على مدى سنوات، فُتنت بالعديد من اللوحات الفنّية التي منحتني المتعة والبهجة لدرجة أننا أصبحنا، مع مرور الوقت، أصدقاء. وصار من عادتي أن اخصّص بعض الوقت الذي يتوفّر لي في تأمّل لوحاتي المفضّلة.
وبإمكاني القول إن هناك على الأقلّ أربعة أعمال فنّية استطاعت أن تبهرني وتملك كلّ حواسّي. بعضها سأتحدّث عنه هنا بشيء من التفصيل. والبعض الآخر اعتقد انه لا يحتاج لتفصيل أو مزيد شرح. يكفي أنها تروق للعين وتمتّع الحواسّ.
أوّل تلك الأعمال هي لوحة أشجار الحور للرسّام الفرنسي كلود مونيه. هذه اللوحة كانت وما تزال إحدى اللوحات المفضّلة لديّ منذ رأيتها لأوّل مرّة قبل سنوات بعيدة. وقد رسم مونيه عدّة لوحات عن نفس الموضوع في أوقات وحالات جوّية مختلفة.
رأيت هذه اللوحة لأوّل مرّة في احد غاليريهات لندن. كان هناك محاضر يتحدّث عن اللوحة بينما التفّ حوله مجموعة من التلاميذ الصغار. وقد توقّفت وجلست استمع إلى شرح المحاضر الذي كان يتحدّث عن مونيه وكيف انه استطاع أن يمسك في هذه اللوحة بتوتّر الطبيعة بطريقة رائعة ومعبّرة.
هل كان هذا هو السبب الذي دفع مونيه لأن يرسم تلك الأشجار مرّة بعد أخرى؟
ليست لديّ مشكلة في أن يعيد فنّان رسم نفس المنظر أكثر من مرّة. لكن يبدو أن للمؤرّخين والنقّاد وجهة نظر مختلفة. ومن عادة هؤلاء أنهم يميلون إلى الغوص عميقا في الأفكار والمعاني والتفسيرات عند تقييمهم لعمل فنّي ما.
ربّما يجدر فعلا طرح مثل هذا السؤال. اقصد ما الذي يدفع الرسّام إلى إعادة رسم نفس الموضوع. وجوابي عليه يتلخّص في كلمة واحدة واضحة وبسيطة هي التناسق أو السيميترية. اعتقد أن مونيه كان يرسم ما اسماه هوغارث خطوط الجمال، وهي الشكل الذي تأخذه أوراق الخريف في اللوحة. في العام 1753 ألّف هوغارث كتابا بعنوان "تحليل الجمال" اقترح فيه سبعة خطوط وأسمى الرابع منها خطّ الجمال. هذا الخطّ يمكن رؤيته في جميع اللوحات والمنحوتات المتوازنة وهو أحد عناصر الارتباط بين الرياضيات والفنّ.
وأتصوّر أن في هذه اللوحة المذهلة عاملين أسهما في جعلها جذّابة جدّا بحيث يتذوّقها الناظر ويقدّر قيمتها الفنّية والجمالية.
وبإمكاني القول إن هناك على الأقلّ أربعة أعمال فنّية استطاعت أن تبهرني وتملك كلّ حواسّي. بعضها سأتحدّث عنه هنا بشيء من التفصيل. والبعض الآخر اعتقد انه لا يحتاج لتفصيل أو مزيد شرح. يكفي أنها تروق للعين وتمتّع الحواسّ.
أوّل تلك الأعمال هي لوحة أشجار الحور للرسّام الفرنسي كلود مونيه. هذه اللوحة كانت وما تزال إحدى اللوحات المفضّلة لديّ منذ رأيتها لأوّل مرّة قبل سنوات بعيدة. وقد رسم مونيه عدّة لوحات عن نفس الموضوع في أوقات وحالات جوّية مختلفة.
