مدن في البال
طالما تمنّيت، مثل كثيرين، زيارة مدن معيّنة تشكّلت معالمها في الذهن وفي المخيّلة على مرّ السنين. والمدن التي طالما تطلّعت لأن أراها عيانا ولم استطع كثيرة. وقد سافرتُ إليها بعقلي من خلال ما قرأته عنها أو ما سمعته من الناس الذين زاروها. هذه السلسلة من المقالات هي عن المدن التي عاشت في الذاكرة والخيال لزمن طويل. وأولى هذه المدن هي سمرقند، والأسباب كثيرة. فسمرقند هي مدينة الأساطير، وهي من المدن القليلة التي تنتمي إلى الإنسان في كلّ مكان. وفي ذروة ازدهارها كانت تُسمّى مركز الكون. وزيارة هذه المدينة تشبه الانتقال عبر الزمن إلى عالم آخر من السحر والدهشة، عالم القرن الرابع عشر الميلادي. أيضا سمرقند مدينة رومانسية بكلّ معنى الكلمة، وربّما أكثر من أيّ مدينة أخرى. وليس من الصعب أن نعرف لماذا اختار مؤلّف أو مؤلّفو "ألف ليلة وليلة" لشهرزاد أن تنسج حكاياتها من قصر في سمرقند. في عصرها الذهبيّ، كانت هذه المدينة محطّة رئيسية على طريق الحرير، وكانت القوافل الملوّنة تمرّ من وسطها، مانحةً طريق الحرير سمعته الغرائبية. وكان فيها أناس من أراض وأديان وأجناس مختلفة، كما كانت أعجوبة المع...