نصوص مترجمة


○ في الأساطير اليونانية القديمة، يصوَر الأبطال كبشر يتمتّعون بقدرات خارقة وينحدرون من آلهة خالدة. كما يصوَرون كشخصيات نبيلة وفاضلة، لكنهم مع ذلك يُظهرون عيبا قاتلا يشوِّه هذا المظهر. في الإلياذة، مثلا، يصوَّر أخيل كبطل مأساوي يؤدّي عناده وكبرياؤه الزائدان إلى سقوطه في النهاية. أي أن عيب أخيل القاتل هو الغطرسة والكبرياء والثقة المفرطة. وهذا ما منعه من التصالح مع أغاممنون، ما أدّى الى سلسلة الأحداث التي انتهت بهلاك البطل.
وهوميروس يشير إلى أن أخطاء أخيل هي أخطاء تقديرية، ناجمة عن جهل لا عن شرّ متعمّد. وأخيل غير قادر على إدراك عواقب أفعاله، وبالتالي يصبح أكثر إنسانيةً في نظر القارئ، لأن عيوبه تشبه عيوب البشر العاديّين. والبطل المأساوي يعاني عادةً من انقلاب في مصيره نتيجة لعيبه المميت، إذ يدفعه هذا إلى تجاوز الحدود التي رسمتها الآلهة. وفي النهاية، تعاقبه الآلهة بدفعه الى هاوية التدمير الذاتي والحتمي.
المحارب عند هوميروس يمثّل تصويرا راقياً للطبيعة البشرية، حيث تشكّل قوّته الهائلة وحكمته المتزايدة أدواتٍ لإثارة الدهشة والرهبة في نفوس محبّيه. والحكايات اليونانية القديمة، مثل الإلياذة والأوديسّا، تسعى إلى تجاوز هذا التميّز البطولي المزعوم، والقول ان المحن التي يواجهها البطل ويتغلّب عليها تصبح وسيلة لاستكشاف كفاح الإنسان الأبدي من أجل إثبات ذاته. كما أن القصص التي تروي تجربته البطولية هي كلّ ما يتبقّى من سعيه العقيم نحو الخلود. ميلاني زاميت

