:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الخميس، يونيو 07، 2012

هيرمان هيسّه رسّاماً

أكثر الناس يعرفون هيرمان هيسّه كروائيّ وكاتب كبير. لكن القليلين هم من يعرفون أن صاحب "ذئب السهوب" و"سيدهارتا" وغيرهما من الأعمال الروائية العظيمة كان أيضا رسّاما.
تجربة هيسّه في الرسم لعبت دورا مهمّا في تطوير لغته البصرية وفي تشكيل رؤيته وفهمه لوظيفة الفنّ وعلاقته بالأدب. وقد بدأ تحوّله إلى الرسم في مطلع أربعينات القرن الماضي في وقت كان يمرّ فيه بضغوط نفسية شديدة.
أثناء الحرب العالمية الأولى، اتهمت الصحافة الألمانية هيسّه بأنه خائن لبلاده بسبب آرائه السلمية. كما تمّ حظر كتبه في ألمانيا. ومع ذلك واصل العمل من أجل السلام ونشر وثائق مناهضة للحرب تحت اسم مستعار هو اميل سنكلير.
وبحلول عام 1917، أصبح هيرمان هيسّه منهكا بسبب الحرب والمشاكل الأسرية والصراعات الداخلية. وقد أرسله طبيبه الخاصّ إلى مصحّة نفسية، والتقى هناك بالدكتور جوزيف لانغ، وهو احد تلاميذ عالم النفس المشهور كارل يونغ. وعرّف لانغ هيسّه على الحكمة الباطنية للأديان القديمة ونصحه بالرسم. في ذلك الوقت، كتب هيسّه روايته ديميان، التي تكشف عن تأثره بتجربته في المصحّة النفسية.
وفي عام 1919، انتقل الكاتب إلى قرية صغيرة في مونتاغنولا الواقعة في كانتون تيتشينو السويسري الذي يتحدّث سكّانه اللغة الايطالية. "عندما أتيت إلى مونتاغنولا للمرّة الأولى، بعد 41 عاما من البحث عن ملجأ، استأجرت شقّة صغيرة لها شرفة تزيّنها أزهار الماغنوليا وشجرة أرجوان عملاقة. كنت آنذاك في أفضل سنوات حياتي وكان عقلي مهيّئا لبدء حياة جديدة، على الرغم من أن أربع سنوات من الحرب تركتني مهزوما ومفلسا".
عندما انتقل هيسّه إلى مونتاغنولا كان في الثانية والأربعين من عمره. وقد وجد فيها مكانا مثاليّا لمداواة الجراح والمشاكل التي كان يعاني منها في حياته ولإثارة حماسه في أن يكتب ويرسم. جوّ القرية الهادئة والوديعة والجمال الطبيعي للغابة المجاورة لبيته أثّرا عليه بشكل غريب. كانت الحرب العالمية الأولى تقترب من نهايتها، وكان في أزمة لأنه ترك خلفه عائلته التي كان يحبّها.
وبعد وقت قصير من وصوله إلى مونتاغنولا، نشر الكاتب مجموعته "ثلاث قصص قصيرة". وأظهر ذلك العمل أن هيسّه كان شاعرا يكتب بعيني رسّام. وبحلول عام 1920، كان قد أنجز رسم لوحات عديدة ونظّم معارض لرسوماته في بازل ولوغانو بـ سويسرا.

