:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الخميس، يوليو 24، 2008

نافذة على عالم ماغريت – 4 من 4

كان رينيه ماغريت، من بين كافّة الرسّامين السورياليين، ينفرد بكونه الوحيد الذي كان يرسم بواقعية ويوظف في أعماله أشكالا وأشياءً من صميم الحياة قبل أن يضعها في سياقات غريبة وغير مألوفة.
وعندما نتأمّل عالمه عن قرب والأفكار الفلسفية التي يبثّها في لوحاته سرعان ما نتذكّر بعض التصوّرات التي تنهض عليها الفلسفة البوذية. تفترض البوذية مثلا أن النفس الإنسانية سجينة لنزواتها ورغباتها وما يطرأ عليها من مشاعر سلبية كالكراهية والكبر والغرور وحبّ الأنا والأثرة. هذه المشاعر من شانها أن تقيّد معرفة الإنسان وتحدّ من قدرته على التعرّف على الطبيعة الحقيقية للأشياء وللعالم من حوله. وهذا الجهل سبب أساسي للمعاناة والألم.
وهنا يثور سؤال: هل قرأ ماغريت شيئا عن البوذية؟ وهل كان متأثرا ببعض تصوّراتها التي تركّز على أسرار العقل وحالات الذهن بالإضافة إلى قولها بعدم إمكانية تجزئة العالم وإنما النظر إليه باعتباره كلا واحدا لا يتجزّأ؟
إن في مضامين بعض لوحات ماغريت ما يمكن أن يشي بوجود علاقة ما. وليس من المستغرب أن بعض منظري البوذية ورموزها المعاصرين كثيرا ما يتوقفون عند لوحتيه "خيانة الصور" و "المرآة المزيّفة" باعتبارهما ترجمة واضحة لأحد أهم المبادئ التي تقوم عليها البوذية، وهو ضرورة أن يتخلص الإنسان من فهمه الخاطئ للنفس كي يستطيع أن يفهم العالم بشكل أفضل وبذا ينتصر على الألم ويرتقي وعيه وعقله إلى مرحلة النيرفانا.
كما أن في البوذية كلاما كثيرا عن المتضادّات التي يضمّنها ماغريت في لوحاته. فالشيء لا تظهر طبيعته أو صفاته إلا بمضاهاته بنقيضه وليس من خلال صفاته الخاصّة المتجسّدة فيه. ومما يروى عن أحد معلمي البوذية انه سُئل مرّة: كيف ترى الأشياء بوضوح؟ فأجاب: أغلق عينيّ. وهذا هو بالضبط ما يردّده ماغريت عن خطورة أن يركن الإنسان إلى ما تراه عينه المجرّدة متوهّما أن ذلك سبيله الوحيد لفهم نفسه والعالم.

من الموتيفات التي كان ماغريت يوظفها في لوحاته بشكل متواتر الستارة. أحيانا يضعها على جانبي اللوحة لتقوم بوظيفة ستارة المسرح وللإيحاء بأن ما نراه لا يعدو كونه تمثيلا وليس حقيقة. وأحيانا يحرّك الستارة من الأطراف إلى منتصف اللوحة لتكون جزءا من الموضوع الأساس أو الفكرة الرئيسية.
والستائر لا تختلف عن النوافذ من حيث أنها تحدّ من مقدرة الإنسان على الرؤية. غير أنها تخفي الأشياء خلفها وبذا لا يرى الناظر سوى جزء من الصورة الكلية.
في لوحة مذكّرات قدّيس نرى ستارة حمراء دائرية الشكل تقفل على سماء غائمة، وخارج السماء والستارة يتوزّع السواد على طرفي اللوحة.
اللوحة ولا شك جميلة ورائقة وتنطوي على دقة في التصوير وبراعة في تمثيل الخطوط والألوان التي جاءت رقيقة وناعمة.
وبما أن العنوان يتحدّث عن قدّيس، فمن الطبيعي أن ينصرف الذهن مباشرة إلى السماء وما يرتبط بها من جنّة ونار وثواب وعقاب.. إلى غير ذلك. وبناءً عليه، يمكن للمرء أن يتوقع أن ما بداخل الستارة ربّما يرمز إلى حسنات القدّيس وأعماله المجيدة في الدنيا، بينما يشير اللون الداكن إلى خطاياه وذنوبه. لكن قد تحتمل اللوحة تفسيرات وقراءات أخرى غير هذه.

كان من بين أصدقاء ماغريت الفنانان ماكس ارنست وسيلفادور دالي والفيلسوف جاك ديريدا والشاعران بول ايلوار ومالارميه.
في لوحة الصفحة البيضاء The Blank Page يستعير ماغريت جملة لـ مالارميه يتحدّث فيها عن "استحالة الكتابة على صفحة بيضاء"، ليرسم ستارة على هيئة ورق شجر وأمامها، وليس خلفها كما يفرض المنطق، يلوح ضوء قمر لم يكتمل. وفي ما بعد ستتكرّر نفس هذه الفكرة في لوحته المسمّاة The Sixteenth of September أو السادس عشر من سبتمبر.

