:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الخميس، يوليو 09، 2009

قانون الجذب

"السماء تساعد أولئك الذين يساعدون أنفسهم". هكذا كتب سامويل سمايلز في كتابه "مساعدة الذات" الذي ظهر في العام 1859م. مساعدة الإنسان نفسه، تطوير ذاته، العمل على أن يصبح أفضل: هذه هي الغرائز النبيلة المتجذّرة والملهمة لأكثر الأديان.
فرانشيسكا سيغال كتبت مقالا جميلا تناولت فيه أسباب وخلفيات رواج الكتب التي تتحدّث عن تطوير الذات وكيف أن كتاب سمايلز الذي ألّف قبل مائة وخمسين عاما تحّول موضوعه اليوم إلى صناعة ضخمة تدرّ بلايين الدولارات سنويا.
وفي ما يلي ترجمة مختصرة للمقال.

اكتب كلمة "مساعدة الذات" في موقع امازون. ستجد أن هناك أكثر من ثمانين ألف عنوان متاح. السبب هو أن تغيير الإنسان لنفسه يقتضي إرشادات ونصائح لا تعدّ ولا تُحصى. فالإنسان يريد أن يصبح أكثر رشاقة وأكثر نجاحا، وحتى أكثر نشاطا من الناحية الجنسية. وكلّ هذه التطلعات معقولة ومقبولة.
وقد تطوّر الأمر إلى أن وصلنا إلى ما يُعرف الآن بـ "قانون الجذب"، وهو جوهر جميع هذه الفلسفات والأفكار المنتشرة على نطاق واسع هذه الأيام. القانون يقول ببساطة إن الأفكار يمكن أن تتحوّل إلى حقائق. فإذا طلبت شيئا ما، فإن كلّ ما عليك فعله هو أن تركّز على تحقيقه وتتصرّف كما لو انه موجود فعلا. وعندها يتحقّق لك ما تطلبه وتتمنّاه، سواءً كان ذلك غسّالة صحون أو بشرة صافية أو طفلا أو مليون دولار. كلّ شيء مضمون وبمتناول اليد. وآلاف الكتب الموجودة اليوم في الأسواق تستند إلى هذا المفهوم البسيط. والكثير منها ظلّ لأشهر على قائمة النيويورك تايمز عن أفضل الكتب مبيعا ورواجا.
ويمكن اعتبار هذه الكتب مجرّد نسخ معدّلة لنفس التطلّعات والوعود التي بشّرت بها الأديان مع بعض التعديلات التي تتواءم مع ظروف المجتمعات العلمانية التي نعيش في ظلّها اليوم. أي أن قانون الجذب في حقيقته ليس أكثر من اسم جديد للصلاة، غير انه أكثر جاذبية وأشدّ إغراءً. ومع ذلك فهناك فرق واضح بين الاثنين. فالصلاة تفترض أن التحكّم النهائي في الأشياء ينبع من خارج النفس، فيما التفكير الايجابي أو قانون الجذب يقول إن السيطرة على الظروف هي في متناول الإنسان الذي يستطيع من خلال التفكير إحداث تغيير كبير في العالم، بمعزل عن طبيعة البنى الاجتماعية والأدوار الثقافية والتفاعل والعوامل الوراثية والحظ.
إن قانون الجذب يقول إن الأفكار تخلق الواقع وأنها تمدّ الفرد بدرجة غير عادية من القوة والمسئولية.
والكتب المشهورة التي تشرح قانون الجذب كثيرة بما لا يُحصى. هناك مثلا كتاب لين غرابهورن "حياتك تنتظرك: القوّة المدهشة للمشاعر". في هذا الكتاب تدعوك المؤلفة لأن تكون صانع قدرك، وتؤكّد على أن الإنسان قادر من خلال بضع خطوات على أن يعيش سعادة أبدية.
وأحد مظاهر تأثير هذه النوعية من الكتب التي يطلق عليه البعض "أناجيل العصر الجديد" يتمثّل في أنها تدفع الإنسان للإحساس بسيطرته والتحكّم بمسار حياته. وهنا يكمن مصدر جاذبيّتها وإغرائها.
وما من شكّ في أن إحساس الإنسان بأنه مجرّد جرم صغير جدّا في هذا الكون المعقّد واللانهائي هو إحساس مخيف ومرعب. إننا لا نستطيع أن نجعل الآخرين يحبّوننا، ولا أن نبعد عائلاتنا عن الأذى، ولا أن نمنع السماء من أن تمطر في حفلات زفافنا. والأدهى من ذلك احتمال أن تصدمنا سيارة متهوّرة غدا أو بعد شهر أو سنة. رغم أن بعض الحمقى قد يرون في مثل هذه السيناريوهات المأساوية تحريرا لأرواحنا وراحة لنا من متاعب الدنيا ومشاكلها. بينما قد يرى فيها آخرون مؤشّرا على خطورة الحياة وهشاشتها.