في عام 1922، نشر هيسّه روايته المشهورة سيدهارتا التي تُعتبر إحدى أشهر الروايات الغربية التي تجري أحداثها في الهند. وتتناول الرواية فكرة بحث الإنسان عن الاستنارة الروحية. وقد كرّم الهنود هيسّه بإنشاء جمعية أدبية تحمل اسمه وتضطلع بمهمّة ترجمة روايته تلك إلى كافّة اللغات الهندية. كما تحوّلت الرواية في ما بعد إلى فيلم سينمائي هندي.
ولم يمض وقت طويل حتى كتب هيسّه روايته الأخرى التي لا تقلّ شهرة ذئب السهوب. وفي عام 1927، واصل الكتابة والرسم، على الرغم من أن كتاباته كانت ما تزال ممنوعة في بلده ألمانيا.
وأثناء الحرب، فتح هيسّه منزله للمثقفين المهاجرين الذين كانوا قد اضطرّوا إلى الفرار من ألمانيا النازية. وفي عام 1942، أكمل كتابة روايته لعبة الكريّات الزجاجية التي حاول فيها استكشاف تأثير النضال الروحي ضدّ السلطة الهمجية والتوفيق ما بين الروح والطبيعة. وفي عام 1946، حصل على جائزة نوبل للأدب بالإضافة إلى جائزة غوته.
أصبح هيرمان هيسّه مواطنا سويسريا وهو في السابعة والأربعين. كان يحسّ بأن مونتاغنولا تقع على مفترق الطرق الدولية. وعلى الرغم من أن الناس فيها يفكّرون بطريقة سويسرية، إلا انه كان يشعر بتأثير العيش على الحدود مع ايطاليا وبأنه على اتصال مع العالم بأسره.
في التاسع من أغسطس 1962 توفي هيرمان هيسّه في منزله في مونتاغنولا وهو في سنّ الخامسة والثمانين متأثّرا بإصابته بسكتة دماغية. وعندما توفّي كان قد كتب، بالإضافة إلى رواياته ومجموعاته الشعرية، حوالي 3000 مراجعة أدبية ونقدية و 35000 رسالة شخصية. كما أتمّ رسم حوالي 3500 لوحة مائية معظمها للأماكن التي كان قد عاش فيها وأحبّها. وقد صوّر في بعض تلك اللوحات أسطح البيوت القديمة المبنيّة من الحجر، وأسوار الحدائق وأشجار الكستناء والجبال. وتكشف لوحاته عن حماسة التعبيري وعن بعض الملامح الوحشية والتكعيبية.
وفي احد شوارع مونتاغنولا المنحدرة والضيّقة، تمّ بناء متحف صغير تكريما لـ هيسّه وللسنوات الثلاث والأربعين التي قضاها فيها. ومعروضات المتحف توفّر فكرة عن حياة كاتب عبقريّ كان متأثّرا كثيرا بروح هذا المكان. المتحف يحتوي على مجموعة من الكتب التي كان يحتفظ بها لـ غوته وجان بول اللذين كان يعتبرهما كاتبيه المفضّلين. كما يتضمّن مجموعة من الرسائل التي تلقّاها هيرمان هيسّه من مجموعة كبيرة من الشخصيّات المعروفة آنذاك، مثل توماس مان وسيغموند فرويد وكونراد أديناور وغيرهم. "مترجم".