❉ ❉ ❉


❉ ❉ ❉

○ في نهاية الحلقة الأولى من الفيلم الوثائقي على خُطى الإسكندر الأكبر ، يقود المؤرّخ والمذيع مايكل وود سيّارته عبر الصحراء الغربية في مصر، إلى سيوة، والى ما يصفه بأنه "مكان غريب وساحر يقف في وسط الصحراء، لكنه خصب بشكل رائع ومعجز. وليس من المستغرب أن يأتي الناس إلى هنا منذ زمن طويل، متوقّعين المعجزات. والسبب هو أنه على التلّ المقدّس، كان يُعتقد أن الإله آمون، أو زيوس عند الإغريق، يتحدّث مباشرةً إلى البشر". و وود يسافر مئات الكيلومترات من النيل إلى هذه الواحة، لأنه على هذا التلّ الصخري، من المفترض أيضا أن الإسكندر علِم من هو والده الحقيقي.
كانت لقطات الفيلم التي تظهر فيها الشاحنات وهي تشقّ طريقها عبر بحر الرمال العظيم، وبساتين النخيل الشاسعة وينابيع المياه البلّلورية في سيوة، ومعبد آمون المنعزل، آسرة للغاية. وكان عليّ أن أزور سيوة يوما ما. وأتذكّر كم كان من المثير رؤية الأشخاص الذين صادقهم وود من اليونان وتركيا والولايات المتحدة وسوريا ولبنان ومصر والعراق وإيران وأفغانستان وباكستان والهند، وهم يتحدّثون بشغف عن الإسكندر والعالم القديم.
ترى هل جيش قمبيز المفقود لا يزال موجودا في مكان ما في الصحراء؟ يروي هيرودوت، في كتابه "التاريخ" كيف أرسل الملك الفارسي جيشا قوامه خمسون ألف رجل "ليُخضع أهل المنطقة لسلطته وليشعل النار في معبد زيوس". وبينما كان هذا الجيش متوقّفا لتناول الإفطار في مكان ما بالصحراء الغربية "هبّت عليهم من الجنوب ريح عاتية ذات قوّة خارقة، فصبّت على جند الجيش الغازي الرمال التي كانت تحملها ودفنتهم في الكثبان الرملية حتى اختفوا تماما".
لقد حفّزني بيتر براون، وهو أحد أعظم مؤرّخينا المتخصّصين في العصر الروماني المتأخّر، لاستكشاف أكبر قدر ممكن من مناظر العالم الكلاسيكي. في منتصف مذكّراته المثيرة، يشرح براون ببلاغة كيف غيّرته رحلاته في إيران في سبعينات القرن الماضي، أثناء حكم الشاه. يقول: لم تكن رحلاتي إلى إيران عُطَلا مبهجة. لقد سافرت بالفعل وتأثّرت بمساحات إيران الشاسعة. ومنذ ذلك الحين، أصبحت المناطق الشاسعة خارج أوروبّا جزءا من عالمي الخيالي.
ويضيف: كانت رحلة ذهنية أيضا. بسفري إلى مناظر الإمبراطورية الساسانية ومعالمها، أضفت بعدا جديدا كليّا إلى معرفتي بعالم العصور القديمة المتأخّرة. فحتى ذلك الحين، ورغم فضولي، لم أكن أعرف عن الساسانيين إلا من خلال الكتب. أما الآن، فقد أصبحت إيران بالنسبة لي سلسلة من الصور التي لا تُنسى. تجوّلت بين المعالم الأثرية وسافرت على طرق الهضبة الإيرانية الطويلة وشعرت بطريقة ما بعالم آخر، بعيدا عن شواطئ روما الشرقية المطلّة على البحر المتوسّط.
والأهم من ذلك بالنسبة للمؤرّخ الديني، أنها كانت رحلة قلبية. فلأوّل مرّة، تعرّفت على الإسلام كدين حيّ. ومنذ ذلك الحين، ظلّ حضور الإسلام، بمختلف أشكاله، ماضيا وحاضرا، يجذب انتباهي ويلحّ عليّ. وقد تأثّرت أيضا بترانيم الكنيسة الأرمنية في جلفا وبالجدال الميتافيزيقي لأحد مشايخ الزرادشتية في يزد. وشعرت أن لا غرابة في الرغبة في عبادة الله. وعند عودتي، بعد انقطاع دام عشرين عاما، استأنفت حضوري المنتظم في كنيسة مسيحية". ج. بنسون

❉ ❉ ❉

○ الحياة المشبعة بالأمان والراحة تضعفنا تدريجيا. الراحة الزائدة عن الحدّ تُضعف الروح. وكلّما تمسّكنا بها، انزلقنا نحو انحدار هادئ وغير ملحوظ. إن كنت تهرب باستمرار من الاحتكاك بدراما الحياة، فأنت تموت. لا أمل في عيش مثمر إذا رفضتَ مواجهة تقلّبات الحياة الحتمية.
البشر يزدهرون عندما يكون لديهم "سبب" للعيش، وهو غالبا ما يتشكّل في المشقّة. والحياة المفرطة في الرفاهية تجرّدنا من هذا "السبب". ليس لأن المعاناة مقدّسة بحدّ ذاتها، بل لأنها القوّة الوحيدة التي تُبعد عنّا ذئاب الركود.
الراحة سمّ خبيث يُضعف حِدّة العقل ويضعف الإرادة ويضعف الروح. ولكي نعيش حياة حقيقية، لا مجرّد وجود، علينا أن نرفض وهم الأمان وأن نتقبّل الغموض الذي يميّز الحياة. فالنموّ والشغف والإنجاز يكمنان وراء حدود الراحة، في خضمّ المخاطرة واكتشاف الذات غير المتوقّع.
عندما نعطي الأولوية للأمان فوق كلّ شيء آخر، فإننا نفصل أنفسنا عن غرائزنا العميقة، ونختزل الحياة إلى روتين ميكانيكي خالٍ من الحيوية. ولاستعادة حيويّتنا، علينا أن نتخلّى عن شغفنا باليقين المطلق، وأن نتجرّأ على دخول المجهول، حيث تنتظرنا طاقة الحياة الحقيقية وتجدّدها.
وكما قال جوزيف كامبل: الكهف الذي تخشى دخوله يحمل الكنز الذي تبحث عنه". وهي دعوة واضحة لأن نستيقظ وأن نعيش بجرأة قبل أن يدهمنا النفَس الأخير. أ رتنبري

Credits
archive.org

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مخطوطات قرآنية نادرة

فنجان قهوة

أشهر عشر نساء خلّدهن الرسم