رأيت هذه اللوحة لأوّل مرّة في احد غاليريهات لندن. كان هناك محاضر يتحدّث عن اللوحة بينما التفّ حوله مجموعة من التلاميذ الصغار. وقد توقّفت وجلست استمع إلى شرح المحاضر الذي كان يتحدّث عن مونيه وكيف انه استطاع أن يمسك في هذه اللوحة بتوتّر الطبيعة بطريقة رائعة ومعبّرة.
هل كان هذا هو السبب الذي دفع مونيه لأن يرسم تلك الأشجار مرّة بعد أخرى؟
ليست لديّ مشكلة في أن يعيد فنّان رسم نفس المنظر أكثر من مرّة. لكن يبدو أن للمؤرّخين والنقّاد وجهة نظر مختلفة. ومن عادة هؤلاء أنهم يميلون إلى الغوص عميقا في الأفكار والمعاني والتفسيرات عند تقييمهم لعمل فنّي ما.
ربّما يجدر فعلا طرح مثل هذا السؤال. اقصد ما الذي يدفع الرسّام إلى إعادة رسم نفس الموضوع. وجوابي عليه يتلخّص في كلمة واحدة واضحة وبسيطة هي التناسق أو السيميترية. اعتقد أن مونيه كان يرسم ما اسماه هوغارث خطوط الجمال، وهي الشكل الذي تأخذه أوراق الخريف في اللوحة. في العام 1753 ألّف هوغارث كتابا بعنوان "تحليل الجمال" اقترح فيه سبعة خطوط وأسمى الرابع منها خطّ الجمال. هذا الخطّ يمكن رؤيته في جميع اللوحات والمنحوتات المتوازنة وهو أحد عناصر الارتباط بين الرياضيات والفنّ.
وأتصوّر أن في هذه اللوحة المذهلة عاملين أسهما في جعلها جذّابة جدّا بحيث يتذوّقها الناظر ويقدّر قيمتها الفنّية والجمالية.
ما هو الجمال وما هو التقدير الفنّي؟ أثناء حديثي مع احد أصدقائي المتخصّصين في البيولوجيا عن تطوّر الدماغ البشري علمت أن دماغ الإنسان يرى الجمال في التناسق. وبعبارة أخرى نستطيع أن نقول إن التناسق هو الجمال.
وقد ظهر العديد من الكتب التي تتحدّث عن التناسق في الطبيعة أشهرها كتاب لوكوود بعنوان "منحنيات" وكتاب تومبسون "عن النموّ والشكل".
وهذان الكتابان يغطّيان كلّ شكل من الأشكال التي تطوّرت عبر الزمن، من أصداف نوتيليوس إلى قرون الظباء إلى الجماجم البشرية.
بعد أشجار الحور لـ مونيه، دعوني أتحدّث عن إحدى أجمل اللوحات التي رأيتها. إنها لوحة الرسّام الايطالي أنيولو برونزينو بعنوان فينوس وكيوبيد والحماقة والزمن . عاش برونزينو من عام 1503 إلى 1572 ، وهذا يعني انه ولد في نفس السنة التي أتمّ فيها مايكل انجيلو نحت تمثاله المشهور بيتي توندو أوالعذراء والطفل .
لوحة برونزينو هذه توحي بشيء من الإثارة والايروتيكية. وفينوس في اللوحة هي بالنسبة لي خطّ الجمال. إنها تعبير محكم عن المزج المثالي بين الجمال والتناسق.
العمل الفنّي الثالث هو منحوتة "شكلان بيضاويان" للنحّات الانجليزي هنري مور. ملمح الجاذبية الأوّل في هذه المنحوتة هو التناسق. يقال أحيانا إن الرجال يحبّون النظر إلى النساء اللاتي تتّسم ملامحهن بالتناسق والإحكام. وأغلب الظن أن النساء يتفاعلن مع الرجل الوسيم بنفس الطريقة. وبالمثل، فإن تقديرنا للعمل الفنّي محكوم بمدى التناسق والإحكام فيه. وليس من المستغرب أن مفردة "وسيم" في القاموس تشير إلى الإنسان ذي الملامح المنتظمة والدقيقة.
