:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الجمعة، يونيو 27، 2025

خواطر في الأدب والفن


  • كُتبت هذه الكلمات قبل أكثر من 30 عاما. وتُنسب الى جورج كارلن، وأحيانا الى كاتب يُدعى بوب مورهيد. وقد رأيت إعادة نشر المقال بعد ترجمته الى العربية، لأن مضمونه ما يزال وثيق الصلة بوقتنا الحاضر.
    ◦ من مفارقات عصرنا أننا ننفق أكثر، ونكسب أقل. نشتري أكثر، ونستمتع أقل. لدينا منازل أكبر، وعائلات أصغر. خبراء أكثر، لكن مع مشاكل أكثر. أدوية أكثر، لكن مع صحّة أقل. ضاعفنا ممتلكاتنا، ولكن قلّلنا قيمنا.
    تعلّمنا كيف نحيا، ونسينا كيف نعيش. أضفنا سنوات إلى الحياة، وليس حياة إلى السنوات. وقطعنا كامل المسافة إلى القمر وعدنا منه، لكنّنا لا نستطيع عبور الشارع القريب لملاقاة جار أو صديق. غزونا الفضاء الخارجي وأغفلنا الفضاء الداخلي. فعلنا أشياء أكبر، ولكن ليست أفضل. نكتب كثيرا، ونتعلّم قليلا. نخطّط أكثر، وننجز أقل. تعلّمنا أن نتعجّل، لا أن ننتظر.
    هذا عصر الوجبات السريعة والهضم البطيء، عصر الرجال الكبار، لكن بشخصيات صغيرة. عصر الأرباح المرتفعة والعلاقات الضحلة، عصر الأجساد المترهّلة، والأقراص التي تفعل كلّ شيء، من البهجة إلى الهدوء إلى القتل. إنه الوقت الذي تستطيع فيه التكنولوجيا ارسال هذه الكلمات إليك في ثوان، وبنفس الوقت يمكنك الضغط على زرّ صغير لحذفها.
    تذكّر أن تقضي بعض الوقت مع أحبّائك، لأنهم لن يبقوا معك إلى الأبد. وتذكّر أن تقول كلمة طيّبة لشخص يتطلّع إليك، لأن هذا الشخص الصغير سوف يكبر قريبا ويتركك. تذكّر أن تمنح قبلة دافئة لمن هم بجانبك، لأن هذا هو الكنز الوحيد الذي يمكنك منحه دون أن يكلّفك سنتا واحدا. تذكّر أن تقول "أحبّك" لشريكك وللقريبين منك، والأهم من ذلك أن تعني ما تقول. وتذكّر الايّام التي لن يكون فيها هؤلاء الأشخاص حولك مرّة أخرى.
    أعطِ وقتا للحبّ ووقتا للكلام ووقتا لمشاركة الأفكار الثمينة في عقلك. وتذكّر دائما أن الحياة لا تقاس بعدد الأنفاس التي نأخذها، بل باللحظات التي نحبس فيها أنفاسنا.
  • ❉ ❉ ❉