الأربعاء، يونيو 06، 2012

عن الكتُب والقراءة

يحدث أحيانا وأنت تقرأ نصّا أدبيّا لكاتب معيّن أن تثير القراءة سلسلة من الارتباطات الذهنية والشعورية، اعتمادا على موضوعات الكاتب وصوره. والأمر أشبه ما يكون بتزامن الحواسّ، إن جاز التشبيه.
مثلا، كنت عندما اقرأ دستويفسكي أتذكّر على الفور رسومات فروبيل الشيطانية وصور روبليف الأيقونية وتشكيلات كاندينسكي التجريدية وبحار وسفن ايفازوفسكي المضطربة والغارقة. وأحيانا أتذكّر بعض موسيقى الملحّنين الروس الأكثر حداثة مثل شوستاكوفيتش وموسوريسكي وبروكوفييف وسترافنسكي.
ومع أنني لا استسيغ موسيقى هؤلاء الأربعة لجفافها وطابعها الرياضي الصارم وخلوّها تقريبا من الأنغام السهلة التي تنجذب لها النفس وتنطبع سريعا في الذهن، إلا أنني أتصوّر أن موسيقاهم تتناغم كثيرا مع أجواء روايات دستويفسكي التي تتسم عادة بالتوتّر والعنف واليأس والخوف.
وعندما اقرأ شيئا لـ تولستوي أتذكّر لا إراديا مناظر كرامسكوي وريبين ونيستيروف وإيساك ليفيتان، وأحيانا أسمع من بين ثنايا بعض المقاطع أصداءً من موسيقى تشايكوفسكي وكورساكوف، وبدرجة اقلّ رحمانينوف. وأظنّ أن هذه الصور تنسجم كثيرا مع أجواء روايات تولستوي التي تثير مشاعر عن البراءة والتفاؤل والعاطفة والتوق والأمل.
وبمناسبة الحديث عن الكتب والكتابة، سألني صديق منذ أيّام سؤالا افتراضيا. قال: لو دخلتَ مكتبة ووجدت إلى يمينك كتبا لـ تولستوي وهمنغواي ودستويفسكي ونجيب محفوظ، وإلى يسارك كتبا لـ امبيرتو إيكو وميلان كونديرا وهاروكي موراكامي فأيّ النوعين من الكتب ستبادر لاقتنائه؟ قلت: الأمر يعتمد أوّلا على ما الذي أريده. قد اشتري كتابا أو اثنين من هنا وكتابين من هناك. لكن ما الذي تريد أن تقوله؟ أجاب: هناك الآن اتجاه يصنّف الناس بحسب الكاتب الذي يقرءونه. فمثلا، إن كنت تفضّل قراءة همنغواي أو إبسن أو ديكنز فأنت شخص كلاسيكي، أي موضة قديمة كما يقولون، وأنت تميل إلى القديم ولا تبدي استعدادا لتقبّل الأفكار الحديثة. وإن كنت تفضّل كونديرا أو ايتالو كالفينو أو إيكو فأنت إنسان عصري "شِيك وكوول" ومتفتّح وأفكارك مرنة تتقبّل التغيير ولا ترفض الأفكار والقيم الجديدة. انتهى كلام ذلك الصديق.
وعندما فكّرت في كلامه في ما بعد اتضح لي أن ذلك التصنيف غير دقيق ولا يعبّر بالضرورة عن الواقع. أين إذن نضع كتّابا مثل ثيرفانتيس الذي عاش قبل أكثر من أربعة قرون ومع ذلك يعتبر نقّاد كثيرون روايته "دون كيشوت" طليعة الأدب الحديث. وأين نضع غوستاف فلوبير وجين اوستن وغيرهما من الكتاب الذين تمتلئ كتاباتهم بالأفكار العالمية والرؤى السيكولوجية والفلسفية والسياسية التي تبدو أكثر جِدّةً وحداثة من كثير من الكتب التي يتداولها الناس هذه الأيّام.
قد تقرأ كتابا ظهر منذ مائة عام فتكتشف أن مضمونه وقيمته الجمالية ما يزال لهما صلة وثيقة بأحوال وظروف هذا العصر الذي نعيشه. وقد تقرأ رواية صدرت حديثا فتحتار كيف تصنّفها وفي أيّ سياق زماني يمكن أين تضعها. وطبعا أنا هنا أتحدّث حديثا عامّا وبمنأى عن النظريات والمفاهيم الأكاديمية عن خصائص وسمات المدارس والتيّارات الأدبية والفنّية.
وبعيدا عن هذه التصنيفات واللافتات، أشير إلى ظاهرة لا بدّ وأن الكثيرين خبِروها أثناء قراءاتهم في وقت ما. عندما أكون مستغرقا في قراءة كتاب، رواية غالبا، لكاتب مشهور، تصادفني أحيانا جملة أو فقرة أو صورة ما تبدو بلا معنى أو معزولة وخارجة تماما عن سياق السرد. فأتساءل: ترى كيف لكاتب عظيم أن يكتب مثل هذا الحشو الذي لا طائل منه ولا يخدم غرضا وظيفيا أو جماليا؟ التفسير الأكثر احتمالا لهذه الظاهرة هو أننا نميل عادة إلى النظر إلى الكاتب، خاصّة إن كان مشهورا، كنموذج للمثالية والكمال. وعليه فإننا نتوقّع منه أن تكون كتاباته على أعلى مستوى من الإبداع والدقّة والإحكام. وهذا أمر غير متيسّر من الناحية العملية. فالكاتب، مهما كان مبدعاً ولامعاً، هو في نهاية الأمر إنسان. ولأنه كذلك، فهو عرضة لحالات وأمزجة متباينة تنعكس في النهاية على مدى جودة ما يكتبه.
وأختم هذا الحديث بعبارة قرأتها منقولة عن مسلسل درامي. وهي تأتي على لسان امرأة تتحدّث عن زوجها المتهم بجريمة قتل. تقول الزوجة للمحقّق: اعتقد انه لو قرأ كتابا مختلفا لكاتب مختلف في الوقت المناسب من حياته لكان أصبح إنسانا مختلفا". وممّا لا شكّ فيه أن مضمون أيّ كتاب يقرأه الإنسان يترك عليه أثرا ما، قليلا أو كثيرا، سلبا أو إيجابا. لكن لا أميل إلى المبالغة كثيرا في تصوير تأثير القراءة على تفكير وسلوك الإنسان. أعتقد أن الخبرات والتجارب العملية التي يكتسبها الإنسان نتيجة تعامله مع الآخرين هي التي تلعب الدور الأهمّ في صوغ أفكاره وتشكيل قيمه وقناعاته وتصورّاته الخاصّة عن الناس وعن الحياة.