برأي ماغريت أن الحياة ليست سوى لغز كبير وأن من المتعذّر كسره أو فكّ طلاسمه. وكان يعتقد أن طبيعة الإنسان تدفعه لئلا يرى إلا ما يريد أن يراه أو ما يبحث عنه. ومن ثم فإن إدراكنا مرتبط إلى درجة كبيرة بطبيعة توقعاتنا.
في لوحة بطاقة بيضاء نرى امرأة تتمشّى بين أشجار الغابة على ظهر حصان. غير أن ماغريت يتلاعب بالشكل والفراغ بحيث ُتظهِر الأشجار من المرأة والحصان ما كان يجب أن تخفيه وتحجب ما كان يقتضي المنطق كشفه. قد يكون الفنان قصد أن يقول إن المرأة والحصان ما يزالان هناك رغم الأشجار. وقد تكون اللوحة ترجمة لعبارة طالما ردّدها: إن جزءا من مهمّتي هو أن أجعل الأفكار مرئية".

كان ماغريت يعتقد انه لم يعد هناك الكثير مما يمكن عمله من خلال الرسم التقليدي. لذا كان عليه أن يختار أسلوبا غير مألوف للتعبير عن أفكاره ورؤاه رغم إدراكه أن ذلك سيجلب عليه سخط واستهجان النقاد والعامّة.
في إحدى لوحات الأسير الجميل يرسم لوحة داخل لوحة. اللوحة الصغيرة تصوّر طبيعة جبلية تبدو فيها الغيوم وهي تنزاح ببطء سابحة خارج الإطار، وكأن ماغريت يفترض أن المتلقي الذي طالما اعتاد رؤية الغيم والسماء في لوحاته أصبح بالفعل داخل عالمه الخاص بعد أن ألفه واستوعب صوره ومشاهده.
الصورة الذهنية هنا جميلة، إذ تؤكّد على علاقة الإنسان بالطبيعة من خلال المشاعر والانفعالات والمزاج. لكن الطريقة التي رُسمت بها اللوحة قد تشير إلى رسالة أو فكرة ما من خلال هذه المزاوجة بين موضوع الداخل والخارج. ترى هل يقصد الفنان أن رسم الطبيعة، مهما كان دقيقا وشديد الواقعية، فإنه يظلّ عاجزا عن نقل حركتها وتصوير تحوّلاتها المستمرّة؟ إن أقصى ما يمكن أن يفعله رسّامو المناظر الطبيعية هو محاولة الإمساك باللحظة الراهنة، لكنهم لا يستطيعون نقل ديناميكية الطبيعة وما يطرأ عليها من أطوار وتغيّرات.
وقد يكون ماغريت أزاح الطبيعة من مكانها لكي يؤكّد على الدور الخلاق للفنّ وعلى حرّية الفنان في أن يبتكر عوالم جديدة يستمدّ منها معاني وإمكانيات مختلفة تعينه على إعادة تشكيل الواقع من خلال رؤاه ومدركاته الخاصّة.

من أهم الركائز التي قامت عليها السوريالية أنها كانت تعبيرا عن أفكار عصر ما بعد الحداثة؛ مثل عدم الاعتراف بالفوارق بين الثقافات، والشكّ في الفرضيات والمسلّمات التقليدية، ونسبية الزمن والحقيقة والأخلاق، وضبابية مفهوم الهويّة الإنسانية، واعتبار المعرفة الذاتية أساسا لجميع أشكال المعرفة، وتقدير التضادّية والازدواجية، وتوظيف أساليب السخرية والمفارقة، والترويج لمبدأ الفنّ للفنّ.
في لوحة محاولة المستحيل Attempting the Impossible يصوّر ماغريت نفسه وهو يرسم موديلا متكشفة يفترض أنها زوجته. وقد رسمها بملامح تمثالية وبذراع واحدة، الأمر الذي يذكّرنا بتمثال افرودايت أو فينوس الشهير. والمعنى هنا واضح، وهو أن الجمال في النهاية قيمة نسبية، وأن محاولة تصوّر نموذج أو مثل أعلى للجمال هي محاولة عبثية لأننا لن نحصل في النهاية سوى على ملامح ساكنة، جامدة وبلا مضمون؟
وفي العالم الخفي يرسم غرفة ذات ديكور خشبي يتوسّطها حجر ضخم. والغرفة تطلّ على بحر تعلوه غيوم كثيفة داكنة.
إنها صورة أخرى للعالم غير المنظور الذي يتحدّث عنه ماغريت دائما والذي يتوارى خلف العالم المادّي الذي يحيط بنا. هنا أيضا يلجأ الفنان إلى استخدام العلاقات والرموز لإثارة اهتمام الناظر ودفعه لاكتشاف المعاني الباطنية والصور الاستعارية التي يضمّنها لوحاته.
المشهد ساكن إجمالا ويتعذّر رؤية شيء آخر باستثناء الحجر والغرفة والبحر. لكن الصورة توحي بأن هناك أشياءَ قد لا نراها بالعين. الصوت مثلا يمكن أن يسافر عبر الصمت. صوت الرعد، صوت سيارة أو قطار مارّ من بعيد. هنالك عوالم أخرى خفية حولنا، كائنات دقيقة، أصوات، إشارات، همهمات قد لا نراها رأي العين لكنها مع ذلك جزء لا ينفصل عن وجودنا وعن عالمنا الأكبر.