    ❉ ❉ ❉

  • بعض النقّاد يعتقدون أن الموسيقى الكلاسيكية نخبوية أو بعيدة المنال، بإطاراتها الرسمية وتقاليدها غير المألوفة. لكن هذا التصوّر يتجاهل جذور هذه الموسيقى وإمكاناتها العالمية. فبيتهوڤن، مثلا، لم يكن شخصا أرستقراطيّا، بل كان رجلاً من أصول متواضعة، كافحَ ضدّ الصمم والمصاعب الشخصية ليبدع بعضا من أكثر الأعمال خلوداً في تاريخ الموسيقى. وألحانه لا تتطلّب تعليماً رفيع المستوى لتقديرها، بل فقط أذناً صاغية وقلباً عطوفاً.
    وفي عالم يهيمن عليه الإشباع الفوري بشكل متزايد، تقدّم سيمفونية بيتهوفن الخامسة شيئاً نقيضاً، لأنها تكافئ الصبر والتفكير العميق. إنها ليست مجرّد لحن جذّاب، بل هي أيضا فكرة مصاغة بعناية تتطوّر على مدار السيمفونية وتنسج من خلال حركاتها قصّة صراع وانتصار. ويتطلّب هذا العمل الموسيقي المعقّد مشاركة نشطة من المستمع وتدريبا للعقل على إدراك الأنماط وتوقّع الحلول وتقدير الدقّة.
    السيمفونية الخامسة كثيرا ما توصف بأنها "سيمفونية القدَر"، لأن بيتهوفن نفسه وصف النوتات الأربع الافتتاحية فيها بأنها "ضربات القدَر الذي يطرق الباب". وهو وصف مثير وله معنى عميق يصف بإيجاز ما نحن على وشك أن نسمعه. وقيل إن هناك "نبوءة" في بداية السيمفونية وأنه كان في ذهن بيتهوفن "سيناريو درامي" وراءها، لكنه قرّر أن لا داعي لربط الموسيقى بسرد محدّد. ويرجّح أن قصّتها تتضمّن انتقالا من الظلام إلى النور، من دو الصغير إلى دو الكبير ومن قسوة القدَر إلى النصر المبهج.
    ومنذ ظهور هذه السيمفونية قبل أكثر من مائتي عام وهي تثير العديد من الانتقادات اللاذعة والإشادات الشعرية في نفس الوقت. أحد الكتّاب وصفها بانها "الضوضاء الأكثر سموّا التي اخترقت أذن الإنسان على الإطلاق". وقال آخر: في موسيقى بيتهوفن سيتعرّف الحالم على أحلامه والبحّار على عواصفه والذئب على غاباته". وقال ثالث: تبدو لي هذه السيمفونية مثل دقّات كيس من المسامير مصحوبةً بسقوط مطرقة هنا وهناك". أما نيتشه فذكرَ أنه في مكان ما في هذه السيمفونية "قد يشعر المرء وكأنه يطفو فوق الأرض في قبّة مرصّعة بالنجوم".
    وعودا على بدء، الموسيقى الكلاسيكية مهمّة لأنها تحفّز العقل وتنشّط الروح وتوفّر لنا متنفّسا من الزوال. ومن خلال شخصيّات صانعيها، تبرز إنسانية هذه الموسيقى في أبهى صورها وعيوبها وطموحاتها وتألّقها. أما تجاهلها باعتبارها عتيقة الطراز فهو جهل بقدرتها الدائمة على تعليمنا وشفائنا وتوحيدنا كبشر. وفي عالم غالباً ما يبدو مجزّئاً وسريع الزوال، تبقى الموسيقى الكلاسيكية نبضاً ثابتاً يذكّرنا بهويّتنا الإنسانية الجامعة.
  • ❉ ❉ ❉

  • لم يكن بابلو بيكاسو يبدي كبير اهتمام بالموضوعات الاستشراقية. فهو لم يسافر قط خارج أوروبا، ولم يرسم أيّ صور استشراقية مهمّة. وبصرف النظر عن بعض صوره الغرافيكية، لم ينجذب الرسّام إلى العالم العربي أو آسيا كمصدر للإلهام. وقد قال يوما لأبولينير: أنا أكره الغرائبية، لم أحبّ الفنّ الصيني أو الياباني أو الفارسي أبدا". ومع ذلك، كان مهتمّا للغاية بفنّ جنوب الصحراء الكبرى وبجهود الرسّامين الاستشراقيين الأوائل، مثل ديلاكروا وآنغر ورينوار وماتيس.
    وكانت اللوحات الاستشراقية التي رسمها بيكاسو استجابة لأعمال فنّية محدّدة من قبل واحد على الأقلّ من هؤلاء الفنّانين. وتشير الكاتبة اماندا بيرسفورد الى أن مصادر بيكاسو الاستشراقية لم تكن مخطّطات أيديولوجية أو عاطفية لفنّه، ولم تكن مستلهمة من الأراضي والثقافات الخيالية لشمال أفريقيا والشرق، بل كانت خطابات جمالية من أجل الوصول إلى حلول خاصّة به.
    وتضيف ان الرغبة التنافسية التي أبداها بيكاسو في التعامل مع لوحة ديلاكروا "نساء الجزائر" موثّقة جيّداً. إذ تذكر فرانسواز غيلو، شريكته في الأربعينات، كيف "تحدّث كثيراً عن صنع نسخه الخاصّة من تلك اللوحة، وكيف كان يأخذها معه، أي غيلو، إلى متحف اللوفر مرّة واحدة على الأقل في الشهر لدراستها. وتكتب: سألته يوما عن شعوره تجاه ديلاكروا، فضاقت عيناه وقال: هذا الوغد، إنه رائع حقّاً".
  • ❉ ❉ ❉