الأحد، يونيو 03، 2012

يوسوبوف: انقراض سُلالة

التاريخ مليء بالصُدف الغريبة والقصص الغامضة. ومن أغرب تلك القصص قصّة الأميرة زينيدا يوسوبوف، آخر أفراد سلالة يوسوبوف التي لعبت دورا مهمّا وحاسما في تاريخ روسيا.
جدّ زينيدا الأكبر، أي مؤسّس عائلة يوسوبوف، هو الخان يوسف الذي كان حاكما لإحدى مناطق القوقاز في القرن السادس عشر. ويقال إن الخان نفسه ينحدر من أسرة هاجر كبيرها من الجزيرة العربية في مطلع القرن الرابع عشر وأسّس له إمارة في المنطقة الواقعة بين نهر الدون وجبال الأورال. كما يقال أن الأسرة تعود في نسبها إلى الإمام عليّ بن أبي طالب.
كان الخان يوسف صديقا للقيصر ايفان الرهيب الذي كان يدعوه بـ "صديقي وأخي". وفي ما بعد، تحوّل الخان إلى الأرثوذكسية واتخذ لنفسه اسم ديمتري. وكان ليوسف ابنان، هما عبدالله وميرزا، اللذان أصبحا بعد تحوّّلهما إلى المسيحية يتسمّيان بـ نيكولاي وفيودور.
وفي ما بعد خلع القيصر فيودور الأوّل على العائلة اسم يوسوبوف ومنح كلا منهم لقب أمير. وعندما تولّت كاثرينا العظيمة حكم روسيا أصبح نيكولاي يوسوبوف شخصا مشهورا وغنيّا. والكثير من أبناء هذه الأسرة لعبوا أدوارا مهمّة في التاريخ الروسي وكانوا منافسين أقوياء لأسرة رومانوف.
زينيدا يوسوبوف اشتهرت بثقافتها وذكائها وبجمالها وسحرها الذي لا يقاوم. لكن أكثر ما كان يميّزها هو بساطتها وتواضعها. كانت صديقة للمثقّفين وضليعة في أمور الأدب والفلسفة. ولم يكن بمقدور احد إلا أن يلاحظها ويُعجب بمناقبها وخصالها الفريدة. وقد طلب يدها للزواج عدد من أبناء الأسر الملكية الأوربّية. لكنها فضّلت أن تختار زوجا يناسب ذوقها وطباعها. ووجدته في شخص الكونت فيليكس سوماروكوف الذي تبوّأ في ما بعد منصب حاكم موسكو.
ولو قدّر لك أن تزور بعض قصور سانت بطرسبيرغ القديمة فستسمع الكثير من الحكايات والقصص الغامضة عن هذه المرأة وعن عائلتها. التحوّل إلى الأرثوذكسية بالنسبة لعائلة مسلمة ومتنفّذة ما كان له أن يتمّ دون دفع ثمن ما. وهنا تبدأ الأسطورة التي تناقلها الناس جيلا بعد جيل والتي تفسّر سبب انقراض هذه العائلة واختفائها نهائيا من تاريخ روسيا الحديث.
فقد ساد اعتقاد قديم بأن امرأة دعت على الخان يوسف وعلى ذرّيّته لأنه بدّل دينه. وتحوّلت هذه الأسطورة، لكثرة ما راجت وانتشرت، إلى ما يشبه الحقيقة.

