الأخضر في الفنّ والحياة
الألوان تشبه الممالك والامبراطوريات القديمة: لها عمر محدّد، وأوقات صعود وهبوط، تتألّق حظوظها لبعض الوقت ثم لا تلبث أن تأفل وتنحسر. وإذا كان هناك اليوم لون يسمو فوق الحدود والعولمة فهو اللون الأخضر. الأخضر يبدو انه لون الحياة والحظّ والأمل. لكنه أيضا لون انعدام النظام، والجشع، والسمّ والشيطان. انه لون غير مستقرّ ومن الصعب تثبيته. لذا ليس من المدهش انه أصبح مرتبطا بكلّ الأشياء المتغيّرة والعابرة والمؤقّتة كالطفولة والحبّ والمال. والأخضر، وكما هو الحال مع جميع الألوان الأخرى، له تدرّجاته وظلاله الكثيرة والمتعدّدة. أتذكّر مؤخّرا، وكنّا في رحلة بالسيارة، أننا رأينا ظلالا لا تُعدّ ولا تُحصى من هذا اللون في بعض جبال ومرتفعات المنطقة الجنوبية بعد الأمطار الأخيرة. ولفت انتباهنا أن مستوى ونوعية الاخضرار يختلف من بقعة لأخرى، مع انه قد لا يفصل بينهما سوى كيلومتر أو اثنين. كما كان لافتا أن الأشجار والنباتات في بعض تلك النواحي اكتسبت لونا اخضر غامقا قد لا يثير سوى الانقباض، بينما لا ترى ذلك الأخضر الليمونيّ الفاتح واليانع والمريح للعين والنفس إلا في الأراضي المنبسطة والمفتوحة. ميشي...