العمل الرابع هو لوحة الرسّام الياباني كاتسوشيكا هوكوساي بعنوان الموجة الكبيرة . رأيت هذه اللوحة لأوّل مرّة منذ سنوات عندما ذهبت لرؤية معرض للوحات هوكوساي أقيم في المتحف البريطاني.
"الموجة الكبيرة" ظلّت دائما مصدر متعة بالنسبة لي. وهي من اللوحات الأولى التي أتصوّر أن الكثيرين منّا رأوها في سنيّ طفولتهم المبكّرة. اللوحة صغيرة نسبيا وعرضها لا يزيد عن خمسة عشر إنشاً. لكن قوّتها هائلة وتأسر خيال الإنسان. وأظنّ أن هذا حال معظم الناس الذين رأوها. على أن العنصر الذي يشدّني أكثر من سواه في هذه اللوحة هو منظر الموجة نفسها. ثم هناك منظر الصيّادين الذين يتابعون تكسّر الموجة التي تأخذ شكل مخالب ضخمة تحاول الإطباق عليهم.
وقد ظهر العديد من الكتب التي تتحدّث عن التناسق في الطبيعة أشهرها كتاب لوكوود بعنوان "منحنيات" وكتاب تومبسون "عن النموّ والشكل".
وهذان الكتابان يغطّيان كلّ شكل من الأشكال التي تطوّرت عبر الزمن، من أصداف نوتيليوس إلى قرون الظباء إلى الجماجم البشرية.
بعد أشجار الحور لـ مونيه، دعوني أتحدّث عن إحدى أجمل اللوحات التي رأيتها. إنها لوحة الرسّام الايطالي أنيولو برونزينو بعنوان فينوس وكيوبيد والحماقة والزمن . عاش برونزينو من عام 1503 إلى 1572 ، وهذا يعني انه ولد في نفس السنة التي أتمّ فيها مايكل انجيلو نحت تمثاله المشهور بيتي توندو أوالعذراء والطفل .
لوحة برونزينو هذه توحي بشيء من الإثارة والايروتيكية. وفينوس في اللوحة هي بالنسبة لي خطّ الجمال. إنها تعبير محكم عن المزج المثالي بين الجمال والتناسق.
العمل الفنّي الثالث هو منحوتة "شكلان بيضاويان" للنحّات الانجليزي هنري مور. ملمح الجاذبية الأوّل في هذه المنحوتة هو التناسق. يقال أحيانا إن الرجال يحبّون النظر إلى النساء اللاتي تتّسم ملامحهن بالتناسق والإحكام. وأغلب الظن أن النساء يتفاعلن مع الرجل الوسيم بنفس الطريقة. وبالمثل، فإن تقديرنا للعمل الفنّي محكوم بمدى التناسق والإحكام فيه. وليس من المستغرب أن مفردة "وسيم" في القاموس تشير إلى الإنسان ذي الملامح المنتظمة والدقيقة.
العمل الرابع هو لوحة الرسّام الياباني كاتسوشيكا هوكوساي بعنوان الموجة الكبيرة . رأيت هذه اللوحة لأوّل مرّة منذ سنوات عندما ذهبت لرؤية معرض للوحات هوكوساي أقيم في المتحف البريطاني.
"الموجة الكبيرة" ظلّت دائما مصدر متعة بالنسبة لي. وهي من اللوحات الأولى التي أتصوّر أن الكثيرين منّا رأوها في سنيّ طفولتهم المبكّرة. اللوحة صغيرة نسبيا وعرضها لا يزيد عن خمسة عشر إنشاً. لكن قوّتها هائلة وتأسر خيال الإنسان. وأظنّ أن هذا حال معظم الناس الذين رأوها. على أن العنصر الذي يشدّني أكثر من سواه في هذه اللوحة هو منظر الموجة نفسها. ثم هناك منظر الصيّادين الذين يتابعون تكسّر الموجة التي تأخذ شكل مخالب ضخمة تحاول الإطباق عليهم.
Credits
bigthink.com
bigthink.com