وغرابهورن وزملاؤها أدركوا إحساس إنسان هذا العصر بعدم الأمان وقدّموا له نصائح وإرشادات تناسب الظرف الإنساني مع وعد يقول إن الإنسان قادر في النهاية على أن يسيطر على كل شيء. فمثلا، ما عليك سوى أن تتعلّم كيف تتحكّم بطاقتك، لأن كلّ حادث سيّارة وكلّ عرض بالزواج وكلّ ارتباط عاطفي له علاقة وثيقة بنوعية الذبذبات التي يُصدِرها جسمك.
هناك أيضا كتاب ديباك تشوبرا بعنوان القدَر المتزامن الذي يؤكّد فيه إمكانية أن يُشبِع الإنسان جميع رغباته بطريقة تلقائية. الإشباع التلقائي للرغبات يبدو أمرا مخيفا. انه أشبه ما يكون بلمسة ميداس التي تتحدّث عنها الأساطير القديمة. لكننا نعلم أن الإنسان ينبغي أن يكون حذرا عندما يتمنّى أو يرغب في شيء. ولو تحقّق كلّ ما نتمنّاه تلقائيا فما الذي يبقى لنا في هذه الحياة مما نتطلّع إلى انجازه مستقبلا ويستحقّ أن نعيش من اجله!
تشوبرا ألف أكثر من أربعين كتابا يؤكّد فيها جميعا على أن المفتاح الوحيد للسعادة يكمن بيد الإنسان.
لكن أنجح الكتب التي تتحدّث عن قانون الجذب هو ذلك الذي يحمل عنوان "السرّ". والكتاب من بنات أفكار كاتبة استرالية تُدعى روندا بيرن. وقد باع الكتاب و الفيلم المأخوذ عنه ملايين النسخ وساهم في رواجه أكثر ظهور مؤلّفته المتكرّر في برنامج اوبرا وينفري.
مشاهدة هذا الفيلم توفّر تجربة غير عاديّة. إذ يزدحم بأسماء عدد من المشاهير مثل افلاطون وشكسبير وإديسون واينشتاين وهوغو وغيرهم. وكلّ هؤلاء عرفوا السرّ، في ما يبدو. كما يتضمّن الفيلم لقاءات مع فلاسفة وروحانيين وعلماء ما ورائيات وفيزيائيين، جنبا إلى جنب مع لقطات لمعجزات وكوارث طبيعية.
كما يتضمّن شهادات لبعض أشهر مؤلّفي كتب تطوير الذات أمثال جون غراي مؤلّف كتاب "الرجال من كوكب المرّيخ والنساء من كوكب الزهرة"، وجاك كانفيلد مؤلّف كتاب "حساء دجاج للروح".
والرسالة هنا واضحة. فكلّ هذه الشخصيات التي تنتمي إلى تخصّصات عديدة واهتمامات متباينة تؤكّد جميعها صحّة ما يذهب إليه قانون الجذب.
"هل تريد أن تصبح مليونيرا"؟ يسأل مقدّم الفيلم احد الأشخاص، بينما يظهر في الخلفية مفتاح فضّي يدور باستمرار، وفي الجهة اليمنى تظهر رسومات لـ دافنشي بالريشة والحبر، لزيادة التأكيد على حكمة وبعد نظر أصحاب وضيوف الفيلم.
ثم تلوح على الشاشة صورة علاء الدين وهو يفرك مصباحه السحري ليخرج منه المارد، في إشارة إلى أننا أيضا تمكنّا من معرفة ذلك السرّ الدفين.
وتكثر في الفيلم الإشارة إلى حوادث السيّارات. فقد خُدشت سيّارتك الشهر الماضي وكان السبب انك كنت تفكّر بطريقة سلبية! وهو ما يدفع المرء لأن يفترض أن مقتل طفل في مطاردة، مثلا، يقتضي وضع اللوم على والديه وحدهما لأنهما لم يعلّماه كيف يفكّر بطريقة ايجابية!
إن رفض قانون الجذب ليس معناه أننا نتخلّى عن الأمل والشعور بالتفاؤل. لكنّ القانون يشجّع على خداع الذات، وهو أمر مدمّر. تماما مثل الإنكار الكامل لقيمة العمل والاستثمار أو الإصرار على أننا مسئولون عن كلّ شيء طوال الوقت.
إن إدراك الحدّ بين ما هو ذاتي وغير ذاتي هو أحد أقدم الدروس التي تعلّمها الإنسان. والعودة إلى حالة طفولية من الأنا والتمركز حول الذات من شأنه أن يشلّ التفاعل الإنساني المبدع ويجعل الشعور بالفشل أمرا لا مفرّ منه.
إن قارئ هذه الكتب لا يستطيع إلا أن يحسّ بخيبة الأمل من نفسه إذ يبذل من الجهد ما لا يكفي لحمل جسمه على "إصدار ذبذبات واهتزازات أفضل!"، في حين أننا ندرك أن الحياة نفسها ليست مثالية ولا كاملة.
والواقع أن قراءة كتاب اصغر حجما وابسط أسلوبا عن طريقة تنظيم الوقت وشغل الفراغ، مثلا، قد يكون أكثر فائدة وجدوى وقد يجعلك تشعر بسعادة أكبر.