  • بعض الاقتباسات..
    ◦ لو فتحنا قلوب الناس لوجدنا مناظر طبيعية. ولو فتحنا قلوبنا لوجدنا شواطئ. أغنيس فاردا
    ◦ لا شيء يجعلنا أكثر حكمة من الحزن. ففي تجربة الحزن صفاء لا يُكتسب إلا من خلال المعاناة. ولو لم ننسَ الحزن الذي عايشناه لكنّا حكماء إلى الأبد ولما أضرّ بنا شيء بعده. ولكن للأسف، ننسى حتى حكمة الحزن والألم ونعود إلى عاداتنا القديمة الناقصة. ريكاردو سالمون
    ◦ المطر على زجاج النافذة مع رياح، والمصابيح المتأرجحة فوق قضبان الترام، أريد أن أرى وأسمع أشياء بسيطة دون ضجيج طبقات المعاني. أؤمن بنهر يتدفّق من البحر إلى الجبال، ولا أطلب من الشعر أكثر من أن يصف هذه الصورة. ريمكو كامبرت
    ◦ لو كنتَ في منزل يحترق، وكانت هناك قطّة ولوحة لرمبرانت، فأيّهما ستنقذ؟ طبعا ستنقذ القطة لأنها كائن حيّ. أما الفنّ فقد مات. إنه مجرّد رسم على قماش وحبر على صفحة. أن تعيش من أجل الفنّ هو إنكار للحياة وتدمير لها. ديان فرولوف
    ◦ لـ لوكريتيوس فكرة ملهمة، وهي أن ما نكونه يشكّل شيئا آخر. بمعنى أن لا وجود للعدم مع هذه الذرّات الصغيرة التي تدور حولنا، الصغيرة جدّا بحيث لا نستطيع رؤيتها. لكن عند تجميعها، تشكّل شيئا ما، وهذا بالنسبة لي معجزة. لا أعرف من أين جاءت، لكنها معجزة. وأعتقد أنها كافية لإبقاء الإنسان طافياً. ميري اوليفر
    ◦ أمس بدأتُ كتابة قصّة جديدة، خشيةَ أن أفسد القصص القديمة. أربع أو خمس قصص تقف الآن على قوائمها الخلفية أمامي كالخيول أمام حلبة السيرك. واليوم كتبتُ قصّة كلب، قرأتُ البداية للتوّ، إنها بشعة وتسبّب لي صداعا. وعلى الرغم من كلّ حقيقتها، إلا أنها سيّئة، متزمّتة، وآليّة كسمكة تتنفّس بالكاد على ضفّة رملية. كافكا
    ◦ أنت بحاجة إلى شخص هادئ وصادق يدعو لك ويناضل من أجلك في الأوقات العصيبة. فقط عندما تجد من يضحك معك ويبكي معك، حينها يمكنك أن تقول: لديّ صديق. تون هيرمانز
    ◦ يقضي الانسان حياته في رحلة حجّ أبدية، حركة مغادرة وانفصال واستسلام دائم. هكذا دعا المسيح تلاميذه: اتركوا زوجاتكم وأطفالكم خلفكم، اتركوا أرضكم وعملكم ومكانتكم واذهبوا في نزهة، بيعوا كلّ ما تملكونه وأعطوه للفقراء واتبعوني". وقبله بوقت طويل، فعل إبراهيم الشيء نفسه، ترك كلّ شيء خلفه. المشي تغيير، نداء، طريقة لإنهاء شيء ما، للنسيان والابتعاد عن المكان والانفصال بعيدا عن ضجيج العالم. فريديريك غروس

  • Credits
    beethoven.de
    pablopicasso.org