما يزال يشغل الناس حتى بعد مرور خمسة قرون على رحيله. وبالتأكيد لن تشعر بالعزلة وسط كلّ ذلك العدد الكبير من الهواتف الذكيّة التي يحملها السيّاح الذين يفدون إلى اللوفر ليقفوا أمام تحفته "الموناليزا".
البورتريه الذي رسمه رمبراندت لنفسه بعنوان بورتريه شخصيّ مع دائرتين (الصورة فوق) لا يُرجّح أن تراه محاطا بالكثير من الزوّار والكاميرات في ما لو أتيحت لك زيارته في متحف كينوود هاوس في لندن.
يمكنك هناك أن تحدّق في عيني الرسّام المظلمتين وهما تتأمّلانك. حضوره الواعي يتبدّى من خلال الألوان الهادئة والناعمة.
انه يستخدم فرشاته ليخلق نفسه وليخلق في نفس الوقت ما يبدو انه خارطة ناقصة للعالم. رمبراندت يبدو نبيلا وغير كامل، يحدّق فيك كما يحدّق شخص متعب في آخر.
هل أنجز ليوناردو دافنشي شيئا بمثل هذه الدرامية والإنسانية؟
قصّة ليوناردو تشبه الحكايات الخيالية. وهناك صورة ذهنية عنه في طفولته وهو يشتري الطيور من السوق فقط لكي يحرّرها ويطلقها في الجوّ.
إن من التجنّي أن تقارن صورة رمبراندت لنفسه بلوحة الموناليزا. أعجوبة ليوناردو الحقيقية هي رسوماته الأوّلية أو اسكتشاته.
هو لم يكمل سوى القليل من اللوحات، لكنه لم يحلّق عاليا سوى في اسكتشاته. في صفحات متتالية من مفكّرته، رسم ليوناردو دراسات للطيور والطبيعة والآلات والأسلحة والتحصينات، كما بحث في أسرار الطيران.
لكن أعظم تجليّات دافنشي البصرية هي رسوماته التشريحية. هذه الرسومات هي ردّه على بورتريهات رمبراندت، كما أنها في نفس الوقت معجزات علمية.
ذات مرّة كتب ليوناردو عن الرعب الذي شعر به عندما قضى ليلة بأكملها في غرفة تشريح محاطا بهياكل الموتى. ومن تلك التجارب أنتج رسومات أعمق من رسومات رمبراندت. وبدلا من أن يتأثّر بملامح وجه، كان ليوناردو يحفر ويقطع بحثا عن البنى الخفيّة للإنسان.
وليس هناك من عمل فنّي مثير للأحاسيس من رسمه للجنين في بطن أمّه (الصورة فوق). غموض رسوماته المخيفة للرئتين والقلب، ودقّة رسوماته للعين والدماغ تتمتّع جميعها بحساسية شديدة ومبهرة.
بالتأكيد يمكن اعتبار رمبراندت شكسبير الرسم. لكن ليوناردو هو شكسبير وآينشتاين والأخوان رايت مجتمعين في شخص واحد.
Credits
theguardian.com
theguardian.com