الثلاثاء، يوليو 07، 2009

الجواري في الرسم

كانت الجواري أو المحظيّات موضوعا مفضّلا في الرسم خلال القرن التاسع عشر. وأصل كلمة الجارية باللاتينية "اوداليسك" مشتقّة من مفردة "اوداليك" التركيّة، وتُطلق على الرقيق من الإناث. لكنّ الغربيين استخدموا الكلمة في ما بعد لوصف المرأة الخليلة أو العاهرة.
الوضع التقليدي الذي كانت تُرسم به الجارية غالبا هو وضع استلقاء. وعادة ما يكون ظهرها للناظر، مع التركيز قليلا أو كثيرا على منطقتي الظهر والأرداف.
وأشهر لوحة عن جارية هي لوحة المحظيّة الكبرى لـ جان دومينيك آنغر. ويبدو واضحا أن الرسّام هنا لم يركّز كثيرا على ضخامة الصدر، بل على تصوير الأرداف التي رسمها بحيث تبدو أكثر ضخامة من خلال الطريقة التي أخفيت بها الذراعان جزئيا. كما رسم البطن مع تموّجات وطيّات.
اللوحة الثانية لجارية رسمها الفرنسي جول جوزيف لوفافر عام 1874م. وهي إحدى أشهر هذا النوع من الصور التقليدية. لاحظ هنا كيف أن اللوحة أغفلت الملامح الأساسية للوجه مثل الأنف، لدرجة إخفاء الذقن تماما. ملمح الوجه الوحيد الذي ينال الاهتمام في اللوحة هو الأذن التي تبرز من خلال الشعر المنسدل فوق رأس المرأة. ظهر المرأة ناعم مع عدم وجود اثر للضلوع. وأسفل الظهر هناك ندبتان تضيفان تركيزا اكبر على الدهون الظاهرة في منطقتي الأرداف والفخذين.
وعلى الرغم من أن أكثر الأنماط الكلاسيكية للجارية تركّز على شكل الجسد، فإن فرانسوا بوشيه يركّز في لوحته الجارية الشقراء "أو ماري لويز اوميرفي" على تجسيد الجمال الحسّي.
وبينما يركّز كلّ من آنغر ولوفافر على منحنيات الجسد من خلال توظيف عنصري العتمة والظلال، فإن بوشيه يستخدم نسيجا شاحبا لمحو تلك المنحنيات، خاصّة في منطقة الصدر والردفين، وذلك لجعل الفخذين أكثر الأجزاء بروزا في تشريح جسد المرأة. "مترجم"