لقد عُرف عن ماغريت اهتمامه الكبير بالفيزياء والعلوم عامةً وقد قرأ كثيرا لاينشتاين ونيوتن وغيرهما. وهناك عدد غير قليل من لوحاته يمكن اعتبارها ترجمة لبعض الأفكار والنظريات العلمية.
في لوحة معركة ارغون ، مثلا، نطالع صورة لصخرة وغيمة معلقتين في الهواء جنبا إلى جنب وتحتهما منظر طبيعي. المشهد غامض ويصعب تصوّر حدوثه، إذ السؤال ما الذي يجمع حجرا قاسيا داكن اللون بغيمة رقيقة بيضاء على هذا الارتفاع؟ وهل ما نراه هو حقا صخرة وغيمة؟
لكن قد يكون في قانون الجاذبية ما يفسّر اللوحة، إذ من المعروف أن الأجسام تفقد وزنها كلما سافرت في الفضاء بفعل انعدام الجاذبية مع احتفاظها بنفس كتلتها. هذا هو على الأقل ما يقوله علماء الفيزياء. أما العنوان "ارغون" فيشير إلى إحدى المعارك المشهورة التي وقعت خلال الحرب العالمية الأولى بين الألمان والفرنسيين.

وهناك لوحة أخرى لـ ماغريت اسمها بيت الزجاج The House of Glass يعتقد أنها هي الأخرى ليست سوى ترجمة لنظرية اينشتاين التي يقول فيها انه لو قدّر لإنسان أن يسافر إلى الفضاء بسرعة الصوت فإن جسمه يغدو مسطّحا إلى الدرجة التي يمكن معها رؤية وجهه في مؤخّرة رأسه. وهو أمر قد يستعصي على الإنسان العادي إدراكه أو تصوّره.
وفي إحدى لوحات غرفة الاستماع نرى تفاحة تملأ حيّز غرفة كاملة، في إشارة على ما يبدو إلى نظرية اينشتاين عن العلاقة ما بين الكتلة وسرعة الصوت.
وللتفاحة أهمّية خاصّة عند ماغريت إذ تظهر كعلامة فارقة في الكثير من لوحاته، ويمكن فهمها وطبيعة وظيفتها ضمن سياقات مختلفة ومتعدّدة. فالتفاحة فاكهة لكنها بنفس الوقت صورة مجازية لأشياء أخرى كالجاذبية والإغراء والخطيئة أو الطرد من الجنّة. كما يمكن أن تكون رمزا لاختراع أو ابتكار ما أو نظرية أو فكرة علمية.. إلى آخره.