وما حدث بعد ذلك هو أن وريثا ذكرا واحدا في كلّ جيل من هذه العائلة كان يعيش لأكثر من ستّة وعشرين عاما. بعض أبناء العائلة لم يكونوا يخلّفون سوى الإناث. والذكور يموتون غالبا في سنّ صغيرة. وفي كلّ جيل كان هناك ابن واحد فقط يكمل السلالة. واستمرّ هذا حتى القرن التاسع عشر عندما فعلت "اللعنة" فعلها مرّة أخرى مع زينيدا يوسوبوف التي كانت آخر أفراد هذه العائلة. فقد قُتل ابنها الأكبر وهو في الخامسة العشرين أثناء مبارزة، بينما قُبض على ابنها الآخر فيليكس في مؤامرة قتل الكاهن غريغوري راسبوتين وحُكم عليه بالنفي إلى سيبيريا.
عندما تزوّجت زينيدا من الكونت سوماروكوف عام 1882، كان الخطّ الذكوري للخان يوسوبوف قد انقطع. في ذلك الوقت، كانت زينيدا يوسوبوف هي المرأة الأكثر غنى في أوربّا كلّها. كانت أكثر ثراءً حتّى من القيصر نفسه. ويقال أنها كانت تستخدم قطارا خاصّا لزيارة وتفقّد الأراضي الشاسعة التي ورثتها عن أسلافها في مناطق القرم وسيبيريا. كانت تملك أكثر من خمسمائة ألف كيلو متر مربّع من الأراضي، أي أكثر من مساحة فرنسا اليوم.
كانت زينيدا يوسوبوف امرأة عاقلة وبعيدة النظر. ولعبت دورا رائدا في مجتمع روسيا ما قبل الثورة. وقد عاصرت فترة ازدهار الأدب والفنّ الكلاسيكي الروسي. كما عُرفت بانتقاداتها الجريئة لسلوك بعض أعضاء أسرة القيصر. ويقول بعض المؤرّخين أنهم لو استمعوا إلى نصائحها لأمكن تجنّب الكثير من المشاكل التي دفعت الناس إلى الثورة على النظام القيصري.
كانت شخصية زينيدا المتواضعة والهادئة ملهمة للكثير من الأدباء والرسّامين. وقد رسمها العديد من الفنّانين مثل فرانسوا فليمنغ وكونستانتين ماكوفسكي وكريستينا روبيرتسون. كما قضى معها الفنّان فالانتين سيروف تسع جلسات ليرسمها في قصرها في سانت بطرسبيرغ عام 1902. وقد وصفها آنذاك بقوله: زينيدا أميرة رائعة. وعندما أراها أتذكّر كلّ شيء جميل وخيّر في هذه الحياة. ولو كان كلّ الأغنياء مثلها لانتفى الظلم من الأرض".
بعد اندلاع ثورة عام 1917، تمّ تأميم جميع أراضي وممتلكات عائلة يوسوبوف. ثمّ هاجرت زينيدا وزوجها ليعيشا في روما. وهناك، كرّست كلّ وقتها لخدمة مواطنيها في الخارج الذين وجدوا أنفسهم دون عمل أو مصدر للرزق. وبعد موت زوجها، انتقلت لتعيش في باريس إلى أن توفّيت فيها عام 1939م.
وفي المقبرة الروسية المشهورة في باريس، توجد أربعة قبور متواضعة يجاور كلّ منها الآخر وتؤوي رفات آخر رموز المجد الغابر لسلالة يوسوبوف: الأميرة زينيدا وابنها الأمير فيليكس وزوجته ايرينا وابنتهما.