كان ماغريت يرى أن الحرّية هي نقطة الارتكاز في الوجود الإنساني كله. وأن عقل الإنسان عبارة عن كون يتشكّل ويتجلى للعالم من خلال مجموعة من المصادفات الغير متوقعّة. ولأن الإنسان غير قادر على كشف الحقيقة، فإن مهمّته هي أن يكشف على الأقل عن حقيقته الخاصّة".
في لوحة المحرّر The Liberator يظهر رجل بلا ملامح وهو جالس أمام مبنى غارق في الغيم ويحمل بإحدى يديه عصا وبالأخرى كأسا مرصّعا بالجواهر على هيئة وجه امرأة.
لكنْ لا العنوان يساعد على فهم المعنى المقصود ولا تفاصيل اللوحة نفسها تكشف عن مضمونها أو عن الفكرة التي يريد الفنان إيصالها.
لقد سبق للكثير من النقاد أن تكهّنوا بأن لا تعمّر لوحات ماغريت طويلا لأنها برأيهم ساكنة أكثر مما ينبغي ومغرقة في الذاتية والاغتراب والتجريد وتفتقر للحيوية التي تضمن لها البقاء والديمومة. وقد قصر آخرون اهتمامهم على قراءة أعماله من منظور سيكولوجي بحت وأغفلوا مضامينها الفلسفية واللغوية والفكرية.
ويبدو أن ماغريت لم يكن مهتمّا كثيرا بهذه المسألة بدليل قوله: لا يهمّني قيمة لوحاتي بعد مائة عام. ربّما تكون قد فقدت صلتها بالواقع وأصبحت شيئا من الماضي. المهم هو أن يكتشف الناس في ذلك الوقت ما اكتشفته أنا، وإن بطريقة مختلفة".
غير أن من الواضح أن رسالة ماغريت أصبحت اليوم أعلى صوتا وأقوى تأثيرا من أي وقت مضى، خاصّة إذا أخذنا في الاعتبار طبيعة التطوّرات السريعة والمهمّة التي شهدتها مجالات الاتصال والإعلان والتكنولوجيا في العقود الأخيرة. فالعوالم الافتراضية أصبحت حقيقة واقعة هذه الأيام، وهناك الآن كلام كثير عن الواقع الافتراضي وعن المجتمعات الافتراضية التي ولدت مع الانترنت وباتت إحدى سمات هذا العصر. ومن الصعب التمييز في هذه المجتمعات بين ما هو واقع أو خيال. وهي الفكرة التي طالما تطرّق إليها ماغريت في العديد من أعماله.

لقد تحدّث ماغريت كثيرا في لوحاته عن محدودية اللغة وقصورها في وصف وترجمة التجارب والخبرات التي افرزها واقع العالم الجديد. وجاء بعده العديد من الكتاب ومنظري اللغة والاتصال الذين أخذوا بعض أفكاره إلى آفاق ومستويات أعلى من التحليل والنقاش والجدل.
وممّا لا شكّ فيه أن تأثير ماغريت في الإعلان كان وما يزال هو التأثير الأقوى. فهما يستخدمان نفس اللغة، وعالم ماغريت الغنيّ بصور الخيال والفانتازيا ما يزال هو الأكثر قبولا وتفضيلا لدى المتخصّصين في مجال الدعاية والإعلان الذين يجدون في رسوماته مادّة يسهل تشكيلها وتطويعها بما يخدم أغراضهم ومتطلباتهم.
ومن الأمور التي لا تنكر أن ماغريت ابتكر صورا ومشاهد لا تنسى أسهمت بفاعلية في تشكيل المخيّلة البصرية للناس طيلة عقود. وهناك العديد من لوحاته التي يمكن اعتبارها من بين أكثر صور الفنّ الحديث شهرةً واستنساخا في القرن العشرين. كما لا يمكن إنكار دوره في بلورة ما عرف في ما بعد بفنّ المفاهيم Conceptual Art والفنّ الشعبي Pop Art.
وما تزال لوحاته، أو نسخ معدّلة منها، تظهر على أغلفة المصنّفات الفنية وفي الأفلام والمسرحيات، بالإضافة إلى عشرات الروايات وقصائد الشعر والأغاني والقطع الموسيقية التي تتضمّن إشارات إلى اسم ماغريت وعناوين لوحاته.

لقد قيل في إحدى المرّات أن شخصا مثل ماغريت لا يمكن أن يظهر إلا في مدينة مثل بروكسيل. فقد اتصفت هذه المدينة دائما بهدوئها وتنوّعها واعتيادية الحياة فيها. لكنه ذلك النوع من الهدوء الذي يدفع الإنسان إلى التمرّد والثورة ومن ثم تشويه ما هو هادئ واعتيادي بطريقة ساخرة وأحيانا متسامية.
وفي بلجيكا يُنظر الآن إلى ماغريت باعتباره قيمة وطنية وثقافية كبرى لا تقلّ شأنا عمّا لـ بريغل وروبنز من أهمّية. كما انه يتمتع اليوم بمكانة لا ينافسه فيها سوى عدد قليل من مواطنيه المعاصرين كالممثلة اودري هيبورن والممثل جان كلود فان دام.
ومؤخّرا تم الانتهاء في بروكسيل من بناء متحف يحمل اسم ماغريت أسهمت في إنشائه مجموعة شركات فرنسية وبلجيكية. وقد أقيم المتحف في نفس مكان المنزل الذي عاش فيه الفنان وزوجته لأكثر من عشرين عاما.
ومن المقرّر افتتاح المتحف رسميا في منتصف العام القادم 1909م لكي يضمّ أكثر من 160 لوحة من لوحات الفنان.
وقد روعي في تصميم واجهة المتحف وديكوراته وغرفه وسلالمه أن تعكس روح عالم ماغريت بشكل يتيح لزوّاره رؤية مناظره الحالمة وقد بعثت فيها الحياة من جديد.


Credits
lacma.org